دراسات


كتب فاطيمة طيبى
19 أبريل 2021 11:34 ص
-
الاقتصاد السويسري يراهن على تراجع الفرنك لاستعادة جزء من بريقه

الاقتصاد السويسري يراهن على تراجع الفرنك لاستعادة جزء من بريقه

اعداد ـ فاطيمة طيبي

عند الحديث عن اقتصاد مستقر بعملة قوية وملاذ آمن لرؤوس الأموال، على أن يكون لاعبا رئيسا في الصناعة المصرفية العالمية، يتبادر الى الذهن ان  سويسرا تكون الدولة الأولى، وربما الوحيدة  التي  تحقق ذلك الا انه  لم تنج سويسرا من التداعيات الاقتصادية الرهيبة التي أصابت الاقتصادات الأوروبية نتيجة وباء كورونا. فالأزمة الصحية دفعت النشاط الاقتصادي إلى التراجع الشديد، وفي الربع الثاني من العام الماضي 2020 تقلص الاقتصاد السويسري بنسبة 8.2 %، بينما تراجع خلال العام   2020  بأكمله بنسبة 2.9 % وفقا لتقديرات البنك الدولي.

وعلى الرغم من أن هذا المعدل هو الأسوأ منذ عام 1975، إلا أن الاقتصاد السويسري يظل في وضعه أفضل كثيرا مقارنة بالاقتصادات الأوروبية المتقدمة الأخرى، إذ تراجع الاقتصاد الفرنسي بنسبة 8.2 %  ، والألماني 4.9 %، وإيطاليا 8.9 % والمملكة المتحدة 9.9 %.

ـ الأداء العام للاقتصاد السويسري  :

 يرى جاك أويفر الخبير الاقتصادي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن الأداء العام للاقتصاد السويسري لم يكن سيئا، وأن الحكومة نجحت - من خلال التمويل العام وجهود قطاع الصناعات التصديرية، والقطاع المالي، ونظام الرعاية الصحية المتطور، إضافة إلى الإنفاق الطارئ الذي قدر بـ10 % من الناتج المحلي الإجمالي - في تقديم دعم مالي للأسر والشركات في الحد من التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الوباء.

وقال  انه  رغم تفشي فيروس كورونا ظلت سويسرا قادرة على استقطاب الشركات الأجنبية خلال 2020، وأنشأت 220 شركة أجنبية مكاتبها في سويسرا، وبالطبع هذا العدد يقل عن عام 2019 بنحو 9 %، لكنه كان كفيلا بتوفير وظائف جديدة بنسبة 11 % مقارنة بالعام 2019، وسط توقعات بأن تقدم تلك الشركات مزيدا من الوظائف في الأعوام الثلاثة المقبلة".

ـ توقعات:

تبدو التوقعات المستقبلية لنمو الاقتصاد السويسري إيجابية، إذ ينمو الاقتصاد السويسري عادة بنسبة 1.7 %، وبينما يتوقع صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5 % هذا العام 2021 ، فإن بعض المسؤولين الاقتصاديين أشاروا إلى زيادة تقدر بـ4 % في 2021 والعام المقبل 2022 ، وتلك النسبة أعلى من التوقعات السابقة التي كانت تقف عند حدود 3 % في عام 2020 و3.1 في عام 2021.

ربما تعود تلك النظرة الإيجابية المتوقعة لأداء الاقتصاد السويسري مستقبلا إلى التحسن الملحوظ في الإنفاق الاستهلاكي للمواطنين، فخلال عام 2020 انخفض الإنفاق الاستهلاكي بشكل كبير حيث اضطرت المتاجر والمطاعم والكافيهات إلى إغلاق أبوابها، كما ارتفعت معدلات البطالة وبلغت في شهر يناير 2021 الى  3.7 %، وذلك أعلى مستوى لها منذ عقود.

مع هذا فإن الدكتور مارك إيدسون أستاذ الاقتصاد الأوروبي في جامعة بروملي، يرى أن بعض جوانب القصور قد تضعف قدرة الاقتصاد السويسري على الاندفاع إلى الأمام كما هو متوقع خلال العام الجاري.

وأوضح  انه  ستظل الحسابات العامة في حالة عجز بعد أن تدهورت بشدة في 2020  نتيجة الإجراءات الحكومية لدعم الأسر والشركات، ولم تتخلص سويسرا تماما من فيروس كورونا، ما يعني تمديدا محتملا لتدابير الدعم على الأقل في النصف الأول من عام 2021، لكن يلاحظ أن الدين العام سيستقر في سويسرا كما في الاقتصادات المتقدمة عند مستوى منخفض، وذلك لأن تكاليف الديون ستظل منخفضة لبعض الوقت نتيجة انخفاض أسعار الفائدة".

ـ الرهان :

 في الواقع فإن الحكومة السويسرية تراهن على أن تغير سعر صرف الفرنك السويسري في مواجهة الدولار الأمريكي سيلعب دورا إيجابيا لاستعادة الاقتصاد الوطني جزءا من بريقه السابق. فالفرنك يواصل خسارة قواته أمام الدولار، ومنذ بداية 2021  فقد الفرنك السويسري نحو 6 %   من قيمته أمام الدولار نصفها تقريبا حدث في شهر مارس  حيث انخفض في مواجهة الدولار بنسبة 2.90 %، كما انخفض الفرنك السويسري أيضا مقابل اليورو، وتراجع أخيرا إلى أدنى مستوى له في 20 شهرا أمام اليورو. ولا شك أن هذا التراجع يعد بمنزلة أخبار سارة لمحافظ البنك الوطني السويسري، الذي يفضل - بلا شك - فرنكا ضعيفا لزيادة الصادرات السويسرية.

لكن فرانشسكو ماير المحلل المالي في بورصة لندن يقول: إن كثيرا من الاقتصادات المتقدمة تحديدا الولايات المتحدة لا تشعر بالارتياح لتراجع الفرنك السويسري، و في 2020 أنفق البنك الوطني السويسري 110 مليارات فرنك أي نحو 109 مليارات دولار للحد من ارتفاع قيمة الفرنك السويسري عبر شراء كميات هائلة من الدولارات .إلا أن وزارة الخزانة الأمريكية انتقدت ذلك وعدته تلاعبا بالعملة، وأشارت إلى تدخل البنك المركزي السويسري في أسواق العملات، كما أن البنك الوطني السويسري يحافظ على سعر الفائدة الرئيس عند حدود( -0.75 % ) أي أن معدل الفائدة سلبي، ولا يتوقع أن يدخل عليها تعديل، فمعدل التضخم في ديسمبر 2020 كان "صفر" في المائة، وأدخل البنك الوطني تعديلا أخيرا ليكون معدل التضخم المتوقع 0.2 %، لذلك لا توجد ضغوط حقيقية عليه لتعديل أسعار الفائدة في المستقبل المنظور، ما يعني أن الفرنك ربما يواصل التراجع في مواجهة الدولار .

على أي حال يتوقع أن تواصل وزارة الخزانة الأمريكية انتقادها لسويسرا، متهمة إياها بالتلاعب بسعر الفرنك، لكن من غير المرجح أن تتخذ إجراءات مضادة.

ويدفع ذلك بالبنك الوطني السويسري إلى توقع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي بين 2.5 و3 % في 2021  ، حتى مع الانخفاض المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام الجاري، ما يؤدي إلى عودة النشاط الاقتصادي إلى المستوى السابق لتفشي فيروس كورونا في النصف الثاني من عام 2021، خاصة مع احتمال زيادة الصادرات السويسرية نتيجة استمرار تعافي الاقتصاد العالمي من الانهيار الذي تسبب فيه كورونا.

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة31 مارس 2024 12:14 ملتنفيذ 586 مشروعا تنمويا ..82.7 مليار جنيه استثمارات عامة لمحافظة الجيزة بخطة 23/202425 مارس 2024 12:37 م10.4 مليار دولار لصادرات كوريا الغذائية خلال 202323 مارس 2024 11:55 صاستبعاد تخفيض أسعار الفائدة للبنك المركزي الأمريكي قبل يونيو19 مارس 2024 12:04 مالمركزي: معدل كفاية رأسمال أكبر 5 بنوك يرتفع إلى 18% بنهاية 2023

التعليقات