أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
26 سبتمبر 2021 1:33 م
-
اليورانيوم يرتفع 65 % أقل من شهرين لاستخدامه في إنتاج الطاقة النووية والمعدات الطبية

اليورانيوم يرتفع 65 % أقل من شهرين لاستخدامه  في إنتاج الطاقة النووية  والمعدات الطبية

اعداد ـ فاطيمة طيبي 

 اليورانيوم مثله مثل أي سلعة أخرى في العالم ليس محصنا ضد انخفاض الطلب، إلا أنه بلا شك أقل عرضة تراجع الطلب، مقارنة بغيره من المعادن والسلع الصناعية، فالجزء الأكبر من الطلب عليه يأتي من نحو 445 محطة طاقة نووية تعمل في 32 دولة حول العالم.

ـ العرض وطلب في استخدام اليورانيوم:

يقتصر طلب استخدام اليورانيوم على إنتاج الطاقة النووية وبعض المعدات الطبية المتطورة، وغالبا ما تتطلع محطات الطاقة النووية إلى تأمين عقود إمدادها باليورانيوم قبل عامين تقريبا من انطلاقها. بينما يتركز العرض في عدد محدود من المناجم تنتشر في عدد قليل من الدول، وتحتل كازاخستان رأس قائمة الدول المنتجة، إذ تنتج نحو 40 %  من الإنتاج العالمي، يليها أستراليا 13 % وناميبيا بنحو 11 %.

ويرى كثير من الخبراء أن أسعار اليورانيوم لا تتصرف مثل أسعار سلع الطاقة الأخرى، ووصلت أسعار اليورانيوم إلى ذروتها خلال أزمة النفط، التي رافقت حرب أكتوبر 1973، وعزز ذلك حينها وجهات النظر الداعية إلى وجود علاقة متبادلة بين النفط واليورانيوم. لكن تلك العلاقة لم تظهر مرة أخرى على الرغم من الأزمات والهزات المتعددة، التي تعرضت لها سوق النفط العالمية، ودفع ذلك بالخبراء إلى استخلاص أن سعر اليورانيوم يستجيب للأحداث والاتجاهات، التي يمر بها الاقتصاد العالمي، وليس التحركات الجارية في سوق النفط.

من جهته، يقول جيمس سافيل، المحلل المالي لأسعار المعادن في بورصة لندن، "لا تتحرك أسعار اليورانيوم ارتفاعا أو انخفاضا تأثرا بأسعار سلع الطاقة الأخرى مثل الغاز أو النفط بشكل مباشر، ولكن تتأثر بهم بشكل غير مباشر، فعندما تواجه الاقتصادات فترات أزمة تبحث شركات المرافق العامة عن بدائل أرخص للوقود، وتنخفض أسعار الطاقة ومعها ينخفض سعر اليورانيوم". الا انه وبصفة عامة يمكن القول أن الاتجاهات السعرية لليورانيوم تعتمد على الأحداث الجيو- سياسية، والجوانب التحويلية في الاقتصاد العالمي، لهذا يصعب في كثير من الأحيان التنبؤ بالتحركات المستقبلية في سعر اليورانيوم".

كما أنه ونظرا للدور المحوري الذي يلعبه المعدن في تشغيل المفاعلات النووية ومن ثم في توليد الطاقة النووية، فإن أسعاره عرضه للتأثر بالتوقعات العامة لمشاريع الطاقة النووية، ومن المنطقي استخلاص أن أي زيادة متوقعة في الطلب على الطاقة النووية ستنعكس على تكلفة اليورانيوم.

من هنا يمكن الإشارة إلى أن أسعار اليورانيوم تعكس التغييرات في إنتاج الطاقة النووية، ولهذا، فإن وقوع حوادث نووية يؤثر بشكل ملحوظ في الأسواق، وهذا ما حدث تحديدا نتيجة كارثة فوكوشيما في اليابان 2011، إذ ابتعد العالم لفترة من الزمن عن تشييد وبناء محطات للطاقة النووية، وعكس تدني الأسعار هذا الواقع لفترة طويلة.

ـ ارتفاع الاسعار :

لكن يلاحظ أن الأسعار ومنذ  شهر  أغسطس  الماضي 2021  ارتفعت بشكل كبير للغاية، حيث وصلت إلى نحو 65 %، إذ يتدافع المستثمرون والمضاربون لاقتناص فرصة تحقيق أرباح نتيجة الزيادة المتواصلة في الأسعار. وقفزت الأسعار من نحو 29 دولارا لكل رطل أي ما يعادل 453 جراما في منتصف شهرأغسطس  إلى 48 دولارا للرطل حاليا.

ـ ما الذي أدى إلى هذا الارتفاع في الاسعارحاليا ؟ وماذا يعني بالنسبة للطاقة النووية .؟

يعتقد البعض أن القيمة الجوهرية لليورانيوم ترتبط ارتباطا وثيقا بكل من الطلب الحالي والتوقعات المستقبلية المتعلقة ببناء مزيد من المفاعلات النووية أو التوسع في المفاعلات التي تعمل، لكن أيضا يتأثر السعر بتحركات المضاربين، الذين يلعبون دورا بارزا في تحركات الأسعار.

من هنا يرى الخبير الاستثماري ريث ونستون أنه لا يجب الاستهانة بدور المضاربين في تحديد أسعار اليورانيوم في الوقت الحالي. ويقول إن "اليورانيوم سوق صغيرة يبلغ استهلاكه السنوي نحو 6.3 مليار دولار، وتقليديا كانت شركات الطاقة النووية هي المستهلك الرئيسي في هذه السوق، اليوم المشهد تغير، فالمستثمرون والمضاربون، الذين يراهنون على مزيد من ارتفاع الأسعار مستقبلا باتوا قوى فاعلة في السوق لاعتقادهم أن التحول إلى الطاقة النظيفة سيؤدي لارتفاع الأسعار، وشركة مثل شركة SPUT الكندية لعبت دورا مهما في رفع الأسعار أخيرا، إذ تستثمر في شراء اليورانيوم وتخزينه بسبب قناعتها بأن العالم سيتجه نحو بناء مزيد من المفاعلات النووية لتوليد الطاقة النظيفة مستقبلا، وقد قامت بشراء ستة ملايين رطل من اليورانيوم بقيمة 240 مليون دولار، ليبلغ ما لديها من اليورانيوم نحو 24 مليون رطل بقيمة تصل إلى مليار دولار".

كما ان  هناك قناعة بأن الطاقة النووية يجب أن تلعب دورا أساسيا في الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ولأن التكاليف المرتفعة جعلتها غير قادرة على المنافسة مع مصادر الطاقة الأخرى، فإنه لم يتم التوسع فيها، كما أن مخاطر السلامة دائما ما تؤرق الجميع، لكن الآن يتم تشغيل المفاعلات بشكل أكثر إنتاجية، والعوامل، التي تؤدي إلى زيادة الطلب على الوقود يقابلها اتجاه لزيادة الكفاءة، لذلك كان هناك تراجع 25% في الطلب على اليورانيوم لكل كيلوواط في الساعة في أوروبا بسبب تلك التحسينات، وهي لا تزال مستمرة ".

ـ توليد الطاقة من المفاعلات النووية:

 على الرغم مما تثيره قضية توليد الطاقة من المفاعلات النووية من جدل، فإن أسماء علمية كبيرة مثل بيل جيتس لم تدافع عنها فقط وإنما استثمرت فيها، على أساس أن المفاعلات النووية تعد حلا جذريا لقضية الطاقة النظيفة، وخلال كلمة له أمام جمعية الطاقة النووية في معهد الطاقة النووية في الولايات المتحدة أشار إلى أن 20 % من كهرباء الولايات المتحدة تأتي من الطاقة النووية داعيا إلى "مزيد من الطاقة النووية للتخلص من الانبعاثات في أمريكا ومنع حدوث كارثة مناخية".

مثل تلك الدعوات من أسماء لامعة في مجال العلم، تجعل المستثمرين والمضاربين أكثر تفاؤلا بشأن الطلب المستقبلي على اليورانيوم، وأكثر استعدادا لشرائه وتخزينه، لبيعه من جديد مع ارتفاع الأسعار. تواكبت المضاربة في الأسواق مع وجود مشكلات متعلقة بجانب العرض، فالأسعار المنخفضة في فترات سابقة دفعت إلى إيقاف العمل بعديد من المناجم لعدم ربحية السعر في ظل تكلفة إنتاجية مرتفعة. وعلى سبيل المثال، قامت شركة كيمكو أكبر شركة مدرجة لإنتاج اليورانيوم في العالم، بتعليق الإنتاج في بعض مناجمها في كندا عام 2018 لعدم القدرة على تغطية تكلفة الإنتاج حينها.

يضاف إلى ذلك تراجع العرض العالمي بشكل كبير نتيجة جائحة كورونا، إذ أدى تعطل عمليات التعدين نتيجة سياسات الإغلاق إلى انخفاض الإنتاج العالمي 9.2 %  غي عام  2020 ، كما أن إحدى القضايا المتعلقة باليورانيوم أنه معدن ليس له بديل، فإذا أخذنا في الحسبان أهميته في مجال الأمن القومي للبلدان، التي تعد المفاعلات النووية جزءا أساسيا من منظومتها الداخلية في إنتاج الطاقة مثل الولايات المتحدة والصين والهند، فإنها تقوم بعمليات تكديس لمخزونات كبيرة، وبقدر ما يسهم ذلك في زيادة الطلب، فإنه يؤدي لخفض الإمدادات المتاحة على المستوى العالمي. ويرجح الخبراء أن ينخفض المعروض من اليورانيوم 15 % بحلول 2025 وبنسبة 50 % بنهاية العقد الجاري.

تلك المجموعة من العوامل تثير قلق كثير من الاقتصاديين باحتمال حدوث اضطرابات سعرية لليورانيوم في الأشهر القليلة المقبلة، نتيجة ما يعدونه تفاؤلا مبالغا فيه من قبل المضاربين، الذين لا يبنون في معظم الأحيان توقعاتهم المستقبلية على أسس اقتصادية.

ـ ارتفاع الاسعار والمضاربون:

من جانبه، أوضح سيمون جونس، أستاذ التجارة الدولية في جامعة لندن، أن ارتفاع الأسعار يلفت انتباه مزيد من المضاربين العابرين، ويجذب مزيدا من انتباه الشركات والصناديق الاستثمارية، وتلك الزيادة غير المنطقية في الأسعار توجد فقاعة في سوق اليورانيوم، قد تنفجر لتصحيح الأسواق، ولكن في اتجاه تراجع عنيف، بل إن الأسعار الحالية قد تحفز البلدان المنتجة على زيادة التعدين، والتخلص مما لديها من الاحتياطيات استغلالا للأسعار المرتفعة في الوقت لراهن، ما يسهم في تراجع الأسعار.

من هنا ترى الدكتورة إيرنا سميث، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة أدنبرة أن انفجار الفقاعة السعرية لليورانيوم مستقبلا يمكن أن يكون له انعكاسات سلبية على توازن القوى العالمي في المجال الجيو سياسي أكثر منه في المجال الاقتصادي.

وتقول إن  تكلفة اليورانيوم تلعب دورا مهما في التكلفة الإجمالية للمفاعلات النووية وانخفاض الأسعار يشجع عديدا من الأنظمة ذات التوجهات العدائية لجيرانها أو التي لديها طموحات توسعية وتعمل على تطوير برنامج نووي بعيدا عن أعين الرقابة الدولية بهدف الابتزاز الإقليمي والدولي، على المضي قدما في مشاريعها، نظرا لانخفاض التكاليف، كما أن عديدا من الدول الأخرى التي لديها طموحات مماثلة، ولكن لا تستطيع تحمل تكلفة تشييد مفاعلات نووية، فإن انخفاض أسعار اليورانيوم قد يكون محفزا على مضيها في هذا الاتجاه".

 

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 16 ساعةتحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات