أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
19 يناير 2022 12:07 م
-
عالميا: أبحاث التكنولوجيا وتأثيرها على الاقتصاد في 2020، رؤيا لإجمالي الإنفاق لتكنولوجيا المعلومات

عالميا: أبحاث التكنولوجيا وتأثيرها على الاقتصاد في 2020، رؤيا لإجمالي الإنفاق لتكنولوجيا المعلومات

اعداد ـ فاطيمة طيبي

قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، جوهر التغيرات الاقتصادية، التي شهدها العالم في الألفية الثانية، إذ أسهم هذا القطاع بشكل فعال في نمو الإنتاجية والتوسع الرأسمالي وزيادة التدفقات المالية ورفع معدلات التوظيف، وإحداث تحولات نوعية في المهارات الوظيفية، بما يتطلبه ذلك من زيادة في مستويات الأجور وتحسن مستويات المعيشة.

 ـ  نمو الإنفاق العالمي على التكنولوجيا:

تشيرالبيانات الدولية لمعهد اليونسكو للإحصاء إلى أن الولايات المتحدة والصين واليابان يحتلون المراتب الثلاثة الأولى من حيث الإنفاق على البحث والتطوير، إذ أنفقت الولايات المتحدة 543 مليار دولار، بينما أنفقت الصين 496 مليار دولار،اليابان نحو 176 مليار دولار، ثم ألمانيا بنحو 127 مليار دولار،واخيرا كوريا الجنوبية بنحو 90 مليار دولار.

الا ان تداخل، بين آليات عمل الاقتصاد الدولي منذ النصف الثاني من القرن الـ 20 حتى العشرية الثانية في القرن الـ21، قد يصعب فهمها أو تفسيرها دون النظر إلى التقدم التكنولوجي، والمعدلات المتنامية للإنفاق على الأبحاث التقنية المختلفة. فالانتعاش الاقتصادي، والنمو المطرد في الإنتاج، وتمدد الأسواق والتجارة،  وتزايد مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفي التجارة الدولية، كان من الصعب تحقيقه بمعزل عن التقدم التكنولوجي، الذي كان من المستبعد أن يبلغ مبلغه من التقدم دون ضخ استثمارات مالية وبشرية كثيفة.


البروفيسور ألبرت دي جورج الرئيس السابق لقسم الاقتصاد في جامعة أكسفورد، وأحد الاقتصاديين البريطانيين المعنيين بتأثير الأبحاث التكنولوجيا وخاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات على النمو الاقتصادي، يعتقد أن الأهمية المطردة لأبحاث التكنولوجيا وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، يظهر في إجمالي الإنفاق العالمي على تكنولوجيا المعلومات، الذي بلغ 3.79 تريليون دولار في العام   2019، بزيادة قدرها 6 % عن 2018، وسط توقعات قبلية بنمو الإنفاق العالمي على تكنولوجيا المعلومات 3.7 % في 2020 . مضيفا أن ذلك حدث رغم حالة عدم اليقين،من :

ـ  مخاوف يغذيها الركود الاقتصادي.

ـ  خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيز.

ـ  الحروب التجارية خاصة بين الولايات المتحدة والصين.

ـ  تزايد التعريفات الجمركية نتيجة تفشي الحمائية التجارية .

ويعكس ذلك كله من وجهة نظر البروفيسور ألبرت تنامي مفهوما كونيا، بأن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي سيرتبط دائما بالتقدم التكنولوجي، وتزايد القيمة الإجمالية للإنفاق على الأبحاث التقنية.

ـ توقعات:

توقع التقرير السنوي لميزانيات تكنولوجيا المعلومات والاتجاهات الفنية، ارتفاع تلك الميزانيات نتيجة عمليات إحلال للتكنولوجيا الحديثة محل الأنماط التكنولوجية القديمة والتقليدية، خاصة مع اتساع نطاق العمل بـ"إنترنت الأشياء".

وقدر التقرير أن 44 % من الشركات الدولية خططت لزيادة الإنفاق على التكنولوجيا في 2020، مقارنة بنحو 38 % في 2018، كما خططت ايضا ثلث الشركات الكبرى في العالم من حيث عدد العاملين لديها  لنشر تكنولوجيا الجيل الخامس بحلول 2021 .

ويقول رود ليون المهندس في مجال الأبحاث الإلكترونية في شركة سنكلير للأبحاث، إن  هناك حاجة لترقية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات التي عفا عليها الزمن، وهذا يرفع من إنفاق الشركات على التكنولوجيا وأبحاث التقنية، كما أن هناك احتياجات أمنية متصاعدة ونموا في أعداد العاملين، وهذا لا يمكن مواجهته إلا من خلال برامج تكنولوجيا حديثة، ما يرفع من تكلفة الإنفاق على التقنيات .ويضيف ليون أن  الدراسات الحديثة كشفت أن حدوث خرق أمني بسيط لدى شركة كبيرة الحجم يؤدي إلى زيادة الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات بنحو 25 % مقارنة بنحو 4 % فقط في الشركات الصغيرة .

وبصفة عامة، يلاحظ أنه بالمقارنة مع الشركات الموجودة في أوروبا، فمن المرجح أن تزيد الشركات في أمريكا الشمالية من الإنفاق من أجل ترقية البنية التحتية القديمة. وتفاعلا مع قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بخفض الضرائب على أرباح الأعمال في 2018، التزمت وقتها 4 % من الشركات الأمريكية زيادة الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات مع العام 2020.

ـ ما تنفقه الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:

يقول ديفيد بيج الباحث الاقتصادي، إن" الاقتصاد الأمريكي لا يزال يقود القاطرة العالمية في مجال الإنفاق على البحث والتطوير، فكبريات الشركات التكنولوجية في العالم تتمركز في الولايات المتحدة، أما بالنسبة للقارة الصفراء، فإن الصين تعد المحرك الرئيس للإنفاق على أبحاث التقنية، وستواصل زيادة الإنفاق، إذ استثمرت 2.5 % من ناتجها المحلي الإجمالي على الأبحاث في 2020، وهذا ربما يجعلها تتفوق على الولايات المتحدة من حيث الإنفاق الكلي الذي تدفعه  بالدولار.

كما يعد زيادة إنفاق معظم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أبرز ملامح الإنفاق العالمي في مجال الأبحاث التكنولوجية خلال العقد المقبل، وفي مقدمتها بالطبع الدول الصناعية في أوروبا، إضافة إلى اليابان والولايات المتحدة، كما يلاحظ أيضا أن الاقتصادات من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لديها مساهمة متزايدة في الإنفاق العالمي على البحث والتطوير.

هذا كما توقعت دراسة اقتصادية نشرت في شهر مارس 2018  والصادرة عن مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية "جارتنر"، أن يصل إنفاق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تكنولوجيا المعلومات إلى 155.36 مليار دولار، كما أن حجم الإنفاق المتوقع يزيد بمقدار 3.4 % عن المحقق في 2017، والبالغ 150.18 مليار دولار.

كما ترى الدراسة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ستشهد أعلى زيادة في معدل الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية وسيشكل الإنفاق على خدمات الاتصالات (الصوت والبيانات الجوالة) من طرف المستهلكين في أغلب الأحيان، الفئة الأبرز التي ساهمت بشكل كبير في زيادة الإنفاق على التكنولوجيا في المنطقة في 2018 حيث تستحوذ خدمات الاتصالات على النسبة الأكبر من حجم الانفاق بواقع 106.54 مليارات دولار، ثم الأجهزة بنحو 27.39 مليار دولار، يتبعها خدمات تكنولوجيا المعلومات بنحو 10.58 مليار دولار ويأتي الانفاق على أنظمة مراكز البيانات والبرمجيات، بواقع 4.6 مليارات دولار و6.19 ملياردولارعلى التوالي.

وقال بيتر سوندرجارد، نائب الرئيس التنفيذي، والرئيس العالمي لقسم الأبحاث لدى"جارتنر":ان القطاعات الرئيسة التي عززت من نمو الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في المنطقة، هي:

ـ  قطاع البنوك والأوراق المالية التي نمت بنسبة 3.6 %.

ـ التأمين 2.9 %.

ـ  التجزئة 2.8 %. 

كما تابع سوندرجارد، في سياق تعليقه على الدراسة: يرجع إنفاق قطاع البنوك المتزايد على تكنولوجيا المعلومات إلى التوجهات المتزايدة نحو الأعمال الرقمية والاستثمارات في التقنيات المتقدمة مثل التحليلات،البلوك تشين، والذكاء الاصطناعي .

ـ شركاء"جارتنر" بالعالم:

تعمل جارتنر في مجال الاستشارات والأبحاث المتعلقة بتقنية المعلومات، وتوفر التوجهات والتنبؤات التقنية المستقبلية التي يحتاجها عملاء المؤسسة. وتعتبر "جارتنر" شريكا لنحو 9100 شركة عالمية، وتنتشر قاعدة عملاء المؤسسة في أكثر من 85 دولة حول العالم. كما ترصد الدكتورة سارة هاردنج أستاذة التنمية الاقتصادية في جامعة شيفيلد عددا من الملاحظات، وتوضح، أن "الدول الغنية تزيد من كثافة الإنفاق على البحث والتطوير بشكل أسرع من جيرانها الأقل ثراء، سواء داخل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أو على المستوى العالمي، وجزء من تلك الظاهرة يرتبط بتحمل المؤسسات الاقتصادية الجزء الأكبر من الإنفاق على البحث والتطوير، خاصة في بلدان منظمة التعاون والتنمية، وغالبا ما يتم تمويل تلك النفقات من قبل الصناعة ذاتها، وهذا الاتجاه ولا شك إيجابيا عندما تحقق الصناعة معدلات نمو مرتفعة، لكن في حالة عدم اليقين تجاه المستقبل أو الركود الاقتصادي، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع معدلات الإنفاق على البحث والتطوير، ولذلك يلاحظ أن النفقات المخصصة للبحث والتطوير في الميزانيات العامة في البلدان المتقدمة، تتزايد لتعويض تراجع الصناعات في تحمل تلك التكاليف .

 كما أن البحث والتطوير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ينمو بشكل سريع، كما أن حصتها  في البحث والتطوير في ارتفاع خاصة في آسيا و التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسيات.

 

 



التعليقات