دراسات


كتب فاطيمة طيبى
17 مارس 2021 11:42 ص
-
دراسة : تعود فترة الجفاف الاستثنائية إلى أوروبا لتزايد تغير المناخ المتسبب فيه الإنسان.

دراسة :  تعود فترة الجفاف الاستثنائية إلى أوروبا لتزايد تغير المناخ المتسبب فيه الإنسان.

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

كشفت دراسة دولية حديثة أن موجات الجفاف الصيفية التي شهدتها أوروبا منذ عام 2015 كانت أكثر حدة على نحو غير مسبوق منذ نحو 2100 عام.

واستخدم العلماء في الدراسة، التي نشرت في دورية "نيتشر جيوساينس"، طريقة محددة لتحليل حلقات الأشجار، وأنشأوا بهذه الطريقة مجموعة بيانات ضخمة تصور الظروف المناخية الهيدرولوجية في وسط أوروبا من العصر الروماني حتى الوقت الحاضر. ووفقا للباحثين، تعود فترة الجفاف الاستثنائية هذه إلى تغير المناخ المتسبب فيه الإنسان.

وشهدت أوروبا موجات حر شديدة وجفاف في فصول الصيف في سنوات 2003 و2015 و.2018 وكتب العلماء أن العواقب لم تطل فقط الزراعة والغابات، بل تسببت أيضا في ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن الحرارة. وكانت دراسة أخرى نشرت نتائجها في دورية "ذا لانسيت" رصدت أن حوالي 20 ألفا و200 حالة وفاة بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما كانت مرتبطة بالحرارة في ألمانيا وحدها في عام  2018

ويقول أولاف بونتجن من جامعة كامبريدج، وهو المعد الرئيسي للدراسة الحديثة: "نحن جميعا على دراية بتزايد فصول الصيف الحارة والجافة على نحو استثنائي، والتي مررنا بها في السنوات الأخيرة... لكننا كنا بحاجة إلى إعادة بناء دقيقة للظروف التاريخية لنرى كيف يمكن مقارنة هذه الظروف المتطرفة الأخيرة بسنوات سابقة".

ومن أجل ذلك، قام بونتجن وزملاؤه بتسجيل أكثر من 27 ألف بيانات قياس لحلقات الأشجار من 147 شجرة بلوط، والتي تغطي فترة ممتدة لـ 2100 عام (من سنة 75 قبل الميلاد حتى 2018). وتعود العينات إلى بقايا أثرية ومواد بناء تاريخية، وكذلك أشجار حية من التشيك وأجزاء من جنوب شرق ولاية بافاريا الألمانية.

ثم استخرج الباحثون وحللوا نظائر الكربون والأكسجين المستقرة من كل حلقة من حلقات الأشجار، وبينما تقتصر القياسات العادية لحلقات الشجر على عرض الحلقة وكثافة الخشب، فإن النظائر المستقرة التي تم فحصها هنا تعكس الظروف الفيزيائية وتفاعلات الأشجار عليها. يقول المعد المشارك في الدراسة، باولو تشيروبيني: "تتأثر قيم الكربون بنشاط التمثيل الضوئي، وتتأثر قيم الأكسجين بالمياه الجوفية. وهما يرتبطان معا ارتباطا وثيقا بظروف موسم النمو".

وأوضح يان إيسبر من جامعة ماينتس الألمانية أنه بهذه الطريقة تقدم النظائر المستقرة في حلقات النمو السنوية للأشجار "أرشيف أكثر دقة لإعادة بناء ظروف المناخ الهيدرولوجي في المناطق المعتدلة، حيث غالبا ما تخفق في ذلك الدراسات التقليدية المتعلقة بحلقات النمو السنوية للأشجار".

وبحسب الدراسة، أظهرت بيانات نظائر حلقات الأشجار من ناحية أنه كان هناك صيف رطب جدا في أوروبا خلال سنوات 200 و 720 و 1100 بعد الميلاد، ولكن أيضا صيف جاف جدا خلال سنوات 40 و 590 و 950 و 1510 بعد الميلاد. وبوجه عام، أصبحت القارة أكثر جفافا تدريجيا خلال الألفي سنة الماضية.

وكشفت العينات من عام 2015 إلى عام 2018 أيضا أن ظروف الجفاف في فصول الصيف الماضية كانت أشد بكثير مما كانت عليه قبل2100 عام. وقال الخبير المشارك في إعداد الدراسة ميريك ترنكا: "عقب قرون من التراجع البطيء والكبير، شهدنا انهيارا جذريا، وهو أمر مقلق بشكل خاص بالنسبة لاقتصاد الزراعة والغابات... الموت غير المسبوق للغابات في أجزاء كبيرة من أوروبا الوسطى يؤكد نتائجنا".

ويعزو الباحثون التزايد الملحوظ في فصول الصيف الجافة على نحو استثنائي إلى الاحترار العالمي المتسبب فيه الإنسان والتغيرات المرتبطة بذلك في موقع "تيار النفاث القطبي"، وهو أحد نطاقي الرياح الرئيسيين اللذين يوازنان التدرج الحراري بين القطبين وخط الاستواء ولهما تأثير كبير على الطقس.

وكانت دراسة دولية أخرى أظهرت أن موجات "تيار النفاث القطبي" قد توقفت خلال صيف 2018 الحار. وقال أولاف بونتجن: "لا يعني تغير المناخ أنه سيكون أكثر جفافا في كل مكان: في بعض الأماكن قد يكون الجو أكثر رطوبة أو برودة، ولكن الظروف القاسية أصبحت أكثر تواترا، مما قد يكون له آثار مدمرة على الزراعة والنظم البيئية والمجتمع ككل".

وتتوافق نتائج الدراسة مع أحدث عرض لبيانات المناخ من هيئة الأرصاد الجوية الألمانية (DWD): وبينما تمتد البيانات في الدراسة الحالية إلى عام 2018 فقط، أعلنت هيئة الأرصاد الجوية الألمانية منتصف شهر مارس 2021 ..  أن عام 2020 كان ثاني أشد السنوات حرارة منذ بدء تسجيلات الطقس في ألمانيا.ورغم أن عام 2020 لم يصل إلى قيم ذروة الصيف التي تجاوزت 40 درجة مئوية في 2019، هيمن الجفاف على الطقس بشكل خاص خلال الفترة من أبريل حتى سبتمبر2020، وهي فترة مهمة للغاية في العام لنمو النباتات.

ـ غازات الاحتباس الحراري أصدرتها ألمانيا في 2020 :

تجاوزت ألمانيا بصورة طفيفة هدفها الخاص بحماية المناخ لعام 2020 حتى في ظل الجائحة جاء ذلك وفقا لبيانات الانبعاثات التي طرحها المكتب الاتحادي للبيئة، في السادس عشر من مارس 2021 لأول مرة، على أساس قانون حماية البيئة 2019.


وحسب هذه البيانات، بلغت كمية غازات الاحتباس الحراري التي أصدرتها ألمانيا في 2020  نحو 739 مليون طن بتراجع بمقدار نحو 70 مليون طن مقارنة بعام 2019، أي بتراجع 8.7 %. ووفقا لـ"الألمانية"، تراجعت كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أصدرتها ألمانيا في 2020 الى  40.8 % مقارنة بمستوياتها في 1990، أي ما يتجاوز بصورة طفيفة النسبة التي استهدفتها الحكومة الألمانية للعام الماضي، 40 %. وأفادت بيانات المكتب بأن هذا التراجع في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري هو أكبر تراجع سنوي تحققه ألمانيا منذ وحدة شطري البلاد.

وتوقع المكتب أن أكثر من ثلث الانخفاض في انبعاثات هذه الغازات يعزى إلى تداعيات جائحة كورونا، وقال ديرك ميسنر رئيس المكتب، "نرى أن أدوات سياسة المناخ بدأت بالتأثير، ولا سيما مع التوسع في الطاقات المتجددة وتسعير الانبعاثات الكربونية. لكن ألمانيا كانت ستخفق في تحقيق هدفها للمناخ في 2020 لولا إغلاقات كورونا التي تضمنت قيودا على الإنتاج والتنقل".

وتراجعت الانبعاثات في كل القطاعات الاقتصادية التي تم فحصها، وكذلك في قطاع النقل. في المقابل، بلغت كمية الانبعاثات الصادرة عن قطاع المباني، أكثر من 120 مليون طن، بزيادة مليوني طن عن المستهدف، ليكون بذلك القطاع الوحيد الذي فشل في تحقيق هدفه لحماية المناخ في 2020.

وحسب التقرير، كان قطاع الطاقة الأحسن أداء  حيث بلغت كمية انبعاثاته نحو 221 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، فيما كان مسموحا للقطاع بإصدار انبعاثات تصل إلى 280 مليون طن. وتلا ذلك قطاع النقل بانبعاثات بلغت 146 مليون طن، بتراجع بمقدار 19 مليون طن، ثم قطاع الصناعة بنحو 178 مليون طن، بتراجع بمقدار تسعة ملايين طن. كما تمكن قطاع الزراعة من تحقيق هدفه لحماية المناخ في 2020، إذ تمكن من تخفيض انبعاثاته من غازات الاحتباس الحراري بمقدار يزيد على 1.5 مليون طن إلى 66 مليون طن. وبالكاد استطاع قطاع صناعة النفايات من تحقيق هدفه، إذ خفض انبعاثاته بنحو 3.8 % مقارنة بعام 2019 لتصل إلى تسعة ملايين طن، وهي كمية تكاد تقترب من الحد المسموح به وفقا لقانون حماية المناخ.

وعلى الصعيد نفسه، أعلنت مجموعة فولكسفاجن الألمانية للسيارات، أمس، إخفاقها في تحقيق المستهدف من تخفيض الانبعاثات الكربونية في العام الماضي بشكل أكبر قليلا مما كانت أعلنته قبل شهرين. وأوضحت فولكسفاجن أن معدل انبعاثات السيارات المبيعة حديثا في 2020 زاد بمقدار 0.8 جرام لكل كيلو متر عن المتوسط المسموح به، وكانت المجموعة قد أعلنت في  يناير  2021، أن هذه النسبة بلغت نحو 0.5 جرام. وذكرت المجموعة في 16 مارس 2021 ، أن حسابات محدثة هي السبب في هذا التغيير.

وبغض النظر عن تحقيق القيمة المستهدفة، فقد تمكنت "فولكسفاجن" في 2020  من تحقيق تخفيضات كبيرة في الانبعاثات الكربونية الضارة بالمناخ، إذ إنها انخفضت بمقدار يزيد على الخمس. ومن المنتظر أن تحقق المجموعة الهدف العام في العام الحالي، ولا سيما أنها تعتزم طرح عديد من الطرز الكهربائية في الأسواق. ورغم ذلك، فإن حماة البيئة ينتقدون حساب هذه القيم ويشكون من أن شركات صناعة السيارات تستفيد من ثغرات مختلفة.

وكانت المجموعة قد أعلنت في يناير 2021، أن متوسط الانبعاثات الكربونية من سياراتها المبيعة حديثا في 2020 انخفض بمقدار الخمس ليصل إلى 99.8 جراما لكل كيلو متر. ورأت جماعات حماية المناخ أن النماذج الهجينة تظل خادعة، لأن محركات الاحتراق هي التي تعمل في معظم المواقف. وقال ينس هيلجنبرج خبير النقل من جمعية أصدقاء الأرض في ألمانيا، إن "المساهمة النظرية في حماية المناخ التي تستند إلى ثغرات في اللوائح تتعارض مع تحقيق الأهداف المناخية".

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 15 ساعةسد النهضة.. وبدون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية إكذوبة أكبر سد بإفريقيا لتوفيرالكهرباء22 أبريل 2024 3:29 مالصين: 2.5% نمو سنوي بمبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر بيوليو202321 أبريل 2024 2:12 مغرفة التجارة الأمريكية: السعيد ..العمل على تعزيز النمو الاقتصادي بمعدل 8%17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة31 مارس 2024 12:14 ملتنفيذ 586 مشروعا تنمويا ..82.7 مليار جنيه استثمارات عامة لمحافظة الجيزة بخطة 23/2024

التعليقات