أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
10 أغسطس 2022 1:30 م
-
تراجع الجنيه بسبب استمرار تداعيات أزمة الحرب والمشاورات مع صندوق النقد الدولي

تراجع الجنيه بسبب استمرار تداعيات أزمة الحرب والمشاورات مع صندوق النقد الدولي

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

تبعات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية،  تسببت  لخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من مصر بقيمة 20 مليار دولار، مصر لم تشهد وحدها خروج الأموال الساخنة  بخروجها من كل الأسواق الناشئة، و الحكومة المصرية تحاول التعامل مع هذه التداعيات لتخفيف حدتها.

كما واصل سعر صرف الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار ليسجل 19.03 جنيه للشراء، و19.14 جنيه للبيع في البنك المركزي بختام تعاملات يوم الأربعاء، 3 اغسطس 2022  وذكر خبراء أن هذا التراجع  يعود إلى استمرار تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، والمشاورات مع صندوق النقد الدولي، والذي يطلب مزيد من المرونة في سعر الصرف.

ـ مفاوضات:

سابقا صرح الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء ا ، منتصف شهر مايو 2022 ، أن تقديرات تكلفة الحرب الروسية الأوكرانية على موازنة مصر بلغت 465 مليار جنيه (24.4 مليار دولار) مقسمة بين 130 مليار جنيه (6.8 مليار دولار) تكلفة مباشرة، ونحو 335 مليار جنيه (17.6 مليار دولار) تكلفة غير مباشرة.

كما أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في ندرة النقد الأجنبي، مما تسبب في تخفيض سعر صرف الجنيه تدريجيا، وتحاول الحكومة المصرية منح مرونة في سعر الصرف لتتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي للموافقة على منح مصر قرض جديد.

وتتفاوض الحكومة المصرية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، لتمويل الفجوة التمويلية بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بقيمة 20 مليار دولار، و20 مليار آخرين التزامات دولية خلال العام المالي الجاري، وبحسب تصريحات حكومية، فإن المشاورات مستمرة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين الجانبين.

ـ سعر صرف الجنيه:

وخفض سعر صرف الجنيه لن يؤثر بصورة إيجابية على زيادة الصادرات المصرية في ظل تأثر العملية الإنتاجية باستيراد الخامات، ايضا السياحة يتسبب انخفاض الجنيه في جذب شريحة من السواح منخفضة الدخل ولا تحقق إيرادات مرتفعة للدولة، في المقابل يتسبب التحرير الكامل في موجة غلاء للأسعار وزيادة غير مسبوقة للتضخم، خاصة وأن حجم واردات مصر ارتفعت بعد الأزمة الأوكرانية إلى 8 مليارات دولار شهريا من 5 مليارات دولار قبل الأزمة، نتيجة تحوط مستوردين بشراء منتجات تفوق الاحتياجات.

ـ ارتفاع الصادرات:

 بحسب بيانات جهاز الإحصاء ارتفعت قيمة الصادرات المصرية خلال الربع الأول من عام 2022 لتسجل 14 مليار دولار مقابل 9.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بزيادة بلغت 4.3 مليار دولار، وبنسبة نمو سنوي 44.3%.

هذا  أن البنك المركزي حاول تحجيم الاستيراد للحفاظ على السيولة من النقد الأجنبي من خلال اشتراط إصدار الاعتمادات المستندية بدلا من مستندات التحصيل، لوقف استيراد بعض السلع غير الضرورية، في حين سمح بتوفير النقد الأجنبي لاستيراد الحبوب والأدوية وكذلك مستلزمات الإنتاج.

وتراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 33.4 مليار دولار في نهاية يونيو  2022 من 35.5 مليار دولار في نهاية مايو، بحسب بيانات البنك المركزي.

 رحلة الجنيه المصري أمام الدولار خلال آخر 6 سنوات، حيث مر:

ـ سعر صرف الجنيه بـ3 مراحل:

ـ الأولى: مع قرار البنك المركزي، في 3 نوفمبر  2016، بتحرير سعر الصرف، والذي عرف إعلاميا وقتها بـ"تعويم الجنيه"، لينخفض من 8.8 جنيه إلى مستويات 20 جنيها.

ـ الثانية: ارتد الجنيه تدريجيا في ظل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي حتى استقر عند مستويات 15.6 جنيه لمدة 4 سنوات.

ـ  الثالثة: هبط سعر صرف الجنيه بعد الأزمة الاقتصادية العالمية جراء جائحة كورونا وخروج 18 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة، لينخفض إلى مستويات 16 جنيها، ثم تراجع مرة ثانية بعد حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي وإدارة مصر لتداعيات الجائحة إلى مستوى 15.7 جنيه، فسعر صرف الجنيه دخل في مرحلة جديدة، مع الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة لينخفض تدريجيا حتى تخطى مستوى 19 جنيها، وهو مستوى لم يشهده خلال آخر 5 سنوات، ولكنه ليس أدنى مستوى وصل إليه الجنيه في التاريخ، حيث سجل أدنى من المستويات الحالية خلال فترة تعويم الجنيه عام 2016.

والمتوقع ان يستقر سعر صرف الجنيه ويتم توفير سيولة من النقد الأجنبي للمستوردين، عقب سد الفجوة التمويلية بالحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وتمويلات من مؤسسات دولية أخرى إضافة إلى المساعدات الخليجية، كما توقع أن يوافق صندوق النقد على إقراض مصر في ظل التاريخ الناجح للحكومة المصرية مع الصندوق في الوفاء بالالتزامات السابقة.

ـ تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار:

 جاء نتيجة ارتفاع الفجوة بين الصادرات والواردات المصرية لتتراوح بين 40-50 مليار دولار، ولذا فإن الاحتمال التراجع لأكثر من ذلك وارد، إضافة إلى أن صندوق النقد الدولي يشترط التحرير الكامل لسعر العملة أو مزيد من المرونة حتى يحد توازن بين العرض والطلب على الدولار في مصر. كما أنه من الصعب تحديد قيمة عادلة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار في ظل وجود موارد أخرى للنقد الأجنبي مثل إيرادات السياحة، وتحويلات العاملين بالخارج، وتحديد سعر عادل يتطلب التوزان بين العرض والطلب للدولار، ولكن مازالت هناك فجوة بين الطرفين . و تسعير بعض التجار سعر صرف الجنيه أمام الدولار عند مستوى 23 جنيها،للاحتفاظ بهامش أكبر من السعر الرسمي للحفاظ على التكلفة وتذبذب سعر الجنيه.

ـ ارتفاع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية خلال يوليو:

ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، خلال شهر يوليو 2022، بنسبة 2.62% ليصل إلى مستوى 9467.08 نقطة، وربح رأس المال السوقي 11.5 مليار جنيه (608.1 مليون دولار) ليسجل 633.4 مليار جنيه (33.5 مليار دولار)، وهذه المرة الثانية التي يسجل فيها المؤشر صعود شهري خلال عام 2022، وهو ما أرجعه خبراء إلى تنفيذ صفقات استحواذ خلال يوليو ، واتجاه الحكومة لزيادة استثمارات المؤسسات والصناديق الحكومية بسوق المال.

وصعدت كل مؤشرات البورصة المصرية، خلال جلسات يوليو، حيث زاد مؤشر "إيجي إكس 70 متساوي الأوزان" بنسبة 8.55% مغلقا عند مستوى 1868.30 نقطة، وزاد مؤشر "إيجي إكس 100 متساوي الأوزان" بنسبة 7.35% ليصل إلى مستوى 2734.85 نقطة.

إن البورصة المصرية ارتفعت للمرة الثانية في 2022  نتيجة لعدة حوافز أعلنت عنها الحكومة أبرزها اتجاه الهيئة العامة للرقابة المالية للسماح لصناديق الاستثمار بزيادة استثماراتها في سوق المال، كما أن هذا القرار رغم تأخيره إلا أنه يسهم في تنشيط التداولات بالبورصة، ويحقق في الوقت نفسه عائدا مجزيا للصناديق في ظل تدني أسعار الأسهم.

وتستهدف الهيئة العامة للرقابة المالية زيادة حجم إجمالي استثمارات المؤسسات المالية بالبورصة المصرية، وذلك من خلال تعديل السياسات الاستثمارية لشركات التأمين وصناديق التأمين الخاصة لحثها على الاستثمار في الأدوات المالية غير المصرفية، بحسب تصريحات الدكتور محمد عمران رئيس الهيئة.

  أن تدني أسعار الأسهم بالبورصة ساهم في جذب صناديق الاستثمار العربية لتكوين مراكز شرائية في العديد من الأسهم التي تنخفض قيمتها السوقية وتمتلك أصولا ضخمة، مثل شركة الدار العقارية التي استحوذت على شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار- سوديك، وتقدمت بعرض لشراء شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، كما تقدمت شركة شيميرا بعرض استحواذ على شركة بلتون.

واستحوذت شركة الدار العقارية الإماراتية وشركة ADQ القابضة، على نسبة 85.5% من شركة سوديك في ديسمبر 2021، وتقدمت مطلع الشهر يوليو 2022 ، بعرض غير ملزم للاستحواذ النقدي على 100% من أسهم رأس مال شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، بسعر شراء استرشادي يتراوح ما بين 3.20 جنيه إلى 3.40 جنيه للسهم.

و زيادة السيولة بالبورصة المصرية العامل الرئيسي وراء ارتفاع البورصة خلال يوليو، مما أدى إلى تحقيق بعض الأسهم مستويات صعود تراوحت بين 10-50%، وهو ما يتطلب ضرورة استكمال تنشيط التداولات بالبورصة، وتيسير تنفيذ صفقات الاستحواذ، والتي تعطي زخما للبورصة، مستشهدة في هذا الصدد بصفقة استحواذ شركة أغذية الإماراتية على حصة من شركة أبو عوف.

وسبق أن أعلنت مجموعة أغذية الإماراتية، يوم 14 يوليو 2022، موافقة مجلس الإدارة على مقترح شراء حصة تبلغ 60% من شركة أبو عوف المصرية مقابل 2.92 مليار جنيه (154.4 مليون دولار). كما ان أبرز القطاعات التي حققت أداء إيجابيا خلال يوليو، العقارات،  الأغذية والمشروبات، والخدمات المالية غير المصرفية.

وبحسب التقرير الشهري للبورصة، صعد 14 قطاعا خلال يوليو، تصدرها المقاولات والإنشاءات الهندسية بنسبة 10.3%، والخدمات المالية غير المصرفية بنسبة 7.1%، ولم يتراجع سوى قطاعي الاتصالات، والرعاية الصحية والأدوية بنسبة 2.7%، 2.3%، على التوالي.

وقرر بنكا الأهلي ومصر نهاية مايو، وقف شهادات ادخار ذات العائد 18% لأجل عام بعدما جمعت 750 مليار جنيه (40.3 مليار دولار) خلال 10 أسابيع، وطرحت بديلا عنها شهادات ادخار لأجل 3 سنوات بعائد 14%.

من جانبه، قال محمد كمال عضو مجلس إدارة شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن صعود البورصة المصرية خلال آخر 10 أيام من شهر يوليو، نتيجة عدة عوامل أهمها:

 أولا: ارتفاع معدل الشراء المؤسسي بسوق المال، وذلك عقب اللقاءات المثمرة التي عقدت بين رئيس مجلس الوزراء مع رئيس البورصة ومسؤولي ومديري صناديق الاستثمار الحكومية لزيادة استثماراتها في سوق المال، مما ساهم في زيادة السيولة وتحسين نفسية المستثمرين المحليين.

 ثانيا:  وصول الأسهم لمستويات دعم قوية ارتد منها للأعلى.

واجتمع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، يوم 25 يوليو 2022، مع رئيس البورصة محمد فريد وعدد من مسؤولي المؤسسات الحكومية، لمتابعة تطوير آليات إدارة استثمارات المؤسسات الحكومية بسوق المال، وإعادة توزيع نسب استثماراتها بين أدوات الدخل الثابت والأسهم المقيدة وفق استراتيجياتها الاستثمارية وذلك بصورة مستدامة، بحسب بيان صحفي.

وأضاف كمال، أن عروض صفقات الاستحواذ الخليجية على الشركات المصرية، ساهم في تشجيع المستثمرين للدخول للشراء، مدللا على حديثه حول ارتفاع مستويات التداول خلال تقدم الشركات الخليجية بعروض الاستحواذ، بزيادة سعر سهم شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير عقب تقدم شركة الدار العقارية بعرض الاستحواذ. ورأى نه من الصعب توقع تأثير اجتماع البنك المركزي منتصف شهر أغسطس 2022  لمناقشة أسعار الفائدة، على أداء البورصة.

وتجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري في 18 أغسطس، لمناقشة سعر الفائدة، وذلك بعد تثبيت السعر في آخر اجتماع خلال شهر يونيو 2022 عند مستويات 11.25% للإيداع، و12.25% للإقراض.

 



التعليقات