تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
29 أغسطس 2022 1:51 م
-
مصر: ترشيد استهلاك الكهرباء لتحقيق فائض 15% عبر صادرات الغاز لتوفير العملات الصعبة

مصر: ترشيد استهلاك الكهرباء لتحقيق فائض 15% عبر صادرات الغاز لتوفير العملات الصعبة

اعداد ـ فاطيمة طيبي

 أوضحت الحكومة في بيانها حول ترشيد استهلاك الكهرباء أن الهدف هو "تحقيق فائض إضافي متوسطه نحو 15 % من حجم الغاز الطبيعي الذي يضخ لمحطات الكهرباء، على مدار العام، بغرض تصديره والاستفادة من العملة الصعبة".

ولمواجهة تراجع احتياطياتها من العملات الصعبة، وجدت مصر حلا يتمثل في خفض إضاءة الساحات العامة في البلاد، في إطار إجراءات لترشيد الطاقة محليا وتصديرها، بينما يصر خبراء اقتصاد على أنه لا مفر من قرض من صندوق النقد الدولي، لتجاوز الأزمة.وشددت على تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية، وعلى رأسها ميدان التحرير الذي بلغت تكلفة إضاءته أثناء تطويره نحو أربعة ملايين دولار.

وتفيد بيانات البنك المركزي المصري بأن قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي ارتفعت إلى 5.6 مليار دولار في الفترة ما  بين  شهر  أكتوبر 2021 و شهرمارس  2022 .كما وقعت مصر في يونيو مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم تهدف الى تصدير الغاز إلى أوروبا، في محاولة لإيجاد بدائل للطاقة الروسية. وأعلنت مصر في 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي خصوصا بعد دخول حقل ظهر العملاق على خريطة الإنتاج، ليصل معدل الإنتاج إلى نحو سبعة مليارات قدم مكعبة يوميا، لذلك يبدو هذا القطاع واعدا في إطار الجهود لتجاوز الأزمة.

ـ ضبط ارتفاع الأسعار لمواجهة ارتفاع  معدل التضخم :

 بحسب "الفرنسية"، تحاول مصر من جهة ضبط ارتفاع الأسعار لمواجهة ارتفاع  معدل التضخم السنوي وتسعى من جهة أخرى إلى توفير النقد الأجنبي للخروج من نفق تبعات الحرب الروسية ـ الأوكرانية.

كما انه من جهة ثانيةعاد معدل التضخم في مصر الى مساره التصاعدي خلال شهر يوليو، ليسجل التضخم السنوي 14.6% لإجمالي الجمهورية، كما سجل التضخم الأساسي السنوي- الذي يستبعد أسعار المواد غير المستقرة- نسبة 15.6% خلال الشهر ذاته، وهو أعلى مستوى له منذ 4 أعوام ونصف، وأرجع خبراء أسباب هذه الزيادة إلى تحريك أسعار البنزين والسولار وخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مما أدى إلى تسارع معدل التضخم، والذي قد يواصل الزيادة حتى نهاية العام.

وبحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 131 نقطة لشهر يوليو، مسجلًا بذلك ارتفاعا قدره 0.9% عن شهر يونيو، وأرجع أسباب هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار مجموعة خدمات النقل بنسبة 6.4%، كما ارتفعت أسعار السلع الأساسية حيث زادت مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 1%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 5.2%، مجموعة الفاكهة بنسبة 7.5%، وكذلك مجموعة الدخان بنسبة 3.3% .

ـ إجراءات لتوفير العملة الصعبة:

في الوقت نفسه، يتم  التفاوض حاليا مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض جديد لدعم الدولة التي تصل فيها نسبة الفقر إلى نحو 30 % من مجمل السكان الذين يتجاوز عددهم 103 ملايين نسمة. واتخذت مصر في الواقع إجراءات عدة تتوقع أن يسمح تطبيقها بتوفير العملة الصعبة، بدءا بتخفيض قيمة الجنيه في مارس الماضي 2022  بنحو 17 % أمام الدولار ليتجاوز سعر بيع العملة الأمريكية 18 جنيها آنذاك. كما وافقت الحكومة ـ بحسب بيان رسمي أخيرا - على مشروع قرار لترشيد استهلاك الكهرباء بما في ذلك "تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية"، من أجل توفير كميات من الغاز الطبيعي لتصديرها.

كما يرى بعض من الخبراء والاقتصادين  أن الحكومة المصرية تحتاج إلى القيام بـاجراءات إصلاحية ، حتى نتمكن من توفير الدولار ، على رأسها تحرير سعر الصرف بشكل كامل.كما انه ومن المشير اليه انه  من الأسباب الكلاسيكية لتعرض بعض الدول الناشئة لأزمات اقتصادية تثبيت سعر الصرف بشكل وهمي . مما يشجع المقترض الحكومي على الاقتراض من الخارج، ما يعرض الدولة لمأزق حال طلب السداد .

 هناك بالفعل نقص في توفير الدولار للمستوردين من قبل البنوك في مختلف القطاعات ، والحل يكمن في  تسريع وتيرة التفاوض مع صندوق النقد. وكانت مصر حصلت سابقا على قرض قيمته 12 مليار دولار من الصندوق بموجب اتفاق تم توقيعه نهاية 2016، وقرضين آخرين في 2020 بقيمة 5.4 مليار دولار لتطبيق برنامج اقتصادي، و2.8 مليار دولار لمواجهة وباء كوفيد - 19".

في هذا الإطار، قرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأسبوع الثالث من شهر اغسطس الحالي تعيين المصرفي المعروف حسن عبدالله، قائما بأعمال محافظ البنك المركزي خلفا لطارق عامر الذي عين مستشارا للرئيس.

لم تعرف أسباب رحيل عامر رسميا، لكن بعض وسائل الإعلام المحلية ذكرت أن أحد الأسباب هو "عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي". الا  أن خلاف وجهات النظر داخل الحكومة مبني على سرعة تنفيذ الإجراءات، لكن هناك اتفاقا على المستهدفات ، لأن صندوق النقد قد يطلب تطبيقا عاجلا في بعض الملفات مثل الدعم وسعر الصرف، بينما تفضل الحكومة القيام بذلك تدريجيا.

ويرى جيمس سوانستون الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" أن قيمة "العملة المصرية بحاجة إلى أن تخفض مرة أخرى ليبلغ سعر الدولار 25 جنيها بنهاية 2024، لتجنب التعرض لاختلالات خارجية" أي نقص النقد الأجنبي. لأن ذلك  يتطلب من صانعي السياسة التمسك بهذا التغيير . ويتوقع سوانستون أن يمهل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مصر "فترة راحة من بعض الضغوط الخارجية وسيسمح خصوصا بطمأنة المستثمرين، ويفترض أن يسهم في جذب الاستثمار مرة أخرى.

وتفيد بيانات المصرف المركزي بأن مصر شهدت خروج 14.6 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، "ما يعكس قلق المستثمرين على أثر اندلاع الصراع الروسي - الأوكراني"، كما يقول. يذكر أن وزارة التخطيط المصرية أعلنت تحقيق معدل نمو اقتصادي للعام المالي 2021/22 نسبته 6.6 %  مدفوعا بطفرة نمو محققة في الأشهر التسعة الأولى ، قبل أن يبدأ ظهور انعكاسات الحرب الروسية - الأوكرانية. وكانت نسبة النمو بلغت في العام المالي الذي قبله 3.3 %.



التعليقات