أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
22 ديسمبر 2022 12:08 م
-
27 مليار دولار القيمة الإجمالية لسوق المواد الغذائية النباتية في 2021

27 مليار دولار القيمة الإجمالية لسوق المواد الغذائية النباتية  في 2021

 اعداد ـ فاطيمة طيبي  

كثيرا ما نسمع عن الجبن النباتي .. إنه نوع من الجبن يصنع من فول الصويا والمكسرات والزيوت النباتية ومكونات أخرى مثل الفاصوليا، وكثير من خبراء التغذية يعدونه بديلا صحيا للجبن التقليدي أيا كان نوعه. والجبن النباتي يدخل في إطار اتجاه عالمي آخذ في النمو ينحاز المستهلكون فيه إلى الأطعمة النباتية التي باتت الآن جزءا له مكانة مهمة على أرفف أكبر متاجر بيع المواد الغذائية.

آخر التقديرات المتاحة تشير إلى أن مبيعات سوق الجبن النباتي بلغت عام 2020 نحو 2.5 مليار دولار، وسط تقديرات بأن يصل إلى سبعة مليارات بحلول 2030. ولكن إذا كانت تلك هي حصة الجبن النباتي من إجمالي مبيعات سوق المواد الغذائية النباتية في العالم كيف نفسر باقي المنتجات.

ـ القيمة الإجمالية لسوق المواد الغذائية النباتية:

تتفاوت التقديرات بهذا الشأن، فشركة "جلوبال نيوز وير" إحدى أكبر مراكز أبحاث التسوق العالمية، قدرت القيمة الإجمالية لهذه السوق بنحو 27 مليار دولار في 2021، على أن يتجاوز 65 مليار دولار بقليل بحلول 2030، محققا معدل نمو سنوي 10.41 % خلال الفترة من 2022 إلى نهاية العقد الحالي.

وبعض التقديرات الأخرى ترى أن السوق ستحقق مزيدا من النمو في العقد الراهن بما يتجاو 37 مليار دولار بنهاية العقد، بينما تصل تقديرات موقع "ميتكلوس للأبحاث" إلى 95.52 مليار دولار بحلول 2029.

لكن أيا كانت التقديرات الرقمية، فإن الاتفاق العام بين جميع الخبراء أن سوق المواد الغذائية النباتية آخذة في التوسع، وستحقق مزيدا من النمو في الأعوام المقبلة، فالسلع الغذائية النباتية تحتل مساحة أكبر وأبرز يوما بعد آخر على أرفف محال بيع المواد الغذائية.

كما أن بوابات التجارة الإلكترونية تكشف عن نمو الطلب، حيث يشتري المستهلكون المنتجات عبر مواقع البيع على الإنترنت، ويتوقع الخبراء أن تشكل الأطعمة النباتية ما يصل إلى 7.7 % من سوق البروتين العالمية بحلول 2030، وذلك في الوقت الذي سيبلغ فيه الطلب على البروتين الحيواني ومنتجات الألبان 1.2 تريليون دولار بحلول ذلك الوقت.

وبالنسبة للخبراء، فإن سوق المواد الغذائية النباتية تتكون من بيع المنتجات النباتية والخدمات ذات الصلة للأغراض الاستهلاكية، وتشمل ذلك المنتجات النباتية للأطعمة والمشروبات، التي يتم إنتاجها دون استخدام مكونات حيوانية أو مكونات مشتقة من الحيوانات، وبذلك تشمل المنتجات الغذائية النباتية الفواكه والخضراوات والبقوليات.

وقال إليكس نيكوايت، مسؤول الأبحاث الغذائية في شركة "هيئة الأغذية البريطانية المحدودة"، إن "الطلب العالمي المتزايد على المواد الغذائية النباتية يعود إلى زيادة القلق بشأن البيئة على المستوى الدولي، فتربية الماشية تسهم في زيادة الاحتباس الحراري، وبالتالي زيادة عدد المستهلكين للأغذية النباتية يقلص الطلب على اللحوم، ومن ثم يقلص عمليات تربية الماشية، ويسهم في حل مشكلة الانبعاث الحراري".

و يضيف "المشكلة الرئيسة، التي تواجه هذا النوع من الأطعمة تتمثل في ارتفاع أسعاره، مقارنة بأسعار المواد الغذائية التقليدية، فتكلفة الإنتاج لا تزال مرتفعة، كما أن بعض المنتجات الغذائية أقل جاذبية عندما يتعلق الأمر بالمذاق والملمس".

ـ البدع الغذائية:

 ذكرت تريسي بنجامين، الخبيرة في مجال التغذية، أنه "غالبا ما تنمو العادات الغذائية الجديدة للمستهلكين بوصفها بدعا غذائية في بداية الأمر، ومن ثم تتحول لاحقا إلى جزء أصيل من استهلاكهم، والنمو السكاني يتسبب في إجهاد الموارد وزيادة الوعي الإنساني، وهذا التحدي يصب في مصلحة نمو الأغذية النباتية".

الا انه و في العام الماضي 2021 ، كانت منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر منطقة في العالم لاستهلاك المواد الغذائية النباتية، يليها أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، وتختلف التقديرات بشأن المنطقة الجغرافية، التي ستحتل المرتبة الأولى في استهلاك المواد الغذائية النباتية بحلول 2030.

ونظرا لتوقع بلوغ سكان آسيا والمحيط الهادئ 4.6 مليار نسمة بنهاية العقد الحالي، فإن ذلك يرجح أن تهيمن المنطقة على الطلب العالمي على المواد الغذائية النباتية، خاصة أن تلك الرقعة الجغرافية ستنال الحصة الأكبر من سوق البروتين النباتي، وستحظى 57 % من منتجات الألبان البديلة.

كما أن جيل الألفية في الصين، الذين يزيد عددهم على 350 مليون نسمة أي 25 % من السكان، أكثر تعليما من الأجيال السابقة، و25 % منهم حاصل على درجة البكالوريوس أو أعلى، وبدائل اللحوم والألبان تجد قبولا متزايدا بينهم، كما أن الهند تحتل في الوقت الحالي قائمة الدول التي يعد سكانها نباتيين، بينما لا تتجاوز تلك النسبة 5 % في الولايات المتحدة حاليا.

مع هذا، يرجح سيمون لارس الباحث في مجال الأنماط الغذائية، تفوق الطلب على المواد الغذائية النباتية في أوروبا والولايات المتحدة مجتمعين على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وذكر أن "القارة الأوروبية والولايات المتحدة ستكون في مقدمة مستهلكي المواد الغذائية النباتية بحلول منتصف القرن، وسيبلغ الطلب في تلك المنطقة من العالم نحو 40 مليار دولار بحلول 2030".

وأشار إلى أن المكانة الرائدة لها في سوق المواد الغذائية النباتية يعزى إلى الوعي البيئي العالي بين المستهلكين، مع وجود قطاع راسخ من الصناعات الغذائية، وزيادة تبني التقدم التكنولوجي في صناعة الأغذية والمشروبات، وقيام عديد من شركات الأغذية العالمية وأغلبها من الولايات المتحدة أو أوروبا بالاستثمار في قطاع المواد الغذائية النباتية، بينما لن تزيد حصة إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية مجتمعة عن تسعة مليارات دولار في أفضل تقدير.

مع هذا، فإن الأفق الاستثماري في صناعة المواد الغذائية النباتية لا يزال محل نقاش حادا بين الخبراء، فالسؤال الرئيس يتعلق بمن ستكون له الهيمنة في تلك الصناعة، هل تظل شركات الأغذية العالمية التقليدية هي المسيطر الرئيس على تلك التوجهات الغذائية القديمة ـ  الجديدة ..؟

ـ تغير مستبعد حاليا :

بدوره، يستبعد الدكتور إم.بي. جونسون أستاذ الاقتصاد الصناعي في جامعة لندن، حدوث تغيير جذري في طبيعة اللاعبين الرئيسين الذين يقودون صناعة المواد الغذائية على المستوى العالمي. وقال إن "شركات الأغذية العالمية تدرك أهمية وحجم الطلب العالمي المستقبلي على المواد الغذائية النباتية، ولذلك فإنها تعيد هيكلة استثماراتها بشكل تدريجي يتناسب مع نمو الطلب على الأغذية النباتية، وفي صناعة يبلغ إجمالي قيمتها العالمية نحو تريليوني دولار ونصف التريليون دولار، ويتوقع أن تتجاوز الخمسة تريليونات دولار بحلول 2029، فإن الشركات الكبرى لديها قدرة مادية على القيام بهذا التحول والاستثمار في التقنيات الغذائية الجديدة، ولذلك فإن الشركات الغذائية العالمية الراهنة ستظل مسيطرة على الساحة مستقبلا".

ومن ناحيتها، ترى الباحثة الاقتصادية آنا شانكر، أن طبيعة القوى التي تتحكم في سوق الأغذية على المستوى الدولي في طريقها إلى التغيير نتيجة نمو الاستهلاك العالمي للمواد الغذائية النباتية.

وقالت إنه "لا شك أن شركات المواد الغذائية الكبرى لديها قدرات استثمارية مهولة تمكنها من أن تظل أيضا اللاعب الرئيس في عصر المواد الغذائية النباتية، لكن الأمر لا يتوقف على القدرة الاستثمارية، وإنما يتوقف أكثر على الرؤية الاستثمارية، وعلينا أن نتذكر أن بعض شركات الهواتف المحمول الكبرى، التي كانت تحتكر الصناعة في بدايتها فشلت في أن ترى أن المستقبل يكمن في الهواتف الذكية، وعندما أخفقت في أن ترى ذلك لم تفدها كثيرا رؤوس الأموال الضخمة أو الشعبية التي كانت تتمتع بها، واندثرت تقريبا ولم تستطع أن تعود مجددا وتحتل مكانتها السابقة، الأمر أيضا ينطبق على الاستثمار في صناعة المواد الغذائية النباتية.وأشار إلى أنه في المرحلة الراهنة هناك عديد من اللاعبين الجدد ربما لا يزالون في أول الطريق لكنهم يمتلكون الرؤية والموهبة والتكنولوجيا، وبالتأكيد سنشهد في هذا العقد بروز لاعبين دوليين جدد قادرين على تلبية الطلب العالمي على المواد الغذائية النباتية، وربما كسر الاحتكار الحالي الذي يمارسه عدد محدود من الشركات العالمية في مجال الأغذية.

 

 



التعليقات