أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
27 ديسمبر 2022 2:28 م
-
اتجاهات لتحرك الحكومات لاعادة رسم ملامح سلاسل الإمدادات في 2023

اتجاهات لتحرك الحكومات لاعادة رسم ملامح سلاسل الإمدادات في 2023

 اعداد ـ فاطيمة طيبي

 لم تتوقف جائحة كورونا عن توجيه ضربات إلى الاقتصاد العالمي من بوابة تعطيل سلاسل الإمدادات القادمة من الصين، أكبر مصدر للسلع حول العالم. لذلك تتجه حكومات العالم إلى التدخل الصريح للقضاء على أزمة سلاسل الإمداد باعتبارها أحد العوامل الرئيسية لغول التضخم الجامح

وعلى الرغم من التعافي التدريجي لسلاسل الإمدادات الصينية، خلال الشهرين الماضي والجاري نوفمبر وديسمبر 2022 ، إلا أن صناعة سلاسل الإمدادات ما تزال تواجه عقبات ستنتقل إلى العام الجديد 2023 .

في الوقت الحالي، ينصب الكثير من التركيز على موسم العطلات القادم، حيث يشجع كبار تجار التجزئة مثل أمازون المستخدمين بشدة على بدء التسوق مبكرا، الا انه في الجهة المقابلة هناك بعضا من الامور تبدو أكثر صعوبة في المستقبل .

 ـ  احتمالية اقرارموقف نافذ للتدخل من خلال الحكومات:

يكشف تقرير من شركة الأبحاث والبيانات IHS صدر في أواخر سبتمبر الماضي 2022 ، احتمال تدخل الحكومات حول العالم في صناعة سلاسل التوريد خلال الفترة المقبلة، حيث قد تتسبب الأحداث الجيوسياسية وارتفاع التضخم وعقبات أخرى في حدوث مشكلات.

وجاء في التقرير أن "إحدى الطرق التي تبدأ بها الحكومات في الاستجابة للتحديات التي تطرحها هذه الديناميكيات، تتمثل في  النظر عن كثب إلى سلاسل التوريد ومرونة سلسلة التوريد كضرورة حتمية للأمن القومي".

وأدت الحرب في أوكرانيا إلى اعتبار مسألة سلاسل الإمدادات، قضية أمن قومي تتدخل الدولة في مختلف مفاصلها، تجنبا لأية انقطاعات تؤثر على وفرة إمدادات السلع الخام والنهائية إلى الأسواق. وفعلا قام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول في شرق آسيا، بعقد اتفاقيات لتشكيل تحالفات تعمل في فترات تعطل سلاسل إمدادات السلع في حالة المخاطر الصحية أو الاقتصادية أو الجيوسياسية أو المناخية.

ـ ندرة الإمدادات من السلع وعدم التوازن في التوزيع :

لم يكن العام الجاري مقتصرا على شح السلع، بل إن العديد من السلع كانت متوفرة بدرجات تفوق حاجة السوق، وهو أحد التجليات الناتجة عن تشوه سلاسل الإمدادات، وفرة سلع في أماكن بالعالم وشح لنفس السلع في أماكن أخرى. في 2023، ومع ارتفاع المخاوف من حدوث ركود، فإن سلاسل الإمدادات قد تصاب بأزمة مرتبطة بفائض المعروض الناتج عن شح الطلب، إذ من المرجح أن ينخفض طلب المستهلك في الأشهر القادمة. وهذا يمكن أن يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لصناعة الشحن ـ التوريد على مستوى مختلف.

ـ ضبابية التحسن في سوق العمل:

قضايا العمل التي ابتليت بها العديد من الشركات خلال العام الماضي 2021، ستكون منتشرة بنفس القدر خلال العام 2023، إن لم يكن أكثر. ففي صناعة الشحن، كما هو الحال في العديد من الصناعات، يسعى العمال إلى زيادات في الأجور لمواكبة التضخم؛ تم اتخاذ إجراءات عمالية، بما في ذلك الإضرابات، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية.

أضف إلى ذلك تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية (تشكل البلدان الاثنان معا ما يقرب من 15% من جميع سفن التجارة العالمية، وفقا لغرفة الشحن الدولية. ) ،ويمكن أن تفرض الصين عمليات إغلاق جديدة لـ COVID في عام 2023 كجزء من سياستها الخالية من COVID، والتي من شأنها أن تسبب المزيد من المشاكل وزيادة الازدحام.

ـ حتمية خفض أسعار الحاويات:

من المتوقع أن يشهد العام المقبل اندفاعا في السفن الجديدة؛ إذ أن حوالي 28% من سعة الأسطول المركب قيد الطلب ومن المتوقع تسليم أقل من نصف ذلك بقليل على مدار العام المقبل، وفقا لـ ING.  هذا ويمكن أن يؤدي ذلك إلى خفض أسعار الحاويات، وبالتالي خفض تكاليف الشحن، لكن ذلك قد يسبب أزمة على المدى المتوسط لشركات الشحن، الباحثة عن تحقيق أرباح أكبر.

ـ تغير المناخ:

في حين أن القضايا الجيوسياسية والعمالية هي مخاوف كبيرة، يمكن أن تشكل قضايا المناخ البيئي عقبة ملحوظة أمام شركات الشحن. تؤثر المستويات المنخفضة في مياه ألمانيا على النشاط الاقتصادي؛ وفي الولايات المتحدة، يشهد نهر المسيسيبي انخفاضا في مستويات المياه، مما أدى إلى ازدحام أكثر من 100 سفينة خلال 2022، وقد يتكرر الأمر في 2023. غير ان هناك موجات حارة في الصين وأصبحت الأعاصير أقوى من أي وقت مضى؛ كل هذه تمثل فرصة لتعطيل سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم.

ـ خطط مستدامة لتأمين سلاسل الإمداد العالمية طرق تجارية جديدة:

خلال الـ9 أشهر الأولى في عام 2022 الجاري، تمكنت مجموعة "دي بي ورلد" الإماراتية من إضافة طرق تجارية جديدة تمتد لأكثر من 23 ألف ميل بحري حول العالم (ما يعادل مسار رحلة كاملة حول الأرض). وتشمل الطرق التجارية الجديدة التي تم إنشاؤها حتى الآن الربط بين الهند والشرق الأوسط وأفريقيا، بالإضافة إلى عدة طرق جديدة تربط الموانئ الصغيرة مع ميناء روتردام في أوروبا، وطرق ربط أخرى جديدة تصل ما بين أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا.

كما تتيح الطرق التجارية الجديدة، التي تربط الأمريكتين وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط، فتح المجال لمزيد من الفرص التجارية الجديدة لأصحاب البضائع، وتعزز إمكانية الوصول إلى السلع والخدمات للأشخاص والمجتمعات التي لا تحصل على خدمات لوجستية كافية، كما تؤمن سبلا بديلة للطرق والموانئ العالمية المزدحمة في جميع أنحاء العالم.

ـ كوريا الجنوبية وتضيف  على خط أزمة سلاسل الإمدادات العالمية بإضرابها الشامل: 

دخلت كوريا الجنوبية على أزمة سلاسل الإمدادات، من خلال إضراب آخذ بالتوسع لسائقي الشاحنات الذين أصابوا العديد من القطاعات بأزمة إمدادات. و مع بداية شهر ديسمبر 2022 ، امتد إضراب سائقي الشاحنات في كوريا الجنوبية إلى اليوم الـ13، مما أجبر الشركات المصنعة في البلاد على تقليص الإنتاج وإبطاء حركة المرور في موانئها ،والإضراب الحالي ليس الأول لقطاع النقل البري (الشاحنات)، بل سبقته عدة إضرابات خلال العام الجاري، أكثرها حدة كان في يونيو/ الماضي، عندما امتد الإضراب لأكثر من أسبوعين اثنين .

ـ حجم الخسائر وصلالى  3.1 مليار دولار:

وتجاوزت الشحنات المفقودة خلال الإضراب الحالي، حاجز 3.5 تريليون وون، أو 3.1 مليارات دولار أمريكي، بحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية. وتعتمد كوريا الجنوبية على الشاحنات، كمصدر إمدادات آمن لعديد من المصانع الكبرى في البلاد، بسبب عدم توفر وسائل النقل عبر سكك الحديد في عديد المدن الرئيسية.  وإضراب سائقي الشاحنات هو أحدث صداع لسلسلة التوريد العالمية التي تعاني بالفعل من إغلاق Covid-19 في الصين والحرب الروسية الأوكرانية، خاصة أن الشركات الكورية هي المورد الرئيسي للمكونات والمواد الحيوية مثل أشباه الموصلات والصلب.

على سبيل المثال، قالت شركة هيونداي موتورز إنها اضطرت إلى خفض الإنتاج في أحد مصانعها المحلية بسبب الإضراب؛ فيما قالت شركة بوسكو، أكبر شركة لتصنيع الصلب في كوريا الجنوبية، إنها أوقفت العمليات في بعض المنشآت بسبب نفاد مساحة تخزين المنتجات.

ـ إضراب شركة هانكوك للإطارات:

في المقابل، قالت شركة هانكوك للإطارات إنها اضطرت إلى قطع الشحنات اليومية، فيما يتهدد الغلق المؤقت الشركة في الإضراب الحالي، بسبب إضراب سائقي الشاحنات، ويطالب اتحاد تضامن سائقي شاحنات البضائع مرارا، بظروف أكثر أمانا وأجور معقولة وأنه ليس أمامه "خيار" سوى الإضراب عندما لا يتم تلبية مطالبه. وحثت وزارة النقل في كوريا الجنوبية، التي تواصل التفاوض مع الاتحاد، سائقي الشاحنات على العودة إلى العمل في بيان. وقالت الحكومة إنها ستطبق إجراءات طارئة بما في ذلك إرسال 100 شاحنة بضائع من الجيش و 21 مركبة من وكالات حكومية محلية أخرى لنقل البضائع إلى الموانئ الرئيسية.

كما أصدر اتحاد الشركات الكورية بيانا مع 30 مجموعة أخرى من صناعة الأعمال، بما في ذلك مصنعي أشباه الموصلات وشركات صناعة السيارات، يطالب سائقي الشاحنات بإلغاء الإضراب لأنه "تسبب في أضرار جسيمة للتصنيع والتجارة ، العمود الفقري لاقتصادنا". ومنذ بداية الاسبوع الاول من شهر ديسمبر، توسعت الاضطرابات في سلسلة التوريد في البلاد وهو اليوم الثامن من الإضراب على مستوى البلاد من قبل أكثر من 20 ألف سائق شاحنة ، حيث تستعد الحكومة لأمر المزيد منهم بالعودة إلى العمل.

وقالت الوزارة في بيان ، إن صناعات الأسمنت والصلب والسيارات وتكرير النفط شهدت خسارة تتجاوز 3.5 تريليون وون في الشحنات منذ بدء الإضراب . وإحدى تبعات الإضراب، شهدت عديد محطات الوقود في مناطق بالبلاد، أزمة تذبذب إمدادات في المشتقات، بسبب عدم القدرة على توفير سائقين للشاحنات، لنقل الوقود من المصافي إلى أسواق التجزئة.

 

 

 



التعليقات