تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
1 يناير 2023 10:30 ص
-
التعاون والتنمية .. توقعات بتراجع التضخم بالدول المتطورة والناشئة الكبرى بمجموعة العشرين

التعاون والتنمية .. توقعات بتراجع التضخم بالدول المتطورة والناشئة الكبرى بمجموعة العشرين

اعداد ـ فاطيمة طيبي

سيبقى عام 2022 في التاريخ عاما "متعدد الأزمات"، بحسب تعبير المؤرخ آدم توز الذي تحدث عن صدمات متباينة تتفاعل معا لتجعل الوضع العام بغاية الصعوبة. وبعدما كان العالم يتوقع عاما من الازدهار في 2022، واجه الاقتصاد العالمي هذه السنة سلسلة أزمات متلاحقة من ارتفاع حاد في الأسعار وحرب وزيادة معدلات الفائدة والاحترار المناخي وغيرها، تفاقمت مع الحرب الروسية الأوكرانية، منذرة بعام قاتم في 2023.

وأوضح رويل بيتسما أستاذ الاقتصاد في جامعة أمستردام لـ "فرانس برس" أن هذه الصدمات "تزايدت منذ بداية القرن" مع الأزمة المالية عام 2008، وأزمة الديون السيادية والجائحة وأزمة الطاقة، ورأى أن العالم "لم يشهد وضعا بهذا القدر من التعقيد منذ الحرب العالمية الثانية".

ـ تضخم مستمر:

بعد أعوام من التضخم الضعيف أو حتى المستقر، كان الخبراء يجمعون قبل عام على أن عودة التضخم ستكون مرحلية بالتزامن مع الانتعاش الاقتصادي بعد أزمة تفشي وباء كوفيد، غير أن الحرب الروسية الأوكرانية والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة بدلا الوضع بمتغيرات كثيرة.

وسجل التضخم مستويات غير مسبوقة منذ السبعينيات والثمانينيات، دافعا ملايين العائلات في الدول النامية إلى الفقر ومهددا الأسر في الدول الفقيرة بمزيد من البؤس. غير أنه بدأ يتباطأ  ليصل إلى 10% في منطقة اليورو في شهر نوفمبر و6 % في الولايات المتحدة في شهر أكتوبر. ويمكن أن يتراجع التضخم في الدول المتطورة والناشئة الكبرى من مجموعة العشرين في 2023 و2024، بحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، التي أوصت بمنح مساعدات محددة الأهداف بشكل أكثر دقة لتسوية هذه المشكلة، ولا سيما في فرنسا وألمانيا اللتين اضطرتا إلى معاودة الإنفاق لتخصيص مساعدات للأسر والشركات.

وفي الاتحاد الأوروبي وحده، قطعت الدول وعودا بمنح هذه الأسر 705 مليارات يورو من المساعدات منذ سبتمبر2021، بحسب مركز بروجل للدراسات، من ضمنها 264 مليار يورو في ألمانيا حيث يعلن نصف السكان أن مشترياتهم باتت تقتصر على المنتجات الأساسية حصرا، وفق تحقيق أجراه مكتب "إي واي".

وقالت نيكول أيزرمان التي تدير كشكا في سوق عيد الميلاد في فرانكفورت "كل شيء أصبح أغلى، من الكريما إلى النبيذ مرورا بالكهرباء"، وعلى مقربة منها قال بائع آخر يدعى جونتر بلوم "سوف أحترس، لكن لدي الكثير من الأولاد والأحفاد" الذين ينتظرون الهدايا.

ـ المصارف المركزية شددت سياستها:

إزاء هذه الصعوبات، عمد حكام المصارف المركزية المكلفين بشكل أساسي الحفاظ على استقرار الأسعار، إلى معاودة زيادة معدلات الفائدة وهو أمر حذروا من أنه سيتواصل في 2023.

وفي منتصف ديسمبر 2022 ، خفف الفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي رفع معدلات الفائدة. لكنهما أعربا عن عزمهما مواصلة مكافحة التضخم.غير أن هذه الاستراتيجية تشدد الضغط على الاقتصاد من خلال زيادة كلفة الاقتراض على الأسر والشركات ما يفاقم المخاوف من الركود. والأمر نفسه ينطبق على الدول التي ازدادت مديونيتها بعد الأزمة المالية والأزمة الصحية، وبات بعضها مهددا بانعدام الاستقرار وصولا إلى التخلف عن السداد. وفي دليل على ألاجواء الاقتصادية القاتمة، يتجه مؤشر ستاندرد أند بورز 500 لأسوأ عام له منذ أزمة 2008 المالية.

ـ تراجع  وأزمة مناخية في الأفق:

ما زال العالم بعيدا عن الركود المعمم العام المقبل 2023، مع توقع نمو بنسبة 2.2 % وفق منظمة الأمن والتعاون في الميدان الاقتصادي و2.7% وفق صندوق النقد الدولي الذي توقع في الأسابيع الأخيرة أن فرص تسجيل ارتفاع 2 % فقط .لكن المملكة المتحدة دخلت "في ركود" ويعتقد الكثير من خبراء الاقتصاد أن المانيا وإيطاليا ستتبعانها.

وبالنسبة لمنطقة اليورو ككل، تتوقع وكالة إس إند بي جلوبال للتصنيف الائتماني وضعا على قدر خاص من الصعوبة في الفصل الأول من السنة وركودا على مدى العام المقبل، ما يعكس تدهورا جديدا في الآفاق الاقتصادية بعد التوقعات السلبية التي وردت طوال 2022.

بموازاة ذلك، بدأت القاطرة الصينية تظهر بوادر تباطؤ إذ بات "من المرجح جدا" خفض توقعات نمو الاقتصاد الصيني لـ 2022 و2023، بحسب ما قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا في منتصف ديسمبر2022 ، متوقعة "بعض الصعوبات" مع تغيير بكين سياستها في التعامل مع الوباء.

وقالت جورجييفا إن إنهاء سياسة "صفر كوفيد" سيؤدي إلى "ارتفاع أعداد الإصابات ما سيحمل تداعيات على سير الاقتصاد بشكل سلس"، ورأى رويل بيتسما أن "أسوأ الأزمات هي أزمة المناخ التي تتطور ببطء".

وإزاء تزايد الكوارث، تبقى الطموحات محدودة للغاية، وهو ما ظهر من خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) الذي فشل في تحديد أهداف جديدة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وشرحت وكالة إس إند بي جلوبال أن "التحول في مجال الطاقة في أوروبا سيستغرق سنوات". كذلك عكست الصعوبة التي تواجهها الدول في التعامل مع الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، بطء عملية التحول ورأى رويل بيتسما أنه "إذا لم نبذل ما يكفي من الجهود، فسنواجه صعوبة على نطاق لم نعرف له مثيلا من قبل".


أخبار مرتبطة
 
17 أبريل 2024 12:26 مالمشاط: نطالب المجتع الدولي بضرورة التوسع بأدوات التمويل المبتكرة ومبادلة الديون16 أبريل 2024 3:04 مواشنطن: المشاط تلتقي قيادات هيئة التعاون الدولي اليابانية "جايكا"15 أبريل 2024 4:37 ماقتصاد الهند.. الفيل الآسيوي الصاعد مثال للنمو الشامل والمستدام14 أبريل 2024 2:09 مبسبب ضبابية مستقبل أسعار الفائدة البنوك الأمريكية تجد صعوبة في التنبؤ بأرباحها7 أبريل 2024 2:28 مالأولويات الاقتصادية للمرحلة المقبلة في مصر2 أبريل 2024 12:12 متوقعات "جولدمان ساكس" باستمرار ارتفاع سعر الجنيه المصري وانخفاض التضخم31 مارس 2024 11:44 صمصر: النقد الدولي يوافق على برنامج قرض ممدد بقيمة 8 مليارات دولار25 مارس 2024 1:12 ملتعميق التصنيع المحلي مذكرة تفاهم بين المصرية للاتصالات وايتيدا وتيجاس الهندية23 مارس 2024 12:46 مسلسلة زيادات الفائدة للبنوك المركزية بالعالم قد تؤدي لتحولات ضخمة بهيكل الاقتصاد العالمي19 مارس 2024 12:58 م33 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال 2024 وفائض تمويل يتخطى 26 مليار دولار

التعليقات