أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
18 يناير 2023 1:31 م
-
"دافوس" يعود لانعقاده الشتوي..الاقتصاد العالمي ونقاشات ساخنة لبحث التعاون في عالم غير مترابط

"دافوس" يعود لانعقاده الشتوي..الاقتصاد العالمي ونقاشات ساخنة لبحث التعاون في عالم غير مترابط

اعداد ـ فاطيمة طيبي

تلتقي النخب السياسية والاقتصادية العالمية في دافوس للمرة الأولى منذ جائحة كوفيد - 19 مع تركيز النقاشات على الحرب في أوكرانيا ومستقبل التجارة العالمية بعد رفع القيود المرتبطة بالوباء في الصين.

كما ان أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية حاليا هي حالة  الانقسام المجتمعي العميق  التي تمزق الدول والشعوب.هذا ما قاله كلاوس شواب، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي. حيث حذر شواب في اجتماع النخبة، الذي أسسه في دافوس بسويسرا في 1971، في خطابه الافتتاحي أمام مئات من قادة الأعمال والحكومات قائلا، ":مع بداية هذا العام، نواجه تحديات متعددة وغير مسبوقة.وان الاقتصاد العالمي يمر"بتحول عميق" بسبب ما سببته جائحة كورونا ، كوفيد - 19، واحذر من أن يتحول العالم إلى "خليط فوضوي من القوى". كما أمل في أن يساعد المنتدى الاقتصادي العالمي صاحب شعار هذا العام "التعاون في عالم منقسم"، في وقف "الاتجاه نحو زيادة االانقسام والمواجهة".

ـ برنامج المنتدى:

يشمل مجموعة من حلقات النقاش وتجمعات وفعاليات غير رسمية على مدى أسبوع تحت شعار "التعاون في عالم منقسم" وبينما سيكون غياب الوفد الروسي واضحا، فقد أشاد المنظمون بإقبال قياسي من حيث عدد المشاركين وتنوعهم مع توقعات بمشاركة صينية "رفيعة المستوى".

وسيحضر 52 رئيس دولة وحكومة إلى جانب 56 وزيرا للمالية و19 محافظا للبنوك المركزية و30 وزيرا للتجارة و35 وزيرا للخارجية. وسيكون قادة الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية من بين 39 من رؤساء الوكالات الدولية. كما يستضيف منتجع التزلج الراقي أكبر عدد على الإطلاق من مسؤولي الشركات إذ سيشارك في فعاليات المنتدى ما يزيد على 600 مدير تنفيذي من بين 1500 من قادة الأعمال، منهم أكبر عدد على الإطلاق من المديرات التنفيذيات.

ومن المقرر أن تركز المناقشات على التحديات القصيرة المدى مثل كيفية تجنب مخاطر حدوث ركود عالمي في عام 2023 وكيفية ضمان عدم تراجع الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ بسبب أزمة الطاقة التي تفاقمت بسبب حرب أوكرانيا والعقوبات على روسيا. وقال المنظمون إن أوكرانيا، التي هيمنت على جلسات المنتدى العام الماضي، سترسل وفدا آخر رفيع المستوى وستكون هناك عدة جلسات تتعلق بالحرب.

ـ من بين أبرز المتحدثين في اليوم الأول:

من مناقشات المنتدى..

ـ  رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ونائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، مع مشاركة المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" ينس ستولتنبرج، إضافة إلى رؤساء وزراء آخرين. وستكون عواقب الصراع على إمدادات الطاقة العالمية والأمن الغذائي والأمن عموما، خصوصا في أوروبا، على أجندة هذا الأسبوع أيضا. وإن كان الروس وبعض الشخصيات البارزة في دافوس مثل الملياردير جورج سوروس سيغيبون عن المنتدى، سيشهد الأخير مشاركة أكبر للصين بعدما ألغت بكين القيود الصارمة التي فرضتها على السفر لمكافحة الوباء.

 وتعرض الرئيس الأمريكي جو بايدن لانتقادات بسبب قانون خفض التضخم الذي ينص على مساعدة واسعة النطاق للشركات العاملة في قطاع السيارات الكهربائية أو الطاقات المتجددة التي تتخذ مقرا في الولايات المتحدة، ما أثار حفيظة الأوروبيين.

وحذرت كريستالينا جورجييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي من أن "التدخلات العامة التي يجري تبنيها باسم الأمن الاقتصادي أو القومي" قد تؤدي إلى "عواقب غير متوقعة" أو "قد تستغل لتحقيق مكاسب اقتصادية على حساب الآخرين".

كما قالت مديرة صندوق النقد الدولي، إن من المتوقع أن يشهد النمو الاقتصادي العالمي مزيدا من التباطؤ في 2023 إلى نحو 2.7 %، لكن من المتوقع أيضا أن يبلغ التباطؤ مداه هذا العام. واضافت  جورجيفا إن التحديات الثلاثة الرئيسة هي الحرب الروسية - الأوكرانية وأزمة تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الفائدة لمستوى غير مسبوق منذ عقود. وأضافت أنه يتعين على العالم التكيف بذكاء لتحقيق مزيد من أمن الإمدادات.

ـ إعادة فتح الصين:

بدورهم، قال مسؤولون ماليون بارزون في المنتدى إن إعادة فتح الصين بعد إلغاء قيود مكافحة الجائحة من شأنه تعزيز النمو العالمي بما يفوق التوقعات والمساعدة في تفادي كساد أوسع نطاقا حتى في ظل مكافحة أكبر الاقتصادات العالمية لتخطي تباطؤ اقتصادي. ورفعت الصين كثيرا من أكثر القيود إنهاكا بعدما تخلت عن سياسة صفر كوفيد الصارمة، ما عزز الأمال بأن الاقتصاد ثاني أكبر اقتصاد عالمي بوسعه إعادة إحياء النمو العالمي حتى مع دخول الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وبريطانيا كساد في الأرباع المقبلة.

وقالت لورا إم. تشا، رئيسة شركة هونج كونج للمقاصة وتبادل الأوراق المالية، للمؤتمر في دافوس بسويسرا "إعادة فتح الصين يجب أن تكون الحدث الرئيس وستكون محفزا رئيسيا للنمو". وأيد آخرون ممن رأوا أن الصين هي مفتاح التعافي العالمي، تصريحات تشا. وقال دوجلاس إل. بيترسون رئيس شركة ستاندرد آند بورز جلوبال ورئيسها التنفيذي في أحد نقاشات اللجنة "هناك حفاظ على المدخرات، وعزوف عن الطلب، لذا نعتقد أن الصين ستشهد نموا قويا جدا، وخصوصا مع دخول أواخر العام".

 ـ طموحات منع انهيار العولمة:

يجتمع صناع القرار في العالم على طاولة المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس  في ظرف عالمي عصيب  حيث انه مع تعثر العولمة التي انكشفت بشكل ضخم أمام التحديات والأزمات المتسارعة، من وباء كوفيد-19 إلى حرب روسية في أوكرانيا، ومرورا بتضخم جامح وتغيرات مناخية تتفاقم، أصبح ذلك النظام العالمي الذي رسخته الاقتصادات الكبرى وقوى السوق الحر ومتغيرات الانفتاح على الشعوب والثقافات والحضارات والمجتمعات؛ أمام أزمة وجودية.

و أعلن رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورجه برنده أن القمة التي تجري في منتجع الألب السويسرية تنعقد هذه السنة "في ظل وضع جيوسياسي وجيو اقتصادي   الأكثر تعقيدا منذ عقود".  ورأى مؤسس المنتدى كلاوس شواب أن "أحد الأسباب الرئيسية لهذه  نقص في التعاون" ما يؤدي إلى اعتماد "سياسات قصيرة الأمد وأنانية" منددا بـ"حلقة مفرغة". وحمل هذا الوضع البعض على التساؤل حول مستقبل العولمة التي تشكل منذ نصف قرن محور فلسفة دافوس.

فيما يتوجه عشرات القادة إلى جبال الألب السويسرية هذا الأسبوع لبحث  التعاون في عالم غير مترابط ، أصبحت "مسلمات" هيمنت على النظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية محطَ شكوك. فقد فشلت التجارة الحرة في منع اندلاع حرب استنزاف طاحنة في أوروبا، ونجحت الصين في الصعود باقتصادها دون الالتزام بـ"قوانين العالم الحر"، بينما لم تتردد كبرى اقتصادات العالم في اعتماد سياسات حمائية وإغلاق حدودها لمواجهة تفشي جائحة  كورونا وردع موجات اللجوء.

ـ حجم التحديات:

يدرك المشاركون في الدورة الـ53 للمنتدى الاقتصادي العالمي حجم التحديات التي تواجههم، وإن كانت أبرز أولوياتهم تفادي فترة جديدة من الركود الاقتصادي تبدو شبه حتمية. وعشية انطلاق أعمال دافوس، خرج شواب عن تفاؤله المعتاد، وقال إن "أحد الأسباب الرئيسية للانقسام العالمي هو نقص التعاون" واعتماد "سياسات قصيرة الأمد وأنانية"، منددا بـ"حلقة مفرغة". بينما أقر رئيس دافوس بورغه برنده، أن المنتدى ينعقد هذه السنة في ظل وضع جيو - سياسي وجيو - اقتصادي الأكثر تعقيدا منذ عقود.

وقالت كارين هاريس الشريكة والخبيرة الاقتصادية في مكتب الاستشارات باين أند كومباني لوكالة فرانس برس إنه كان هناك في وقت ما "الأمل بالعودة إلى الوضع الاعتيادي السابق، وضع عالم معولم إلى حد ما وأعتقد أن ثمة إقرار بأن هذه الحقبة في طور الانتهاء" حتى لو أنه سيبقى منها نقاط تعاون  حول مجموعة أكثر انحسارا من المسائل".

ورأت أنه "حتى مسألة المناخ تتحول إلى معركة أكثر انعزالية ، مشيرة بهذا الصدد إلى "قانون الحد من التضخم" الذي ينص على مساعدات كبرى للشركات المتمركزة في الولايات المتحدة في قطاع السيارات الكهربائية والطاقات المتجددة، وضرائب الكربون على الحدود التي يجري اعتمادها في أوروبا. وبعد حوالى عام على بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، من المتوقع أن يحتل النزاع وانعكاساته على السياسات العالمية في مجالي الطاقة والدفاع، حيزاً كبيراً في مناقشات دافوس.

ومن المواضيع الأساسية المطروحة للبحث أيضا المناخ، إذ يسعى المنظمون لأن تساعد المباحثات في التمهيد للمفاوضات العالمية المقبلة في إطار مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب28) المقرر عقده في نهاية السنة في دولة الإمارات العربية المتحدة. في المقابل يعتزم ناشطون اغتنام الاجتماع لتذكير الدول الغنية ومجموعات الطاقة بضرورة تمويل انتقال الدول النامية في مجال الطاقة وتسديد التعويضات عن الكوارث الطبيعية المواكبة لتغير المناخ.

وستجري أبرز النشاطات في دافوس كما في كل سنة في الكواليس، إذ يغتنم رؤساء الشركات والمستثمرون والسياسيون وجودهم في المكان ذاته لإجراء مشاورات على هامش المؤتمر الرسمي. ورأى الصحافي الأمريكي بيتر جودمان الذي صدر له كتاب العام الماضي بعنوان "رجل دافوس: واعتبر أن أكبر إسهام يمكن أن يقدمه دافوس سيكون الدفع باتجاه إصلاح النظام الضريبي العالمي للحد من التباين الاجتماعي.

كما تأمل هاريس في دافوس بـ"محادثات صريحة" حول انعكاس تطور الاقتصاد العالمي ليس في الولايات المتحدة وأوروبا والصين فحسب بل كذلك "للأسواق الناشئة التي غالبا ما تكون الطرف الخاسر جراء التطورات الاقتصادية".

 

 

 



التعليقات