تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
22 يناير 2023 1:52 م
-
تعويم الجنيه 3 مرات في أقل من 12 شهرا، هل لا يزال يواجه ضغوطا مقابل الدولار

تعويم الجنيه 3 مرات في أقل من 12 شهرا، هل لا يزال يواجه ضغوطا مقابل الدولار

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

قد يتبادر الى الاذهان  انه بعد سلسلة التعويمات.. هل وصل الجنيه المصري إلى سعره العادل  حيث انه و رغم تعويم الجنيه   3 مرات في أقل من 12 شهرا، إلا أنه لا يزال يواجه ضغوطا مقابل الدولار الأمريكي، ما يعني أنه لم يصل لسعره العادل. 

ـ بـ 25% الجنيه مقوم بأقل من قيمته:

 قالت شركة "كولومبيا ثريدنيدل انفستمنتس" للاستثمارات ومقرها لندن، إن الجنيه المصري مقوم بالفعل بأقل من قيمته بنسبة 25%، عند قياسه بسعر الصرف الفعلي الحقيقي، وهو مقياس لتنافسية العملة مقابل الشركاء التجاريين.مضيفة الشركة أن الجنيه المصري قد ينخفض أكثر خلال الفترة المقبلة.

ـ 33 للدولار الواحد.. هل هو السعر العادل للجنيه المصري.؟

ويتوقع دويتشه بنك أن يضعف الجنيه المصري بنسبة تصل إلى 10% إلى 33 مقابل الدولار قبل أن يستقر.كما تضررت مصر بشدة من التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية في أوكرانيا في فبرايرالماضي، وهي واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، حتى ذلك الحين كانت وجهة رئيسية للأموال الساخنة المتقلبة بسبب مزيج من سعر العملة الثابت وأعلى معدلات الفائدة في العالم عند تعديلها لمراعاة للتضخم.

على الرغم من ذلك، بدأت الحكومة مؤخرا في التشكيك في اعتماد الدولة على هذا النوع من التدفقات، ومع تفاقم الأزمة العام الماضي اعتمد البنك المركزي المصري نظام سعر الصرف "المرن بشكل دائم" منذ 27 أكتوبر 2022.

وتبع ذلك سلسلة من عمليات تخفيض سعر العملة، مما ساعد مصر في الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، هذا إضافة لتعهد الحلفاء الخليجيين أيضا بتقديم أكثر من 20 مليار دولار من الودائع والاستثمارات للمساعدة على استقرار الأوضاع.

كانت آخر مرة لجأت فيها مصر لأسواق السندات الدولية في مارس  2022، عندما أصدرت أوراقا مالية مقومة بالين، وكانت آخر صفقة ديون بالدولار في سبتمبر  2021. تمتلك البلاد 39 مليار دولار من سندات اليوروبوند المستحقة، وفقا لبيانات جمعتها وكالة "بلومبرغ" للأنباء.

ومع بلوغ معدل التضخم مستوى 21.9% في ديسمبر 2022 وهو الأعلى منذ 2017، قد يضطر البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي، وفقا لماثيو فوجل، مدير المحافظ ورئيس أبحاث الأدوات السيادية في "FIM Partners".

وقال: "مع ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 30% في الأشهر المقبلة وعدم وجود نقطة ارتكاز في سوق العملات بالنظر إلى التغيير في النظام، ما زلنا نعتقد أن البنك المركزي المصري يجب أن يظهر المزيد من التشديد".

ـ تقلص الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه والدولار :

في غضون ذلك، تقلصت الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه والسعر في السوق السوداء، والتي ظهرت في الوقت الذي كافح فيه المصريون للعثور على الدولار عبر القنوات الرسمية. كما أن تكدس البضائع في الموانئ، والذي عزز الطلب على الدولار، آخذ في التحسن.

وتعمل مصر على تحرير سعر الصرف أمام الدولار على قفزات بهدف الوصول لتعويم كامل للعملة كما تعهدت بذلك لصندوق النقد الدولي بموجب اتفاق تمويل بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أكتوبر 2022.

وبحسب موقع "دويتشه فيله"، فإن آلية التحول إلى سعر صرف مرن كشفت عن "القوة الحقيقية للجنيه"، فكلما زاد الطلب على العملة، كلما زاد سعرها وهذا ما يحدث اليوم مع تحركات الجنيه أمام الدولار الأمريكي بموجب أن هناك طلبا على العملة الأجنبية فإنه يرتفع سعرها وبما أن معظم اقتصاد الدولة المصرية قائم على الاستيراد وبالتالي يرتفع الطلب على الدولار ما يعني أن سعر الصرف يكون في صالح العملة الأجنبية وفي هذه الحالة الدولار.

ـ أولوية التمكين الاقتصادي وتعزيز آفاق الاستثمار:

وحتى يصب تخفيض قيمة الجنيه في صالح الاقتصاد المصري يتعين على الحكومة القيام بتوسعات اقتصادية في عملية الإنتاج والتصدير والتصنيع وتحقيق استفادة قصوى من الموارد التي تمتلكها لتعزيز التمكين الاقتصادي وفتح آفاق للاستثمار وتحسين قدرتها في الاعتماد على نفسها في الإنتاج والتصنيع وتعميق المنتج المحلي وتقليل فاتورة الاستيراد قدر الإمكان.

وتعاني مصر نقصا في العملة الأجنبية منذ أن أضرت الحرب في أوكرانيا بعائدات السياحة وفاقمت كلفة استيراد السلع الأساسية ودفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من الاقتصاد.

وقد فقد الجنيه المصري نحو 33% من قيمته منذ أواخر أكتوبر 2022، عندما أعلنت مصر أنها ستنتهج سياسة مرونة أسعار الصرف، في خطوة ساعدتها على الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

وأصيبت السوق الموازية للعملة في مصر بالشلل خلال الأيام القليلة الماضية وحتى الآن بالتزامن مع حملات مكثفة للشرطة على تجار العملة والقبض على بعضهم، ومع سماح البنك المركزي المصري للعملة المحلية بالتحرك مجددا.

وكانت السوق الموازية للعملة ازدهرت في مصر خلال النصف الثاني من 2022 وسط شح شديد في السيولة الدولارية بالبنوك المحلية، وخروج أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة الأجنبية المستثمرة بأدوات الدين، قبل العودة مجددا على نحو طفيف خلال الأيام القليلة الماضية.

ـ اعتماد الجنيه المصري ضمن قائمة العملات الأجنبية مقابل الروبل:

الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو لا تهدأ أبدا، الجولة الجديدة في أرض محايدة أبطالها الروبل والدولار وسط عقوبات ضد روسيا بفعل الحرب.

إذ أعلن البنك المركزي الروسي، في الثامن عشر من شهر يناير الحالي، رسميا اعتماد الجنيه المصري ضمن قائمة العملات الأجنبية التي يحدد سعرها رسميا مقابل الروبل. ضمت قائمة العملات التي اعتمدها البنك المركزي الروسي ضمن العملات الرئيسية التي سيحدد أسعارها مقابل الروبل الروسي 7 عملات أخرى بجانب الجنيه المصري والروبل الروسي، منها الدونج الفيتنامي والدينار الصربي والدولار النيوزيلندي واللاري الجورجي والريال القطري.

ووفقا لوكالة تاس الروسية فإن القرار بدأ تنفيذه من 18 يناير الحالي ، وبلغ سعر الروبل الروسي مقابل الجنيه المصري، نحو 43 قرشا.

وعلق اقتصاديون على قرار البنك المركزي الروسي بشأن اعتماد الجنيه المصري ضمن قائمة العملات الرئيسية لديه، قائلين إنه يساهم في زيادة التبادل التجاري بين البلدين. كما ان إدراج الجنيه المصري على قائمة العملات الرئيسية لدى البنك المركزي الروسي مهم من ناحية مساعدة التبادل التجاري بين البلدين، حيث يأتي في إطار اتجاه الدولة لتخفيف الطلب على الدولار.والهدف من القرار تحديد سعر الجنيه المصري مقابل الروبل الروسي، ما يؤدي إلى عدم الحاجة إلى التحويل إلى دولار في تسوية المعاملات التجارية بين البلدين.

كما أن مصر تعتمد على استيراد جانب كبير من الاحتياجات من روسيا، على رأسها القمح، حيث أن اعتماد الجنيه المصري لدى روسيا يسهل عملية التبادل التجاري بين البلدين دون الحاجة إلى الدولار.

هذا و أن تسوية المعاملات التجارية قبل اعتماد البنك المركزي الروسي للجنيه المصري كان يتم عبر تحويل الجنيه إلى دولار، ومن ثم إتمام العمليات، لكن مع القرار سيكون الأمر أسهل ويخفف الطلب على الدولار محليا من قبل المستوردين المتعاملين مع روسيا.

يأتي ذلك في وقت تدرس مصر فيه منذ سبتمبر الماضي الانضمام للتحالف العالمي "بريكس" الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ما يؤدي إلى تسهيل عمليات التجارة وتدفقات الاستثمار وتوفير العملة الصعبة، مع هذه الكتلة الاقتصادية. وتدعم هذه الخطوة عمليات الاستيراد بالعملات المحلية للدول الأعضاء بدلا من الدولار، خاصة أن التكتل يشكل النسبة الأكبر من استيراد مصر من البضائع بإجمالي 20 مليار دولار سنويا.

ـ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا :

ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر فإن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا وصل إلى 2.1 مليار دولار في النصف الأول من 2022، مقابل 2.1 مليار دولار نفس الفترة من عام 2021، التي جاءت في وقت أزمة كورونا وتوقف الإمدادات وصولا إلى الحرب الروسية الأوكرانية.

وبلغت قيمة الصادرات المصرية لروسيا نحو 417 مليون دولار خلال النصف الأول من 2022، في حين بلغت قيمة الواردات المصرية من روسيا نحو 1.7 مليار دولار. وتصدر مصر فواكه وأثمارا قشرية وخضراوات ونباتات وبذورا وآلات ومعدات كهربائية إلى روسيا، فيما تستورد الحبوب على رأسها القمح الروسي، وحديد صلب وخشبا ومصنوعاته.

ـ قطاع السياحة أحد المستفيدين :

وفق بيان حكومي فإن البنك المركزي المصري يدرس منذ فترة بالتنسيق مع وزارة المالية بدائل تيسير العمليات الاقتصادية مع روسيا، في ظل الأزمة العالمية لتخفيف الضغوط على الاقتصاد المصري، من بينها استخدام الروبل الروسي في التعاملات بين البلدين بما يسهل حركة السياحة بشكل خاص.

وقال حسام هزاع، عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، إن استخدام الروبل الروسي في قطاع السياحة في مصر يساعده بشكل كبير، خلافا لمردوده الاقتصادي على البلدين من ناحية التبادل التجاري والسياحي.

مضيفا  أن قرار البنك المركزي الروسي بمثابة اعتماد الجنيه المصري ضمن سلة العملات التي تتمكن الدولة من الحصول عليه بسهولة وتداوله، ومن ثم من المتوقع أن يتخذ البنك المركزي المصري قرارا شبيها خلال الفترة المقبلة، لتحديد آليات الاعتماد والتحويل. 

وفي نهاية العام الماضي 2022  قالت نورا علي رئيسة لجنة السياحة بمجلس النواب المصري إن السياح الروس قد يتمكنون قريبا من دفع ثمن تذاكر زياراتهم لأهرامات الجيزة، والتنزه في مصر بعملتهم المحلية "الروبل".

وتمثل السياحة الروسية ثاني أكبر الوجهات السياحية لمصر، حيث زارها نحو 429 ألف روسي خلال النصف الأول من عام 2022.

ـ ضربة للدولار وترحيب مصري واسع:

وعلقت الاوساط الاعلامية على القرار بانه تطور مهم جدا يسهل إجراء تسويات وتعاملات البلدين بالعملة الوطنية، ما يعني تمكن مصر من الحصول على القمح الروسي بالجنيه المصري. كما أن القرار ضربة كبيرة للدولار، ويخفف الضغط على طلب الدولار، مشيرا إلى أن هناك 6 دول أفريقية اعتمدت في التعاملات النقدية مع روسيا على العملات الوطنية بعيدا عن الدولار.

 



التعليقات