أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
6 فبراير 2023 3:16 م
-
الدور الذي سيلعبه السائح الصيني في خريطة السياحة الدولية في 2023

الدور الذي سيلعبه السائح الصيني في خريطة السياحة الدولية في 2023

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

هناك مجموعة متنوعة من العوامل ستترك بصماتها على السوق السياحية الدولية في 2023، وحسب بعض من الخبراء من استطلعت اراءهم في المجال السياحي من اجل رسم صورة تقريبية مستقبلية ننطلق منها من توقعات واقعية لهذا المجال الحيوي العالمي  في صورة المحتملة حيث 

ألكس دين الرئيس التنفيذي السابق في منظمة السياحة العالمية يبدو متفائلا بشأن المسار العام للساحة الدولية هذا العام دون أن يستبعد إمكانية حدوث بعض الاضطرابات. ويؤكدأنه خلال العام الماضي 2022 ارتفع إنفاق السياحة الوافدة أي من الزائرين العابرين للقارات والأقاليم 112 5 مقارنة بعام 2021، وذلك على الرغم من التضخم الذي ضرب الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من 2022، ويظهر إنفاق السائحين لكل رحلة زيادة 13 % بأسعار 2022، بمتوسط يبلغ 1331 دولارا لكل سائح في جميع أنحاء العالم.

هذا وحول 2023، يتوقع الباحث ألكس دين أن يتجاوز إجمالي الإنفاق السياحي 1.4 تريليون دولار على المستوى الدولي، مع ارتفاع في عدد السياح الوافدين على الصعيد العالمي  قد يصل الى 30 %

ويقول ان التراجع الاقتصادي والعقوبات المفروضة على روسيا من العوامل التي ستؤثر في الصناعة، حيث من المرجح أن تكافح الفنادق والمطاعم والمطارات للتعامل مع نقص العمالة ومتطلبات الأجور وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، لكن شركات الطيران الدولية ستحقق أرباحا ملحوظة هذا العام مستفيدة من زيادة أعداد المسافرين، وذلك بعد عامين من الخسائر المتتالية، إذ توقع  سابقا اتحاد النقل الجوي الدولي أن تعاني شركات الطيران مجتمعة صافي خسائر يبلغ 9.7 مليار دولار أمريكي في 2022، مقابل 180 مليار دولار أمريكي في 2020-2021.

من جهتها، تشير الدكتورة أورلا ليو أستاذة الاقتصاد الدولي في جامعة بريستول إلى أن أغلب التقديرات ترجح أن يبلغ عدد السياح الوافدين على مستوى العالم نحو 1.6 مليار سائح، وهذا العدد أقل من نظيره 2019 أي قبل جائحة كورونا، الذي بلغ 1.8 مليار سائح. وتقول "إن المسار السياحي سيختلف بالطبع من منطقة لأخرى، وتشير تقارير دولية إلى أن بعض أجزاء منطقة الشرق الأوسط ستشهد انتعاشا سياحيا واضحا، وتحديدا السعودية التي بات لديها بنية تحتية مادية وثقافية جاذبة للسياحة. وبصفة عامة، شهد الشرق الأوسط انتعاشا سياحيا قويا للغاية في 2022، إذ ارتفع عدد السائحين الوافدين 287 % على أساس سنوي في الفترة من شهر يناير إلى شهريوليو 2022، ما جعلهم يقتربون من مستوى 2019".

وتضيف "أما السعودية التي شهدت استئنافا لموسم الحج، فإن لديها خططا كبيرة خاصة لقطاع السياحة في إطار رؤية المملكة 2030، ويشمل ذلك تنمية منطقة البحر الأحمر وتشييد عدد من الفنادق الدولية في جزر مختلفة، بينما الأمر سيختلف بالنسبة لأوروبا الشرقية التي لن تعود إلى المستويات السابقة لجائحة كورونا حتى 2025 بسبب تأثير الحرب الأوكرانية". مع هذا، يرى البعض أن العامل الأكثر تأثيرا في مسار السياحة الدولية هذا العام ستكون الصين وعودة السائحين الصينيين إلى مسرح السياحة العالمية.

ـ الصين أهم مصدر للمسافرين الدوليين في العالم:

لورين فيليب الرئيس التنفيذي السابق في مؤسسة "زوروا بريطانيا" تشير إلى أنه في الأعوام التي سبقت كوفيد كانت الصين أهم مصدر للمسافرين الدوليين في العالم، حيث أنفق السائحون الصينيون البالغ عددهم 155 مليون سائح أكثر من 250 مليار دولار خارج حدودهم في 2019، إلا أن هذا السخاء انخفض بشكل كبير في الأعوام التالية بسبب إغلاق البلاد لحدودها، والآن مع فتح الصين لحدودها مجددا والتخلي عن سياسية صفر كوفيد، فإن ملايين السائحين الصينيين يستعدون لجولات سياحية خارجية، ومعهم ينتعش الأمل باسترداد السياحة الدولية عافيتها المفقودة مرة أخرى.

وتؤكد أن أفضل الوجهات السياحية بالنسبة للصينيين تقع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتحديدا أستراليا وتايلند واليابان وهونج كونج كما صنفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضمن أفضل مناطق الجذب السياحي بالنسبة للصينيين.

وتبرر لورين فيليب هذا الانتعاش الصيني في مجال السياحة بالقول "ارتفعت حجوزات السفر خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، التي تقع بين 21 -27 يناير 540 % نتيجة تراكم الودائع المصرفية لدى الأسر الصينية في الأعوام الماضية بسبب عمليات الإغلاق المتكررة، ما يوجد لديهم ما يمكن أن نسميه الإنفاق الانتقامي".

وتضيف "القطاع السياحي في أوروبا يعرف أهمية السائح الصيني، ولذلك نجد حاليا صراعا بين المسؤولين عن شركات الطيران والمطارات وشركات السياحة وكبريات الفنادق التي تقف متحدة في مواجهة السياسيين والمسؤولين عن القطاع الصحي في الاتحاد الأوروبي الذين يوصون بإجراء فحوص طبية للسائح الصيني قبل أن تطأ قدمه الأراضي الأوروبية للتأكد من عدم إصابته بكوفيد".

لكن الدور الذي سيلعبه السائح الصيني في خريطة السياحة الدولية هذا العام، لا يتناقض من وجهة نظر تيدي فينلي الخبير في مجال السياحة البيئية من أن التغييرات المناخية قد تكون لها انعكاسات سلبية على حجم الانتعاش السياحي.

ويقول :"إن تغير المناخ بدأ في التأثير في بعض من الوجهات السياحية الرئيسة. فمنتجعات شهيرة للتزلج على الجليد تفتقر إلى الثلوج والمنتجعات الصيفية تأثرت بالجفاف وحرائق الغابات، وفي 2023 ستكون تلك التأثيرات أكثر وضوحا إذا استمرت الأحداث المتعلقة بالطقس في التفاقم".

ويفيد تيدي فينلي بأن السياحة تتسبب فيما يراوح بين 5-8 % من غازات الاحتباس الحراري، وقد يؤدي زيادة وعي المسافرين بالعواقب البيئية للسياحة إلى تغيير أنماطهم ووجهاتهم السياحية، ويشير في هذا السياق إلى دراسة لبنك الاستثمار الأوروبي تفيد بأن 37 % من الصينيين و22 % من الأوروبيين وذات النسبة من الأمريكيين أعربوا عن مخاوفهم بالسفر بالطيران نتيجة التغيير المناخي، لكنهم في الوقت ذاته أبدوا استعدادا لدفع أسعار أعلى للحصول على مزيد من الخيارات الصديقة للبيئة في جولتهم السياحية.

لكن مع الحديث عن استمرار الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ومواصلة التضخم في ضرب مفاصل الاقتصاد العالمي على نطاق واسع، فإن احتمال حدوث ركود اقتصادي يظل مبعث قلق بالنسبة لكثير من الخبراء خصوصا في الولايات المتحدة وأوروبا، ولاشك أن الركود إن حدث، سيترك بصماته على قطاع السياحة العالمية، لكن النظر إلى تلك البصمات وتقييمها يختلف من خبير إلى آخر، إذ يرى البعض أن الرغبة في السفر والتجوال والخروج من شرنقة كوفيد ستكون أقوى من مخاطر عدم اليقين الاقتصادي، خاصة أن "الحجر المنزلي" خلال جائحة كوفيد سمح بتراكم المدخرات التي يمكن استخدامها في الوقت الراهن بغض النظر عن الوضع الاقتصادي.

ـ اثار الركود الاقتصادي على السياحة:

مع هذا يعتقد الدكتور ماكس إلبي أستاذ التجارة الدولية أن الركود الاقتصاد - إن حدث - سيكون له انعكاسات متعددة على مسار السياحة الدولية. و يعلق قائلا: "إذا صاحب الركود ارتفاعا ملحوظا في قيمة الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الدولية الأخرى فيمكن أن نشاهد زيادة كبيرة في عدد السائحين الوافدين من الولايات المتحدة والدول التي ترتبط عملتها الوطنية بالدولار مثل منطقة الخليج، وحتى إذا لم يعوض ذلك التراجع في العدد الإجمالي للسائحين على المستوى العالمي، فإن القدرة الإنفاقية لتلك المجموعة من السائحين تعني أن العائد الدولي من النشاط السياحي سيكون مرتفعا حتى مع انخفاض أعداد السائحين الوافدين".

لكن الدكتور إلبي يرى أن الاحتمال الأكثر واقعية أن يؤدي الركود الاقتصادي إلى تنقيح السائحين لخطط السفر بحيث لا تتقلص أعداد السائحين الوافدين بقدر ما يتعلق الأمر بإعادة اختيار الوجهات الأكثر ملاءمة للميزانية، على أن يبحث السائح عن وجهات ذات قيمة جيدة لقدراته المالية المحدودة، وأن يتكيف مع موضوع الركود بتقصير مدة الرحلة أو اختيار وجهات أرخص والاعتماد على مزيد من منصات المقارنة السعرية، أو تغير أوقات السفر إلى الأوقات التي لا تدخل ضمن أوقات الذروة.

 

 

 

 



التعليقات