أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
19 فبراير 2023 11:28 ص
-
الألواح الشمسية رغم أهمية تصنيعها محليا غير قادرة على حل أزمة الطاقة الأمريكية

الألواح الشمسية رغم أهمية  تصنيعها محليا غير قادرة على حل أزمة الطاقة الأمريكية

اعداد ـ فاطيمة طيبي

اول من عرف  صناعة الخلايا الشمسية الكهروضوئية المصنوعة من السيليكون، التي تعرف باسم الألواح الشمسية، الولايات المتحدة الأمريكية،  ففي خمسينيات القرن الماضي، تحديدا في عام 1954 اكتشف ثلاثة مهندسين أمريكيين في مختبرات بيل، أن الإلكترونات تتدفق بحرية عبر السيليكون عندما يتعرض لأشعة الشمس.

ـ ازمة طاقة مبكرة :

في السبعينيات، تحديدا في عام 1974 عانت الولايات المتحدة من أزمة طاقة، دفع  وقتها بالكونجرس الأمريكي الى اصدار  قانون  يخص البحث والتطوير في مجال الطاقة الشمسية ، والتزمت حينها  الحكومة الفيدرالية أكثر بجعل الطاقة الشمسية جزءا من استهلاك المواطن على ان تقدم له باسعار معقولة .

 الا انه و تحديدا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، سيطرت الشركات الأمريكية على سوق الطاقة الشمسية العالمية، وسجلت معظم براءات الاختراع بأسماء علماء من الولايات المتحدة،  جعلت هذه الشركات الأمريكية تستحوذ على 95 % من سوق الطاقة الشمسية العالمية. مع  أواخر عام 1978

هذا الوضع لم يستمر طويلا، إذ بدأت الحصة الأمريكية في الأسواق تتراجع بشكل ملفت ، والدولة التي أنتجت في يوم من الأيام جميع الألواح الشمسية في العالم تقريبا، تشهد انهيارا في حصتها، بانتاجها 32% فقط من الالواح عالميا مع سنة 1990 .

وبحلول عام 2005 وصلت حصتها الى 9 % فقط، لتتراجع اليوم بشكل ملحوظ  حيث وصل  إجمالي الخلايا الشمسية المنتجة عالميا أقل من 1%. باختصار، لم تعد الألواح الشمسية رغم أهميتها  قادرة على حل أزمة الطاقة الأمريكية رغم تصنيعها محليا . ، انتشار سوق الطاقة الشمسية خاصة مع بداية ، الثمانينيات، عرفت هذه  الصناعة الاستراتيجية  طريقها إلى اليابان ثم الصين فيما بعد، لينتهي الامر على  مصنع واحد فقط من أكبر عشرة مصانع لتصنيع الخلايا الشمسية في العالم مقره الولايات المتحدة.

ـ الفكر العملي سيد التفوق:

استفادت اليابان من التراجع الأمريكي، وفي ثمانينيات القرن الماضي، اشترت الشركات اليابانية والألمانية والتايوانية براءات الاختراع وبعض الشركات الأمريكية، وفي وقت لم يكن  لليابان   صناعة الألواح الشمسية في عام 1980، الا انها و بعد نحو ربع قرن من هذا التاريخ أي في عام 2005 كانت تنتج بمفردها ما يقرب من نصف الألواح الشمسية في العالم.

وهنا يرى الدكتور روبنسون ماير أستاذ اقتصادات الطاقة البديلة في جامعة لندن، أن أسباب التفوق الياباني على الولايات المتحدة تعود إلى أن اليابان كانت أكثر عملية من الولايات المتحدة.

وقال ماير "إن النظام الأمريكي في الثمانينيات حتى اليوم مصمم للأبحاث بدون تطبيق واضح وفوري، وكانت معظم شركات الطاقة الشمسية الأمريكية في الثمانينيات تستعد للأسواق الضخمة المتوقعة في المستقبل، مثل أسطح المنازل السكنية ومزارع الطاقة الشمسية، وهذا يتطلب ألواحا شمسية أرخص وأكثر كفاءة، مما كان عليه الوضع في العقد الثامن من القرن الماضي".

وأشار إلى أن "اليابانيين كانوا عمليين، فأوجدوا أول تطبيق تجاري رئيس للألواح الشمسية، ووضعوها داخل الآلات الحاسبة وساعات اليد وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، ونظرا لأن هذه الأجهزة لم تكن تتطلب كثيرا من الكهرباء، فقد تم توفيرها جيدا بواسطة الألواح الشمسية التي كانت متاحة في هذا الوقت".وأضاف ماير، أن "الصينيين أخذوا هذا المنطق العملي من اليابانيين وتوسعوا فيه، وباتوا الآن مسيطرين على سوق صناعة الألواح الشمسية".

بعد مرور كل تلك الأعوام تبدو صناعة الألواح الشمسية في الولايات المتحدة في حالة من التشكك حول مستقبلها، فقد وجد تقرير صادر عن جمعية صناعات الطاقة الشمسية الأمريكية أن 83 % من الشركات الأمريكية التي شملها الاستطلاع التي تستخدم أو تشتري الألواح الشمسية، تتوقع تأخيرا في عمليات التسليم أو إلغاء، والسبب يعود إلى اعتماد الولايات المتحدة على الآخرين في تلك الصناعة.

من جانبها، ذكرت أمبر تيم الباحثة في مجال الطاقة النظيفة، أن "المخاوف الأمريكية ظهرت في مارس الماضي 2022 ، عندما فتحت وزارة التجارة الأمريكية تحقيقا لتحديد إذا ما كانت أربع دول هي كمبوديا وماليزيا وتايلاند وفيتنام تقوم بتزويد الولايات المتحدة بألواح شمسية تستخدم مكونات مصنوعة في الصين، ومن ثم يجب أن تخضع للتعريفات الجمركية، وإذا تأكدت السلطات الأمريكية من ذلك فإن الألواح الشمسية التي تبيعها الدول الأربع في الولايات المتحدة، قد تخضع لرسوم جمركية بأثر رجعي، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الألواح الشمسية في الأسواق الأمريكية، ويثير مخاوف الشركات التي تستخدم أو تشتري تلك الألواح بأن الصفقات التي عقدتها سيتأخر تسليمها أو تلغى".

ـ ارتفاع نمو استخدام الطاقة الشمسية:

في العقد الماضي وحده، شهد استخدام الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة معدل نمو سنوي بلغ 33 % بفضل السياسات الفيدرالية القوية الداعمة لإحلال الطاقة الشمسية محل أنواع الوقود التقليدي، إذ منح مستخدمو الطاقة الشمسية امتيازات في الائتمان الضريبي لتعزيز الاستثمار في هذا المجال، وساعد انخفاض التكاليف بمعدلات سريعة، على توسيع نطاق الاستخدام، خاصة مع تراجع تكلفة تركيب الألواح الشمسية بأكثر من 60 %، ومع زيادة الطلب على الكهرباء النظيفة في القطاعين الخاص والعام، توسع استخدام الطاقة الشمسية جراء نشر آلاف الأنظمة في مختلف الولايات الأمريكية.

وفي العام الماضي 2022 ، قدرت جمعية صناعات الطاقة الشمسية وجود أكثر من 255 ألف أمريكي يعملون في مجال الطاقة الشمسية في أكثر من عشرة آلاف شركة في كل ولاية أمريكية، بينما ولدت الصناعة ما يقرب من 33 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة في الاقتصاد الأمريكي، فإن الأرقام تشير إلى أن حجم سوق صناعة الطاقة الشمسية في أمريكا مقدرا بالإيرادات سيبلغ هذا العام نحو 17 مليار دولار، بينما يرجح أن يزداد حجم السوق بنسبة تزيد قليلا على 27 % في 2023 أيضا.

بدوره، أوضح المهندس مارك راب الخبير في مجال الطاقة، أنه "يتم استيراد 80 % من جميع الألواح الشمسية المثبتة في الولايات المتحدة من أربع دول هي كمبوديا وماليزيا وتايلاند وفيتنام، هذا الاعتماد على الدول الأخرى يجعل الولايات المتحدة عرضة لاضطراب سلاسل التوريد لمنتج رئيسي، ولذلك فالولايات المتحدة عليها تطوير قدرتها التصنيعية لإنتاج ألواح ومكونات الطاقة الشمسية، ويمكنها القيام بذلك من خلال توفير حوافز مالية للمصنعين للمساعدة على تعويض تكاليف الإنتاج المحلي المرتفعة، التي تقدر بين 30 إلى 40 % أكثر من الواردات".

وبالفعل، فعلى مدى العام ونصف الماضي، أدت قيود الشحن وغيرها من الصعوبات التي انعكست سلبا على سلاسل التوريد نتيجة جائحة كورونا وعدم الاستقرار التجاري، إلى زيادة الأسعار في صناعة الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ارتفاع الأسعار خاصة في مجال تركيب الألواح الشمسية، انخفضت توقعات التركيب هذا العام بمقدار النصف مقارنة بعام 2021.

وجعلت تطورات الأعوام الأخيرة صانعي السياسة في الولايات المتحدة حريصين على القيام بشيء ما حتى تستعيد الولايات المتحدة موقعها المركزي في صناعة الألواح الشمسية، إذ أقرت أغلبية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون يهدف إلى الحفاظ على القدرة التنافسية التكنولوجية الأمريكية ضد الصين، وطلب الرئيس الأمريكي من الكونجرس الإذن بـ35 مليار دولار للبحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة، وهو ما عده البعض مبلغا لا يكفي لتستعيد الولايات المتحدة موقعها الريادي السابق في مجال صناعة الألواح الشمسية، فالمبلغ الذي طلبه الرئيس الأمريكي يساوي ما ينفقه الأمريكيون على طعام الحيوانات الأليفة في العام.

 

 

 

 

 



التعليقات