مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
12 أبريل 2023 4:00 م
-
الجنيه المصري يغزو العالم

الجنيه المصري يغزو العالم

 مقال

الجنيه المصري يغزو العالم

 

 بقلم ـ  الدكتور خالد الشافعي

تتغيرالانظمة الاقتصادية كل مائة عام حينما تعجز هذه الانظمة عن مواكبة التطورالسريع  للعالم ، تلعب فيه التكتلات الاقتصادية بشكلها الحديث المحرك المحوري للتطور بصياغة تعديلية  لقوانين تمسح كل اشكال التبعية الاقتصدية ، وهذا ما حدث مع فكرة التحرر من سطوة الدولار.

انها بالفعل بداية النهاية كما عبر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي حينما قال قريبا.. أزمة الدولار في مصر ستصبح تاريخا، وكما صرح به ايضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن عملة الولايات المتحدة والعملات الغربية الأخرى ستفقد حتما مكانتها الرائدة في التعاملات المالية الدولية ، ودونالد ترامب الرئيس الاسبق للولايات المتحدة في اشارته الى ان العالم يعيش عصر نهاية الدولار.

هذه التصريحات مجتمعة تجعلني امام استنتاج يقيني باننا على اعتاب نظام اقتصادي دولي جديد ، وان العالم  بدأ رحلة عدم الاعتماده على الدولار باعتباره عملة اصبحت غير مضمونة.

هذه تؤكدها مجموعة من الدلائل الثابتة أولها  قرار البنك المركزي الروسي في  إدارج مجموعة من العملات من بينها الجنيه المصري، على نشرته لأسعار الصرف اليومية.

 النقطة الثانية ان هذه اعتبرها بداية النهاية للدولار والهيمنة الدولارية على الدول العربية من ناحية والعالم من ناحية اخرى، لتجد مخرجا لمشكلات اعتادتها الكثير من الدول في ربط عملاتها بالدولار فقط ، اهم هذه المشكلات من وجهة نظري ارتفاع سقف الدين من ناحية وتراجع اي عملة وطنية مع ارتفاع الاسعار وارتفاع التضخم من ناحية اخرى.. وبهذا اجد ان قرار المركزي الروسي جاء حماية منه  للاستدراج هذه الدول في ازمات ومشاكل اقتصادية العالم في غنى عنها .

هناك من المتفائلين ومتابعي تطورات الاحداث يرون ان طوق النجاة على يدي البريكس.. للقضاء على ما يسمى بعملة الكوكب فالمجهود الجماعي اجده الاسرع  دائما من الفردي او مجهود عملة واحدة . و لن تتحقق بالبريكس منفردا بل لابد من تضافر جهود عالمية مكثفة امام سلة من العملات الاخرى المحلية . وما اراه بالبعيد..

من نتائج هذه الجهود بداية ان الايوان الصيني يطيح بالدولار في روسيا ويصبح الاكثر تداولا  الآن ، الامر الاخر ان الخليج  العربي يدرس امكانية الابتعاد عن الدولار للتعامل في البضائع الغير نفطية ، اضف اليه ان البرازيل والارجنتين تعتزمان التحضير لتبني عملة موحدة ايضا.

هذه كلها وقائع تفسر ان العالم يعيش عصر نهاية الدولار  والمفاجاة انه بعد روسيا ،الصين والهند تعتمدان الجنيه المصري في قائمتها للعملات القابلة للتصريف .

و هنا تظهر قوة وأهمية هذه الخطوة حينما تعلم أن حجم التبادل التجاري بين مصر والصين ـ  بلغ 13 مليار دولار، بجانب الاستثمارات الصينية في مصر والتي بلغت مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 2 مليار دولار خلال الفترة القادمة.

ارى ان التعامل مع العملات المحلية يغير بالفعل من سير الانشطة الاقتصادية خاصة ارتفاع حجم الاستثمارات  والتجارة البينية  مع وجود حلول سريعة لمشكلة البضائع المكدسة في الموانئ، والنتيجة ان هذه الدول لا تقع فريسة لازمة الندرة في السلع الاستراتيجية .

 واتباعا  لهيستيريا رفع الفائدة لادارة جو بايدن الادارة التي تسير وفق معطيات خاطئة لصالح فئة قليلة من ذوي رؤوس الاموال ، بحجة  تراجع التضخم.نتجت عنها  ان المواطنين  الامريكيين سحبوا ما يقرب من 499 مليار دولار من حساباتهم المصرفية في أقل من شهر. وهذا ما اكده بالفعل التقرير الصادر عن المجلس الاحتياطي الفيدرالي في الفترة من 1 إلى 29 مارس مشيرا إلى أن  هذا الرقم الأكبر منذ عام 1973.

ومن منظوري الخاص، اجد ان السياسة الحالية للدول الغربية تسببت في فقدان الدولار الأمريكي واليورو لعالميتهما في المدفوعات الدولية، وهذا الذي دفع بموسكوعلى وقف التسويات بالدولار والعملات الغربية الأخرى. كما ارى 2022  كانت سنة اكثر قلقا بالنسبة  لكل دول العالم والسبب ان امريكا قررت بيع معاونيها  على حساب  الدولار.

 هيستيريا رفع الفائدة وسحب الاموال السائلة من دول العالم تولدت عنها  حرب روسيا والصين على الدولار والتي ارى ضبابية واضحة في الافق للسياسة الامريكية وانها بالفعل  بداية لكسر الهيمنة الامريكية  التي عانت  منها شعوبا كثيرة من سياستها الاستعمارية الاستغلالية  .

من الجانب الاخر .. خفضت  وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها للنظام المصرفي الأمريكي إلى نظرة "سلبية" من مستقرة مشيرة إلى بيئة التشغيل سريعة التدهور. وأوضحت الوكالة أنها اتخذت هذا القرار في ضوء سقوط ثلاثة بنوك، مما دفع المنظمين للتدخل بخطة لإنقاذ المودعين وغيرهم من المؤسسات التي تأثرت من الأزمة.

رغم  اعلان الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية ومؤسسة التأمين الفدرالية عن  عدد من الإجراءات لدعم المودعين  مما جعل  الوكالة  تعدل عن التقرير الصادر لتوقعاتها للنظام المصرفي  والذي فسرته ان في تخفيضاتها نوعا من  الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها لدعم القطاع.

  لكن  متى نقول ان الدولار قد انتهى فعلا ؟

من الممكن ان نتوقع  انه بعد السعودیة.. الإمارات تدرس إمکانیة الابتعاد عن الدولار   في  إمكانية التعامل مع الهند في السلع غير النفطية بالروبية الهندية الهدف من القرار إلى تجربة الابتعاد تدريجيا عن الدولار. ويرى البعض في هذه الخطوة تمهيدا لمرحلة ما بعد الدولار، وقد يكون الهدف الحقيقي منها التحول لاستخدام اليوان الصيني.

افسر ذلك حينما وقعت الإمارات مع الهند في العام الماضي اتفاقية التجارة الحرة شملت عددا كبيرا من السلع، وتعد الهند إلى جانب الصين من بين أكبر الشركاء التجاريين لمنتجي النفط والغاز في دول الخليج العربي ، الذين ترتبط معظم عملاتهم بالدولار الأمريكي.

وتهدف اتفاقية التجارة بين الإمارات والهند إلى زيادة التجارة غير النفطية بين البلدين إلى 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

  اود ان اشير في الاخير أن التعامل بالروبية الهندية أو اليوان الصيني بات أمرا ممكنا في ظل تزايد تعاملات الإمارات مع هذين البلدين، وهو خيار مطروح أمام دول أخرى بما في ذلك مصر و السعودية  التي لم يخف بعض مسؤوليها في تصريحات سابقة التفكير في إرساء جزء من تعاملاتهم بالعملة الصينية بالرغم من الضغوط التي يمكن أن تمارس على تلك الدول.

 

 



التعليقات