أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
9 مايو 2023 3:11 م
-
الهيدروجين الأخضر.. رهان المستقبل كمصدر مهم للطاقة

الهيدروجين الأخضر.. رهان  المستقبل كمصدر مهم للطاقة

اعداد ـ فاطيمة طيبي 

يمثل برنامج مراكز الهيدروجين النظيفة الإقليمية (H2Hubs) حجر الزاوية لجهود بناء البنية التحتية لمشروعات الهيدروجين النظيف وتهيئتها في الولايات المتحدة خاصة ، مع إقرار قانون الاستثمار في البنية التحتية وقانون خفض التضخم، تقوم الولايات المتحدة باستثمارات كبيرة لتطوير اقتصاد الهيدروجين النظيف  والذي من خلاله ستستثمر وزارة الطاقة الأمريكية (DOE) نحو 8 مليارات دولار لدعم إنشاء بيئة نظيفة إقليمية بموجب القانون.

ـ مزايا وعيوب نقل الهيدروجين:

يمر العالم بمرحلة انتقالية في مجال الطاقة؛ لتقليل الانبعاثات الكربونية وتخفيف تداعيات أزمة تغير المناخ. وفي ضوء ذلك حيث ان  :

1 ـ اقتصاد الهيدروجين يبرز  بديلا مستداما وأساسيا للوقود الأحفوري من شأنه أن يساهم في خفض نسب الكربون في قطاعي النقل والتدفئة.

2 ـ فضلا عن إمكانية الهيدروجين النظيف في التقليل بشكل كبير من المخاطر الجيوسياسية؛ لأنه يزيد من تنوع موردي الطاقة في المستقبل.

 3 ـ هذا ومن جهة اخرى يحتوي الهيدروجين على كثافة طاقة حجمية منخفضة، وتستهلك محطات تسييله الكثير من الطاقة بما قد يصل إلى 13 كيلو وات في الساعة من الكهرباء لكل كجم من الهيدروجين، بما يمثل هذا حوالي 30%  من الطاقة المخزنة داخل غاز الهيدروجين.

4 ـ  فضلا عن إن تكاليف تركيب الإسالة أعلى من تلك الخاصة بمعدات ضغط الغاز.

5 ـ هناك أيضا قضية غليان الهيدروجين المسال، حيث يفقد بعض السائل للتبخر أثناء عمليات نقل الأوعية. ولكن على مسافات طويلة، يمكن أن يكون الهيدروجين السائل أكثر اقتصادا من المقطورات الأنبوبية، بالنظر إلى أن صهاريج السوائل يمكنها حمل ونقل كتلة أكبر بكثير من الهيدروجين.

ـ مزايا اضافية .. النقل والتوزيع الأمثل:

يحدث معظم إنتاج الهيدروجين اليوم في مراكز الاستهلاك أو بالقرب منها، ويعتبر النقل المحيطي لمسافات طويلة هو الجانب الأكثر تحديا في تطوير اقتصاد الهيدروجين، حيث لا تزال البنية التحتية المخصصة للتوزيع والنقل نادرة أو في المراحل الأولى من بدء التشغيل.

ومع ذلك، فإن التوافر المحدود للبنية التحتية المتوسطة سوف يقيد التوسع في الإنتاج، هذا، ومن المرجح أن تشكل تكاليف توزيع وتوصيل الهيدروجين جزءا أكبر من تكاليف الهيدروجين النهائية، مما يجعل التطوير الفعال من حيث التكلفة للبنية التحتية ذات الصلة أمرا ضروريا لاقتصاد الهيدروجين في الولايات المتحدة ليصبح نابضا بالحياة ومستداما.

توجد حاليا 3 طرق شائعة لتوزيع وتسليم الهيدروجين النقي  ..

ـ أولا: كونه يشكل كغاز في شبكات الأنابيب المخصصة.

ـ ثانيا:  يشكل كغاز عالي الضغط في مقطورات الأنابيب.

ـ  ثالثا: كسائل مبرد في الصهاريج، كما يتم النظر في ناقلات بديلة مثل الأمونيا وناقلات الهيدروجين العضوي السائل (LOHCs) لنقل الهيدروجين بكميات كبيرة وبعيدة المدى. سيعتمد نقل الأمونيا على البنية التحتية المتطورة للنقل.

في هذا الصدد، اقترحت ورقة بحثية جديدة صادرة عن المجلة الدولية للطاقة الهيدروجينية، طريقة جديدة للحفاظ على استقرار غاز الهيدروجين، وذلك من خلال استخدام النيتروجين الصلب أو الأكسجين كوسيط لإعادة تدوير الطاقة الباردة عبر سلسلة توريد تسييل الهيدروجين؛ حيث عندما يصل ناقل الهيدروجين السائل  (LH2)  إلى وجهته، فإن عملية إعادة تحويل الهيدروجين إلى غاز تنتج "نيتروجين" أو "أكسجين" صلبا.

كما يتم بعد ذلك نقل النيتروجين الصلب أو الأكسجين في الناقل LH2 إلى مرفق تسييل الهيدروجين واستخدامه لتقليل استهلاك الطاقة في تبريد الهيدروجين الغازي.

نتيجة لذلك، يمكن تقليل الطاقة المطلوبة لإسالة الهيدروجين بنسبة 25.4% باستخدام النيتروجين، و27.3% باستخدام الأكسجين. ومن هذا المنطلق، فإن ناقل الأكسجين الصلب، هو ناقل الطاقة الأفضل لتسييل الهيدروجين مقارنة بناقل النيتروجين الصلب.

ـ  الهيدروجين مصدر مهم للطاقة:

ينظر البعض للتغير المناخي على أنه يحمل في طياته بعض الفوائد للبشرية، كونه يمثل دافعا للابتكار في مجالات عديدة علي رأسها قطاع الطاقة.  والاعتماد الواسع علي الهيدروجين، ظل محدودا إلى حد كبير، ولم يتم التوسع في استخدامه إلا بعد ظهور أزمة التغير المناخي.وصناعته كانت تواجه أزمة في البنية التحتية، ولكن بمرور الوقت وفي ظل حاجة الإنسان وبحثه عن بدائل للوقود الأحفوري، بدأت عمليات البحث في كيفية استخدام الهيدروجين كمصدر مهم للطاقة.

ورغم عدم الاهتمام بالهيدروجين لسنوات، أصبحت طاقة الهيدروجين الخضراء   تحظى باهتمام متجدد بين صانعي السياسات وخبراء الطاقة العالميين كمحرك محتمل للانبعاثات الصفرية الصافية. يرجع ذلك في جزء كبير منه إلى التقدم الكبير في تمكين التقنيات جنبا إلى جنب مع الإعانات الحكومية والسياسات الصناعية التي تدعم البحث والتطوير، على سبيل المثال، تم تخصيص أكثر من 5 مليارات يورو من قبل المفوضية الأوروبية لدعم مشاريع الهيدروجين الأخضر، ونحو 9.5 مليار دولار في قانون خفض التضخم الأمريكي، وفقا لبيانات المنتدى الاقتصادي العالمي.

و تقرير شركة "دي يونج أند كو"، سنجد أنه من المقرر أن تبدأ الشبكة الوطنية في المملكة المتحدة اختبار استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة فى العام الجاري، مع توقع أن يكون التنفيذ الفعلي بشكل أوسع في المستقبل. ويمثل الاعتماد علي الهيدروجين فرصة كبري لتوفير مصدر طاقة خال من الكربون بالكامل وتأتي غالبية براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين عالميا من دول الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة.

وساهم الاتحاد الأوروبي واليابان بأكثر من نصف براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين في الفترة من عام 2011 إلي عام 2020 حيث استحوذ الاتحاد الأوروبي على 28% بينما ساهمت اليابان في 24% من تلك البراءات. وشهدت الولايات المتحدة انخفاضا كبيرا في براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين منذ عام 2015، على الرغم من كونها رائدة على مستوى العالم حتى عام 2010، بينما ارتفعت براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين في كل من كوريا الجنوبية والصين في عام 2019، إلا أنها تراجعت فيما بعد.

ويقسم التقرير براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين إلى 3 فئات رئيسية وشملت المرحلة الأولى إنتاج الهيدروجين أما المرحلة الثانية تتعلق بتخزينه وتوزيعه وأخيرا تطبيقات الاستخدام النهائي.

ـ إنتاج الهيدروجين المتجدد من مصادر الطاقة الشمسية:

يمكن للهيدروجين أن يلعب دورا بارزا في إزالة الكربون من الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وكذلك وسائط النقل الثقيلة أو لمسافات طويلة.كما أنها تنطوي على إمكانات كبيرة للمساهمة في هدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال استبدال إنتاج الهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري واستهلاك الوقود الأحفوري في الصناعة وقطاع النقل، ايضا إنتاج الهيدروجين المتجدد من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيدعم أيضا تكامل أنظمة الطاقة

يوضح التقرير أن براءات الاختراع المتعلقة بإنتاج الهيدروجين بين عامي 2001 و2020 تركزت بشكل أساسي على مصدرين للهيدروجين هما الوقود الأحفوري والتحليل الكهربائي للماء في حين أن الوقود الأحفوري هو الوسيلة الأكثر شيوعًا لإنتاج الهيدروجين المستخدم اليوم.

ويؤكد التقرير أن معدل براءات الاختراع المتعلقة بإنتاج الهيدروجين عبر تكنولوجيا التحليل الكهربائي للماء ارتفع بسرعة لأنه قد تم نشر أكثر من 5000 براءة اختراع بحثية على تلك التقنية بين عامي 2001 و2020، بشكل أساسي من باحثين من اليابان وأوروبا. ويمكن للتحليل الكهربائي أن ينتج مصدر حقيقي للطاقة صفرية الانبعاثات من الهيدروجين إذا كان يأتي بالكهرباء من مصادر طاقة متجددة أو نووية.

وتشير الزيادة الأخيرة في نشاط تسجيل براءات الاختراع حول التحليل الكهربائي للماء إلى تحول مستقبلي في نسبة إنتاج الهيدروجين نحو التحليل الكهربائي، وكذلك الضغوط الكبيرة التي تواجهها الحكومات في جميع أنحاء العالم للبحث عن أشكال جديدة من إنتاج الطاقة خاصة بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في العام الماضي.

ـ تحديات التخزين والتوزيع:

وكشف التقرير أن كافة براءات الاختراع المتعلقة بتخزين الهيدروجين تشير إلي أن الكثافة المنخفضة نسبيا للهيدروجين تمثل العديد من التحديات للتخزين. وجاء جزء كبير من براءات الاختراع في هذا المجال من شركات كيميائية أوروبية كبري مثل "اير ليكويد " و"لندي" وتساهم تلك الشركات في 38% من براءات الاختراع حول تخزين الهيدروجين كغاز نقي، وكذلك 50% من براءات الاختراع المتعلقة بتخزينه في شكل سوائل بين عامي 2011 و2020.

كما ساهمت أيضا شركات السيارات اليابانية مثل تويوتا وهوندا بقدر كبير في براءات أختراع تكنولوجيا تخزينه في شكل غازي. وكبديل لتخزين الهيدروجين في شكل غاز نقي أو سائل، يشير التقرير أيضا إلى زيادة في براءات الاختراع المتعلقة بإنتاج الوقود الاصطناعي من الهيدروجين مما يساهم في تخزين فعال وكذلك نقله بشكل أكثر كفاءة ويبدو أن هذه التكنولوجيا غير ناضجة نسبيا حتي الان.

ـ توقعات المستقبل:

في ظل اتجاهات تسجيل براءات الاختراع المحددة في هذا التقرير، فهناك فرصة لتوقع مستقبل تكنولوجيا الهيدروجين لأنه مع استمرار تغير المناخ في دفع عجلة التطور التكنولوجي، يشير نشاط تسجيل براءات الاختراع الأخير إلى مزيد من التطور نحو إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات من خلال التحليل الكهربائي للماء على نطاق واسع، ويمكن بعد ذلك اعتماد أساليب نقل الهيدروجين الغازي والسائل لدعم قطاع النقل الذي يعتمد على الهيدروجين سريع النمو.

ـ فئات لون الهيدروجين:

الهيدروجين نفسه غاز غير مرئي وعديم اللون، ومع ذلك، غالبا ما يشير المنتجون والمسوقون والوكالات الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرون إلى الهيدروجين في فئات الألوان (مثل الهيدروجين الوردي مقابل الهيدروجين البني.)  .. ثلاثة من أكثر فئات الألوان شيوعا للهيدروجين هي الأخضر والوردي والأزرق.

يشير مصطلح "الأخضر" إلى الهيدروجين الذي تم إنشاؤه من خلال التحليل الكهربائي بالكهرباء من مصادر متجددة. يشير "الوردي" إلى الهيدروجين المشتق من الكهرباء التي تنتجها الطاقة النووية، بينما يشير "الأزرق" إلى الهيدروجين الناتج عن الطاقة من الوقود الأحفوري الذي يحتوي على عمليات احتجاز الكربون في مكانه.

من المهم ملاحظة أنه بينما يتم تشكيل بعض الإجماع حول تعريف فئات الألوان هذه، لا يوجد تعريف قانوني أو تنظيمي صارم وراء هذا النظام، حاليا، يلعب نظام الألوان دورا تسويقيا غير رسمي.

 



التعليقات