مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
19 مايو 2023 4:55 م
-
ريستارت للاقتصاد العالمي

ريستارت للاقتصاد العالمي

 

بقلم ـ الدكتور خالد الشافعي

السياسات والعلاقات الاقتصادية والحروب كلها عوامل مجتمعة تشكل العالم وتعيد بناءه لتتغير بذلك مصير دول ومجتمعات باكملها وما نلاحظه عن كثب لما يحدث الان من حولنا عالميا ، يفسر قطعيا ان العالم يعيش عصرا جيولوجيا جديدا مطابقا لما  تصوره الكثيرون فيما مضى الى ما كانت عليه الارض بعد الطوفان ، واجد ان هذا امرا طبيعيا تفرضه المتغيرات المتسارعة اقربها ما يجري بين روسيا واكرانيا احداث تجري تغيب فيها كل التوقعات لاي شكل من الاستقرار في القريب العاجل .

يعود بي هذا الى حوار تاريخي حدث في  بداية السبعينيات وتحديدا سنة 1972 جمع بين هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي وتشو إنلاي رئيس وزراء الصين،سال وقتها كيسنجر رئيس الوزراء الصيني عن تقييمه للثورة الفرنسية التي جرت احداثها سنة 1789 .. اجابه بكل عقلانية والتي لا تصدر الا عن رجل ادرك بالفعل ان التاريخ لا يعيد نفسه وان الشعوب هي التي تصنع التغير .. مجيبا اياه انه لا يزال من السابق لاوانه استخلاص استنتاجات نهائية لحدث وقع قبل قرنين من الزمان .

الذي دفعني الى التطرق لمثل هذه الحادثة .. هذا التسارع المخيف  الذي يشهده العالم وما  يدور في فلكه من تغيرات اثرت على كل بقاع الدنيا وطالت نيرنها كل الدول وما نحن من منئى عن هذا التغير.

موضوعات الساعة المتتالية من شغل بال الراي العام وتوقعات واستنتاجات يطلقها الخبراء بين متشائم ومتفائل وتبقى الاحداث لغة الساعة وحال لسان العام والخاص من المواطنين .

مخاوف وترقبات حثيثة فيها الكثير من القلق .. مستقبل  الجنيه المصري ، مستقبل الذهب والغلاء الذي يضرب مصر وكل  يتساءل عن صمت البنك المركزي ولماذا لا يتحرك ويحبط السوق السوداء ولماذا لا يجعل حدودا لكل الذي يحدث واسئلة اخرى كثيرة تحيط بها الكثير من عدم الفهم . وطائفة اخرى يقول لسان حالها لماذا البنك المركزي لم يرفع الفائدة ؟  و جمل استفسارية اخرى كثيرة .

اقول ان البنك المركزي تعرض لهجوم لعدم رفعه للفائدة من باقي البنوك العالمية  واتهمته بالبطء في اتخاذ الحلول والقرارات وان هذا له تاثير على الواقع خاصة على الاستثمار . الذي اود ان اشير اليه انه لابد ان نثق في من يدير امورالدولة والشعب ،وان محافظ البك الجديد له سياسة حكيمة وان هناك امرا ما ستكشفه الايام القليلة القادمة .. فالمعروف ان البنك المركزي المسئول الاول عن سعر الصرف كما هو في الجهة المقابلة مسئول ايضا عن  فكرة التضخم والهاجس الاول الذي يشغله بداية كيف سيكون باستطاعته ان يحد من ارتفاع التضخم من جهة و ان يثبت قيمة  العملة من جهة اخرى .

مشكلته الاساسية كيف يمكنه في هذا الجو الصعب ان يقر على ثبات العملة دون تعرضها لمنحنيات الارتفاع والهبوط فالمستثمر من اهم شروطه لضخ استثماراته ان تكون لديك عملة ثابتة ، لان الفترة القليلة الماضية لاحظنا انخفاض الجنيه مع وجود في نفس الوقت سوق عملة موازية . الذي اود ان ااكد عليه ان الازمة العالمية طالت كل الدول والسؤال متى يستطيع البنك المركزي ان يحافظ على ثبات سعر الجنيه  ولفترة طويلة ؟.

المتغيرات السريعة دائما تفرض نفسها على الواقع وهنا اشير انه في  الفترة الماضية كان هناك اتفاق لاستثمارات ضخمة مع دول الخليج هذه الاسثمارات في واقع الامر كانت لتكون طوق النجاة لكثير من المشاكل اولها التدفقات المالية الدولارية كانت لتقضي على هذه المشاكل لو كانت قد تمت من فترة طويلة ، غير انها كانت حلا امثل لسد العجز الذي حدث على ارض الواقع اولا بعيدا عن الاتفاقيات والتغيرات العالمية وثانيها سياسة المركزي في لو انه خفض قيمة الجنيه وبدا في رفع الفائدة..  كنا لنعيش جوا من التدفقات المالية .

التعويم  الذي كان يخافه العامة اصبح حلا امام تخفيض سعر العملة المحلية  الجنيه وبوجود السوق السوداء للدولار الذي وصل سعره حدود المستحيل واصبح اعلى من سعره في البنك المركزي .

اود الاشارة الى ان الحل يتطلب حلا جذريا مبنيا على قاعدة وطنية اي حل المشاكل من منظور مصري بما يتناسب وطبيعة الحركة العامة الداخلية وهذا ما اوجد فكرة قطبين مختلفين البنك المركزي في اتجاه والمؤسسات الدولية والخليج في اجاه اخر .

اقول ان هذا ليس معناه اطلاقا عدم جدارة المركزي بالعكس، لان المسالة ليست فقط مسالة اقتصاد وانما الموضوع كله مرتبط بفكرة السياسة . ولهذا السبب امريكا غيرت من مفهومها الاقتصادي القديم ووجدت الحل فيما قامت به بعض الدول خاصة مصر وهو  العمل على تطوير البنية التحتية وكانها تعيد شغيل منظومتها التحية بفكر جديد حتى تستطيع ان تتغلب عن المشاكل الاقتصادية الداخلية . النقطة الثانية ان امريكا الان في مواجهة حادة مع الصين هذه المواجهة الحقيقية لم تكن في يوم من الايام مع روسيا كما هو مفهوم لدى البعض والدليل ان امريكا عملت بشكل اساسي على ادخال روسيا الى مستنقع اوكرانيا وتتركها تواجه العالم كله والدليل من وجهة نظري ان روسيا مضى عليها اكثر من ثمانية شهور و ما زالت تحارب في منطقة منحصرة صغيرة جدا ، وهذا يفسر بالفعل ان روسيا تواجه اصعب حرب ممكن تمر على دولة في العالم كله .

وهنا السؤال .. لما روسيا دخلت مستنقع اوكرانيا والحرب المقصود منها الصين اذن اين الصين ممن الساحة العالمية هاته .

الحقيقة المرة ان الظروف الصعبة التي يمر بها العالم وتمر بها مصر هو مواجهة امريكا للصين،  كيف ذلك ؟

لو نظرنا الى ما ينشره الاعلام وما يفسره الغرب على المفروض ان الصين يكون اقتصادها  اكثر قوة من امريكا مع منتصف القرن الحالي 2040- 2050  الا ان الذي حدث يعود الى النمو الماكوكي والمرعب طيلة السنوات الماضية لدرجة ان نموها وصل الى 9% وهذا ما يفسر ان الشريحة العظمى من شعب الصين يعيش حياة اجتماعية مستقرة و مرفهة . مع النمو السهمي المرتفع حدث هناك نوعا من التباطؤ بعدما اقتربت الصين من اللحاق بامريكا  لهذا النمو يعود في الاساس الى عاملين اثنين الاول امريكا لها دور فيه والثاني سياسة تحديد النسل التي كانت تطبقها الصين وهي لا تسمح لكل اسرة الا بطفل واحد وهذا ما نتج عنه تراجع  عدد جيل الشباب مع تفاقم عدد كبار السن من الناحية الثانية . وهذا معناه ان الدولة تصرف مبالغ اكثر من اجل الرعاية الصحية لهؤلاء

لكن لو نظرنا الى الجانب الاخر في الهند مثلا نجد ان الدولة لم تتبع سياسة تحديد النسل رغم ارتفاع تعداد السكان وهو ما يفسر وجود عدد الشباب القادر على العمل اكثر من المتقدم السن واصبح النمو يرتفع عنه في الصين.

 اخيرا اعود لحوار هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي وتشو إنلاي رئيس وزراء الصين  الواقع الفعلي دائما ما يفـرز واقعا جديدا ، لكن العبرة بالنهايات .. النهايات التي تحققها  الحكمة في سياسة النفس الطويل .

 



التعليقات