دراسات


كتب فاطيمة طيبى
18 يونيو 2019 3:45 م
-
التجارة الحرة جسرعبور إفريقيا إلى عصر التكتلات

التجارة الحرة جسرعبور إفريقيا إلى عصر التكتلات

كتبت ـ فاطيما طيبي

الاتفاق القاري للتجارة الحرة يسعى  إلى إلغاء التعريفات الجمركية عن 90 % من السلع، وإزالة الحواجز أمام التجارة والاستثمار، والسماح بحرية الوصول إلى البضائع والسلع والخدمات في جميع أنحاء القارة الافريقية جاء ذلك بعد عامين من المفاوضات والذي فيه  وقعت 44 دولة من دول القارة الإفريقية الـ 55  في 21  مارس 2018 على اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في كيجالي، رواندا، خلال قمة الاتحاد الإفريقي، لكن نيجيريا، وتنزانيا وبوروندي بين بعض الدول التي لم توقِّع على الاتفاق بعد.وينتظر من الاتفاق أن يُعزز التجارة بين البلدان الإفريقية بنسبة 52 % بحلول عام 2022.


وبعد مضي أكثر من ستة أشهر على توقيع الاتفاق الذي سيكون أكبر منطقة للتجارة الحرة من حيث عدد البلدان المشاركة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، برى عدد من الدبلوماسيين الأفارقة لدى منظمة التجارة العالمية حول مضمون الاتفاق، وآفاقه، والفوائد المحتملة التي يوفرها، والآمال المنتظرة منه. حيث يقول سيرج نداي ومسينجه، عضو الوفد التجاري الكونجولي لدى منظمة التجارة، "إنه على الرغم من التوقيع على الاتفاق، سنتفاوض ايضا  لإبرام المرحلة الثانية، بما في ذلك سياسات الاستثمار والمنافسة وحقوق الملكية الفكرية، مع توقعات فيان تختتم   المفاوضات الأخيرة في يناير 2020 .

و أوضح ومسينجه  حول الضرورات الملحة لإبرام هذا الاتفاق على الرغم من وجود أكثر من تكتل اقتصادي وتجاري إفريقي،أن بلدان اتفاقية التجارة الحرة عموماً ليست مكتفية ذاتياً، ما يتطلب توسيع التجارة مع البلدان الأخرى للاستفادة من المزايا التنافسية أو النسبية للبلد الآخر في مجال الموارد الطبيعية، الخبرة أو حتى في مجال التغطية الجغرافية.ايضا ما يسعى إليه الاتحاد الإفريقي الاستفادة من المزايا النسبية لاقتصاد آخر "أو اقتصادات أخرى" إلى التكامل الاقتصادي في إطار واحد أو أكثر وأشار ومسينجه إلى أن الثمار لا بد أن تكون وافرة، خاصة أن الاتفاقية تعمل على تأسيس منطقة للتجارة التفضيلية، ومنطقة للتجارة الحرة، واتحاد جمركي، وسوق مشتركة، واتحاد نقدي، في المرحلة الأخيرة.

هذا وقد اعتبر، كريم سيليه، عضو الوفد التجاري لساحل العاج اتفاقية التجارة الحرة بمنزلة الشكل الثاني للتكامل الاقتصادي بين دول القارة الإفريقية ، خاصة أنها تسعى إلى إزالة الحواجز التي تعترض تبادل السلع بين البلدان. اضف انه عادة ما تكون هناك رسوم استيراد من نوع ما عندما تنتقل السلع من بلد إلى آخر مع مستويات أخرى من الضرائب المحلية، مثل ضريبة القيمة المضافة ورسوم الضرائب التي كثيراً ما تختلف من بلد إلى آخر.

وعليه، فإن الهدف من اتفاقية التجارة الحرة هو الحد من الحواجز التي تعترض التبادل بحيث يمكن للتجارة أن تنمو نتيجة للتخصص، وتقسيم العمل، والأهم من ذلك، عن طريق الميزة النسبية.

وتنص نظرية "الميزة النسبية" على أنه في السوق غير المقيدة، يميل كل مصدر من مصادر الإنتاج إلى التخصص في ذلك النشاط بحيث تكون له مزية نسبية "وليست مطلقة"، وبالتالي، فإن النتيجة الصافية ستكون زيادة في الدخل  كما يرى أندرو كيهوراني، عضو البعثة التجارية الكينية، عن كثرة التجمعات والتكتلات الاقتصادية الإفريقية، ومدى التنسيق بينها أن الموقعين على اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية هم أيضاً أعضاء في الجماعات الاقتصادية الإقليمية الأخرى، فعلي سبيل المثال، وقعت أوغندا وكينيا على السوق المشتركة لجماعة شرق إفريقيا، فضلاً عن الاتحاد الجمركي للسوق المشتركة لشرق إفريقيا والجنوب الإفريقي "كوميسا"، كما أن جنوب إفريقيا من الدول الموقعة على الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي والاتحاد الجمركي لجنوب إفريقيا.

ويضيف كيهوراني، "وعلاوة على ذلك، تم التوقيع على اتفاق آخر لاتفاقيه التجارة الحرة بين "كوميسا" ومجموعة شرق إفريقيا والجماعة الإنمائيه وهو في مراحل متقدمة من التنفيذ والتصديق من قبل الدول الأعضاء".

وأقرَّ كيهوراني أنه لم يتم التوصل إلى عديد من المواعيد النهائية لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة منذ 2015 عندما تم إرسال الاتفاق للتصديق عليه من قبل الموقعين، كما أن القرارات المتعلقة بمعايير قواعد المنشأ لكل كتلة تجارية قد استغرقت وقتاً أطول مما كان متوقعاً.

و أشار أنه رغم ضخامة الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي البالغ من نحو 2.5 تريليون دولار مع مليار ومليون نسمة، فإن إفريقيا تتاجر حالياً مع القارات أو البلدان خارج إفريقيا أكثر من البلدان الإفريقية الـ 55، وأن 80 % من الصادرات الإفريقية تذهب إلى قارات أخرى، وهي صادرات خام أو شبه نهائية وغير متنوعة.

وذكر كيهوراني، أن من شأن التجارة الحرة بين الدول الشريكة أن تعزز وتزيد التجارة لجميع البلدان المعنية، ومع التركيز علي الميزة النسبية، ستكون الصادرات أكثر تنوعاً وستتطور من المنتجات الخام أو شبه النهائية إلى منتجات نهائية.

ويشكل النقل والهياكل الأساسية بعض المعوقات أمام التجارة بين البلدان الإفريقية، وحسب سيليه، فإنه إذا حققت الدول الإفريقية نجاحاً من أجل التعاون في مجال التجارة الحرة، فإن المراكز الحدودية المتعددة التي يُمكن أن تتحول إلى "وقفة واحدة" يمكن أن تُحسِّن التبادل التجاري بين البلدان الإفريقية.

والواقع أن الاتفاق القاري لاتفاقية التجارة الحرة يمكن أن يتألف من 55 بلداً ما يُعطي مزيداً من القوة واقتصادات كبيرة الحجم مقارنة بمجموعة دول شرق إفريقيا التي تضم ست دول أو الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، أو "كوميسا" التي تضم 15 دولة.

ويقول سيليه، "إن اتفاقية التجارة الحرة لا تعمل إلا على إزالة بعض الحواجز التي تعترض التبادل التجاري، في حين إن الاتحاد الجمركي للجنوب الإفريقي أو الاتحاد الجمركي للسوق المشتركة لشرق إفريقيا والجنوب الإفريقي "كوميسا" يزيلان التعريفات الداخلية ويؤسسان تعريفة خارجية مشتركة لحماية الصناعات المحلية في البلدان المشاركة، وسوق مشتركة تسعى إلى حرية حركة العمل والخدمات والسلع ورأس المال والحق في الإقامة بين البلدان الأعضاء".

أما الخطوة التالية في عملية تنفيذ الاتفاق القاري لاتفاقية التجارة الحرة فهو تنفيذ المجالات الحاسمة في الاتفاق التي تشمل قواعد المنشأ للتأهل للضرائب التفضيلية على الواردات من البلدان الأعضاء، فضلاً عن الاتفاقات التي تلغي تدريجيا الحواجز المادية أمام التجارة من جهة اخرى السؤال المطروح  هل تقود الاستثمارات والمشاريع الى التواجد الصينيي كي يسهم في  تغير حقيقي في أفريقيا ..  ؟


هنا تؤكد "قمة بكين 2018 لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي"،  والتي كانت قي الرابع والخامس من شهر سبتمبر  على دور إفريقيا في إطار الخطط الصينية للتجارة والاستثمار والامن . هذا وان تواحد  الصين في أفريقيا لم يعد يتعلق بتأمين الحصول على المواد الخام فحسب، بل ابضا  تقوم الشركات الصينية بنقل العديد من عمليات اانتاج دول أفريقيا، بسبب ارتفاع تكاليف العمالة المتزايدة في الداخل. كما تستثمر عشرات من الشركات الصينية الخاصة والمملوكة للدولة في افريقيا . وتقدر شركة "ماكينزي" الاستشارية عدد الشركات الصينية التي تعمل في إفريقيا حالياً ، بأكثر من 10 آلاف شركة ، توفر فرص عمل للملايين من أبناء القارة.

وفي ظل تصاعد الخلاف التجاري مع الولايات المتحدة، تبحث بكين بشكل متزايد عن شركاء تجاريين جدد. ومن المتوقع أن يكون للصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، تأثير غير ملحوظ ولكنه مهم

وتقول سابين موكري من "معهد ميركاتور للدراسات الصينية" (ميريكس) في العاصمة الالمانية برلين: "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى مدى قوة الصين في تقديم نفسها كبديل للولايات المتحدة، من حيث تأكيدها على حرية التجارة والتعددية .

وقد بدأت المشروعات الصينية العملاقة بالفعل في تغيير وجه القارة. فقد أقام الصينيون خطوط سكك حديدية رئيسية، في كينيا ونيجيريا وإثيوبيا وتنزانيا وأنجولا والمغرب، كما قاموا بتمهيد آلاف الكيلومترات من الطرق، وبناء مستشفيات ومباني حكومية. ووصل الامر إلى تمويل المستثمرين الصينيين مدنا بأكملها، مثل مدينة سيداد دي كيلامبا - التي تبلغ مساحتها حوالي تسعة كيلومترات - في أنجولا.

وإلى جانب إقامة علاقات تجارية وثيقة في دول القارة، تسعى الصين أيضا إلى تحقيق مصالح عسكرية في إفريقيا. ففي يوليو  من 2018 استضافت بكين منتدى أمنيا مع دول إفريقية للتحضير لقمة الأسبوع المقبل.

ويقول الخبراء إن الصين تريد تأمين مصالحها الاقتصادية في القارة، بالإضافة إلى طرقها البحرية، من خلال تعاونها العسكري مع إفريقيا. وافتتحت الصين العام الماضي أول قاعدة بحرية لها خارج البلاد، في جيبوتي بالقرن الإفريقي، لتدعم عمليات حفظ السلام التي تشارك فيها في إطار الأمم المتحدة. كما تسعى بكين إلى زيادة مبيعات الأسلحة الصينية للدول الأفريقية.

وفي حين يعتقد الكثير من الأفارقة أنه من الممكن أن تساعد استثمارات الصين التنمية في القارة، ينتقد آخرون "الغزو الاستعماري الجديد" لأفريقيا. ولا تجد بكين غضاضة في العمل مع الدول الأفريقية، بغض النظر عن نظم الحكم فيها، طالما أنها تضمن الحصول على الموارد الطبيعية التي تحتاجها من القارة، على حد قول الخبير الاقتصادي والباحث السياسي الجنوب أفريقي، وليام جوميدي.

ويقول جوميدي: "تجري الصين مفاوضات على عقود بناء وتشييد، مقابل الحصول على امتيازات للتعدين في إفريقيا، كما هو الحال في زامبيا أو زيمبابوي، أو تخصص قروضا مقابل حصة من إنتاج النفط المحلي ، كما هو الحال في أنجولا".

ويوضح جوميدي أن التجارة بين الصين وإفريقيا تعد أحادية الجانب، حيث تكاد السوق الصينية تخلو من المنتجات الافريقية، مضيفا: "لن تربح افريقيا شيئا على الاطلاق من كل هذا".

 

 

 

 

 



التعليقات