دراسات


كتب فاطيمة طيبى
3 سبتمبر 2019 1:47 م
-
المقاطعة الروسية للسلع الغذائية الغربية فرصة لتطور الانتاج المحلي

المقاطعة الروسية للسلع الغذائية الغربية فرصة لتطور الانتاج المحلي

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

  الكثير قد تحقق فعلا في هذه السنوات الخمس، نتيجة المقاطعة الروسية للسلع الغذائية الغربية لقد استغل الكثيرون هذه العقوبات لتحسين إنتاجهم .حيث استطاع التجار واصحاب المصانع الحصول على الكثير من المكاسب  ومنذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقوباته الاقتصادية على الغرب في أغسطس، قبل خمس سنوات.لم تكن هذه العقوبات مجرد رد على العقوبات التي أعلنها الغرب على روسيا على خلفية النزاع في أوكرانيا، حيث كان بوتين يسعى من البداية لتعزيز بلاده بشكل يسمح لها بالاعتماد على نفسها غذائيا، بعد أن كانت تعتمد بشدة على الغرب.

وبعد مرور خمس سنوات على بدء هذه العقوبات أصبحت روسيا ترى أن سياستها حققت نجاحات، بل وربما نجاحات فقط، دون مساوئ. ورغم ذلك فإن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ألحقوا خسائر بروسيا بالمليارات.أصبح اعتماد روسيا على الواردات الغربية أقل بشكل واضح. فمثلا كانت نسبة إنتاج روسيا من حاجتها من اللحوم تبلغ 87.1% عام 2015، ثم ارتفعت إلى 92.8% عام  2018

وقال وزير الزراعة الروسي دميتري باتروشيف، مؤخرا، إن روسيا بدأت تأخذ وضع الدولة المصدرة في كثير من القطاعات. أصبحت روسيا منذ عامين أكبر مصدر للقمح على مستوى العالم، متقدمة على الولايات المتحدة بشكل واضح. كما تكيف المزارعون الألمان الموحودون داخل روسيا  بشكل واسع مع مقاطعة روسيا المنتجات الزراعية الألمانية،  حيث كان فقدان السوق الروسية منعطفا كبيرا بالنسبة للقطاع الزراعي في ألمانيا ، حسبما رأى نائب رئيس اتحاد المزارعين الألمان، فيرنر شفارتس،  ولكن مع مرور الوقت والكثير من الجهد أصبح من الممكن فتح أسواق جديدة، خاصة في آسيا.. أصبحت الصين، بما فيها هونج كونج، ذات أهمية كبيرة اليوم فيما يتعلق بالصادرات الزراعية، حيث  كانت روسيا   قبل المقاطعة ، تقوم بصادرات قيمتها نحو مليوني يورو سنويا .

ينسحب حظر الاستيراد الذي أصبح ساريا في أغسطس 2014 على السلع الغذائية مثل الفاكهة والخضروات ومنتجات الألبان واللحوم. كما يسري هذا الحظر على جميع الدول التي فرضت عقوبات على روسيا، وهي، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والنرويج.

مدد بوتين عقوباته على الغرب الصيف الجاري، لمدة عام آخر، حتى نهاية عام  2020 أصبحت أرفف المحلات تمتلئ بالبضائع بعد أن عانت نقصا في بداية فترة المقاطعة. ومقارنة بعام 2014 ارتفع إنتاج الطماطم والخيار، على سبيل المثال، حتى عام 2018 بنسبة 80% ليصبح 1.1 مليون طن. وانخفضت نسبة الواردات في نفس الفترة من 60% إلى 38%. ولم ترتفع فقط منتجات الفاكهة والخضروات بل ارتفع إنتاج الأنواع المختلفة من الجبن أيضا. ولكن جودة التفاح والجبن، على سبيل المثال، لم ترق بعد لنفس مستوى جودة المنتجات القادمة من الاتحاد الأوروبي.

يقول منتج الألبان شتيفان دور: "هناك تقدم كبير، ولكن لا يزال هناك بالطبع الكثير مما ينبغي فعله".ونراهن على اعتماد معايير في روسيا لإنتاج الحليب قريبة من المعايير المعمول بها في ألمانيا. بعض الروس يفتقد الجبنة الفرنسية أو الإيطالية، ولكن هناك الكثير من المنتجات التي تقلد هذه الأجبان، ولكن مذاقها أقل جودة بكثير من مذاق الأجبان الأصلية. كما أن التجار أصحاب الحيل يقدمون من وقت لآخر، منتجات مهربة، بشكل صريح، خاصة في العاصمة موسكو، بالطبع بأسعار السوق السوداء.

تقول وسائل إعلام روسية معارضة للحكومة إن الخاسر الأكبر من وراء "عقوبات بوتين" هو المستهلك في روسيا، وإن المواطنين غاضبون بسبب الأسعار الباهظة، رغم جمود الدخل أو انخفاضه. فأسعار اللحوم والألبان مثلا ارتفعت في السنوات الخمس الماضية بنسبة 30% ، وفقا لبيانات هيئة الإحصاء الروسية. وارتفعت أسعار البيض واللحوم والطيور بنسبة أكثر من 10% مقارنة بأسعار العام الماضي. وذكرت صحيفتا "فيدوموستي" و "نيسافيسيمايا جازيتا" أن السبب وراء الصعود الهائل في الأسعار هو غياب المنافسة. وقالت الصحيفتان أن عدم وجود منافسة مع المنتجات القادمة من الاتحاد الأوروبي يمكن المنتجين الروس من التحكم في السوق وفرض الأسعار. ولكن منتج الألبان دور يرى سببا آخر لذلك، "حيث إن ارتفاع الأسعار ليس سببه المقاطعة، بل انخفاض قيمة العملية الروسية، الروبل"، حسبما أكد في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) في موسكو.

كما أعلن المنتجون أيضا أنهم يشترون الآلات الإنتاج ومستلزمات الأعلاف من الخارج، وأن تكاليف هذه الآلات والمستلزمات تنعكس بالطبع على أسعار السلع الغذائية. تكيف الكثير من منتجي السلع الغذائية في روسيا مع هذه العقوبات، وأصبحوا لا يبدون اهتماما كبيرا بانتهاء العقوبات، حسبما يتردد في معظم الأرجاء في موسكو. السبب في ذلك هو أيضا المخاوف من أن تعود المنتجات الأوروبية منخفضة السعر لمنافسة المنتجات الروسية من جديد.غير أن بوتين أعلن مؤخرا بوضوح أنه سيلغي العقوبات المضادة بمجرد إنهاء الاتحاد الأوروبي عقوباته ضد روسيا. لكن هذا بعيد المنال حسب بعص الاقتصاديين.

 



التعليقات