دراسات


كتب فاطيمة طيبى
24 سبتمبر 2019 2:24 م
-
"صندوق النقد": تركيا لا تزال عرضة لمخاطر خارجية ومحلية

"صندوق النقد": تركيا لا تزال عرضة لمخاطر خارجية ومحلية

 اعداد ـ فاطيمة طيبي          

قال صندوق النقد الدولي في بيانه الصادر في شهر سبتمبر الحالي  بعد زيارة فريق من خبراء الصندوق إلى تركيا،  ان"الهدوء الحالي في أسواق المال التركية يبدو هشا، ولا تزال الاحتياطيات منخفضة في حين لا يزال الدين الأجنبي للقطاع الخاص واحتياجات التمويل الخارجي مرتفعين". كما أضاف الصندوق ، إن تركيا لا تزال عرضة لمخاطر خارجية ومحلية، حيث  سيكون من الصعب تحقيق نمو قوي ومستدام إذا لم تنفذ الحكومة مزيدا من الإصلاحات.

 وأشار الصندوق إلى أن التحدي الرئيس فيما يتعلق بالسياسات يتمثل في تحويل التركيز من النمو القصير الأجل إلى نمو أقوى وأكثر مرونة في الأجل المتوسط. ورأى الصندوق أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال تنفيذ خطة من خمسة محاور هي:

ـ سياسة نقدية مشددة لتعزيز مصداقية البنك المركزي

ـ  دعم الليرة

ـ  خفض التضخم بشكل دائم

ـ  زيادة الاحتياطيات.

ـ  خطوات لتعزيز المالية العامة في الأجل المتوسط.

اضف الى هذا كله  تقييم شامل للأصول المصرفية واختبارات جديدة لقدرات البنوك على تحمل الصدمات ينفذها طرف ثالث مع إجراءات للمتابعة، عند الحاجة، لتعزيز الثقة بالبنوك. كما شملت اتخاذ خطوات إضافية، للبناء على الإصلاحات القائمة، لتعزيز إطار إفلاس وإعادة هيكلة الشركات، وإصلاحات هيكلية مركزة لدعم نمو الإنتاجية وزيادة المرونة الاقتصادية.

وانزلق الاقتصاد في حالة من الركود العام الماضي بعد أن نزلت الليرة نزولا حادا. وتتعرض العملة لضغوط من جديد، فيما يرجع جزئيا إلى مخاوف من استنزاف احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي، التي قد تصبح ضرورية في التصدي لأزمة أخرى. وشهدت ميزانية تركيا عجزا بلغ 36.2 مليار ليرة في الربع الأول من 2019، وفقا لبيانات وزارة الخزانة والمالية. ومن المتوقع أن يبلغ العجز 80.6 مليار ليرة بنهاية العام. وقال البنك المركزي التركي في وقت سابق، "إن عجز ميزان المعاملات الجارية للبلاد تراجع في   مارس  إلى 589 مليون دولار. وفي 2018، بلغ عجز ميزان المعاملات الجارية التركي 27.633 مليار دولار. وتراجع الاقتصاد التركي في الربع الثاني من العام الجاري، لكن بوتيرة أبطأ من المتوقع.

وأظهرت بيانات أن إجمالي الناتج المحلي تقلص 1.5 % في الربع الثاني من العام الجاري الممتد من أبريل حتى يونيو، على أساس سنوي. كما قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في نهاية شهر مايو الماضي  إنها تتوقع انكماش اقتصاد تركيا 2.6 % هذا العام، مخفضة توقعاتها مقارنة مع تقديرات سابقة لتراجع نسبته 1.8% وخفضت المنظمة توقعاتها للعام 2020 إلى نمو يبلغ 1.6% من تقديرات سابقة عند 3.2 % في مارس ، مع استمرار حالة عدم التيقن لدى المستثمرين بعد الانتخابات المحلية . وتسببت أزمة عملة العام الماضي في محو 30 % تقريبا من قيمة الليرة مقابل الدولار، مما ساهم في دفع الاقتصاد صوب الركود. وواصلت الليرة تراجعها في 2019.

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي إن من المتوقع حدوث تعاف معتدل اعتبارا من النصف الثاني من 2019 فصاعدا في غياب صدمات جديدة للثقة، مضيفة أن المخاطر الكبيرة تظل تغلف تقديرات تعافي النمو.

وقالت المنظمة في تقريرها للآفاق الاقتصادية "من الضروري استعادة ثقة المستهلكين والشركات والمستثمرين المحليين والعالميين في جودة السياسات الاقتصادية والقدرة على التنبؤ بها ومصداقية مؤسسات السوق " بسبب الصعوبات المالية المتزايدة.. تركيا تعتزم الاقتراض بأكثر من المستهدف خلال العام الحالي

هذا وقالت مصادر مطلعة إن المسؤولين الأتراك أبلغوا مسؤولي القطاع المصرفي، باعتزام الحكومة الاقتراض بأكثر من المستهدف مع زيادة معدل عجز الموازنة. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء في نهاية شهر يوليو الماضي  القول إن الخزانة التركية تعتزم رفع هدفها الخاص بالقروض نسبة لمعدلات السداد، بما يسمى القروض الدوارة إلى ما يتراوح بين 100% و110% خلال العام الحالي، في حين كانت الحكومة تستهدف اقتراض ما تتراوح نسبته بين 93.5% - 98.1% من القروض التي يتم سدادها خلال العام.

وأشارت بلومبرج إلى رفض متحدث باسم الخزانة التركية ومسؤولين في وزارة المالية التعليق على هذه الأنباء، في حين قال متحدث آخر إن وزير الخزانة والمالية التركي "بيرات البيرق" يعتزم عقد مؤتمر صحفي في وقت لاحق من الأسبوع الحالي ويقصد به في الاسبوع الاول من شهريوليو  حيث من المحتمل أن يتحدث فيه عن الموضوع. يأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة التركية صعوبات مالية متزايدة في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد وارتفاع الإنفاق على خلفية الانتخابات المتتالية التي تشهدها تركيا.


كما أثارايضا  تراجع وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني تصنيف تركيا من (بي.أيه3) إلى (بي1) غضبا في أنقرة، بعدما أبقت الوكالة على نظرة مستقبلية سلبية، مستشهدة بمخاطر متزايدة لأزمة ميزان المدفوعات وتخلف الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها. وبحسب "الألمانية"، قالت "موديز" إن "تأثير التراجع المستمر للقوة المؤسسية والفاعلية السياسية حول ثقة المستثمر، يفوق بشكل كبير القدرة الائتمانية التقليدية لتركيا". وذكرت وزارة المالية التركية أن قرار وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني لخفض تصنيف تركيا أثار شكوكا بشأن موضوعية وحيادية الوكالة. وأشارت إلى "ارتفاع عائدات السياحة وتراجع التضخم وحزمة إصلاحات قضائية جديدة بوصفها أمثلة على "تطورات إيجابية جدا نأسف أن نرى أنه يتم تجاهلها".لكن بيانات رسمية أظهرت أن تركيا خرجت من الركود وسجلت نموا بنسبة 1.3 % في الربع الأول من 2019، علما بأن المحللين يقولون إن عودة النمو هذه قد تكون مؤقتة.

وأوضحت وكالة "موديز" أن تركيا ما زالت عرضة لفترة طويلة أخرى من الاضطراب المالي والاقتصادي الحاد"، مضيفة أن الخطط الإصلاحية للحكومة التي تم الإعلان عنها منذ منتصف عام 2018 هي إجراءات تمت مناقشتها منذ أعوام، وتم تنفيذها بشكل ضئيل. وتابعت الوكالة، أن "الخطط ما زالت تركز على أولوية على المدى القريب لدعم النشاط الاقتصادي، على حساب تقويض المرونة الكامنة للاقتصاد.

وطبقا لبيانات حكومية فإن الاقتصاد شهد ركودا في نهاية العام الماضي، وبلغ معدل التضخم نحو 18.7 % خلال مايو الماضي.وأبقى البنك المركزي التركي   على معدل الفائدة دون تغير عند 24 % منذ  سبتمبر  2018، وكثيرا ما كان يطالب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بأن يخفض البنك معدلات الفائدة. غير أن وكالات التصنيف والمحللين كانوا يطالبون البنك منذ فترة طويلة بأن يرفع معدلات الفائدة، وأثار رفضه القيام بذلك شكوكا بشأن استقلاله.

وأثار تصنيف وكالة "موديز" أيضا مخاوف بشأن "شفافية واستقلال" البنك المركزي والتوترات المتصاعدة بين أنقرة وواشنطن بشأن شراء تركيا أنظمة "إس400" الصاروخية من روسيا. كما ذكرت "موديز" أن  العقوبات التي سيدرسها الكونجرس الأمريكي، إذا مضت قدما عملية الشراء، فيما لا تزال غير معروفة بشكل كبير حتى الآن، تلقي بظلال أخرى على اقتصاد تركيا ونظامها المالي . وكان خلاف تجاري ودبلوماسي مع أمريكا في أغسطس الماضي قد أثار أزمة عملة وأدى إلى فقدان الليرة 40 % من قيمتها أمام الدولار.

 

 

 

 



التعليقات