دراسات


كتب فاطيمة طيبى
2 أكتوبر 2019 3:05 م
-
أسعار الخام ستظل مستقرة هذا العام رغم ضبابية السوق

أسعار الخام ستظل مستقرة هذا العام رغم ضبابية السوق

 إعداد ـ فاطيمة طيبي  

تراجعت فرص ارتفاع الأسعار التعافي السريع في الإنتاج السعودي بعد الهجوم الذي طال منشأتين نفطيتين قبل أسبوعين، واستمرار تمسك تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها بخطط تقييد المعروض النفطي لمواجهة وفرة الإمدادات وتوقعات تباطؤ الطلب العالمي. 

 ويقول مختصون ومحللون نفطيون، إن أسعار النفط الخام مالت إلى الانخفاض مع اكتمال إصلاح منشأة بقيق وانخفاض درجة التوترات السياسية في الشرق الأوسط، إضافة إلى الجدل المثار بشأن استمرارية العقوبات الأمريكية على إيران، التي تعد محور التوتر في المنطقة. وأوضح المختصون، أن السوق تقلل من مخاطر أمن العرض في أعقاب نجاح خطة التعافي من الهجمات على منشأتي نفط في السعودية، إذ تشير التقارير الدولية إلى أن "أرامكو" تعيد الإنتاج بشكل أسرع من المتوقع، وأن المعنين بالسوق أصبحوا لا يشعرون بالقلق المفرط إزاء خطر احتمال هذه الهجمات.

وفي هذا الإطار، قال   روبرت شتيهرير؛ مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن وتيرة الأسعار مالت إلى الهدوء وبدأت تعاملات الأسبوع الجاري على انخفاض، خاصة مع انخفاض في درجة التوترات السياسية في الشرق الأوسط. وأن السعودية - كعادتها - تثبت الوفاء بالوعود كافة وتعزز مصداقية قراراتها، حيث إنها بالفعل على المسار الصحيح لاستعادة كل إنتاجها المعطل، خاصة في منشأة بقيق، حيث أنه من المحتمل أن يكون لتعطل الإمدادات في الفترة السابقة تأثير ضئيل ومحدود في المخزونات التجارية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

من جانبه، أشار  فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، إلى التقييمات الإيجابية لسياسات النفط السعودية من قبل بنوك ومنظمات دولية، مثل بنك جولدمان ساكس العالمي، الذي أكد أن التعافي السريع للإنتاج والإمدادات السعودية من النفط الخام كان السبب الرئيس وراء استقرار أسعار النفط وتسارع الخطى نحو توازن السوق.

وذكر أن عددا كبيرا من العوامل التنازلية أدت إلى انخفاض أسعار النفط الخام في الأيام الأخيرة، ومنها ارتفاع مستوى مخزونات النفط الخام للأسبوع الثاني على التوالي، وهو ما دفع الوكالة الدولية للطاقة إلى تخفيض توقعات الطلب على النفط أكثر من مرة على التوالي وسط تصاعد توقعات التباطؤ الاقتصادي، التي يعززها عوامل مثل ضعف الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة وتباطؤ النشاط الصناعي. من ناحيته، أشار ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية للطاقة، إلى أن أجواء من غياب التفاؤل تحيط بملف حرب التجارة بين الصين والولايات المتحدة مع تبادل التعريفات والتصريحات التصعيدية من الجانبين وعدم وجود مؤشرات على تقدم في المفاوضات أو أي مقدمات للتوصل إلى اتفاق تجاري جديد في الأمد القريب وتأجيل الأمر - بحسب بعض التقديرات - إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام المقبل 2020.

وأضاف، أن الجوانب السلبية للصراع التجاري تشهد تصاعدا، خاصة إعلان الإدارة الأمريكية أنها تدرس إجراءات من شأنها تقييد تدفقات رأس المال من المستثمرين الأمريكيين إلى الصين، وسعي الإدارة الأمريكية إلى دراسة شطب الشركات الصينية من البورصات الأمريكية.

من جانبها، أوضحت أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان لدير شيب" الدولية، أن أسعار النفط الخام لن ترتفع ارتفاعات مؤثرة في الربع الرابع، بسبب استمرار المخاوف من تعثر الطلب العالمي على النفط، إضافة إلى توقعات ارتفاع صادرات النفط الخام الأمريكي، وهما العاملان اللذان يتفوقان في تأثيرهما على المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط وعلى احتمال تكرار الهجمات على المنشآت النفطية.

وأوضحت، أنه على الرغم من أن الهجمات على البنية التحتية النفطية السعودية في 14 سبتمبر الماضي تسببت في انخفاض 5.7 مليون برميل يوميا أو 5 % من إمدادات النفط العالمية، إلا أن الموقف تم علاجه بشكل سريع وفعال، ونجحت شركة أرامكو في طمأنة السوق وتأكيد أن الطاقة الإنتاجية الكاملة عادت إلى المستويات الطبيعية دون أي خلل في جداول الشحنات التصديرية من النفط الخام. وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط في الثلاثين من شهر سبتمبر الماضي ، إذ ظلت الآفاق الاقتصادية للصين ضعيفة، حتى مع تحسن بيانات التصنيع، في ظل ضغط الحرب التجارية الجارية مع الولايات المتحدة على نمو الطلب لدى أكبر مستورد للنفط الخام في العالم.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" ، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق أول ارتفاع له عقب عدة انخفاضات سابقة، وأن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 65.30 دولار للبرميل. هذا وأظهر مسح، أن أسعار النفط ستظل على الأرجح مستقرة هذا العام، رغم ضبابية السوق التي تعاني ضعف الطلب، وتنامي التحذيرات من تباطؤ اقتصادي عالمي.

ويتوقع المسح الذي أجرته "رويترز"، وشمل آراء 53 خبيرا اقتصاديا ومحللا، أن يبلغ خام القياس العالمي مزيج برنت 65.19 دولار للبرميل في المتوسط في 2019، دون تغير يذكر عن 65.02 دولار في توقعات الشهر الماضي، إلا أنه أعلى قليلا من متوسط سعر خام برنت منذ بداية العام عند 64.76 دولار للبرميل.

ومن المنتظر أن تبلغ العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 57.96 دولار في المتوسط للبرميل، مقابل 57.90 دولار في توقعات الشهر الماضي. وبلغ متوسط سعر الخام الأمريكي منذ بداية العام 57.11 دولار للبرميل.

وقال كارستن فريتش، كبير محللي السلع الأولية لدى كوميرتس بنك، "واجهت سوق النفط أوقاتا صعبة.. لقد أوضح الهجوم على منشأتين للنفط في السعودية أخيرا المخاطر التي تتهدد إمدادات الخام، وهذا هو السبب وراء إمكانية حدوث قفزات للأسعار في أي وقت على الأمد القصير". وتابع، "من جهة أخرى، فإن العوامل الأساسية في سوق النفط تتدهور، فنمو الطلب يضعف، وإمدادات النفط من خارج منظمة أوبك ترتفع بشكل كبير، والالتزام بالإنتاج لدى أوبك وحلفائها انحسر أخيرا.. لذا لا نرى أن قفزة الأسعار في الآونة الأخيرة ستكون مستدامة".

وسجلت أسعار النفط أكبر قفزة لها في يوم واحد خلال 30 عاما، بعد الهجوم على منشأتين لـ"أرامكو" في وقت سابق هذا الشهر الماضي. وقال معظم المحللين، إن منظمة أوبك تستطيع مواصلة خفض الإنتاج حتى نهاية العام المقبل، كما استبعدوا تخفيف العقوبات على إيران وفنزويلا قريبا. ورغم أن هناك طاقة فائضة كافية لتعويض نقص الإنتاج، قال محللون إن النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وزيادة الإنتاج من دول خارج "أوبك"، سيكبحان أسعار النفط على المدى الطويل.

ويتوقع المحللون نمو الطلب العالمي على النفط بين 0.9 مليون و1.3 مليون برميل يوميا في 2019، و0.8 مليون و1.5 مليون برميل يوميا العام المقبل.2020

وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في سبتمبر لثمانية أشهر متتالية إلى 0.89 مليون برميل يوميا. من جهة الإمدادات، قال المشاركون في المسح، إن الإنتاج من خارج "أوبك" سيواصل الارتفاع مع هيمنة الولايات المتحدة على نمو الإمدادات العالمية، وسط زيادة متواضعة من البرازيل والنرويج والمكسيك.

وقال إدوارد مويا، كبير محللي السوق لدى "أو.أيه.إن.دي.أيه"، "إذا بقى ترمب المرشح الأوفر حظا، فمن المتوقع أن يستمر إنتاج الولايات المتحدة في الارتفاع إلى مستويات قياسية جديدة، حيث من المحتمل أن يتجاوز 13.5 مليون برميل يوميا".

 

 



التعليقات