دراسات


كتب إدارة التحرير
22 أكتوبر 2019 5:10 م
-
..(التنين في مواجهة القطب الأوحد) الحرب التجارية بين أمريكا والصين

..(التنين في مواجهة القطب الأوحد)  الحرب التجارية بين أمريكا والصين

 

مقدمة:

هل مازلنا مناصرين للسياسة الأمريكية؟؟؟

مما لا شك فيه أن منشأ الاقتصاد العالمي بطبيعته الراهنة وقواعدهالتي تتمثل في (منظمة التجارة العالمية) تتزعمهما الولايات المتحدةالأمريكية. فحرية التجارة العالمية يتم اعتبارها من أهم أسس هذا النظام العالمي والمسمى (بالعولمي)، والإخلال بذلك النظام قد يعنيتلاعبا أمريكياً غير مدروس ولم تحتسب عواقب إفشاله! ما سيسهم في أزمة أشبه بأزمة 2008 التي مازال ينظر إليها مركز العاصمة للأبحاث والدراسات الإقتصادية إلى إنها الأزمة التي لم تنته بعد! وأن العالم وإقتصاده لا يزالان يعيشان تبعات تلك الأزمة المالية العالمية التي انفجرت في سبتمبر 2008- والتي أخُتلِقت نتيجة لعدم قدرة المدينين بتسديد تسليفات الرهن العقاري حينذاك- وإعُتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير في 1929، والتي ابتدئت أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت إلى دول العالم ليشمل الدول الأوروبية والدول الآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، وقد وصل عدد البنوك التي إنهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008 إلى 19 بنكاً، كما توقِع آنذاك المزيد من الإنهيارات الجديدة بين البنوك الأمريكية البالغ عددها 8400 بنكاً. فالسؤال المطروح الاَن هو: هل نحن أمام النسخة الثانية من هذا السيناريو الأليم وبصدد حرب تجارية بين قوتين إقتصاديتين لن يكون فيها فائز وعواقبها سيتحملها الجميع؟

 

يرى مركز العاصمة أن الاقتصاد العالمي أصبح مفتوحا على بعضه في ظل العولمة الاقتصادية والتجارية التي يتم إدارتها من أمريكا المتحكمة! ووجود بنوك مركزية رئيسية على مستوى العالم تعمل في ظل خطوط إئتمانية مفتوحة وغير محدودة بينها إلى جانب التنسيق يمنع حدوث تغييرات غير قابلة من أجل السيطرة على أسواق العالم الإقتصادية، ولا ننسى وجود حكومات عالمية في العالم وهي البنوك المركزية لأكبر الدول، والتي تحدد السياسة الاقتصادية لكل الكوكب! فهل يتم الآن تدمير هذا النظام! أي الاقتصاد العالمي الذي أنشأته أمريكا أو الرأسمالية الأمريكية في العالم، وهي الدولة ذاتها التي تقوم بطباعة غير محدودة للدولارات غير المضمونة؛ لتضمن مكانها الذي يقود الاقتصاد العالمي وإن كان بشكل غير مشروع. ورغم ذلك فقد تزايد دين الحكومة الأمريكية منذ بداية مجيء ترامب إلى أكثر من تريليون دولار بحسب التقارير الأمريكية، وهل أمريكا بصدد إشعال الفتيل الخامد مجددا! ما يعني التسبب في تأثيرات لاحقة على البورصات العالمية وعلى سوق العملات إلى جانب التسبب في زيادة التضخم العالمي.

 

فما أقدم عليه "ترامب" لم يقربه أي من الرؤساء السابقين للولايات المتحدة الذين اكتفوا بالتلويح باعتبار الصين متلاعبة بالعملة لكنهم ابتعدوا دائمًا عن اتخاذ إجراءات فعلية بشأن الدخول في حروب تجارية مع الدول الكبرى، أما الرئيس الحالي فكان قراره قاطعًا بمعاقبة الصين كونها متهمة بالعدوان الاقتصادي وانتهاك حقوق الملكية الفكرية لبلاده، فقد وقع الرئيس الأمريكي في 22 مارس 2018 قرارًا يسمح لبلاده بفرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 60 مليار دولار، وهو ما قد يكون له آثار وخيمة على الاقتصاد العالمي.

فبين قوتين أحدهما ظل متحكماً في العالم قرابة ال 30 عاماً وقوة أخرى يغلب عليها طموح قادم من أقصى الشرق لإمتلاك العالم نفسه الذي وقع في قبضة القطب الأوحد فالتنين الصيني مازال مصراً على المنافسة. فهل نفهم من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات الصينية يحمل في طياته تسريعاً وإستعجالاً لوتيرة المواجهة العسكرية المرتقبة؟ خصوصاً بعد قيام الصين بمضاعفة مجهوداتها في تنفيذ طريق الحرير القديم الذي ينتزع الصدارة الاقتصادية الأمريكية، وقبلها بإقامة أول قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي على بعد أمتار من المعسكر المركزي للجيش الأمريكي، بهدف إظهار العضلات والتواجد في منطقة الصراع الملتهبة عند باب المندب، ومؤخرًا اختيار الصينيين الرئيس شي جين بينج رئيسًا لهم لفترات أخرى للاستمرار في رحلة الصعود والمواجهة مع الغرب.

نكاد أن لا نمتلك شكوكاً بأهمية مركز الصين كدولة تجارية ناجحة وإقتصادية نابغة، وأن الصين مازالت رائدة في متابعة وإستمرار نمو قوتها ونفوذها الإقتصادي والعسكري. والدليل على ذلك يتضح بالرجوع لل 40 عاماً الماضية وإصرار أمريكا على الإتفاق مع الصين على إعتماد الصين نظام العولمة وإقتصاد السوق الحرة كسياسة للتعاملات التجارية بينهما وبين الصين وباقي الدول تحت غطاء أمريكي مؤمن بأن تلك السياسة ستؤل حتماً إلى تدمير الصين إقتصادياً لإعتمادها سابقاً على النظام الإشتراكي الشمولي بشكل دائم. لكن ما حدث قد صدم أمريكا حينما نجحت الصين وأصبحت قادرة على إكتساح العالم أجمع من خلال طريق الحرير والذي من خلاله يلبي الاقتصاد الصيني احتياجاته إلى مزيد من الأسواق حيث يوفر الرخاء والتقدم لكل البلدان التي يمر من عليه من مدينة كاشجر غرب الصين وصولا إلى أوروبا، وفي مقدمتها مصر التي تعتبر محطة مهمة على طريق الحرير البحري فاستفادت منه بعد ثورة 30 يونيو باتفاقية مع الصين قيمتها 10 مليارات دولار بخلاف 46 مليار أخرى لتحديث الطرق والمواصلات العامة، وتليها الإمارات؛ حيث تستثمر الصين مليار دولار في ميناء خليفة بأبو ظبي وارتفع حجم التبادل التجاري إلى 70 مليارا. حيث إن محور تنمية قناة السويس قائم على إقامة موانئ جديدة ومناطق لوجستية وخدمات بحرية وتجارية تقدم إلى السفن المارة، وهو الطريق الذي تسير فيه مصر مستغلة المنطقة الصناعية الصينية في السويس، والمناطق الصناعية الأخرى على طول المجرى في الإسماعيلية، ومشروعات شرق بورسعيد المتكاملة والتي تستغل الثروات الطبيعية لسيناء ما يحقق الاستفادة القصوى من منطقة قناة السويس، كمركز لوجستي عالمي وليس فقط كممر ملاحي، يعتمد على تميز الموقع وعبقريته.

بداية الأزمة:

التسلسل الزمني للأحداث:


تعتبر الرسوم الجمركية واحدة من تلك الوسائل التي تستخدمها الدول من أجل حماية صناعاتها من المنافسات الأجنبية من خلال حماية منتجاتها المحلية عن طريق رفع أسعار السلع المستوردة؛ مما يشجع المصنعين المحليين على زيادة إنتاجهم. ومن ناحية أخرى تحقق هذه الرسوم عائدات ضريبية تعود بالنفع على الدولة وتزيد من إيراداتها. فهي ضرائب تفرضها الدولة على الدول الموردة لها وتدفع أثناء عبور السلع للحدود دخولاً وخروجاً، وتسمى بالتراب الجمركي الذي هو الجزء الخاضع للدولة، بما فيه المياه الإقليمية والمجال الجوي والبري.

2018:

- إنطلقت شرارة الحرب التجارية بين أمريكا والصين، فور إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مطلع 2018 نيته في فرض رسوم وضرائب على منتجات من ضمنها وأهمها الألواح الشمسية والغسالات الكهربائية، فيما تتمثل واردات الألواح الشمسية من الصين في 2017 نسبة 8 %، وتتمثل واردات الغسالات في 2015 ما يقرب من 1.1 بليون دولار.

- 8 مارس: أعلن ترامب فرض رسوم على واردات الحديد والألومنيوم من جميع الدول، بالعلم أن الولايات المتحدة تستورد 3 % من الحديد من الصين.

- 22 مارس: أعلن ترامب فرض رسوم بنسبة 25 % على واردات الفولاذ، و 10 % على الألومنيوم، اللذان تستوردهما أمريكا، على أن يطبق القرار على كل دول العالم عدا المكسيك وكندا اللذان استثناهما ترامب من قراره، والجدير بالذكر في هذه الحالة أن الولايات المتحدة تعد أكبر مستورد للفولاذ في العالم في حين أن الواردات الأمريكية تبلغ أربعة أضعاف ما تصدره واشنطن للعالم.وعندما إتضحت المعالم التنفيذية لقرار ترامب بشكلها الرسمي بإعلان البيت الأبيض فرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة تتخطى ال 50 إلى 60 مليار دولار بفرضية تقليل العجز التجاري الأمريكيالذي بلغ 566 مليار دولار في 2017، منها 375.2 مليار دولار مع الصين- أكبر منتج للصلب والألومنيوم في العالم؛حددت واشنطن أكثر من 1300 منتج صيني فرضت عليه الرسوم. وصرح المستشار الاقتصادي البارز في البيت الأبيض إيفريت اينشنستات، أن الرسوم الجديدة على الواردات ستستهدف قطاعات صناعية شملت قطع غيار طائرات، وبطاريات، وأجهزة تليفاز مسطحة، وأجهزة طبية، والأقمار الصناعية، وأسلحة متنوعة؛ سعت فيها الصين إلى الحصول على ميزةتنافسية من خلال الاستحواذ غير المنصف أو نقل التكنولوجيا بالقوة من الشركات الأمريكية. 

- 2 أبريل: ردت بكين على واشنطن بالمثل، عن طريق فرض رسوم إضافية على سلع أمريكية بقيمة 50 مليار دولار، وأعلنت وزارة المالية الصينية فرض رسوم إضافية نسبتها 25 % على 128 منتجاًأمريكياً من بينها فول الصويا والسيارات والكيماويات وبعض أنواع الطائرات والذرة والألومنيوم بالإضافة إلى منتجات زراعية أخرى.

- 15 مايو: زار نائب رئيس مجلس الدولة وعضو المكتب السياسي وكبير المستشارين الاقتصاديين لرئيس الصين والأمين العام شي جين بينغ، واشنطن لإجراء مزيد من المحادثات التجارية.

التهدئة الأولى:


- 20 مايو: وافق المسؤولون الصينيون على الحد بشكل كبير من العجز التجاري الأمريكي مع الصين من خلال الالتزام بـزيادة كبيرة في مشترياتها من البضائع الأمريكية وخفض الرسوم الجمركية ورفع القيود. نتيجة لذلك أعلن وزير الخزانة الصينيستيفن منوشين وقف الحرب التجارية في حين قال بيتر نافارو، مدير المجلس الوطني للتجارة في البيت الأبيض إنه لم تكن هناك حرب تجارية، لكنها كانت نزاعًا تجاريًا عادلًا وبسيطًا ولقد خسرنا الحرب التجارية منذ فترة طويلة.

- 21 مايو: أكد ترامب على أن الصين قد وافقت على شراء كميات هائلة من المنتجات الزراعية والزراعية الإضافية، على الرغم من أنه أوضح لاحقًا أن عمليات الشراء كانت مشروطة بإغلاق الصفقة المحتملة.

- 29 مايو: أعلن البيت الأبيض أنه سيفرض رسوم جمركية بنسبة 25 ٪ على 50 مليار دولار من البضائع الصينية وأن القائمة الكاملة للمنتجات المتأثرة سيتم الإعلان عنها بحلول 15 يونيو. كما خططت لفرض قيود الاستثمار وتعزيز ضوابط التصدير على بعض الأفراد والمؤسسات الصينية لمنعهم من الحصول على التكنولوجيا الأمريكية. وقالت الصين إنها ستوقف المحادثات التجارية مع واشنطن إذا فرضت عقوبات تجارية.

- 15 يونيو: أعلن ترامب أن الرسوم التي ستفرضها الولايات المتحدة بنسبة 25 ٪ على 50 مليار دولار من الصادرات الصينية ستكون على مرحلتين، سيبدأ 34 مليار دولار منها في 6 يوليو 2018، مع 16 مليار دولار أخرى تبدأ في وقت لاحق. واتهمت وزارة التجارة الصينية الولايات المتحدة بشن حرب تجارية وقالت إن الصين سترد بالمثل بتعريفات مماثلة على الواردات الأمريكية تبدأ في 6 يوليو. وبعد ثلاثة أيام ، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستفرض تعريفة إضافية بنسبة 10 ٪ على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار أخرى إذا قامت الصين بالانتقام من هذه التعريفات الأمريكية السابقة. وتم إصدار قائمة المنتجات المدرجة في هذه الجولة من التعريفات في 11 يوليو 2018 ، ومن المقرر تنفيذها خلال 60 يومًا.

- 19 يونيو: انتقمت الصين، وهددت بإعلان رسومها الجمركية على 50 مليار دولار من البضائع الأمريكية، وذكرت أن الولايات المتحدة شنت حربًا تجارية. في حين أن أسواق الاستيراد والتصدير في عدد من الدول تخشى أن تعطل الرسوم سلاسل التوريد التي يمكن أن تنتشر في جميع أنحاء العالم.

حيز التنفيذ:

- 6 يوليو: دخلت الرسوم الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية بقيمة 34 مليار دولار حيز التنفيذ. ومنها فرضت الصين رسوما جمركية انتقامية على البضائع الأمريكية ذات القيمة المماثلة. تمثل التعريفات 0.1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي 10 يوليو، أصدرت الولايات المتحدة قائمة مبدئية بقيمة 200 مليار دولار إضافية من البضائع الصينية التي ستخضع للتعرفة بنسبة 10 ٪. وبعد يومين، تعهدت الصين بالانتقام من رسوم إضافية على البضائع الأمريكية بقيمة 60 مليار دولار سنويًا.

- 8 أغسطس: نشر مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة قائمته النهائية من 279 سلعة صينية، بقيمة 16 مليار دولار، لتكون خاضعة للتعريفة الجمركية بنسبة 25 ٪ اعتبارا من 23 أغسطس. وردا على ذلك، فرضت الصين رسوم بنسبة 25 ٪ على 16 مليار دولار من الواردات من الولايات المتحدة، والتي تم تنفيذها بالتوازي مع التعريفات الأمريكية في 23 أغسطس.

- 14 أغسطس: قدمت الصين شكوى إلى منظمة التجارة العالمية (WTO)، قائلة إن الرسوم الأمريكية على الألواح الشمسية الأجنبية تتعارض مع حكم منظمة التجارة العالمية وزعزعت استقرار السوق الدولية للمنتجات الكهروضوئية الشمسية. وذكرت الصين أن التأثير الناتج أضر مباشرة بالمصالح التجارية المشروعة للصين.

22 -أغسطس: التقى وكيل وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد مالباس ونائب وزير التجارة الصيني وانغ شوين في واشنطن العاصمة في محاولة لإعادة فتح المفاوضات. وفي الوقت نفسه- في 23 أغسطس-أصبحت الرسوم الموعودة من الولايات المتحدة والصين على 16 مليار دولار من البضائع سارية المفعول. أما في 27 أغسطس، قدمت الصين شكوى جديدة لمنظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة فيما يتعلق بالرسوم الإضافية.

17 -سبتمبر: أعلنت الولايات المتحدة أن رسوم 10 % على البضائع الصينية بقيمة 200 مليار دولار ستبدأ في 24 سبتمبر، بزيادة إلى 25 ٪ بحلول نهاية العام. كما هددوا بالرسوم الجمركية على واردات بقيمة 267 مليار دولار إضافية إذا قامت الصين بالرد، وهو ما فعلته الصين على الفور في 18 سبتمبر بفرض رسوم بنسبة 10 ٪ على 60 مليار دولار من واردات الولايات المتحدة. حتى الآن فرضت الصين أو اقترحت رسوم على 110 مليارات دولار من السلع الأمريكية، تمثل معظم وارداتها من المنتجات الأمريكية.

10 - نوفمبر: إدعى بيتر نافارو مدير مجلس التجارة الوطنية بالبيت الأبيض أن مجموعة من أصحاب المليارات في وول ستريت يقومون بعملية التأثير نيابة عن الحكومة الصينية من أجل إضعاف موقف الرئيس والمفاوضات الأمريكية.

- 30 نوفمبر: وقع الرئيس ترامب اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا المعدلة في بوينس آيرس- الأرجنتين. يحتوي قانون مكافحة الألغام على المادة 32.10 التي تهدف إلى منع أي اقتصاد غير سوقي- وخاصة الصين- من الاستفادة من الاتفاقية. وقال خورخي غوياردو، السفير المكسيكي السابق لدى الصين أن هناك شيء يجب على الصينيين أن يعترفوا به وهي أن الحرب الحالية ليست قضية ترامب وإنها قضية عالمية. فلقد سئم الجميع من الطريقة التي تلجأ بها الصين إلى النظام التجاري وتقدم الوعود التي لا تصل أبداً إلى أي شيء.

هدنة:


1 -ديسمبر: تم تأجيل الزيادات المقررة في الرسوم الجمركية. وصرح البيت الأبيض أن كلا الطرفين سيبدئان على الفور مفاوضات حول التغييرات الهيكلية فيما يتعلق بنقل التكنولوجيا القسري، وحماية الملكية الفكرية، والحواجز غير الجمركية، والتدخلات الإلكترونية والسرقة الإلكترونية. ووفقًا لإدارة ترامب، إنه في نهاية 90 يومًا إذالم تتمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق سيتم رفع التعريفات بنسبة 10 بالمائة إلى 25 بالمائة. وأكد مكتب الممثل التجاري الأمريكي الموعد النهائي الصعب للهيكلية الصينية والتغييرات بالأول من مارس 2019. 

2019:

5 - مايو: بعد عقد 11 جولة من المحادثات التجارية رفيعة المستوى أعلن الرئيس الأمريكي تعثر المفاوضات، وأن الولايات المتحدة ستزيد الرسوم السابقة البالغة 10 ٪ التي تم فرضها على البضائع الصينية بقيمة 200 مليار دولار إلى 25 ٪ في 10 مايو. والسبب المعلن هو أن الصين تخلت عن الصفقات المتفق عليها بالفعل.

15 -مايو: وقع ترامب على الأمر التنفيذي رقم 13873، والذي سعى إلى تقييد تصدير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأمريكية إلى خصوم أجانب وفقًا للأمن القومي. لم يشر هذا الأمر إلى أي إشارات أو إلى شركات أو دول محددة ، ولكن كان يعني ضمنيًا أن الأمر كان يهدف إلى دعم مزاعم الولايات المتحدة بالتجسس عليها عبر شركات الاتصالات الصينية. وأعلنت الولايات المتحدة في 20 مايو مهلة 3 أشهر قبل تفعيل هذه العقوبات.

1 -يونيو: زادت الصين التعريفات الجمركية على السلع الأمريكية بقيمة 60 مليار دولار. وأعلنت الصين إنها تعد لائحة سوداء بالشركات الأجنبية الغير موثوق فيها.

أزمة Huawei- مايو 2019:

بدأت الأزمة بمنع الإدارة الأمريكية شركة هواوي من تطوير شبكة الجيل الخامس داخل حدودها، حيث وضع مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية هواوي والشركات التابعة لها على قائمة الكيانات المحظورة، وحظرت كل من أستراليا ونيوزيلندا استخدام أجهزة هواوي في بناء شبكات الجيل الخامس للإنترنت بها،وعلى الرغم من أن شركة هواوي أسهمت في القيمة المضافة الإجمالية الخاصة باقتصاد المملكة المتحدة بنحو 1.7 مليار جنيه إسترليني، ووفرت نحو 26.200 وظيفة، وقامت بدفع ضرائب بلغت 470 مليون جنيه إسترليني خلال الفترة من 2012 حتى 2018، قطعت 5 شركات أمريكية إمداداتها الحيوية عن شركة هواوي الصينية و70 شركة صينية تابعة لها. غير أن شركتي إي إي وفودافون بالمملكة المتحدة ألغا طلباتهما الأولية الخاصة باستيراد هواتف هواوي الذكية المتوافقة مع الجيل الخامس، وتحدّث المدير التنفيذي لهواوي قائلا إن قرار ضم شركة هواوي لقائمة الحظر الأميركية كان مفاجأة، وإن شركته لم تكن مستعدة لهذا الحظر بسبب المخاوف المتعلقة بتحديثات نظام التشغيل، وشهدت بعض الأسواق انخفاض مبيعات هواتف هواوي الذكية بنسبة تصل إلى 40% في أول أسبوعين من تنفيذ قرار الحظر.وأوضح إنه ومع ذلك وبعد المراجعة، وجدت هواوي أنها قادرة تماماً على التخلص من اعتمادها على الولايات المتحدة في المنتجات الأساسية، وقررت قطع بعض المنتجات غير الأساسية التي تعتمد على المكونات الأميركية. ولم ينفِ الأزمة التي تعيشها هواووي، حيث أعلنت ""Huawei Technologies  تسريح أكثر من ثلثي القوة العاملة لدى ذراعها الخاصة بالأبحاث "FutureweiTechnologies" في الولايات المتحدة، بعد أن أدرجتها الحكومة على القائمة التجارية السوداء. وتم تسريح 600 موظف من مكاتب"Futurewei" في وادي السيليكون وسياتل وشيكاغو ودالاس. وكانت الشركة تعمل مع الجامعات والباحثين، وقد بلغت تكاليفها التشغيلية العام الماضي 510 ملايين دولار.

إستئناف المفاوضات:


- 29 يونيو: خلال قمة أوساكا لمجموعة العشرين ، أعلن ترامب أنهونظيره وشي جين بينغ اتفقا على "هدنة" في الحرب التجارية بعد محادثات مكثفة. وتظل التعريفات السابقة سارية المفعول ، لكن لن يتم فرض أي رسوم مستقبلية في الوقت الحالي وسط مفاوضات متجددة. بالإضافة إلى ذلك، قال ترامب إنه سيسمح للشركات الأمريكية ببيع منتجاتها لشركة Huawei، لكن الشركة ستبقى على القائمة التجارية الأمريكية. ومع ذلك، فإن مدى ما إذا كانت هذه الخطة لإعفاء Huawei مؤقتًا من الحظر السابق سيتم تنفيذها لاحقًا أصبح غير واضح، وفي الأسابيع اللاحقة، لم يكن هناك أي مؤشر واضح على انعكاس حظر.Huawei 

29 - يونيو: بعد اجتماع مع الزعيم الصيني شي جين بينغ، أعلن ترامب أن الصين ستشتري كمية هائلة من المنتجات الغذائية والزراعية، وسوف تبدأ في وقت قريب جدا، على الفور تقريبا. لكن الصين لم تجعل من هذا الالتزام حقيقة حتى وبعدها بشهر لم تتحقق هذه المشتريات.

11 - يوليو: غرد ترامب على تويتر بأن الصين تخذلنا لأنهم لم يشتروا المنتجات الزراعية من المزارعين الكبار رغم وعودها لنا. وقال أشخاص مطلعون على المفاوضات التجارية إن الصين لم تقدم أي تعهدات حازمة لشراء السلع الزراعية ما لم تكن جزءًا من اتفاقية تجارية شاملة.

- 17 يوليو: أعلنت الصين عن انخفاض سريع في حيازات الخزينة الأمريكية، مستهدفة 25٪ من حيازاتها الحالية البالغة 1.1 تريليون دولار.

- 1 أغسطس: بعدما رأى ترامب أن بكين لا تفي بتعهداتها بشراء المنتجات الزراعية ووقف بيع مادة الفنتانيل التي تعتبر من المخدرات الأكثر فتكا في الولايات المتحدة، أعلن فرض رسوم جمركية إضافية تبلغ 10% على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار لم تكن قد طالتهاالإجراءات العقابية، اعتبارا من الأول من سبتمبر.

- 5 أغسطس: سمحت الصين بخفض سعر عملتها الذي تراجع إلى أقل من العتبة الرمزية البالغة 7 يوان للدولار وهو الإنخفاض الأكبر منذ 11 عاماً. وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية بعدها رسميا أن الصين تتلاعب بالعملة. وفي يوليو الماضي وجد صندوق النقد الدولي أن قيمة اليوان قد تم تقديرها بشكل صحيح، في حين أن قيمة الدولار مبالغ فيها، ووجد بعض المحللين أن قوى السوق بدلاً من التدخل الصيني هي التي تسببت مؤخرًا في خسارة قيمة اليوان ونفت الصين التلاعب بعملتها، مشيرة إلى رد فعل سوق العملات لإعلان ترامب عن زيادة الرسوم الجمركية قبل أيام.

أمرت الصين الشركات المملوكة للدولة بالتوقف عن شراء المنتجات الزراعية الأمريكية، بمجموع 20 مليار دولار سنويا قبل الحرب التجارية. الخطوة التي وصفها رئيس اتحاد مكتب الزراعة الأمريكى بأنها ضربة قوية لآلاف المزارعين ومربي الماشية الذين يكافحون بالفعل من أجل الحصول عليها، مضيفًا أن خبراء مكتب الزراعة يقولون إن الصادرات إلى الصين انخفضت بمقدار 1.3 مليار دولار خلال في النصف الأول من العام، وإنهم سيخسرون كل ما كان سوقًه بقيمة 9.1 مليار دولار في عام 2018، والذي انخفض بشكل حاد عن 19.5 مليار دولار أمريكي من المزارعين الذين تم تصديرهم إلى الصين في عام 2017.

إرجاء بعض الرسوم:

- 13 أغسطس: أرجى ترامب بعض الرسوم تحديداً 112 مليار دولار والتي ستتم في 1 سبتمبر (مما يعني أنه في الأول من سبتمبر، ستواجه القيمة الإجمالية للمنتج الصيني بقيمة 362 مليار دولار، بما في ذلك 112 مليار دولار التي تم فرضها حديثًا)، لكن 160 مليار دولار إضافية، لم يتم فرضها بعد فلا تصبح نافذة المفعول حتى 15 ديسمبر. وأقر ترامب ومستشاريه بيتر نافارو وويلبر روس ولاري كودلو بأن الرسوم قد تم تأجيلها لتجنب إلحاق الأذى بالمستهلكين الأمريكيين خلال موسم التسوق في عيد الميلاد.

- 23 أغسطس: أعلنت وزارة المالية الصينية عن جولات جديدة من التعريفات الانتقامية على السلع الأمريكية بقيمة 75 مليار دولار.

- 23 أغسطس: قام ترامب بتغريدة تقول أنه أمر الشركات الأمريكية للبدء فوراً في البحث عن بديل للصين. وأوضح المساعدون والمحللون أن تغريدته كانت بدون قوة قانونية. علاوة على ذلك سيتم رفع الرسوم الجمركية من 25 ٪ إلى 30 ٪ على البضائع الصينية الحالية بقيمة 250 مليار دولار ابتداء من 1 أكتوبر 2019، ومن 10 ٪ إلى 15 ٪ على البضائع المتبقية بقيمة 300 مليار دولار ابتداء من 15 ديسمبر 2019 

- 26 أغسطس: في قمة مجموعة السبع، صرح ترامب بأن الصين استدعت كبار رجال أمريكا التجاريين وقالت لهم دعونا نعود إلى الطاولة! بعدما أصيبت بجروح بالغة لكنهم يفهمون أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به ولدى ترامب احترام كبير لذلك. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ إنه لم يكن على علم بمثل هذه الدعوة وقد أقر مساعدو ترامب لاحقًا بأن الدعوة لم تحدث، لكن الرئيس كان يحاول إظهار التفاؤل.

- 28 أغسطس: American for Free Trade، وهي مجموعة تضم 161 جمعية تجارية في العديد من الصناعات، بعثت برسالة إلى ترامب تطلب منه تأجيل جميع الزيادات في التعريفة المقررة. وفي اليوم التالي، قال ترامب  أن الشركات الضعيفة والتي تدار بشكل سيئ تلقي اللوم على هذه الرسوم الصغيرة بدلاً من لوم أنفسهم علىالإدارة السيئة لشركاتهم.

- 1 سبتمبر: دخلت التعريفة الجمركية الجديدة التي صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية والصين حيز التنفيذ الساعة 12:01 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة. وفرضت الصين 5 ٪ إلى 10 ٪ من الرسوم الجمركية على الثلث من أصل 5078 من البضائع التي تستوردها من أمريكا، مع فرض الرسوم الجمركية على الباقي في 15 ديسمبر. وفرضت الولايات المتحدة تعريفة جديدة بنسبة 15٪ على حوالي 112 مليار دولار من الواردات الصينية، بحيث خضع أكثر من ثلثي السلع الاستهلاكية المستوردة من الصين إلى التعريفات. 

- 6 سبتمبر: أعلن People’s Bank of China عن انخفاض بنسبة 0.5 في المائة في نسبة متطلبات الاحتياطي استجابة لتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في الصين بسبب الحرب التجارية.

- 11 سبتمبر: بعد أن أعلنت الصين أنها تعفي 16 نوعًا من المنتجات الأمريكية من الرسوم لمدة عام، أعلن ترامب أنه سيؤجل حتى 15 أكتوبر زيادة في الرسوم الجمركية على البضائع الصينية المقررة مسبقًا في الأول من أكتوبر. وأكد ترامب أنه منح التأخير بناءً على طلب نائب رئيس مجلس الدولة الصيني.

- 12 سبتمبر: ذكرت بلومبرج نيوز و بوليتيكو أن مستشاري ترامب قلقون بشكل متزايد من أن الحرب التجارية كانت تضعف الاقتصاد الأمريكي في الحملة الانتخابية لعام 2020 وكانوا يناقشون سبل التوصل إلى اتفاق مؤقت محدود. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الصين تسعى إلى تضييق نطاق المفاوضات لوضع مسائل الأمن القومي على مسار منفصل عن القضايا التجارية.

- 26 سبتمبر: ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرسوم الجمركية الصينية الانتقامية على الأخشاب والمنتجات الخشبية قد تسببت في انخفاض صادرات الأخشاب الصلبة إلى الصين بنسبة 40 ٪ خلال عام 2019، مما أدى إلى خفض مصانع الخشب الأمريكية من العمالة.

- 7 أكتوبر: في إشارة إلى قضايا حقوق الإنسان، وضعت وزارة التجارة الأمريكية 20 مكتبًا للأمن العام الصيني وثماني شركات عالية التقنية، مثل HikVision و SenseTime و Megvii ، ضمن القائمة السوداء. فيما تأتي Huawei  التي تمت الموافقة عليها ضمنمخطط مماثل لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ستحتاج الكيانات فيما بعد إلى موافقة الحكومة الأمريكية قبل أن تتمكن من شراء المكونات من الشركات الأمريكية.

الإتفاق الجزئي الأولي

سبب إتجاه الدولتين للإتفاق: (بوادر أمريكية لإنهاء الأزمة):



وهي أكبر خطوة نحو تسوية حرب تجارية بدأت قبل 15 شهرا بين أكبر اقتصادين في العالم والتي عصفت بالأسواق المالية وعطلت قطاع الصناعات التحويلية وأبطأت النمو العالمي.

- 11 أكتوبر: أعلن ترامب أن الصين والولايات المتحدة قد توصلت إلى اتفاق مبدئي لـ "المرحلة الأولى" من الصفقة التجارية ، مع موافقة الصين على شراء ما يصل إلى 50 مليار دولار من المنتجات الزراعية الأمريكية، وقبول المزيد من الخدمات المالية الأمريكية في السوق، مع موافقة الولايات المتحدة على تعليقالرسوم الجمركية الجديدة المقررة في 15 أكتوبر حيث قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين للصحفيين إن ترامب وافق على عدم المضي قدما في رفع رسوم جمركية من 25 بالمئة إلى 30 بالمئة على بضائع صينية قيمتها حوالي 250 مليار دولار والتي كان من المفترض ان يبدأ سريانها يوم الثلاثاء 15 أكتوبر 2019. وذكر الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر إن ترامب لم يتخذ قرارا بشأن الرسوم التي من المزمع أن يبدأ سريانها في ديسمبر، وكان من المتوقع الانتهاء من الصفقة في الأسابيع المقبلة لجعل الإتفاق مكتوباً. لذلك قد نستدل على توقف هذه الحرب التجارية بين أمريكا والصين وأن هذا الإتفاق قد يكون نهائياً وفعلياً وسيتم إدخاله حيز التنفيذ نظراً لما قاله ترامب "إننا إقتربنا جدا من إنهاء الحرب التجارية".

دوماً ما كان الرد الصيني بالنسبة لترامب رداً غير متواضعاً ورأى فيه إن الصين لابد وأن تعترف بأخطائها وتدفع ثمن ذنوبها في المنطقة الغربية بدأً من إتهامها بسرقة حقوق الملكية الفكرية إلى الممارسات التجارية غير المشروعة التي أدت إلى تدمير آلاف المصانع وفقدان ملايين فرص العمل. لذلك كان دائم الإقتراح بفرض رسوم إضافية على الصين. القرار الذي إستقبلته الصين بإعلان إنها تمتلك القدرة الكاملة في الرد على مثل هذه القرارات بشكل ملائم.

أرقام تجارية بين الدولتين:

وكيف ساعدت التجارة مع الصين تحقيق فوائد لأمريكا؟

مع بدء العلاقات الرسمية بين الصين والولايات المتحدة الامركية، شهدت العلاقات التجارية بين البلدين نموا سريعا و مضطردا. فبحسب الارقام الامريكية، كان حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1979 حوالي 2مليار و 700 مليون دولار و وصل في عام 2010 الى حوالي 500 مليار دولار امريكي، أي انه تضاعف باكثر من 193 مرة خلال هذه الفترة الزمنية (حتى ولو لم يكن هذا التبادل لصالح الجانبين). فعلى سبيل المثال عام 1976 كانت امريكا تصنع محليا53%من حاجتها الى الاحذية، اما الان فوصلت نسبة الاحذية المستوردة من الصين في امريكا الى اكثر من 80%، ومن المعروف أن العلاقات التجارية الدولية تستند الى مبدا الربح للطرفين ، فمن المعلوم ان اجرة العامل الصيني حوالي 1.5 دولار للساعة اما نظيره الامريكي فتصل اجرة ساعة العمل لديه الى 18 ل 20 دولار. فمن عام 1996 الى 2003، وصل العجز التجاري بين البلدين لصالح الصين الى حوالي 230 مليار دولار امريكي، لكن و في هذه الفترة بالذات ساعدت البضائع الصينية الرخيصة في توفير اكثر من 600 مليار دولار على المستهلك الامريكي، و ساعدت على كبح التضخم و خفض اسعار البضائع الاخرى في الاسواق الامريكية. ومنذ عام 1980 الى 2010 ، اشترت الصين اكثر من 600 طائرة بوينغ من امريكا، حيث يتجاوز سعر كل طائرة المئة مليون دولار، هذا الطلب الكبير قد خلق وظائف كبيرة للاقتصاد الامريكي لا يذكرها الخبراء الامريكيون في دراساتهم، علما انه يتوجب على الصين تصدير 50 مليون حذاء لكي تستورد طائرة واحدة من امريكا.

بحسب تقارير غرفة التجارة الامريكية فقد ازداد حجم التصدير الى الصين 465% بين عام 2000 و عام 2010 ،بالمقارنة مع نسبة نمو 56% للبلدان الاخرى، و في اكتوبر 2010 نشرت وزارة التجارة الامريكية خطتها لزيادة التصدير الامريكي للسنوات الخمس المقبلة.

وفي عام 2010 احتل التبادل التجاري مع الصين نسبة 14.3% من حجم التبادل التجاري الدولي لامريكا، ودخل الطرفان في علاقات استراتيجية تجارية عميقة اثر هذا التبادل الكبير، و كان هذا التعاون ياتي بثماره للطرفين. فتستورد أمريكا منتجات من الصين أكثر من أي بلد آخر في العالم، وقدرت قيمة ما استوردته أمريكا في عام 2017 من الصين بـ 505 مليارات دولار وفقا لبيانات أمريكية حكومية، في حين أن الولايات المتحدة تصدر فقط بما تبلغ قيمته 130 مليار دولار من تلك المنتجات إلى الصين، ما خلق عجزا أو فارقا بـ 375 مليار دولار، وهذا ما خلق جزءً كبيرا من العجز التجاري مع الصين.

وبلغت الاستثمارات الصينية منذ عام 2000 إلى 2016  بالولايات المتحدة الأمريكية نحو 109 مليارات دولار، منهم 45 مليار دولار خلال العام 2016، وتوفير فرص عمل ووظائف لنحو 140 ألف شخص، ومقابل حماية هذا الحجم الهائل من الاستثمارات، تريد أمريكا بعض التسهيلات من قبل الدولة الصينية، تتمثل فى رفع الحظر على واردات أمريكا من اللحوم، وتسهيل الدخول إلى القطاع المالى من خلال "المستثمرين الأمريكيين، علاوة على، خفض الضرائب على واردات السيارات من الولايات إلى الصين.

والحقيقة أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن استيراد المنتجات الصينية، على الأقل في الوقت الحالي، فبلغة الأرقام تستورد واشنطن أجهزة وأدوات إلكترونية من بكين، تقدر قيمتها بـ 146 مليار دولار سنويا، وهو أكثر مما تستورده الصين من أمريكا، كما تستورد الولايات المتحدة أحذية من الصين بقيمة 1.4 مليار دولار سنويا، وبالإضافة إلى كل ذلك استوردت أمريكا مظلات في العام الماضي بقيمة 113 مليار دولار فبحسب شبكة CNN الأمريكية فالصين بالطبع هي أكبر مورد مظلات لها. والجدير بالذكر أنه أصبحت الولايات المتحدة منذ عام 1989 أكبر مستورد للسلع الصينية. وفى عام 2015 أصبحت الصين أكبر شريك تجارى للولايات المتحدة بدلا من كندا حيث بلغ حجم تبادل السلع بينهما ما قيمته 500 مليار دولار, مما يمثل 15% من اجمالى التجارة الأمريكية.

إحصائيات رقمية حديثة بين الدولتين

تعد الصين حاليًا أكبر شريك تجاري للسلع لدى الولايات المتحدة،حيث بلغ إجمالي تجارة البضائع (في الاتجاهين تصدير وإستيراد) 659.8 مليار دولار خلال عام 2018. حيث بلغ إجمالي صادرات السلع 120.3 مليار دولار؛ وبلغت واردات البضائع 539.5 مليار دولار. في حين بلغ العجز التجاري للسلع الأمريكية مع الصين 419.2 مليار دولار في 2018.

الصادرات الأمريكية للصين:

كانت الصين ثالث أكبر سوق تصدير للسلع في الولايات المتحدة في عام 2018.


ففي عام 2018، بلغت صادرات السلع الأمريكية إلى الصين 120.3 مليار دولار، بانخفاض 7.4٪ (9.6 مليار دولار) عن عام 2017، ولكنها ارتفعت بنسبة 72.6٪ عن عام 2008. كما ارتفعت الصادرات الأمريكية إلى الصين بنسبة 527٪ مقارنة بعام 2001 وتمثل الصادرات الأمريكية إلى الصين 7.2٪ من إجمالي الصادرات الأمريكية في عام 2018.

وكانت فئات التصدير الرئيسية في عام 2018: الطائرات (18 مليار دولار)، والآلات (14 مليار دولار)، والآلات الكهربائية (13 مليار دولار)، والأدوات البصرية والطبية (9.8 مليار دولار)، والمركبات (9.4 مليار دولار).

بلغ إجمالي الصادرات الأمريكية من المنتجات الزراعية إلى الصين 9.3 مليار دولار في عام 2018، رابع أكبر سوق تصدير زراعي لدى الولايات المتحدة. وتشمل فئات الصادرات المحلية الرائدة: فول الصويا (3.1 مليار دولار)، والقطن (924 مليون دولار)، والجلود الكبيرة والصغيرة (607 مليون دولار)، ومنتجات لحوم الخنزير ولحم الخنزير (571 مليون دولار)، والحبوب الخشنة (الذرة السابقة) (530) مليون دولار.

في عام 2018 ، بلغت صادرات الولايات المتحدة من الخدمات إلى الصين 58.9 مليار دولار، بزيادة 2.2٪ (1.3 مليار دولار) عن عام 2017، و 272٪ أعلى من مستويات 2008. فلقد ارتفع بنسبة 997٪ تقريبًا مقارنة بعام 2001. وكانت صادرات الخدمات الرائدة من الولايات المتحدة إلى الصين في قطاعات السفر والملكية الفكرية (العلامات التجارية وبرامج الكمبيوتر) والنقل.

الواردات الأمريكية من الصين:

كانت الصين أكبر مورد للولايات المتحدة لواردات البضائع في عام 2018.

بلغت واردات السلع الأمريكية من الصين 539.5 مليار دولار في عام 2018، بزيادة 6.7 ٪ (34.0 مليار دولار) عن عام 2017 ، بزيادة 59.7 ٪ عن عام 2008. واردات الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 427 ٪ عن عام 2001 و تمثل الواردات الأمريكية من الصين 21.2٪ من إجمالي الواردات الأمريكية في عام 2018.

وكانت أهم فئات الاستيراد في 2018: الآلات الكهربائية (152 مليار دولار) والآلات (117 مليار دولار) والأثاث والفراش (35 مليار دولار) واللعب والمعدات الرياضية (27 مليار دولار) والبلاستيك (19 مليار دولار).

بلغ إجمالي واردات الولايات المتحدة من المنتجات الزراعية من الصين 4.9 مليار دولار في 2018 ، ثالث أكبر مورد للواردات الزراعية. تشمل الفئات الرئيسية: الفواكه والخضروات المصنعة (1.2 مليار دولار) وعصائر الفاكهة والخضروات (393 مليون دولار)، والأطعمة الخفيفة (222 مليون دولار)، والتوابل (167 مليون دولار)، والخضروات الطازجة (160 مليون دولار).

بلغت واردات الولايات المتحدة للخدمات من الصين 18.4 مليار دولار في عام 2018، بزيادة 5.5 ٪ (963 مليون دولار) عن عام 2017 ، و 68. ٪ أعلى من مستويات عام 2008. وقد ارتفع بنسبة 414٪ تقريبًا مقارنة بعام 2001 (الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية). كانت واردات الخدمات الرائدة من الصين إلى الولايات المتحدة في قطاعات النقل والسفر والبحث والتطوير.

الميزان التجاري:

بلغ العجز التجاري للسلع الأمريكية مع الصين 419.2 مليار دولار في عام 2018 ، بزيادة 11.6 ٪ (43.6 مليار دولار) عن عام 2017.والولايات المتحدة لديها فائض في تجارة الخدمات يقدر بنحو 41 مليار دولار مع الصين في عام 2018، بزيادة 0.8 ٪ عن عام 2017.

الإستثمار:

بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي (FDI) في الصين (الأسهم) 107.6 مليار دولار في عام 2017، بزيادة قدرها 10.6 ٪ عن عام 2016. يقود الاستثمار المباشر للولايات المتحدة في الصين الصناعات التحويلية وتجارة الجملة والتمويل والتأمين.

وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في الولايات المتحدة (الأسهم) 39.5 مليار دولار في عام 2017، بانخفاض 2.3 ٪ عن عام 2016. ويقود الاستثمار المباشر في الصين في الولايات المتحدة من قبل مؤسسات التصنيع والعقارات والودائع.

بلغت مبيعات الخدمات في الصين من قبل معظم الشركات التابعة المملوكة للولايات المتحدة 55.1 مليار دولار في عام 2016، في حين أن مبيعات الخدمات في الولايات المتحدة من قبل الشركات المملوكة لأغلبية الصين كانت 8.3 مليار دولار.

أسباب الحرب التجارية بين أمريكا والصين:

يرجح مركز العاصمة بعد طرح السؤال البديهي وهو لماذا أقدم ترامب على هذه الحرب التجارية مع الصين؟ أن الجزء الأكبر من الإجابةعلى هذا التساؤل تكمن في محاولة ترامب ممارسة ضغوط على الصين لإصلاح بعض سياساتها الاقتصادية المهمة ومن الأسبابالأخرى التي يرجحها المركز: التجسس الصناعي وسرقة الملكية الفكرية والنقل القسري للتكنولوجيا والإعانات الحكومية الضخمة لصناعات منتقاة وفرض قيود صارمة على الشركات الأجنبية في قطاعات جوهرية بعينها... وغيرها.... ويتفق الكثير من المراقبين الأمريكيين، ومن بينهم حتى بعض أقسى منتقدي ترامب من الليبراليين توماس فريدمان، على أن الصين تغش في التزاماتها في هذه المجالات أمام منظمة التجارة الدولية التي انضمت إليها منذ نحو عشرين عاماً.

سبب الحرب التجارية بين الصين وأمريكا يمكن تخمينه أيضاً بعلانية وهو العملة، حيث تتهم أمريكا الصين بأنها تقوّم عملتها، بأقل من قيمتها الحقيقية، ونتيجة لذلك تدخل السلع الصينية الأسواق الأمريكية بأسعار تنافسية وأقل من أسعار مثيلتها الأمريكية، فيؤدي ذلك لإقبال المستهلكين على شراء المنتجات الصينية وتفضيلها عن الأمريكية. الأمر الذي أدى لقلب الميزان التجاري بين الصين وأمريكا، لصالح الصين، الأمر الذي رفضته أمريكا، وبدأت تضغط على الصين عن طريق فرض رسوم جمركية على السلع الواردة منها وبدأت الصين في مفاوضات مع أمريكا، لكنها لم تصل لحلول معها، فقامت الحرب التجارية بين البلدين...

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية خسرت نحو 16.9 مليون وظيفة عام 2000، وفى 2007 تقلص العدد إلى 13.6 مليون وظيفة، وفى عام 2008 بلغ 11.2 مليون وظيفة، وهو ما دفع دونالد ترامب لاقتراح فرض ضرائب على الواردات الصينية.

تأثير الحرب التجارية بين أمريكا والصين

التأثير في المجمل وعالمياُ:


أصبحت الحروب التجارية أكثر تأثيراً على الاقتصاد العالمي من الحروب التقليدية ويمتد تأثيرها ليس فقط على الدول المتحاربة، بل على نطاق أوسع حسب قوة اقتصاديات الدول المتحاربة. فتشير مجموعة من المؤشرات الاقتصادية إلى أن النزاع الذي دام عاماونصف له تأثير متزايد على الاقتصاد العالمي، حيث انخفضت الصادرات الأميركية إلى الصين بنسبة 30% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2019، فيما انخفضت الصادرات الصينية إلى أميركا بنسبة 9% وانخفضت بنسبة 2.7 % على أساس سنوي في أبريل. كما أشارت تقارير إلى أن الاقتصاد العالمى سيشهد هذا العام أضعف نمو منذ الأزمة المالية فى 2008، ليتباطىء من المعدل البالغ 3.6% فى العام الماضى إلى 2.9% فى العام الجاري، قبل أن يبلغ المعدل المتوقع البالغ 3% فى 2020. وقالت لورانس بون، كبيرة خبراء الاقتصاد إن نمو التجارة الذى كان المحرك للتعافى العالمى بعد الأزمة المالية، تراجع من 5% فى 2017 ليسجل انكماشا فى الوقت الحالي، لافتة إلى أن النظام العالمى الذى ينظم التجارة قد انتهى، ونحن فى عهد جديد من العلاقات التجارية الأقل يقينا والأكثر ثنائيةوأضافت إن توترات التجارة تضغط على ثقة الشركات، وتسببت فى خفض نمو الاستثمار من 4%قبل عامين إلى 1% فقط.

لكن يحصر مركز العاصمة دلائل على أن المواجهة التجارية تؤثر سلبا على الاقتصاد الأمريكى وتضر بعض المنتجات المصنعة وتدفع المزارعالأمريكي للإفلاس، فمن المنتظر أن ينمو الاقتصاد الأمريكي الأكبر فى العالم 2.4% هذا العام و2% فى العام القادم، بدلا من 2.8% و2.3% على الترتيب فى توقعات مايو. وأن الصين ستعانى أيضا إذ من المتوقع أن ينمو ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بمقدار 6.1% فى 2019 و5.7% فى 2020، وهى التقديرات التى خفضتها المنظمة من 6.2% 6% فى السابق.

فبسبب الحرب التجارية، تم خفض الاستثمار الصيني الذي تحتاجه الشركة الأمريكية لصناعة الطائرات ICON Aircraft في أغسطس 2019. واستلزم ذلك الاستغناء عن 40 ٪ من القوة العاملة للشركة وخفض إنتاج الطائرات ICON A5 إلى أقل من خمس طائرات في الشهر ، من هدف 20 طائرة شهريا. وفي أكتوبر 2019 انخفضت أسعار مزيج خام برنت القياسي العالمي بواقع 1.04 دولار، أو ما يعادل 1.75%، إلى ما قيمته 58.31 للبرميل، فيما هبط سعر مزيج خام غرب تكساس الوسيط بواقع 98 سنتا، أو 1.83%، إلى 52.61 دولار. وتراجعت معدلات النمو الاقتصادي العالمي وحركة التجارة الدولية، وبالتالي انخفاض حركة التجارة الدولية في الاتحاد الأوروبي.

فحجم الناتج المحلى الإجمالى للولايات المتحدة الأمريكية يبلغ نحو 20.4 تريليون – ألف مليار – دولار فى حين يبلغ حجم الناتج المحلى للصين نحو 13.4 تريليون دولار، والأخير يحقق نموًا متسارعًا خلال السنوات الأخيرة. والصين تمتلك أكبر احتياطى من النقد الأجنبى فى العالم، بأكثر من 3 تريليونات دولار، وقيمة احتياطيات "بكين" من الذهب تسجل 78.525 مليار دولار، مما يجعلها أبرز الدول المؤثرة فى القرار الاقتصادى العالمى. أما الاَن فتخوض التجارة العالمية معركة شاقة، فخلال الشهرين الأخيرين من عام 2018، انخفضت مستويات التجارة بما لا يقل عن 3.8 ٪ ، وهو أكبر انخفاض منذ شهرين منذ عام 2009.

زيادة أسعار السلع

أن فرض رسوم جمركية متبادلة بين الصين وأمريكا، يؤدي إلى ارتفاع أسعارها على المستهلكين في السوق المحلي لكل دولة، بعد تحصيل رسوم الإفراج الجمركي والجمارك وهامش ربح تجار الجملة والتجزئة، فيبدأ المستهلك بالبحث عن السلع البديلة مما يؤدي من الناحية الأخرى إلى قلة الطلب على هذه السلع وإمكانية الإستغناء عنها.

زيادة اسعار الذهب

 أنه في حالة وجود حروب تجارية بين الدول فإن المستثمرين يلجؤون إلى الملاذات الآمنة فيؤدي ذلك لارتفاع أسعار الذهب، مشيرا ذلك إلى اتجاه الصين لشراء كميات كبيرة من الذهب مما أدى لتأثر أسعار المعدن الأهم في الأسواق العالمية.

زيادة التضخم

من عيوب الحرب التجارية هو أنها تزيد من التضخم؛ لأنه عندما تفرض البلدان قيودًا وتعريفة جمركية، فإنه يؤدي إلى نقص مصطنع في البضائع وعندما يكون هناك نقص في السلع يؤدي إلى زيادة في أسعار السلع التي تسبب التضخم مما يؤدي بدوره إلى انخفاض مستوى المعيشة من الناس من كلا البلدين الذين انغمسوا في الحرب التجارية.

زيادة الاحتكار المحلي

في حالة استمرار هذه الحرب على المدى الطويل، ستصبح الشركات المحلية في نهاية المطاف كبيرة وتتصرف كاحتكار بسبب قلة المنافسة من العلامات التجارية الدولية وبسبب تحول الشركات المحلية إلى احتكار، فإن عملاء البلد هم الذين يعانون بسبب فرض رسوم على ارتفاع الأسعار من قبل الشركات المحلية.

الدول الخاسرة من الحرب:

على الصعيد العالمي: تباطئ الاستثمار الأجنبي المباشر فأضرت الحرب التجارية بالاقتصاد الأوروبي وخاصة البرازيل وألمانيا، على الرغم من أن العلاقات التجارية بين ألمانيا والصين وبين ألمانيا والولايات المتحدة ظلت جيدة. كما شهد الاقتصاد الكندي آثارًا سلبية أيضًا. أما الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبيةأظهرت أداءاً صناعياً ضعيفاً اعتبارًا من عام 2019. فبحسب بيانات وزارة التجارة الأمريكية، فإن البرازيل أول المتضررين والتى تبلغ صادراتها من الصلب سنويا 3 مليارات دولار، ثم تأتى كوريا الجنوبية بحجم صادرات 2.8 مليار دولار من الصلب، ثم روسيا بحجم 2.7 مليار دولار صادرات، واليابان بـ 1.6 مليار دولار، ثم ألمانيا بحجم 1.5 مليار دولار، وبعدها تركيا بحجم 1.2 مليار دولار، ثم تايوان بحجم 1.2 مليار دولار، وجنوب أفريقيا بحجم 982 مليون دولار، أما أكبر المصدرين للصلب للولايات المتحدة فهى كندا الذى استثناها قرار ترامب وتبلغ صادراتها للولايات المتحدة من الصلب ما قيمته 5.2 مليار دولار. وبالنسبة للألومونيوم فإن كندا أكبر مصدر للألومونيوم وقد استثناها من القرار، حيث تبلغ صادراتها ما قيمته 7 مليارات دولار، وهو تقريبا ما يوازى 40% من حجم استيراد الولايات المتحدة من الألومونيوم، وفى المرتبة الثانية وبعيدا جدا تأتى الصين حيث تبلغ صادراتها إلى الولايات المتحدة من الألومونيوم 1.6 مليار دولار، ثم روسيا بقيمة صادرات 1.6 مليار دولار، وبعدها الإمارات بـ 1.4 مليار دولار، والبحرين بقيمة 602 مليون دولار، وتحل ألمانيا والأرجنتين تاليا بقيمة تعادلة 392 مليون دولار. وعلى الجهة الأخرى وضعت العديد من الحكومات الآسيوية تدابير تحفيزية لمعالجة الأضرار الناجمة عن الحرب التجارية، على الرغم من أن الاقتصاديين قالوا إن هذا قد لا يكون فعالًا. وقد كان القدر الأكبر من المصاعب الناجمة عن الحرب التجارية تظهر فى آسيا، حيث تحققت اقتصاداتمن سنغافورة إلى تايلاند نتائج ضعيفة.

الدول المستفيدة من الحرب:

استفادت بعض الدول اقتصاديًا من الحرب التجارية، على الأقل في بعض القطاعات، بسبب زيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة والصين لسد الفجوات التي خلفتها التجارة بين هذين الاقتصاديين. تشمل قائمة المستفيدون فيتنام وشيلي وماليزيا والأرجنتين. فتعد فيتنام أكبر المستفيدين، حيث تنقل شركات التكنولوجيا التصنيع هناك. واستفادت كوريا الجنوبية أيضًا من زيادة صادرات الإلكترونيات، وماليزيا بالطبع استفادت من صادرات أشباه الموصلات، والمكسيك من السيارات، والبرازيل من فول الصويا. فوفقا للبيانات التى نشرتها اللجنة الأمريكية للتجارة الدولية , فكانت الدول السبع الأولى التى زادت صادراتها الى الولايات المتحدة خلال تلك الفترة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى هى المكسيك بنسبة 0,75% , فيتنام بنسبة 0,70%, كوريا الجنوبية بنسبة 0,48% , تايوان بنسبة 0,37% ,فرنسا بنسبة 0,33% , الهند بنسبة 0,26%  واليابان بنسبة  0,21%. ومع ذلك، حذر أليكس فيلدمان، الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال الأمريكي- الآسيوي، من أنه حتى هذه الدول قد لا تستفيد على المدى الطويل، قائلاًمن مصلحة الجميع رؤية حل هذا الخلاف والعودة إلى العلاقات التجارية الطبيعية بين الولايات المتحدة والصين.

ومن الأمور المقلقة هو إستغلال إيران للموقف لتصبح النقطة المحورية في الحرب التجارية، فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران في مايو (آيار) 2018، تعيش طهران تحت ضغوط اقتصادية وسياسية، كما أن قرار تصفير النفط الإيراني يستهدف بشكل غير مباشر تهديد الإمدادات الصينية من النفط الخام، علاوة على ذلك فإن أي تقلّب في النفط قد يضعف الثقة بين المستثمرين ويؤثر على الأسواق الإقليمية، وفي أسوأ السيناريوهات قد تحاول إدارة واشنطن، التي لا يمكن التنبؤ بأفعالها دفع دول الخليج لاختيار جانب في خلافها مع بكين.

التأثير على الصين:

قد ظهرت نتائج بداية الحرب التجارية بشكل واضح على الصين، والتي انخفض نمو ناتجها الصناعي إلى أدنى مستوى له في أكثر من 17 عاماً. وتراجعت الأرباح الصناعية فى يونيو 2019 بنسبة 3.1% على أساس سنوى إلى 87.5 مليار دولار أمريكى، وفقا للأرقام الصادرة عن المكتب الوطنى للإحصاء، بعد زيادة قدرها 1.1% فى مايو. كما تراجعت الأرباح الصناعية فى الصين منذ النصف الثانى من العام الماضى 2018، مع تأجيل العديد من الشركات لقرارات العمل وتقليص الاستثمار الصناعى، إذ تباطأ النمو الاقتصادى فى الربع الثانى من هذا العام إلى أدنى مستوى خلال 30 عاما. وانخفضت أرباح الأشهر الستة الأولى بنسبة 2.4% عن العام الماضى إلى 2.98 تريليون يوان، مقارنة بانخفاض 2.3% فى العام حتى مايو. وفي 15 أكتوبر 2019، ذكر مكتب الإحصاءات الوطني أن أسعار المصانع الصينية قد انخفضت بأسرع وتيرة لها في أكثر من 3 سنوات في سبتمبر، بعد صدور أنباء الإثنين الموافق 14 أكتوبر تظهر أن الواردات الصينية قد انكمشت للشهر الخامس على التوالي.

التأثير على أمريكا:

تضرر المزارعون الأمريكيون بشكل خاص من جراء الإجراءات التجارية الانتقامية للصين. وفقًا لمكتب الزراعة الأمريكي، فانخفضت الصادرات الزراعية من الولايات المتحدة إلى الصين من 24 مليار دولار في عام 2014 إلى 9.1 مليار دولار في عام 2018، بما في ذلك انخفاض مبيعات لحوم الخنزير وفول الصويا والقمح، وزادت حالات إفلاس المزارع ، وخفضت شركة تصنيع المعدات الزراعية "Deere & Company " توقعاتها للأرباح مرتين بين يناير وأغسطس 2019. ولكن على الرغم من الآثار السلبية، أظهرت استطلاعات الرأي في يوليو 2019 أن معظم المزارعين واصلوا دعم ترامب ، حيث قال 78 ٪ منهم أنهم يعتقدون أن الحرب التجارية ستفيد الزراعة الأمريكية في نهاية المطاف.

ومن أجل تخفيف الصعوبات التي يواجهها المزارعون ، خصصت إدارة ترامب مبلغ 28 مليار دولار كمساعدات، معظمها في مدفوعات مباشرة، في شريحتين حتى يوليو 2019. فمع الدفعة الثانية البالغة 16 مليار دولار، قام ترامب بتغريدة على تويتر يقول فيها "بدأ المزارعون في تحقيق النجاح مرة أخرى بعد 15 عامًا سنوات من دوامة الهبوط". صرح ترامب بأنه سينفق عشرات المليارات من الدولارات من الرسوم الجمركية من الصين لشراء منتجات من"Patriot People Great " وتوزيع الطعام على الجوعى في دول حول العالم. ووفقًا لتقرير وزارة الزراعة الأمريكية الصادر في أغسطس 2019، ومع انخفاض صادرات القمح الأمريكي، ارتفعت صادرات القمح الكندي من 32 ٪ إلى أكثر من 60 ٪ من واردات القمح الصيني خلال أحدث سنة تسويقية. وتأثرت الشركات المصنعة للمعدات الزراعية سلبًا من إحجام المزارعين عن الاستثمار في المعدات الجديدة ، حيث انخفضت المبيعات بشكل كبير خلال الربع الأول من عام 2019.

أكثر من 20% من الواردات الأمريكية تكون عادة مصنوعة فى الصين. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019 انخفضت النسبة الى أقل من 18 %. ووفقا للبيانات التى نشرتها اللجنة الأمريكية للتجارة الدولية , كانت الدول السبع الأولى التى زادت صادراتها الى الولايات المتحدة خلال تلك الفترة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى هى المكسيك بنسبة 0,75% , فيتنام بنسبة 0,70%, كوريا الجنوبية بنسبة 0,48% , تايوان بنسبة 0,37% ,فرنسا بنسبة 0,33% , الهند بنسبة 0,26%  واليابان بنسبة  0,21%. 

في تحليلات مركز العاصمة تم الرجوع لمقال 14 يناير 2019 في صحيفة وول ستريت جورنال ، والذي نرى فيه إنه على الرغم من الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، ففي عام 2018 بلغ الفائض التجاري السنوي للصين 323.32 مليار دولار، وهو رقم قياسي. وفي 6 فبراير 2018 ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه في عام 2017 وصل العجز التجاري أيضًا إلى مستوى قياسي. أما في مارس 2019، ذكرت وزارة التجارة الأمريكية أنه في عام 2018 وصل العجز التجاري الأمريكي إلى 621 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2008. ووفقا لدراسة أجراها الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة في الولايات المتحدة، فإن الرسوم الجمركية بنسبة 25 ٪ على الأثاث الصيني وحده ستكلف المستهلكين الأمريكيين 4.6 مليار دولار إضافية في المدفوعات السنوية.

كما وجد التحليل الذي أجراه معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن الصين فرضت رسوماً موحدة بلغ متوسطها 8 ٪ على جميع مستورديها في يناير 2018، قبل بدء الحرب التجارية. وبحلول يونيو 2019، زادت التعريفات الجمركية على الواردات الأمريكية إلى 20.7 ٪، في حين انخفضت الرسوم الجمركية على الدول الأخرى إلى 6.7 ٪ ووجد التحليل أيضًا أن متوسط ​​التعريفات الأمريكية على البضائع الصينية ارتفع من 3.1٪ في عام 2017 إلى 24.3٪ بحلول أغسطس 2019.

تباطؤ النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم وسط الحرب التجاريةخفض تقرير التوقعات الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي في أبريل 2019 بشأن توقعات النمو الاقتصادي العالمي لعام 2019 من 3.6٪ المتوقع في 2018 إلى 3.3٪، فالاحتكاكات الاقتصادية والتجارية قد تزيد من كبح النمو الاقتصادي العالمي وتواصل إضعاف الاستثمار. وخلاصة الأمر يظهر في تقرير لـ Capital Economics  يشير إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين نتيجة للحرب التجارية على الرغم من أن الاقتصاد الصيني صمد بشكل جيد وارتفع نصيبها من الصادرات العالمية بينماتباطىء النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.

في حين وجد التحليل الذي أجرته شركة جولدمان ساكس في مايو 2019 أن مؤشر أسعار المستهلك لتسع فئات من السلع التعريفية قد زاد بشكل كبير، مقارنةً بانخفاض مؤشر أسعار المستهلك لجميع السلع الأساسية الأخرى. فأظهرت استطلاعات رأي المستهلكين وثقة الشركات الصغيرة انخفاضات حادة في أغسطس 2019 بسبب عدم اليقين الناجم عن الحرب التجارية. فأظهر مؤشر مديري المشتريات الذي تم متابعته عن كثب للتصنيع من معهد إدارة التوريد انكماشًا في أغسطس 2019 لأول مرة منذ يناير 2016. ونقلت ISM عن العديد من المديرين التنفيذيين الذين أعربوا عن قلقهم بشأن استمرار الحرب التجارية  إشارتهم إلى تقلص طلبيات التصدير والتحديات المتمثلة في تحويل سلاسل التوريد خارج الصين. فقد أظهر مؤشر مديري مشتريات التصنيع في IHS Markit تقلصًا في أغسطس  لأول مرة منذ سبتمبر 2009 . وفي اليوم الذي صدر فيه تقرير ISM غرد ترامب قائلاً "سلسلة التوريد في الصين سوف تنهار وسوف تختفي الأعمال والوظائف والمال". 

قدرت التحليلات التي أجرتها وكالة موديز أناليتيكس أنه خلال شهر أغسطس من عام 2019 ، تم فقدان أو عدم إنشاء 300.000 وظيفة أمريكية بسبب الحرب التجارية، وخاصةً التي تؤثر على التصنيع والتخزين والتوزيع والبيع بالتجزئة. وبحلول سبتمبر 2019 ، كان المصنعون الأمريكيون يخفضون استثماراتهم الرأسمالية ويؤخرون التوظيف بسبب عدم اليقين الناجم عن الحرب التجارية. وفي 24 مايو تراجع مؤشر الدولار، الذى يتتبع أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، 0.2% إلى 97.686 فى التعاملات المبكرة فى أوروبا لينخفض 0.7% عن أعلى مستوى فى عامين عند 98.371.كما يغذى تصاعد التوترات التجارية وضعف البيانات توقعات بخفض الفائدة من جانب مجلس الاحتياطى الاتحادى (البنك المركزى الأمريكي) ومقابل الين، تراجع الدولار إلى 109.50 ين، ليواصل الخسائر التى تكبدها.

التأثير على الأسر الأمريكية:

توصل مركز العاصمة للأبحاث والدراسات الإقتصادية وفقاً للأرقام المتوفرة لديه أن إستمرار حرب الرسوم سيؤثر بشكل كبير على محفظة المستهلك والناخب الأمريكي قبل انتخابات عام 2020، وستقضي على معظم الفوائد التي تحصل عليها الأسر الأمريكية من التخفيضات الضريبية. فوفقاً لتقرير صادر عن "جي بي مورغان تشيس" فإن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين ستكلف أسرة أمريكية متوسطة الدخل حوالي 600 دولار في السنة. ومن الممكن أن يرتفع ذلك المبلغ إلى 1000 دولار، إذا ما واصل ترامب تنفيذ خطته لفرض رسوم جمركية على 300 مليار دولار إضافي من الواردات الأمريكية من الصين.

التأثير على الشركات التجارية:


كما توصل المركز إلى أن الشركات الكبرى سيكون لها فرصة أفضل لاستيعاب الرسوم نظراً لتمتعها بنفوذ أكبر يسمح لها برفع الأسعار، وميزانيات أقوى، وسلاسل توريد أكثر تنوعاً، بينما الرسوم قد تضر الشركات الصغيرة بشكل كبير، لأنها لديها قدرة أقل على نقل التكاليف للعملاء والموردين،في حين أن الشركات الصغيرة تمثل حوالي نصف الاقتصاد والقوى العاملة في الولايات المتحدة الأمريكيةفقد تتضرر أكثر.

التأثير على الخليج:

بالسلب:

من القطاعات الأكثر تضرراً من تفاقم الحرب التجارية هو قطاع الطاقة الذي يأتي كأهم القطاعات الاقتصادية بدول الخليج- فالتهديدات المتبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم- تكبح الطلب على النفط الخام، مما يؤدي إلى تراجع أسعار النفط، لتقديم سبباً جديداً للقلق في أسواق الشرق الأوسط، ودول الخليج بالتحديد، التي تعتمد على النفط بشكل رئيسي من حيث تراجع عائداتها النفطية، بإعتبار الصين من المستوردين الرئيسيين للنفط الخليجي نتيجة لانخفاض النشاط الصناعي وانخفاض الطلب على النفط في الصين بسبب الحرب التجارية. فدول الخليج تمثل 40% من واردات الصين من النفط، وإذا انخفض النشاط الصناعي نتيجة الحرب التجارية، قد يهبط الطلب على صادرات النفط من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.ويعد الاقتصاد الخليجي، من أكثر اقتصادات العالم اندماجا في الاقتصاد الدولي. وتمثل صادراته النفطية نحو 80% من إجمالي الصادرات العالمية، وتعتمد عليها الاقتصادات الكبرى في العالم بشكل كبير، حيث تمثل المصدر الرئيسي للطاقة.

بالإيجاب:

- تراجع الاقتصاد الصيني قد يشكل بنفس الوقت فائدة للأسواق العربية فالبضائع الصينية ستصبح أرخص، وبالتالي ستتمكن دول الخليج من استيراد كمية أكبر من المنتجات الصينية بنفس المبالغ.فصناعات البتروكيماويات الخليجية قد تستفيد من النزاع الأميركي الصيني، بعد فرض الصين ضرائب جمركية على واردات البتروكيماويات من أميركا، ما يمنح ميزة تنافسية للمنتجات القادمة من الخليج. فالصين تعمل الآن على نحو متزايد على تحويل تركيزها إلى الدول غير الغربية على خلفية الحرب التجارية، كما أنها تحرص على إقامة شراكات مع دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات البنية التحتية والتصنيع والتعاون في مجال الطاقة وآلية التمويل. هذا ما يتضح من الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والإمارات والموقعة في منتدى التعاون الصيني- العربي الذي عقد في بكين في صيف 2018.

التأثير على مصر:

السلب:

يشير مركز العاصمة أن مصر لم تسلم من فرض أمريكا رسوما جمركية على بعض صادراتها مثل الحديد والألمنيوم وغيرها، وأفاد المركز أن ذلك يؤدي إلى قلة الصادرات المصرية وهو ما يشكل تحديا، ما لم تجد أسواقا بديلة بالإضافة إلى تأثر مصر بقلة صادرات الخليج من البترول تبعا للأزمة بين أمريكا والصين، عن طريق قلة عبور السفن من خلال قناة السويس، وانخفاض إيرادات القناة. كما يبلغ نصيب الصادرات المصرية من إجمالى واردات الصلب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، 173.3 ألف طن، بقيمة تصل إلى حوالى 100 مليون دولار، وهو ما يعنى تأثر مصدرى الصلب سلبا من القرار.

فنحن نعيش في عصر العولمة والسماوات والمفتوحة فتكاد لا تكونهناك حدود بين دولة ودولة أخرى، فأي مشكلة تحدث في أي منطقة بالعالم، تنتقل للدول الأخرى، واتضح ذلك في الأزمة المالية العالمية في 2088، والتي ضربت في البداية بنوك وشركات أمريكية، إلا أنها أثرت على بقية الدول، حتى أصبحت أزمة مالية عالمية. فقد تأثرتالبنوك المصرية بالأزمة المالية في أمريكا لأكثر من سنتين بداية من 2008، وبدأت الشعب يتحدث عن آثار الأزمة المالية العالمية وكيف أثرت على دول العالم، رغم أن منشأها كان في أمريكا، فمصر لن تعد بمعزل عن العالم وتتأثر بإقتصاده العالمي. فدخول مصر في شراكات مع الدول الأخرى، خلال السنوات الماضية وهي كنوع من التحالف من أبرزها الشراكات مع الجانب الصيني، فإذا ظهرتمشاكل في أي من هذه الدول ستؤثر على مصر بالتأكيد، وهكذا معظم دول العالم تتأثر ببعضها، فالصدمات العالمية في ظل هذا النظام الجديد من الشراكات والترابطات بين الدول تنتقل بسرعة كبيرة جدا لبقية الدول.

الإيجاب:

من جهة أخرى أشار المركز إلى أنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى إعادة توجيه بعض النشاطات الاقتصادية الأجنبية نحو عدد من المواقع المختارة في الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تزيد الصين بدرجة كبيرة من نشاطات البناء وعدد من النشاطات الاقتصادية الأخرى في دول عربية ذات عدد كبير من السكان وأسعار منخفضة نسبياً، مثل مصر. وربما تتحرك شركات أمريكية في اتجاهات مشابهة.

فمصر من الممكن أن تستفيد بالحرب التجارية بين الصين وأمريكا، عن طريق توفير السلع –التي تم فرض رسوم عليها- من الصناعة المحلية وتصديرها، كما فعلت فيتنام عندما قامت بتصدير نفس المنتجات الصيني، التي فرضت أمريكا رسومًا عليها إلى السوق الأمريكي وتمتعت بميزة تنافسية عالية؛ لانخفاض أسعارها بسبب عدم وجود رسوم جمركية إضافية عليها. فالقطاعات التى يمكن أن تستفيد من ذلك هى قطاعات الملابس والأثاث والجلود والأغذية والصناعات اليدوية.

إذا استمرت الحرب! فالشرق الأوسط بين إختيارين:

ومع ذلك، فمن وجهة نظر مركز العاصمة للأبحاث،إنه مع إستمرار المناوشات قد تتبقى هناك مجالات حيوية قليلة ربما سيتعين على دول الشرق الأوسط خلالها الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، خاصة إذا استمرت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين في التردي. ومن بين هذه المجالات القطاع الأمني وما يرتبط به من تجارة واستثماراتـ سواء أسلحة أو تكنولوجيا سيبرية أو مواد خام حساسة. ومن بين الأمثلة في هذا الجانب الاستخدام المتزايد لتكنولوجيا الاتصال عن بعد من شركة «هواوي» الصينية، وبيع معدات عسكرية أمريكية. وإذا تفاقم الصدع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، فإن اهتمام كل منهما ربما يتزايد بتقييد سوق صادرات مثل هذه السلع الحساسة، وحرمان الأخرى منها. في هذه الحالة ستتعرض دول الشرق الأوسط لضغوط أكبر من أي وقت مضى كي تتخذ قرارات صعبة تجاه هذه الخيارات الحيوية، التي تتميز بطابع جيوسياسي لا يقل أهمية عن الطابع الاقتصادي لها. وبذلك فإنه بصورة عامة من المحتمل أن تترك الحرب التجارية الأمريكية-الصينية تأثيراً محدوداً أو غير مباشر على الشرق الأوسط. ويتعين على صانعي السياسات في الشرق الأوسط البحث عن تسوية ما لهذه التوترات التجارية القائمة بين العملاقين الاقتصاديين البعيدين. ومن شأن ذلك خدمة مصالح اقتصاديات الشرق الأوسط، إلى جانب الاقتصادين الأمريكي والصيني.

التأثير على سوق الأوراق المالية:

تسبب عدم اليقين الناجم عن الحرب التجارية في اضطرابات في سوق الأسهم ، مع "هز" المستثمرين بسبب النزاع. ففي 4 ديسمبر 2018، سجل مؤشر داو جونز الصناعي أسوأ يوم له منذ حوالي شهر حيث انخفض حوالي 600 نقطة، والتي يجادل البعض في جزء منها بسبب الحرب التجارية. وفي 14 أغسطس 2019، انخفض مؤشر داو جونز 800 نقطة، جزئيا بسبب زيادة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وبعد تسعة أيام وتحديداً في 23 أغسطس، انخفض مؤشر داو جونز 223 نقطة في خمس دقائق بعد أن أمر "ترامب" الشركات الأمريكية بالبحث الفوري عن بدائل لممارسة الأعمال التجارية في الصين ؛ وانخفض مؤشر داو جونز 623 نقطة لهذا اليوم. ففي أول مايو 2018 انهارت بورصة طوكيو بنسبة 4% خلال جلسة واحدة، وكذلك بورصة شنغهاى التى فقدت 3.27% من قيمة أسهمها، وخسرت بورصة هونج كونج 3%، وهبطت بورصة وول ستريت بنسبة 1%،الأمر وصل حتى بورصات الخليج فهبطت بورصة دبى بنسبة 0.17% وبورصة البحرين بنسبة 0.41%، كل هذا كان بفعل المخاوف لحرب لم تطلق رصاصتها الأولى حينها.

التأثير على قطاع التأمين البحرى والتجارى

 فرض التعريفات التجارية يؤدي إلى التأثير سلباً على شركات التأمين، وحتى الآن ما زال تأثير ارتفاع التعريفات التجارية ضئيلاً على نمو الأقساط العالمية ولكن من المتوقع مستقبلاً أن يتأثر نمو حجم الأقساط العالمي بفرض التعريفات التجارية خاصة في فروع الائتمان البحري والتجاري. فطبقاً للبيانات الواردة، فإن انخفاض التجارة العالمية بنسبة 1%، يقلل من نمو أقساط تأمين البحري "بضائع" بنسبة 0.89٪، وأقساط التأمين البحري "أجسام سفن" بنسبة 0.80٪، وتأمين الائتمان التجاري بنسبة 0.67٪.

من الخاسر والفائز من الحرب؟

لا فائز إلى اليوم!!!

ينهي مركز العاصمة تلك المباراة التي تمثلت في فريقين يمتلك كلاً منهما الأدوات الكافية للفوز بوصول طرفاها إلى التعادل بعد تهدئة وهدنتين على مدار أكثر من عام ونصف. أما بالنسبة للفائز، فبصورة عامة، يرى المركز أن هذا النوع من المنافسة يلحق الضرر باقتصاد كلا الطرفين، لأن الضرائب الجديدة تجعل الواردات أعلى سعراً، وبالتالي يضطر المستهلكون لسداد أسعار أعلى وشراء سلع أقل. ويترتب على ذلك تراجع في مجمل الحركة التجارية، ويتراجع معها النمو الاقتصادي في كلا البلدين. ولذلك يقول الكثير من الخبراء إن الحروب التجارية ليس فيها طرف فائز، وإنما خاسرون فقط وإن كان من الممكن أن يتكبد أحد الطرفين خسارة أفدح عن الآخر. فعلى سبيل المثال تعاني الصادرات الزراعية الأمريكية للصين إحدى السلع الكبرى بالفعل من ضرر بالغ جراء ما يدور بين البلدين، وبسبب ذلك وجد الرئيس ترامب نفسه مضطراً لتخصيص مليارات إضافية من الموازنة الحكومية لـإنقاذ لمزارعين المتضررين من موجة الزيادات الأخيرة في التعريفات المتبادلة بين البلدين.



التعليقات