دراسات


كتب فاطيمة طيبى
12 نوفمبر 2019 1:30 م
-
الأمم المتحدة : 2.6 تريليون دولار حجم الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة في 2020

الأمم المتحدة : 2.6 تريليون دولار حجم الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة في 2020

 

 اعداد ـ فاطيمة طيبي

 

قطاع الطاقة المتجددة رغم اعتماده  بشكل كبير على توليد الكهرباء، الا انه يقابله ضعف نسبي عند استخدامه في مجال التدفئة والنقل، كما أن أنظمة توليد الطاقة المتجددة لا تزال مكلفة نسبيا وغير موثوق بها، مقارنة بالأنظمة التقليدية للطاقة. ورغم النمو المتزايد في استخدام الطاقة المتجددة في عديد من بلدان العالم، إلا أنها تبلغ حاليا أكثر قليلا من 20 % من إجمالي الطاقة المستهلكة عالميا، وتشير الوكالة الدولية للطاقة إلى أن مصادر الطاقة المتجددة مسؤولة عن توليد 26 % من الطاقة الكهربائية على مستوى العالم اليوم، ومن المتوقع أن يصل نصيبها إلى 30 % بحلول 2024


  هذا كما شهدت الأعوام الأخيرة تقدما واضحا في اتساع نطاق الحصول على الكهرباء في معظم بلدان العالم، ولا سيما الهند وبنجلاديش وكينيا. وفي الوقت الذي يتزايد فيه سكان العالم عددا، انخفض عدد الافراد الذين لا يحصلون على الكهرباء من 1.2 مليار نسمة عام 2010 إلى 840 مليون عام 2017، وسط توقعات بأن يواصل العدد الانخفاض إلى 650 مليون نسمة بحلول 2030، وسيتركز أغلبهم في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.

يقول تقرير من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن الاستثمار العالمي في تشييد قدرات جديدة للطاقة المتجددة سيبلغ 2.6 تريليون دولار بنهاية العقد الحالي، بما يزيد على ثلاثة أمثال الاستثمارات في الأعوام العشرة السابقة. ولا يشمل الرقم مشاريع الطاقة الكهرومائية الضخمة، ويعادل 1.2 تيراوات من قدرة الطاقة المتجددة في العقد الحالي. ويتجاوز ذلك كامل وحدات توليد الكهرباء في الولايات المتحدة، ونصف إجمالي القدرة الكهربية المركبة على مدى الفترة ذاتها والبالغ 2.4 تيراوات. حيث تنبع الزيادة من تراجع أسعار الفائدة في الاقتصادات الرئيسة، وانخفاض حاد في التكاليف بلغ 81 % للطاقة الشمسية، و46 % لطاقة الرياح البرية، و44 % لطاقة الرياح البحرية في العقد الحالي.

وقال التقرير إن الصين بصدد أن تصبح أكبر بلد مستثمر على مدار العقد الحالي، حيث رصدت 758 مليار دولار بين 2010 ومنتصف 2019. وعلى مدى الفترة ذاتها، استثمرت أوروبا 698 مليار دولار، في حين أنفقت الولايات المتحدة 356 مليار دولار. واستقطبت الطاقة الشمسية معظم الاستثمارات عند 1.3 تريليون دولار. وبنهاية العام الحالي، ستكون قدرة الطاقة الشمسية المركبة خلال العقد - 638 جيجا وات - وهي استثمارات أكبر من أي تقنية أخرى لتوليد الكهرباء..

وقال التقرير، "في حين يبرز هذا تقدما ضخما ودائما، فإن الوتيرة يجب أن تزيد. أصبحت مصادر الطاقة المتجددة مدمجة بعمق في قطاع توليد الكهرباء، لكن لا تمثل سوى 26.3 %   من إجمالي الكهرباء المنتجة، و12.9 %، إذا استثنينا المشروعات الكهرومائية الضخمة". كما ان دعم الوقود الأحفوري، الذي يصل إلى مئات المليارات من الدولارات في كل عام، يبطئ التقدم.

وأوضح المهندس جاك كريس، الاستشاري في مجلس الطاقة العالمي، أن "هناك ثلاثة استخدامات رئيسة للطاقة المتجددة، وهي:

ـ الكهرباء: حيث أن "استخدام مصادر الطاقة المتجددة، سواء كانت طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية ارتفعت بشكل ملموس في مجال توليد الكهرباء، ويعود ذلك في جزء منها لزيادة قدرات الصين بشكل كبير في مجال توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، خاصة منذ 2015، وكذلك تعافي أمريكا الجنوبية من الجفاف، ما زاد من إجمالي الطاقة الكهرومائية على مستوى العالم".

ـ النقل :   يعتبر الأدنى، إذ لا تتجاوز مساهمة الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المستخدمة في النقل على مستوى العالم 5 %

ـ  التدفئة: حيث ان نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في التدفئة تعد الأعلى بين الاستخدامات الثلاثة . 

وتبدو أغلب التوقعات متفائلة بشأن مستقبل الطاقة المتجددة عامة والطاقة الشمسية خاصة، وتشير التقديرات الدولية إلى أنه بحلول 2024 يمكن أن تشهد البشرية فجرا جديدا للطاقة الشمسية الرخيصة.

ويقول، الدكتور جون جاردنر، أستاذ اقتصادات الطاقة في جامعة جلاسكو، إن "استخدام الطاقة الشمسية في العالم ينمو بمعدل 600 جيجا وات، أي ما يقارب ضعف إجمالي الطاقة الكهربائية المثبتة في اليابان، ومن المتوقع أن تنمو الكهرباء، التي نحصل عليها من الطاقة المتجددة بمقدار 1200 جيجا وات خلال الأعوام الخمسة المقبلة، أي ما يعادل إجمالي الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة".

ويحذر جاردنر من أن "دور مصادر الطاقة المتجددة في نظام الطاقة العالمي سيكون بحاجة إلى النمو بشكل أسرع إذا كان العالم يأمل في تحقيق أهدافه المناخية، فالطموحات المتزايدة للتعامل مع قضايا المناخ في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لعبت الدور الأكبر في رفع توقعات وكالة الطاقة الدولية، لكن عمليا نجد أن الصين هي التي تقود الطريق فيما يتعلق بمشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والأخيرة تحديدا ستلعب الدور الأكبر في تحفيز النمو في مجال الطاقة المتجددة، بسبب الانخفاض الملحوظ في تكلفة الطاقة الشمسية بنسبة تراوح بين 15 و35 % بحلول 2024، ما سيحفز نمو الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العقد المقبل".

ومع هذا، فإن الكهرباء المتولدة من الطاقة المتجددة وتعظيم تلك المساهمة ما زالت تعد أحد وجهي العملة، فإذا كانت أغلب الدراسات والأبحاث تركز على ما يمكن وصفه بزيادة المعروض من الطاقة، عبر ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، فإن الوجه الآخر من العملة يتعلق بتنامي كفاءة استخدام الطاقة. وعلى الرغم من عدم حداثة مصطلح "كفاءة استخدام الطاقة"، إلا أنه بات الآن أكثر تداولا في وسائل الإعلام، إذ يمثل إذا جاز التعبير جانب الطلب، ويعني في جوهره استخدام كمية أقل من الطاقة لإنتاج التأثير نفسه أو أداء الوظيفة نفسها، أو استخدام ذات الكمية من الطاقة لإنتاج تأثير أكبر، ومن ثم، فإن المفهوم يعتمد على فكرة تطوير تقنيات أكثر حداثة قادرة على خفض معدل استخدام الطاقة.

ويشير بعض الخبراء إلى أن كفاءة استخدام الطاقة، عنصرا محوريا لتحقيق أهداف مختلف دول العالم المتعلقة بالطاقة أو المناخ، وتحسين أمن الطاقة، وتقليل الضغط على الميزانيات الأسرية أو الأفراد.

وحول كفاءة استخدام الطاقة، يقول ، برجس فوستر الباحث في صندوق النقد الدولي، إن"لدى كفاءة استخدام الطاقة في القطاعين الصناعي والسكني سوقا عالمية تقدر قيمتها حاليا بنحو 360 مليار دولار، ومع هذا، فإن الأخبار بشأن كفاءة استخدام الطاقة لم تكن طيبة خلال العامين الماضيين على المستوى العالمي، فالمعدل العالمي الراهن لا يرقى إلى المستوى المستهدف في 2030، والمعدل الراهن في كفاءة استخدام الطاقة لا يتجاوز 2.7 %، ولوحظ أنه تعرض للانخفاض خلال 2017 و2018، اذ انه  لم يتجاوز 1.3 % فقط" في 2018.

ويعتقد فوستر أن إدخال تحسينات ملموسة على الهيكل الاقتصادي ستسهم بشكل ملحوظ في تحسين كفاءة استخدام الطاقة، إذ أسهم ذلك، وفقا لتقديراته، في تحسين استخدام الطاقة في 16 دولة من 20 دولة تسجل أكبر طلب على الطاقة في العالم. وفي هذا السياق، يرى فوستر أن تقديم حوافز مالية وضريبية، وتعزيز آليات السوق، والمزيد من التوعية الجماهيرية، ونشر التقنيات الرقمية يمكن أن تحسن كفاءة استخدام الطاقة، بما يؤدي إلى تغير ملموس في جانب الاستهلاك بشكل كبير. وبالطبع سواء تعلق الأمر بجانبي العرض والطلب في مجال الطاقة المتجددة، فإن الاستثمارات السنوية في هذا القطاع الحيوي، ستظل قوة الدفع الرئيسة في عملية التطوير.

وتؤكد لورين حداد، مديرة وحدة التطوير في شركة "جود إنرجي" للطاقة النظيفة ضرورة ضخ مزيد من الاستثمارات بهدف الإسراع بزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مجمل الطاقة المولدة، خاصة في استهلاك الكهرباء. كما أنه "ينبغي أن يصل متوسط حجم الاستثمارات السنوية إلى نحو 55 مليار دولار لزيادة إمكانية الحصول على الطاقة، ونحو 700 مليار دولار لزيادة الطاقة المتجددة و600 مليار دولار لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وقد تبدو تلك الأرقام ضخمة للوهلة الأولى، لكنها كفيلة بإحداث تغيير جذري في مدى توفر الطاقة لسكان الكرة الأرضية، بما يضمن تغييرا حقيقيا في معدلات التنمية ومستويات المعيشة".

   

 

 

 

 



التعليقات