دراسات


كتب إدارة التحرير
24 ديسمبر 2019 3:30 م
-
الصندوق السيادي المصري..(اَلية عمله- وإنعكاسه على الإقتصاد)

الصندوق السيادي المصري..(اَلية عمله- وإنعكاسه على الإقتصاد)

كتب- محمود صابر النشار

 مقدمة :

يأتي إنشاء الصندوق السيادي المصري في إطار خطة الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقًا لرؤية مصر 2030، ويستهدف إيجاد كيان اقتصادي كبير، قادر من خلال الشراكة مع شركات ومؤسسات محلية وعالمية، على زيادة الاستثمار والتشغيل والاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة لتعظيم قيمتها وإعطاء دفعة قوية للتنمية.

 بداية إنشاء الصندوق:

 

نشرت الجريدة الرسمية قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بإصدار القانون رقم 177 لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر... وينص القانون على إنشاء الصندوق بموجب قانون خاص لتمكينه من العمل وفقًا لمعايير واضحة، لاسيما وأن لمثل هذا الصندوق ممارسات وحقوق مختلفة فى بعض الأوجه عن الشركات التجارية ومنها على سبيل المثال سلطة الدولة فى نقل ملكية بعض أصولها للصندوق لاستثمارها من جانبه. لذلك كان من الملحوظ في الفترة الماضية تسارع الخطوات الحكومية في الفترة الأخيرة لتفعيل صندوق مصر السيادي لإدارة أصول وأملاك الدولة غير المستغلة، حيث بدأت فعلياً خطوات نقل ملكية بعض الأصول إليه، إلى جانب اختيار مجلس الإدارة والجمعية العامة للصندوق، وبدء الاجتماعات التأسيسية خلال المرحلة الحالية للانتهاء من الإجراءات الإدارية ووضع خطة العمل. وتعود أولى خطوات تأسيس صندوق مصر إلى موافقة مجلس الوزراء في أبريل 2018 على مشروع قانون إنشاء الصندوق السيادي، بهدف استغلال أصول الدولة، والتعاون مع المؤسسات والصناديق العربية والدولية، ليوافق مجلس النواب بعد ذلك على مشروع القانون بشكل نهائي في يوليو 2018.

 

 إنعكاس الصندوق على الإقتصاد المصري واَلية عمله:

 

إن وجود رغبة من القطاع الخاص فى وجود كيان حكومى متخصص يقوم بدور الشريك مع القطاع الخاص فى عملية تنمية الاستثمار وعملية جذب الاستثمارات نضجت وبشدة في الفترة الماضية وكانت من أهم النقاط التي تستلزم إيجاد بديل استثمارى أو صندوق استثمارى بهذه الكيفية، وهو أمر يساهم بشكل واضح فى تنشيط حركة الاستثمارات داخلياً وخارجياً، كما أنه يساهم بشكل أكبر فى تحسين كفاءة استغلال الشراكة بين القطاعين العاموالخاص. وهذا لا يقل أهمية عن وجود رغبة فى رفع كفاءة إدارة أصول الدولة، وتحقيق فوائض منها، وهو أمر كان يستلزم وجود كيان متخصص يعمل بفكر القطاع الخاص يساهم بشكل واضح فى استغلال الأصول غير المستغلة بصورة ترفع من معدلات العوائد منها. ومما لا شك فيه وجود صندوق استثمار يساعد فى توفير استثمارات طويلة الأجل تستخدم فى تمويل مشروعات مستقبلية بشكل أكبر من شأنه أن يحقق رؤية مصر 2030 وهو هدف أساسى لإنشاء هذا الصندوق، حيث أن هذا الاتجاه يساهم بشكل أكبر فى توفير مشروعات مستقبلية للأجيال القادمة بصورة تحقق العوائد المستهدفة من التنمية المستدامة ومعدلات الإنفاق الحكومىخاصةً وأن الصندوق السيادى يعمل بنمط يرفع درجة حوكمة أصول الدولة ورفع درجة الشفافية وهو أمر هام ويحاكى التطورات الموجودة على المستوى العالمى.

 فالقانون المعد للصندوق السيادى يساهم فى تنشيط الدور الاقتصادى والاستثمارى، ويساهم فى عملية جذب استثمارات أكبر خلال الفترة القادمة، خاصة أن من يتولاه خلال الفترة الحالية واحد من الشخصيات الاقتصادية المعروفة وهو ما يرفع من درجة جاذبية الاستثمارية للدولة، فى ضوء ارتفاع حجم رأس المال المرخص به للصندوق إلى تريليون جنيه ووجود أصول سوف يتولى إداراتها تساهم فى جذب استثمارات بشكل أكبر. فالصناديق السيادية ليست ظاهرة جديدة، لكنها تعتبر أحد أكبر عناصر الاستثمار في العالم، ويتسع حجم مساهماتها في الاستثمار العالمي إلى مليارات الدولارات، وتتسابق الدول حاليا من أجل تأسيس هذه الصناديق لاستغلال فوائضا المالية وأصولها غير المستغلة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد.

الصندوق السيادى يمكنه الاستثمار فى القطاعات الواعدة بكل محافظة:

 

من المعروف أن جميع الدول من الصعب أن تحقق مستوى متقدم فى مؤشرات التنمية المستدامة فى وقت سريع، لكنها تحدد موقعها وتعمل على اختيار الأولويات التى تحقق مستوى متقدم من الأهداف،لذا فإن التخطيط الصحيح على مستوى المحافظات يتطلب وجود كوادر فى المحافظات قادرة على التخطيط السليم الذى يحقق أهداف الدولة، وهذا يتطلب وجود وحدات للتنمية المستدامة بالمحافظات واهتمام يتجه لتقيم المشروعات من جهة أثرها على المواطن، وليس متابعته فقط من حيث مستوى تنفيذ هذه المشروعات، والجدير بالذكر أن الوزارة تصدر حسابات قومية على مستوى المحافظات لحساب الناتج الخاص بكل محافظة ومعدل الناتج والاستثمار بالمحافظات، مشيرًا إلى أن الوزارة سوف توفر هذه الحسابات للمحافظات بما يدعم التنافس بينها.

والقاعدة الأساسية في انتقاء الأصول أن يكون لتلك الأصول جدوى استثمارية وغير ذلك لن تنتقل إلى الصندوق...أما عن أغراض الصندوق فتشمل التنوع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، وكذلك تنفيذ استثمار تنموي ولكن هادف للربح، لذلك فإن القاعدة الأساسية في انتقاء الأصول أن يكون لها جدوى استثمارية، والأصول التي لن يكون لها جدوى اقتصادية لن تنتقل إلى الصندوق.

 وهذه الآليات تتعلق بنقل الملكيات فقط وتنظم هذه الآليات الاكتتاب العيني بالأصول حيث إن الصندوق لديه السيولة لشراء الأصل من الجهة المالكة. ففي حال وجود أصل ما مثل قطعة أرض، فالصندوق له القدرة على الاستحواذ عليه عبر طريقتين، إما شرائها بالسيولة النقدية كمعاملة تجارية عادية، أو أن يتم شراؤها بطريقة الاكتتاب العيني لصالح وزارة المالية التي تمثل الخزانة العامة للدولة والمساهم الوحيد الذي يكتتب في رأس مال الصندوق، وبالتالي يتم مخاطبة خزانة الدولة لنقل الأصل للصندوق تحت مسمى الاكتتاب العيني في رأس المال، ويوجد محددات في القانون لهذا الإجراء يتم الالتزام بها. وبالنسبة لشركات قطاع الأعمال العام فلا يوجد حاجة لنقلها عبر هذه الآلية في ظل إمكانية إجراء معاملة مباشرة سواء تجارية أو مقاصة مع المالك. الأصل التابع لقطاع الأعمال العام يمكن إجراء معاملة مباشرة عليه سواء تجارية أو مقاصة مع المالك، في حين أن نموذج مثل أرض المعارض الذي يعتبر «مال عام» أو جزء منها يعتبر تحت حكم المال العام، ومن اللازم إعادة هيكلة الأصل نفسه وكذلك إعادة صياغة ملكيته ليتحول إلى ملكية خاصة، والانتقال من مظلة المال العام إلى المال الخاص ستتم عبر آلية الاكتتاب العيني.

 مكاسب الصندوق وصفقاته وألية عملها:

 

أعلنت مصر عن تأسيس منصة استثمارية مشتركة مع الجانب الإماراتي من خلال الصندوق السيادي وشركة أبو ظبي التنموية القابضة بقيمة 20 مليار دولار، وهو ما يُعد أول المكاسب الاقتصادية الخارجية لصندوق مصر السيادي. ويدرس صندوق مصر السيادي 16 فرصة في المرحلة الحالية والتي كشف عنهاأيمن سليمان المدير التنفيذي لصندوق مصر تتوزع بين السياحة والآثار، والشركات المشتركة التي تتفتت ملكيتها بين شركات وبنوك مملوكة للدولة، بجانب الطاقة والصناعة. وهذا بجانب: بنك جولدمان ساكس الذي مازال يرى فرصًا في مصر من خلال محفظة الاستثمارات المباشرة الخاصة بالبنك والمعروفة بـ"Property Fund» أو «Special Situation Fund»، ومن المؤكد أن رغبة البنك أبعد ما تكون عن المجاملة وبمثابة صوت ثقة عنيف في الاقتصاد المصري.

 ومن هنا أهتم مركز العاصمة بالرد على أحد الأسئلة الشائعة حول الية عمل الصندوق: ومنها على سبيل المثال لا الحصر... في حالةوجود نموذج لأرض تابعة لإحدى شركات قطاع الأعمال العام، هل سيكون للشركة المالكة حصة في الصندوق بقيمة الأصل المنقول ام لا؟ في هذه الحالة يرى المركز أنه من الممكن مثلًا أن يتقدم بنك ما بمحفظة أراضٍ للصندوق مع الرغبة للمشاركة استثماريًّا بها مع الصندوق السيادي عبر المشاركة في صندوق فرعي للعقارات، وبالتالي يمكن للبنك الاكتتاب العيني في الصندوق الفرعي بشكل مباشر دون الحاجة لأي موافقات تتعلق بالمعاملة التجارية. كما يمكن أن يتم الأمر عبر هيكل آخر، فإذا كان للشركة المالكة للأصل مديونية عند أحد البنوك العامة، الذي بدوره قد يكون مدينًا للخزانة العامة بقيمة محددة يمكن إجراء مقاصة حتى ينتقل الأصل بين الأطراف المختلفة إلى أن يصل إلى الصندوق عبر سلسلة من التسويات، وفي هذه الحالة الصندوق لن يكون طرفًا في عمليات المقاصة ولكنه سيكون الدافع وراء حدوثها. أما عن طريقة الترويج للصندوق فتوجد لجنة حصر للأصول غير المستغلة تعمل منذ سنوات ولديها محافظ معروفة بصورة كبيرة ضمن الجولة الترويجية، كما تمت مخاطبة البنوك للتعرف على شهيتها للاستثمار، وكذلك الوقوف على المحافظ المتعثرة لديهم والتي تتنوع بين القطاعات المختلفة، ووجد بالفعل أن هناك شهية قوية للتعاون مع الصندوق، وجارٍ حصر الفرص المطروحة بهدف عرضها على المستشارين الماليين للتعرف على تقييمهم للفرص الجاذبة وفقًا لشهية المستثمرين، حتى نبدأ التحرك في ضوء الرغبات الاستثمارية.

 وبالنسبة لتقييم الأصول، فالقانون حدد اللجوء لثلاث جهات تقييم معتمدة من البنك المركزي، كما أن المستثمر أيضًا لديه مجلس إدارة ودائمًا يكون لديه الرؤية الاستثمارية لمواطن تحقيق القيمة المضافة، وسيقوم بعمل الدراسات بالتوازي مع الصندوق، فنحن الاثنان سنكون مستثمرين في هذه الحالة، بالطبع نحن نمثل الجانب البائع بطريقة ما، ولكننا من الناحية الأخرى نستثمر في الأصل كتفًا بكتف مع المستثمر الخاص، وبالتالي يجب الاعتداد بتقييم مقبول للصندوق وللمستثمرين على حد سواء. فعلى سبيل المثال يوجد حالياً أكثر من 16 فرصة إستثمارية أمام الصندوق وجميعهم مستثمرون جادون ولمسنا الشهية المرتفعة والطلب المرتقب من شريحة كبيرة من المستثمرين والمؤسسات. فالأصول الصناعية على سبيل المثال منها شركات مشتركة وأخرى تابعة للشركات القابضة، فالشركات المشتركة من النماذج الهامة جدًّا، فهي تعتبر مفتتة الملكية بين مجموعة من البنوك العامة وشركات التأمين وتعتبر شبه مستقلة تتبع قانون الشركات رقم 159، والبنوك التي تمثل ملكياتها مجتمعة الحصة الحاكمة بهذه الشركات مجمعة فيما بينها على الرغبة في طرح الشركة في البورصة. فهي شركات خاصة ولكن ملكيتها مفتتة على مجموع من الجهات التابعة للدولة، وبالتالي يمكن للصندوق حل مشكلة تفتت الملكية من خلال تحويلها إلى صندوق فرعي وطرحها إما لمستثمر استراتيجي أو قد يتم التحضير لطرحها للاكتتاب العام في مرحلة لاحقة بعد أن يتم تطويرها لرفع كفاءتها وإنتاجيتها، والأجدر والأفضل هو استقطاب مستثمر استراتيجي يتولى إدارة هذه المحفظة، فتفتت الملكية يشتت الإدارة ويعوق التواصل بينها والملاك، وبالتالي فإن توحيد جهة الملكية في الصندوق ووضع فكر موحد للإدارة ورؤية للنمو والتوسع بالتوازي مع توافر القدرة المالية على ضخ مزيد من الاستثمارات، كفيل بأن يزيد من تقييم الفرصة بنحو 20 إلى 30% عند جذب المستثمر الاستراتيجي. وهذا يمثل قيمة مضافة أحدثها الصندوق بمجرد دخوله كطرف مباشر في العملية، لذلك يعد الاستثمار الأهم في الصندوق هو الاستثمار في كوادره البشرية القادرة على إحداث قيمة للأصول وكذلك القدرة على حسن التفاوض حول فرص المشاركة.


 و من بين القائمة فرص بقطاع السياحة وتطوير المناطق الأثرية، حيث توجد مبانٍ كثيرة، فالقائمة المعروضة تضم 12 أصلًا بين مبانٍ أثرية أو ذات الطابع المعماري المتميز، ولكن تم بدأ التحرك على نحو 4 إلى 5 من الأصول التي يرى فيها أنها تتمتع بطلب وقبول استثماري. كما أن هناك أراضٍ مميزة على النيل أو بمناطق أثرية يمكن أن تصلح لبناء فندق أو أنشطة سياحية ولكن لم يكن هناك اهتمام استثماري في ظل الأوضاع الاقتصادية السابقة، في حين سيتهافت عليها المستثمرون حاليًا عند طرحها، وهذه الأصول ضمن قائمة الستة عشر أصلًا المستهدفة حاليًا، فهناك نحو فرصتين إلى ثلاث تندرج تحت هذا النطاق، وهذه الفرص جديدة على السوق ولم تطرح للاستغلال من قبل. كما أن مبنى مجمع التحرير يعتبر من ضمن الأصول محل الاهتمام، ولكن رغم أننا سنطلبه وسنبدأ في إجراءاته ولكني أعلم أنه لن يكون متاحًا لتنفيذ أي خطط قبل نحو عام. بالإضافة لحوالي 5 فرص صناعية من بينهم الغذائية والبتروكيماويات والأدوية، ومشروع البتروكيماويات هو كيان قائم بالفعل ولكن قابل للتوسع والتطوير، وبالنسبة لقطاع الطاقة فهو من القطاعات التي قتلت بحثًا، وهناك أصل واحد على الأقل تم الاستقرار عليه بهذا القطاع، وسيتم إلى جانبه بناء محفظة تضم مشروعين أو ثلاثة للطاقة المتجددة التي تعد من المجالات الاستثمارية الهامة لنا، ومشروع الطاقة الشمسية بمحافظة أسوان وضع السوق المصرية على خريطة الطاقة المتجددة عالميًّا، كما أن مصر تقع في مركز الوسط على الخريطة الحرارية للعالم، وبالتالي أصبح القطاع عنصر جذب كبير للمستثمرين. وهذا لا يتوقف فقط على الطاقة الشمسية، فطاقة الرياح أيضًا لها وضع مميز، وكثير من الفرص المتاحة بها تندرج تحت فئة «Brown fields» أي إعادة تأهيل للمحطات.

 

وفي مجال الخدمات اللوجيستية،فيقوم الصندوق حاليًا بانتقاء مجموعة من شباب الخريجين للعمل على جدولة وترتيب كل الأصول غير المستغلة وفقًا لأكثر من احتمال سواء على مستوى المناطق الجغرافية أو الأغراض المتنوعة كالصناعية واللوجيستية، تمهيدًا لعرضها بصورة متكاملة توضح جدواها الاستثمارية مقارنة بمشروعات أخرى لا تتوفر لها فرصة بدء العمل داخل منظومة متكاملة، إلى جانب العمل على تأهيلها لتحقيق الرغبات التي كشف المستثمرون عنها خلال الجولات الترويجية.

مضاعفة رأسمال الصندوق وانعكاسه:

 

لا ننسى تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزارة التخطيط بمضاعفة رأسمال صندوق مصر السيادي ليصل بحد أدنى الى تريليون جنيه على أن يتم التنفيذ خلال نوفمبر الماضي بشكل يعكس قوة الاقتصاد الوطنى حاليا ويدشن اقتصاد وطنى قوى ومستدام بما يدعم قوة الدولة فى شتى المجالات، فمصر لديها ثروة من الأصول والشركات التى لم يتم استخدامها بشكل صحيح على مدار سنوات عديدة والصندوق السيادي آلية فاعلة لزيادة النمو الاقتصادي عبر تعزيز الاستثمار المشترك مع الصناديق السيادية العربية والمؤسسات المالية الكبرى الدولية والقطاع الخاص والمصريين بالخارج لضخ رءوس الأموال وتوفير التمويل للمشروعات الداعمة لتحقيق التنمية المستدامة. فسيكون مظلة عملاقة ينتج عنها صناديق متخصصة في قطاعات مختلفة تشمل الطاقة الخضراء والوقود الحفرى من غاز وبترول والسياحة والصناعة والخدمات اللوجستية ومجالات الثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيا الحديثة والاتصالات والقطاعات التي تحقق مستويات مرتفعة من القيمة المضافة. فالدخول في تلك المجالات يستهدف تحقيق نمو قطاعي من خلال تطوير الأصول وتأسيس كيانات قادرة على جذبالاستثمارات من داخل وخارج مصر والاستثمار في مشروعات التنمية فى القارة الأفريقية والمحيط العربى لزيادة النفوذ المصرى فى أفريقيا ارض الثروات والفرص الواعدة التى تتنافس كل الدول الكبرى على الاستثمار فيها ويرونها مستقبل نمو الاقتصاد العالمى.وبتفعيل دور الصندوق السيادي المصري، من خلال الشراكة مع القطاع الخاص وتوفير فرص استثمارية في أصول وقطاعات جديدة ومستحدثة تمثل عناصر جذب للاقتصاد المصري، مع تذليل أية عقبات تعوق الاستثمار، ستتحقق نتائج إيجابية ملموسة تعود بالنفع على الاقتصاد المصري وعلى توفير فرص عمل جديدة للشباب وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

 

فعندما ترفع راس مال الصندوق إلى تريليون جنيه لو الأصول التي يديرها حققت عائد 5٪ علي راس المال هذا يعني 50 مليار جنيه سنويا سيتم احتجازها لمدة 5سنوات بحكم قانون انشاء الصندوق السيادي وتضاف لرأس مال الصندوق العامل، وكل سنة بعد الفترة المحددة ستضاف العوائد لموازنة الدولة مما يقلل حجم العجز فى الموازنة ونسبة الإيرادات الغير ضريبية تزيد وبالتالي حجم الإنفاق يرتفع علي بنود الموازنة من أجور وصحة وتعليم وبنيه أساسية وبحث علمى وحماية اجتماعية للفقراء. وهنا يمثل الصندوق آلية محترفة لادارة أصول موجودة في الدوله المصرية غالبيتها العظمي غير مستغلة والمستغل منها ليس بالكفاءة المطلوبة لزيادة النمو الاقتصادي بأموال تحت سيطرة الدولة المصرية. وسيتوسع الصندوق السيادي فى استثمارات داخل البلد وخارجها، واستغلال آلاف الأصول وتحويلها لآلاف المشروعات التي توفر فرص عمل.

 فطرح شركات القوات المسلحة وقطاع الأعمال فى البورصة يخضعها للحوكمة والمحاسبة ومعايير الإفصاح والشفافية و يخلق فرص متساوية أمام المصريين لامتلاك أسهم فى الشركات المصرية. وتمتص بطريقة ذكية جزء كبير من الأموال المتراكمة في البنوك خاصة مع اتجاة الفائدة للانخفاض .ويوفر سيولة يعاد استثمارها في التطوير والتوسعات ودخول مجالات جديدة تدفع عجلة النشاط الاقتصادي وتحريك ومواصلة النمو الاقتصادي. وفى تقديرنا ان هذا التوجه الاستراتيجي يدعم النمو الاقتصادي باستغلال القدرات الذاتية للدولة وشعبها ويتيح الدخول بقوة في اقتصاد المستقبل الذى يركز على مشروعات الاقتصاد الأزرق واستغلال آلاف الأميال البحرية المصرية والتوسع في مشروعات الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة والمناطق الصناعية الخضراء والذكية، والأهم أيضا تغيير وضع الإقتصاد المصرى من طبيعته الريعية إلى اقتصاد انتاجى وتصديرى يقوى الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الاجنبية.

 

يحتل صندوق التقاعد الحكومي النرويجي المرتبة الأولى، أكبر صندوق سيادي في العالم، وفقا لتصنيف مؤسسة (SWF Institute) المعنية بدراسة استثمارات الحكومات والصناديق السيادية في العالم، ويصل حجم أصول الصندوق نحو تريليون و85 مليار دولار. ويتصدر جهاز أبوظبي للاستثمار الصناديق السيادية العربية، بإجمالي أصول مالية بلغت نحو 697 مليار دولار أمريكي، والثالث عالميا، ثم الهيئة العامة الكويتية للاستثمار وبلغ حجم أصوله نحو 592 مليار دولار أمريكي والرابع عالميا. ومن هنا يمكننا توضيح أنه عادة ما تتكون الصناديق السيادية من أصول مختلفة من الممكن أن تكون أراض أو أسهم في شركات أو سندات، ويتم استغلال تلك الأصول بشكل استثماري لتدر عوائد وأرباح.وبالنسبة لصندوق مصر فمن المنتظر أن تتكون خريطة مصادر موارد الصندوق من قاعدة الأصول التي سيستثمر فيها الصندوق بمشاركة القطاع الخاص، بالإضافة إلى استثمارات المؤسسات المالية المحلية والدولية، واستثمارات الشركات والصناديق السيادية فى الصناديق الفرعية للصندوق، بالإضافة إلى الأرباح المتبقية من استثمارات الصندوق، إلى جانب رأس المال المصرح به بنحو 200 مليار جنيه مصرى والذي تم مضاعفته بقرار من رئيس الجمهورية، ورأس مال مدفوع 5 مليارات جنيه مصرى، منها مليار جنيه تسددها خزانة الدولة عند إنشاء الصندوق والمتبقى يسدد على 3 سنوات. كما يمكن تلخيص موارد الصندوق كالتالي:

ـ رأس مال الصندوق

 

ـ الأصول التى تنتقل ملكيتها للصندوق وفقا لأحكام هذا القانون.

ـ العائد من استثمار أمواله واستغلال أصوله.

ـ القروض والتسهيلات التى يحصل عليها، وحصيلة إصدارات السندات والأدوات المالية الأخرى.

ـ الموارد الأخرى التى يقرها مجلس الإدارة ويصدر بقبولها قرار من رئيس مجلس الوزراء.

كما يكون للصندوق موازنة مستقلة يتبع فى وضعها وإعداد القوائم المالية لها معايير المحاسبة والمراجعة المصرية، وتبدأ السنة المالية للصندوق وتنتهى فى الموعد المقرر بنظامه الأساسى، ويُعد الصندوق قوائم مالية سنوية وربع سنوية، على أن يتم ترحيل الفائض من عام لاخر.

ولقد أعطى قانون الصندوق السيادى الحق للرئيس فى نقل ملكية الأصول غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لأى من الجهات أو الشركات التابعة لها إلى الصندوق أو أى من الصناديق التى يؤسسها والمملوكة له بالكامل، كما أعطى القانون الحق فى نقل الأصول المستغلة لتعظيم الاستفادة منها بعرض من الوزير المختص  وبالاتفاق مع وزير المالية والوزير المعنى، وذلك كله بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء. وأعفى القانون فى مادته الرابعة عشر الصناديق الفرعية والشركات التى يساهم فيها الصندوق من أشخاص القانون الخاص أيًا كانت نسبة مساهمة الدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام فيها، ولا تتقيد بالقواعد المنصوص عليها فى القوانين واللوائح المعمول بها بالنسبة للجهات التابعة للدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، لتعد هذه المادة مخرجًا أمام الشركات من ترسانة مكبلة من القوانين تعود لستينيات وخمسينيات القرن الماضى. كما يمكن للصندوق بحسب المادة الثالثة عشر من قانونه تأسيس صناديق فرعية بمفرده أو بالمشاركة مع الصناديق المصرية والعربية والأجنبية النظيرة والمصارف والمؤسسات المالية والشركات المصرية والأجنبية، أو أى منها، ويحدد النظام الأساسى للصندوق الإجراءات والضوابط اللازمة لتأسيس الصناديق الفرعية ونظم إدارتها والرقابة عليها من جانب الصندوق ومجالات وضوابط استثمار أموالها وتقييمها وتوزيع العائد منها ومراجعة حسابات الصندوق وتصفيته وغير ذلك من ضوابط النشاط والرقابة دون التقيد بأية تشريعات أخرى. ووفقا للمادة السابعة عشر من القانون، يحق للصندوق المساهمة بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو فى زيادة رؤوس أموالها، الاستثمار فى الأوراق المالية المقيدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها وأدوات الدين وغيرها من الأوراق المالية داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها، الاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين، شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، إقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التى يملكها أو يساهم فيها مع الغير.

 

تشكيل مجلس الإدارة والجمعية العامة:

في مارس 2019 أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارا بالنظام الأساسي لصندوق مصر السيادي، والذي يتضمن تعريف الصندوق، وأهدافه، وصلاحياته، وموارده، وضوابط نقل ملكية الأصول له، وتشكيل مجلس الإدارة والجمعية العمومية، وضوابط تعيين المدير التنفيذي، وتأسيس الصناديق الفرعية والشركات التابعة، وضوابط الإفصاح والرقابة، وفي مايو الماضي أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بتشكيل مجلس إدارة الصندوق، برئاسة هالة السعيد، كرئيس مجلس إدارة غير تنفيذي، وبتشكيل الجمعية العمومية له، برئاسة مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء. ومنه يشير مركز العاصمة إن تشكيل مجلس إدارة الصندوق قد ضم أعضاء مستقلين وهم حسن الخطيب مدير الاستثمار المباشر في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وطارق توفيق رئيس الغرفة التجارية الأمريكية، ومحمد عباس فايد الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك عودة مصر. كما أن من بين أعضاء مجلس الإدارة المستقلين أيضا نيفين الطاهري رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة دلتا شيلد للاستثمار، ويحيى محب زكي المدير التنفيذي لشركة دار الهندسة مصر. ويضم مجلس إدارة الصندوق السيادي، بالإضافة إلى هؤلاء الأعضاء المستقلين، ممثلين عن كل من وزارات التخطيط، والمالية، والاستثمار، على أن يكون للصندوق مدير تنفيذي متفرع لإدارته ويمثله أمام الغير، والقضاء، بحسب قانون إنشاء الصندوق والذي وافق عليه مجلس النواب في يوليو من العام الماضي. وتتضمن اختصاصات مجلس إدارة الصندوق وفقًا للنظام الأساسي له، وضع الرؤية الاستراتيجية والسياسة الاستثمارية العامة للصندوق، واعتماد الهيكل التنظيمي والإداري للصندوق، وصلاحيات موظفيه، ومتابعة الأداء العام للصندوق، ومناقشة واعتماد الخطة الاستثمارية ومراقبة تنفيذها، والإشراف على أعمال المدير التنفيذي، وزيادة رأس المال.

كما تضمن تشكيل الجمعية العامة للصندوق عضوية وزراء التخطيط، والاستثمار، والمالية، وأحد نائبي محافظ البنك المركزي، فضلًا عن عضوية 7 أعضاء من ذوي الخبرة، وهم شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء السابق، وصادق وهبة المؤسس والشريك الإداري لشركة ISquared Capital العالمية لاستثمارات البنية التحتية. كما شمل تشكيل الجمعية محمد يونس مؤسس ورئيس مجموعة كونكورد الدولية للاستثمارات، وطه محمود خالد المؤسس والشريك الرئيسي لمؤسسة BDO، وحسين شكري رئيس مجلس إدارة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، وعادل اللبان الرئيس التنفيذي والمدير العام للبنك الأهلي المتحد، وهشام عكاشة نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري.

 

صندوق مصر والانضمام للمنتدى العالمي لصناديق الثروة السيادية:

 

في 3 يونيو من العام الحالي 2019، أعلنت وزارة التخطيط في بيان، أن مصر انضمت رسميا إلى المنتدى العالمي لصناديق الثروة السيادية (IFSWF)، وذلك بعد موافقة المنتدى على انضمام صندوق مصر المؤسس حديثا ليصبح عضوا مشاركا بالمنتدى. ومن شأن انضمام صندوق مصر لهذه المؤسسة العالمية يرى مركز العاصمة منح عدة امتيازات للصندوق، وإرسال رسالة إيجابية إلى شركاء الاستثمار المحتملين، بحسب ما قالت التخطيط في بيانها، والمنتدى العالمي للصناديق السيادية الدولية هو شبكة عالمية من صناديق الثروة السيادية من أكثر من 30 دولة، ويضم صناديق سيادية من دول عربية مثل الإمارات، والمغرب، والكويت، وليبيا، وفلسطين، وقطر، وعمان، بالإضافة إلى دول بالمنطقة مثل تركيا، وإيران، ودول أفريقية وأمريكا، والصين، وروسيا، وغيرها. وهو أيضاً مؤسسة تطوعية ملتزمة بتعزيز ممارسات الحكم الرشيد وإدارة الاستثمار، وذلك من خلال التمسك بالمبادئ والممارسات المقبولة عموما للحوكمة والاستثمار وإدارة المخاطر في صناديق الثروة السيادية، والمعروفة باسم مبادئ سانتياجو، من خلال الحوار والبحث والتقييم الذاتي.

 

 



التعليقات