أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
11 أبريل 2020 4:19 م
-
المفوضية الأوروبية: ارتفاع خسارة "بريكست" في الميزانية الأوروبية الى 12 مليار يورو في 2021

المفوضية الأوروبية: ارتفاع خسارة "بريكست" في الميزانية الأوروبية الى 12 مليار يورو في 2021

اعداد ـ فاطيمة طيبي

وضعت المفوضية الأوروبية تحت إشراف جان كلود يونكر مقترحا منذ مايو 2018 بهدف حل مشكلة الإطار المالي متعدد الأعوام 2021-2027، قبل أن تسلم المسؤولية للفريق الجديد برئاسة أورسولا فون ديرلايين.

ـ الفجوة المالية :

اصبح الملف بين يدي شارل ـ ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، الذي دعا إلى قمة استثنائية لمحاولة التوفيق بين الدول الـ27 ومغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي بفجوة مالية هائلة تبلغ 12 مليار يورو، انطلاقا من 2021، ليزداد تعقيد المفاوضات بين الدول الـ27 المتبقية حول الميزانية طويلة الأمد المقبلة للاتحاد الأوروبي. وتمثل بريطانيا "مساهما صافيا" في الميزانية الأوروبية، أي أنها تعطي أكثر مما تتلقى، ووفق حسابات المفوضية الأوروبية، سترتفع الخسارة من 12 مليار يورو 2021 إلى 84 مليار يورو على امتداد سبعة أعوام.

والحل الذي دعا إليه مفوض الميزانية جونتر أوتينجر هو زيادة مساهمة الدول الأعضاء من جهة، ومن جهة أخرى، تقليص الإنفاق على السياسات التقليدية للاتحاد (التماسك، والزراعة) للوصول إلى ميزانية "عصرية" تركز على أولويات جديدة (البيئة، والأمن، والهجرة، والدفاع). ومساهمة الدول الأعضاء في حجم الإطار المالي متعدد الأعوام، بتشكيل نادي "الواحد في المائة"، الذي تتزعمه ألمانيا والنمسا وهولندا والدول الاسكندينافية، بهدف إبقاء الميزانية في حدود 1 %  من إجمالي ناتج الاتحاد الأوروبي.

ويشير بريون إلى أن هذا الرقم "يمثل عتبة رمزية، وهو أيضا عتبة سياسية طالبت بها ألمانيا وبريطانيا"، ويذكر بأن البلدين كانا "أول من طالب بوضع حدود قصوى أكثر صرامة" في الميزانية، ويرى الخبير المختص في الميزانية الأوروبية، أن "بريكست" حرم ألمانيا من حليف في المفاوضات. واقترحت المفوضية عتبة بنحو 1.114 % ما يعني ميزانية بقيمة 1134 مليار يورو بالأسعار الثابتة لعام 2018، أو1279 مليار يورو بالأسعار الحالية وحذرت من تقليصها إلى 1 %. وتمثل الميزانية حاليا، مع الوضع في الحسبان مغادرة بريطانيا 1.16%   من إجمالي ناتج الاتحاد، ويدافع البرلمان الأوروبي عن زيادتها إلى 1.3%

ـ  التخفيضات الضريبية:

من ناحية أخرى، تسعى المفوضية الأوروبية للاستفادة من "بريكست" لحظر "التخفيضات الضريبية" التي بدأ تطبيقها مع بريطانيا 1984   وتستفيد منها خمس دول من بين الأكثر ثراء في الاتحاد (ألمانيا، الدنمارك، هولندا، النمسا، والسويد).وتأسف المفوضية أن الدول "الأكثر ثراء تسهم بنسب أدنى من إجمالي دخلها"، وتقترح التخلي تدريجيا عن التخفيضات خلال خمسة أعوام.

وترى 18 دولة أخرى على الأقل أن "بريكست" فرصة فريدة لإصلاح وتحديث  موارد الإطار المالي متعدد الأعوام، وتؤكد هذه المجموعة التي توجد فيها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا ودول البلطيق وبلغاريا ورومانيا والمجر، أنه "لا توجد أي دولة تعاني ثقلا ضريبيا إلى درجة تسمح لها  بطلب تخفيض.ويرى بريون أن "التخفيضات لم تكن الغاية منها تحقيق التوازن بين المساهمات، بل جعلها مقبولة"، هذا  وتجادل ألمانيا أنها "ستدفع مساهمة أكبر بكثير" بعد "بريكست" حتى وإن كانت 1 %، وفق ما قال الوزير ميخائيل روث خلال اجتماع حديث للاتحاد في بروكسل. ومن بين الخيارات المقترحة لتوفير موارد فرض ضريبة على المنتجات الأجنبية عالية الكربون وضريبة على البلاستيك أو على المداخيل المتأتية من سوق الكربون الأوروبية.

ـ مغادرة للتكتل:

 أعطت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي موافقتها الرسمية النهائية على مغادرة بريطانية للتكتل في الثلاثين من مارس، ووافقت الـ27 دولة المتبقية في الاتحاد الأوروبي على اتفاق انسحاب بريطانيا في إجراءات كتابية، حسبما أعلن المجلس الأوروبي، ما يمهد الطريق أمام دولة عضو لمغادرة التكتل للمرة الأولى على الإطلاق. هذا وتوقفت عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، التي استمرت 47 عاما رسميا منتصف في الواحد والثلاثين من مارس 2020 ، بعد ثلاثة أعوام ونصف من تصويت البريطانيين بأغلبية ضئيلة لمصلحة الخروج في استفتاء 2016.

 

ـ مؤشرات إيجابية تدعم الاقتصاد البريطاني بعد "بريكست":

 بحسب "الفرنسية"، انه من الامكان ملاحظة اتجاهات اقتصادية واضحة، ولا سيما تراجع الاستثمارات، فيما كان الأداء الاقتصادي في 2018 سيئا بشكل ملحوظ. بحسب المكتب الوطني للإحصاءات تباطأ النمو كذلك، اذ انخفض من 1.8 % في 2017 إلى 1.4 % في 2018، وبالنسبة لعام 2019، يمكن أن يسجل تراجعا في النمو إلى 1.3 %، وهو أضعف معدل للنمو منذ 2009، بحسب تقديرات اقتصاديين جمعتها وزارة المالية.

المملكة المتحدة ليست البلد الوحيد، الذي شهد تباطؤا في النمو في هذه الفترة، خصوصا في ظل سياق عالمي تهيمن عليه حالة من عدم اليقين وتوتر تجاري، حيث توقعت سابقا المفوضية الأوروبية أن يسجل نمو منطقة اليورو 1.1 % في 2019. وتبدو السوق البريطانية بحالة جيدة جدا، مع بلوغ نسبة البطالة 3.8 % ، الأدنى منذ 45 عاما، ونسبة توظيف لم يسبق لها مثيل، بلغت 76.3 %  وتواصل الرواتب بدورها الارتفاع بشكل أسرع من ارتفاع الأسعار (ارتفعت 3.2 % خلال عام مع نسبة تضخم 1.5 %)، رغم أنها لم تصل بعد إلى المستوى، الذي سبق الأزمة المالية في 2008،على الرغم من تفاوتات صارخة في الأجور.

ـ  تقديرات نمو النشاط الاقتصادي:

في 24 يناير، أشارت التقديرات الأولية لمؤشرات مديري المشتريات، التي تقيس نمو النشاط الاقتصادي، إلى ارتفاع مستويات سجلت آخر مرة في سبتمبر  2018، بعد خمسة أشهر من التراجع. بالإضافة إلى ذلك، أظهر تقرير لاتحاد الصناعة البريطانية، أبرز تجمع لأصحاب الأعمال في البلاد، ارتفاعا واضحا في مستوى تفاؤل المستثمرين في قطاع التصنيع. وارتفعت ثقة المستثمرين إلى 23 % إيجابية خلال فترة ثلاثة أشهر انتهت في يناير 2020 ، وهو أعلى مستوى منذ 2014، فيما كانت سلبية جدا في تحقيق سابق، إذ بلغت ناقص 44 %. وهذا الارتفاع الكبير في مستوى ثقة المستثمرين في الفترة الممتدة بين تحقيقين لم يسبق له مثيل منذ بدء نشر هذه الدراسات 1958.

وتعهد رئيس الوزراء أيضا بإنهاء التقشف مع رفع للحد الأدنى للأجور 6.2 % في أبريل، الأعلى منذ 25 سنة، ومن شأن هذا الإجراء أن يعزز الاستهلاك، وبالتالي يدفع بالنمو قدما. وتبقى أسئلة كثيرة معلقة مع دخول "بريكست" حيز التنفيذ خصوصا تلك المتعلقة بمستقبل العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، والمفاوضات مع الولايات المتحدة حول اتفاق تبادل تجاري حر. ويفترض أن تستمر فترة عدم اليقين لبضعة أشهر، ما قد ينتج عنه آثار سلبية على الاقتصاد، وقد يستمر النمو في التباطؤ، وقدره المصرف المركزي البريطاني عند 1.2 % في 2020.

ـ الاسواق المالية :

 أبقى بنك إنجلترا المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، قائلا إن مؤشرات على أن اقتصاد بريطانيا في صعود منذ انتخابات  ديسمبرمما يعزز استقرار الاقتصاد العالمي. وكانت الأسواق المالية تتوقع 50 % فرصة للخفض لكن لجنة السياسة النقدية انقسمت مرة أخرى بواقع تأييد سبعة أصوات للإبقاء على سعر فائدة البنك عند 0.75 % مقابل اثنين، إذ صوت العضوان مايكل ساندرز وجوناثان هاسكل مجددا لمصلحة خفض الفائدة. وكان قد توقع  اقتصاديون، استطلعت آراؤهم  في المتوسط تصويت صانع سياسات ثالث لمصلحة الخفض، وأبقى البنك المركزي الباب مفتوحا لتحريك سعر الفائدة بعد أن سلم محافظ البنك مارك كارني زمام الأمور لخليفه أندرو بيلي في مارس 2020 . ويتوقع صندوق النقد الدولي من جهته نموا 1.4 % لبريطانيا هذا العام، مقابل 1.3 % لمنطقة اليورو.

ـ التجارة مع امريكا بعد "بريكست": 

التقى في الثلاثين من يناير 2020  رئيس الوزراء بوريس جونسون وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لوضع أسس التقارب التجاري، الذي يأمل البلدان في تحقيقه في فترة ما بعد "بريكست"، رغم الخلافات القائمة بينهما. وترغب المملكة المتحدة في إبرام اتفاق تجاري طموح مع الولايات المتحدة يكون رمزا لاستعادتها حرية النشاط، لكن هذا التقارب الاقتصادي مع حليفها التاريخي تزيده تعقيداعدة ملفات حاضرة في جدول نقاشات الزيارة. ومن أبرز تلك الملفات:


ـ  الدور، الذي منحته بريطانيا الثلاثاء لـ"هواوي" في شبكة الجيل الخامس رغم تحذيرات واشنطن، التي ترى أن الشركة مقربة أكثر من اللازم من الحكومة الصينية، مع ما يثيره ذلك من مخاطر تجسس.

ـ  المشروع البريطاني لفرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة، ما يدفع جونسون لأن يوازن العلاقة مع الأمريكيين والأوروبيين في الملفات الدولية الكبرى.

ويساند الرئيس الأمريكي "بريكست" بحماس واقترح إبرام اتفاق تجاري ثنائي "رائع" مع بريطانيا، وقال بومبيو وزير الخارجية الأمريكي  في تصريحات له  إنه توجد كثير من المواضيع المطروحة للنقاش مع المملكة المتحدة، انطلاقا من لحظة دخولها مرحلة جديدة من السيادة.

وتحدث الوزيرعن قضايا تجارية كبرى، وكذلك قضايا أمنية مهمة، وأضاف أثناء حضوره نقاشا مع نظيره البريطاني نظمه مركز بحثي أن "المملكة المتحدة كانت مضطرة إلى فعل أشياء بصفتها عضوا في الاتحاد الأوروبي وسيصير بمقدورها الآن فعلها بطريقة مختلفة". وتابع "سنعمل على بعض هذه الأشياء في اتفاق التجارة الحرة، وبعضها الآخر سيعمل عليه المستثمرون.. سترون المنافع الكبرى لبلدينا نتيجة هذا". ولإبرام اتفاق مع الولايات المتحدة، قد تضطر المملكة المتحدة إلى قبول توريد بضائع بمعايير وقائية صحية وبيئية أدنى من معايير الاتحاد الأوروبي. ما دفع  حزب العمال المعارض باتهام جونسون بالتفاوض سرا مع الولايات المتحدة لفتح النظام العام للتغطية الصحية أمام شركات الأدوية الأمريكية في إطار اتفاق تجاري.

ويتوقع فيل هوجان مفوض شؤون التجارة في الاتحاد الأوروبي أن تنتظر الولايات المتحدة لحين التوصل إلى اتفاق تجاري بين الاتحاد وبريطانيا قبل أن تبرم اتفاقها الخاص مع المملكة المتحدة.

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
15 مايو 2024 4:05 مختام فعاليات مؤتمر"الاستثمار .. الصناعة .. التصدير ـ المثلث الذهبي"14 مايو 2024 1:45 م"البدو الرقميون".. مفهوم جديد للعمل عن بعد14 مايو 2024 12:53 مسوق الذكاء الاصطناعي واقع المستقبل القادم بقيمة 420.4 مليار دولار بنهاية 202514 مايو 2024 12:21 ممصر: دفع التعاون مع منظمة اليونيدو ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الفرنسية للتنمية14 مايو 2024 11:17 صالأردن نموذجا .. الطاقة الحرارية الجوفية في طور التقييم والاستكشاف14 مايو 2024 10:45 صالصين في علاقتها الخارجية لم تستخدم مواردها كورقة ضغط على أي اقتصاد24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن

التعليقات