أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
4 مايو 2020 11:24 م
-
تدابير مالية طارئة لانقاذ الاقتصاد العالمي من نتائج فيروس كورونا

تدابير مالية طارئة لانقاذ الاقتصاد العالمي  من نتائج فيروس كورونا

اعداد ـ فاطيمة طيبي

 

يتخذ واضعو السياسات تدابير طارئة لتحصين الاقتصاد العالمي من عواقب انتشار فيروس كورونا المستجد إلا أن قيوداً مالية وسياسية قد تعيق مساعيهم هذه وساهمت خطط التحفيز التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بعض التهدئة في الأسواق المالية خلال النصف الثاني من مارس  إلا أنها واجهت بعض المعارضة في الكونغرس.

ويتطلع المستثمرون  لمزيد من التطمينات بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي تشكيل صندوق استثمار بقيمة 25 مليار يورو (28 مليار دولار) لدعم أنظمة الرعاية الصحية والوظائف والشركات الصغيرة. وقد تماشى ذلك مع نداء لصندوق النقد الدولي  والذي دعا فيه إلى اجراءات كبيرة على صعيد الضرائب والنقد والأسواق المالية عبر العالم.

وحذّر صندوق النقد من أنّ النمو العالمي قد يتراجع دون نسبة 2.9% والمسجّلة  في 2019 مع ازدياد المخاوف من حصول تراجع  صريح في بعض الدول التي يضربها الوباء أكثر من غيرها مثل إيطاليا.

كما تعهّدت إيطاليا إنفاق 25 مليار يورو لمكافحة عواقب الفيروس الاقتصادية وقد حثّت الدائنين على التساهل مع الشركات والأفراد الذين يعانون مشاكل في التسديد. وقد أدرجت بريطانيا خطة الدعم في الميزانية السنوية. وأعلنت ألمانيا التي لطالما اعتُبرت الحارس الأوروبي الرئيسي للاستقامة المالية، أنها منفتحة على انفاق أكبر.

هذا و حذرت غرفة الصناعة والتجارة الألمانية من مواجهة أعباء كبرى بالنسبة لأكبر اقتصاد أوروبي، بسبب أزمة الصين الراهنة . وبحسب "الألمانية"، ذكر فولكر تراير رئيس قسم التجارة الخارجية في الغرفة   في العاصمة الألمانية برلين في بيان، "انتشار فيروس كورونا سوف يؤثر في الاقتصاد الألماني هذا العام بشكل كبير". حيث خسائر الإنتاج لدى شركات صينية وألمانية في الصين، وتقييدات كبرى في السفر، وأوجه تراجع في التبادل التجاري بين الصين ودول آسيوية مجاورة لها، وتراجع حجم الطلب في السياحة، وتجارة التجزئة يمكن أن تكون سيناريوهات محتملة قد تصل إلى الاقتصاد أيضا في ألمانيا وأوروبا.".

وأشار الخبير الاقتصادي الألماني إلى أنه في ظل وضع اقتصادي ضعيف فعلا في ألمانيا، تظهر خطورة صيرورة انتشار فيروس كورونا "عقبة اقتصادية حقيقية". وأوضح تراير أن قطاع التصدير الألماني المتشابك على مستوى العالم يلمس حاليا بالفعل أن تأثير فيروس كورونا يمثل عبئا على التجارة العالمية، وأخرت كثير من الشركات استثماراتها في كثير من المواقع  وشدد تراير على ضرورة أن تتخذ الأوساط السياسية الإجراءات المناسبة حاليا للحيلولة دون استمرار انتشار الفيروس .

وأظهر استطلاع جديد للرأي، أن انتشار "كورونا" أضر بأغلب الشركات الأوروبية في الصين، ما دفع كثير منها إلى تراجع أهدافها التجارية السنوية، وأفاد ما يقرب من 90 % من المشاركين في استطلاع مشترك أجرته غرفة التجارة الألمانية في الصين وغرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين، بأن أعمالهم التجارية تأثرت من تفشي فيروس كورونا، بصورة تتراوح بين متوسطة إلى مرتفعة

وتوقع نصف من شملهم الاستطلاع، حدوث تراجع تزيد نسبته على 10 %، في إيرادات النصف الأول من 2020، بينما يتوقع أن تشهد الإيرادات الربع سنوية انخفاضا تزيد نسبته على 20 %، ويرى نحو نصف المشاركين في الاستطلاع، البالغ عددهم 577 أن يخفضوا أهدافهم التجارية السنوية، أجري الاستطلاع خلال الفترة بين 18 و21 من فبراير 2020.

ـ أسوأ تراجع للإنتاج الصناعي منذ 30 عاما:

كشفت الصين في السادس عشر من شهر مارس 2020 و التي يعاني اقتصادها شللا بسبب مكافحة فيروس كورونا المستجد ، نتائج اقتصادية أسوأ مما كان متوقعا مع مجموعة من المؤشرات الكارثية بينها:

ـ تراجع الإنتاج الصناعي للمرة الأولى منذ قرابة الـ30 عاما

ـ انهيارفي المبيعات. 

هذا وقد  تقلص الإنتاج الصناعي في أول شهرين من العام الجاري 13.5 % 2020 ، مقابل نمو 6.9 % في  ديسمبر  2019. وهذا أول تراجع يسجل منذ  يناير  1990 (- 21.1 % )  على ما أفادت إيريس بانغ خبيرة الاقتصاد لدى "أي إن جي" . وحسب ما أعلن عنه المكتب الوطني للإحصاءات قدانهارت مبيعات تشكل مؤشرا للاستهلاك الى 20.5 %، مقارنة  بـ يناير وفبراير 2019.     وأوضح المكتب  أثر وباء فيروس كورونا المستجد سلبا في النشاط الاقتصادي في الشهرين الأولين من السنة  في وقت لزم فيه عشرات ملايين الصينيين منازلهم مع انتشار الوباء. وأضاف بيان  اخر للمكتب ان هناك انعكاسات على المدى القصير ستكون قابلة للسيطرة".  هذه النتائج كانت أسوأ مما كان يتوقعه محللون استطلعت آراءهم وكالة "بلومبيرج" التي تعنى بالأخبار المالية. حيث ان تراجعا  وصل الى 3 % في الإنتاج الصناعي و4 %   في مبيعات المفرق.

وعانى الاقتصاد الصيني شللا شبه تام في فبراير  بسبب إجراءات مكافحة الوباء، التي اتخذتها السلطات. وقد وضع سكان إقليم هوباي البالغ عددهم 56 مليونا من حيث انطلق الوباء نهاية العام الماضي، في الحجر الصحي، ما أثر كثيرا في حركة نقل السلع وسلاسل التموين.

  ـ توقعات تشاؤمية :

 تواجه شركات كثيرة صعوبة في إعادة إطلاق عجلة الإنتاج مع أن مدنا كبيرة مثل بكين وشنغهاي بدأت تستعيد بعضا من نشاطها. وقال المحلل جوليان إيفانز- بريتشارد من "كابيتال إيكونوميكس"، "في حال تحسن الوضع الصحي في الصين ببطء في الأشهر المقبلة، فإن انعكاسات فيروس كورونا المستجد على الصعيد العالمي ستستمر بلجم الإنعاش" الاقتصادي مما نتج عنه مؤشرات اقتصادية "أسوأ" لشهر ابريل . وقد انهارت الصادرات الصينية محرك اقتصاد البلاد، في سنة واحدة اذ وصلت الى  17.2 %   في الشهرين الأولين من السنة.

وقد عرف معدل البطالة، في المدن في الصين ، في فبراير ارتفاعا  وصل الى 6.2 % في مقابل 5.2 % في  يناير2020  بحسب مكتب الإحصاءات، و التي كانت 3.8 % خلال 2019  وقررت بكين، دعما للنشاط الاقتصادي، بضخ نحو 70 مليار يورو في الاقتصاد، وخفض المصرف المركزي الصيني معدل الاحتياط الإلزامي للمصارف بنصف نقطة مئوية لتصل إلى 1 %.

ويأمل بذلك تحفيز المصارف التجارية على تقديم مزيد من القروض للشركات لدعم الاقتصاد الحقيقي ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة وهي الأكثر دينامية على صعيد استحداث الوظائف، التي تضررت أكثر من غيرها

-  تراجع أسعار النفط سيساعد على تراجع التضخم على المدى القصير:

وقد يساعد التراجع الكبير المسجّل في سعر النفط الى انعاش الاقتصاد العالمي مع ما يحمله   من مخاطر وقالت فيكي ريدوود كبيرة خبراء الاقتصاد في "كابيتال إيكونوميكس "في لندن إنّ "التراجع في أسعار النفط سيساعد على خفض التضخّم على المدى القصير إلا أن الخطر الأكبر قد يتأتى من انعكاسات فيروس كورونا المستجد على النشاط الاقتصادي مع وجود احتمال أن يتراجع الطلب  مع تعليق نشاط المزيد من الشركات ووضع المستهلكين في عزلة لمحاربة الفيروس. وقد خفضت الصين التي تعتبر مركز الوباء مع أكثر من 3100 حالة وفاة، نسب الفائدة معلنة سلسلة من الاجراءات لخفض الضرائب أيضا.  إلا أنّه لا مفر من الأضرار على الربع الحالي من السنة المالية في الصين وعند شركائها التجاريين.

وأعلنت اليابان حزمة ثانية من إجراءات الطوارئ لمواجهة انعكاسات الفيروس تشمل برنامج قروض بقيمة 15 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة. في حين طمأن مصرف اليابان المركزي، المستثمرين بأنه  سيجهد لتوفير السيولة الكافية لضمان استقرار الأسواق المالية.

 -  الانقسام السياسي الأميركي:

- وفي حبن تعهدت الاقتصادات الكبرى اتخاذ اجراءات حاسمة ، تستمر الولايات المتحدة في الغرق في الانقسام الحزبي المألوف فيها. وقد وعد ترامب بإعلان اجراءات اقتصادية كبيرة  بعد زيارة له   للكونغرس في خطوة نادرة لاجراء محادثات مع المشرعين في الحزب الجمهوري.

وتقوم أولوية الرئيس في هذه السنة الانتخابية على خفض ضريبة الدخل لمواجهة فيروس كورونا المستجد. إلا ان الديموقراطيين يقاومون هذا الإجراء فيما يخشى بعض حلفاء ترامب في الكونغرس من كلفته وفعاليته. كما أن الحرب الكلامية حول الأولويات ورسائل ترامب المتناقضة حول جدية التعامل مع انتشار الوباء لا تساعد كثيرا الشركات التي تريد نهجاً واضحاً من الحكومة.

وقال تشارلي نيذيرتون من شركة "مارش ريسك كونسالتنغ" إنّ "هناك تفاوتاً كبيراً في التواصل داخل الولايات المتحدة مقارنة مع دول أخرى في العالم. مما جعله مصدر استياء للكثيرين  .مضيفا  في تصريح لوكالة فرانس برس "نحتاج إلى استجابة منسقة في ما يتعلق باحتواء الفيروس وتحفيز النشاط التجاري". لكن في نهاية المطاف، قد يكون لشركات الأدوية دورا أهم من أي حكومة أو مصرف مركزي، في عودة الاستقرار الاقتصادي. وقال الخبراء الاقتصاديون في مؤسسة "أي ان جي" المالية "بصراحة ما من اجراءات ضريبية أو نقدية تتمتع بتأثير يوازي تأثير التوصل إلى لقاح ضد فيروس كوفيد-19".


أخبار مرتبطة
 
15 مايو 2024 4:05 مختام فعاليات مؤتمر"الاستثمار .. الصناعة .. التصدير ـ المثلث الذهبي"14 مايو 2024 1:45 م"البدو الرقميون".. مفهوم جديد للعمل عن بعد14 مايو 2024 12:53 مسوق الذكاء الاصطناعي واقع المستقبل القادم بقيمة 420.4 مليار دولار بنهاية 202514 مايو 2024 12:21 ممصر: دفع التعاون مع منظمة اليونيدو ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الفرنسية للتنمية14 مايو 2024 11:17 صالأردن نموذجا .. الطاقة الحرارية الجوفية في طور التقييم والاستكشاف14 مايو 2024 10:45 صالصين في علاقتها الخارجية لم تستخدم مواردها كورقة ضغط على أي اقتصاد24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن

التعليقات