أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
12 أغسطس 2020 2:03 م
-
تراجع الدينار وارتفاع التضخم.. الجزائر تواجه أسوأ أزمة اقتصادية

تراجع الدينار وارتفاع التضخم.. الجزائر تواجه أسوأ أزمة اقتصادية

اعداد ـ فاطيما طيبي

تواجه الجزائر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية التي مرت بها في تاريخها، في ظل تراجع قيمة الدينار وارتفاع التضخم وانهيار الاحتياطيات الأجنبية وتوقف الشركات عن العمل إلى جانب انخفاض عائدات النفط. ويعتمد أكبر اقتصاد في منطقة المغرب العربي على عائدات النفط، مما يعرضه لتقلبات الأسعار، بسبب عدم تنويع الموارد.


ـ تراجع :

 أعلن الديوان الوطني للإحصاء عن "أرقام مقلقة" تتضمن تراجعا بنسبة 3.9% في إجمالي الناتج الداخلي في الربع الأول من 2020، كما اقتربت نسبة البطالة من 15% في يوليو 2020 ، وفقا لمنصور قديدير، الأستاذ المشارك في المدرسة العليا للاقتصاد في وهران. وباستثناء قطاع الطاقة، تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 1.5% في الأشهر الثلاثة الأولى من2020  مقابل زيادة قدرها 3.6% للفترة نفسها من 2019، بحسب ديوان الإحصاء بالجزائر.

ـ توقعات :

 بحسب توقعات صندوق النقد الدولي، سيشهد الاقتصاد الجزائري تراجعا نسبته 5.2% هذا العام 2020 مع عجز في الميزانية هو الأعلى في المنطقة،و أنه ما لم يتم إجراء إصلاحات سيدخل الاقتصاد الجزائري مرحلة تراجع واللجوء الى الاستدانة الخارجية سيصبح حتميا .  وكان الرئيس عبد المجيد تبون استبعد اللجوء إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي أو من الهيئات المالية الدولية أخرى باسم "السيادة الوطنية". وتحتفظ الجزائر بذكريات مؤلمة من لجوئها عام 1994 إلى صندوق النقد الدولي وخطة الإصلاح الهيكلي أدى إلى تخفيضات هائلة في الوظائف وإغلاق شركات عامة وخصخصة جزء منها.

ـ خسائر ضخمة:

اخر يوليو 2020، قدم أيمن بن عبد الرحمن وزير المالية الجزائري تقديرا "أوليا" لحجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني جراء جائحة كورونا، وقد فاق هذا التقدير ما قيمته 8 مليارات دولار. وحسب ما كشفه الوزير، وصل حجم الخسائر إلى 949 مليار دينار جزائري (8.4 مليار دولار)، في عدة قطاعات أبرزها النفط والصحة والبنوك والطيران والري والسياحة والفنادق.

1 ـ  سجل قطاع النفط أكبر خسائر للاقتصاد الجزائري، إذ كشف وزير المالية عن حجم خسائر شركة سوناطراك النفطية والتي بلغت 247 مليار دينار 1.9 مليار دولار.

2 ـ  قطاع الوقود، الخاسر الأبرز حيث بلغت خسائر شركة "نفطال" الحكومية 20 مليار دينار جزائري (155.83 دولار مليون)

3 ـ قطاع الكهرباء والغاز وعلى راس قائمة الخسائر بعد أن تكبدت شركة "سونلغاز" الحكومية، 6.5 مليار دينار (50.64 مليون دولار .

4 ـ أجبرت جائحة كورونا الحكومة الجزائرية على تخصيص موازنة لعدة قطاعات وصلت قيمتها إلى 65 مليار دينار  506.46 مليون دولار .

ـ قيمة الإعانات:

 شكلت قيمة الإعانات الموجهة:

ا ـ  للعائلات الفقيرة والمتضررة من الجائحة ارتفاعاً كبيراً بـ24 مليار دينار (187 مليون دولار)،

ب  قطاع الصحة بـ 12 مليار دينار (93.5 مليون دولار)، وتكرر الرقم ذاته كتعويضات استثنائية للعمال.

ج ـ   بلغت قيمة المخصصات المالية التي رصدتها الحكومة الجزائرية لإجلاء رعاياها العالقين بالخارج بسبب تفشي فيروس كورونا والذي قارب عددهم 20 ألفاً نحو 3 مليارات دينار جزائري (23.37 مليون دولار) .

د ـ  بلغت قيمة خسائر شركة الخطوط الجوية الجزائرية نتيجة توقف الرحلات الخارجية والداخلية 16 مليار دينار (124.66 مليون دولار)، بعدما تم إلغاء 4357 رحلة خلال شهر مارس فقط.

هـ ـ  أدت الأزمة إلى تآكل احتياطات الصرف من العملات الأجنبية، حيث انخفضت إلى 60 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، وسط توقعات بتراجعها إلى 36 مليار دولار مع نهاية 2020، رغم أن الرئيس الجزائري اعتبر أن "الاحتياطات الحالية تضع بلاده في أريحية مالية خلال عامين على الأقل".


ـ الدعم الدولي ومساندة الشركات:

 كشف الوزير أيمن بن عبد الرحمن عن قيمة مساهمات الجزائر في إطار التعاون الدولي لمجابهة جائحة كورونا والتي بلغت 271 مليون دينار (309.7 مليون دولار.   

  وتحدث المسؤول الجزائري عن قروض منحتها البنوك الجزائرية بدون فوائد للشركات المتضررة من جائحة كورونا لمدة 6 أشهر مع إلغاء عقوبات التأخر عن الدفع، لكنه لم يكشف عن قيمتها.   وأشار إلى اعتزام الحكومة منح إعانات إضافية للشركات التي تنشط في القطاعات الاستراتيجية لرفع الإنتاج مثل قطاع صناعة الأدوية. 

ـ ضرائب جديدة:

 في مسعى لإيجاد مصادر تمويل جديدة للاقتصاد الشديد الاعتماد على النفط ، تعتزم الحكومة أيضا فرض ضرائب على بعض السلع. لكن الجزائر، التي تحاول تنويع مصادر اقتصادها بعيدا عن النفط والغاز، قد تستثني بعض الشركات من الضرائب والرسوم الجمركية للمساعدة في دعم قطاعاتها غير المرتبطة بالطاقة وجذب استثمارات أجنبية.تتضرر مالية الدولة، التي تقلصت بالفعل نتيجة تراجع في أسعار النفط منذ 2014، بشدة هذا العام بسبب انهيار سوق الطاقة نتيجة الجائحة العالمية.

واضطر ذلك الحكومة لتغيير خططها السابقة للعام الجاري عن طريق خفض الإنفاق العام بنسبة 50% بشكل رئيسي وتأجيل استثمارات مزمعة في قطاعات منها النفط والغاز. وبموجب الخطة الجديدة، سيرتفع سعر البنزين العادي والبنزين الممتاز والبنزين الخالي من الرصاص بنسبة 5.7% للتر، في حين سيزيد سعر الديزل بنسبة 15.5%.وأسعار الوقود المحلية منخفضة جدا وفق المعايير الدولية، إذ أنها مدعومة من الحكومة.

ويشكل إجمالي إنفاق الدعم، والذي يشمل أيضا المواد الغذائية الأساسية والأدوية والإسكان وغيرها، 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي. وتستهدف الزيادة السعرية المزمعة أيضا مكافحة التهريب إلى الدول المجاورة التي ترتفع فيها أسعار الوقود بكثير وتخفيف الضغط المالي. وقال مجلس الوزراء في الوثيقة التي ركزت فيها الحكومة أيضا على الحاجة إلى خفض العجز التجاري "تواجه الجزائر، شأنها شأن الدول الأخرى المصدرة للهيدروكربونات، عجزا كبيرا في الميزانية وميزان المدفوعات".

كانت الجزائر تأمل في تقليص عجز ميزان المدفوعات إلى 8.5 مليار دولار هذا العام من 16.6 مليار دولار في 2019، لكن أحدث الأرقام الرسمية أظهرت أن العجز التجاري زاد 80% في أول شهرين من 2020 بعد تراجع أرباح الطاقة بنسبة 28.17%. والضرائب الجديدة المزمعة هذا العام من المقرر فرضها بشكل أساسي على واردات السيارات بعد أن قررت الحكومة رفع حظر على مشتريات من الخارج.

لكن السلطات ستشجع الإنتاج المحلي من خلال إلغاء ضريبة القيمة المضافة للمواد الخام المستوردة والمحلية بهدف الاستخدام في مصانع تجميع السيارات وكذلك الصناعات الإلكترونية والكهربائية. وستستفيد أيضا الشركات الناشئة، أو الصغيرة، من إعفاء ضريبي لمدة 3 سنوات، وهو إجراء يتزامن مع خطة حكومية لإلغاء قاعدة تفرض حصة أقلية لمستثمرين أجانب في مشروعات تشمل القطاعات غير المرتبطة بالطاقة.

ـ الغاز ضحية الازمة مع حلول 2025

توقعت الجزائر انخفاض صادراتها من الغاز إلى ما بين 26 و30 مليار متر مكعب سنويا في 2025 من 45 مليارا في 2020، أي أن التراجع سيصل إلى نحو 40% من الصادرات الحالية.

وقال وزير الطاقة الجزائري عبد المجيد عطار، إن "تصدير الغاز ما بين 2025 و2030 سينخفض (إلى نطاق) من 26 إلى 30 مليار متر مكعب على الأكثر . يرجع التراجع  بشكل رئيسي إلى ركود الإنتاج وارتفاع الاستهلاك المحلي وعدم كفاية الاستثمار. وبلغت صادرات الجزائر من الغاز ذروتها في 2005 عند 64 مليار متر مكعب. وسجلت الصادرات 51.4 مليار متر مكعب في 2018.

وفي تصريحات سابقة، توقع وزير الطاقة الجزائري تراجع إيرادات النفط والغاز إلى 23 مليار دولار في 2020 مقابل 33 مليار دولار في 2019. الجزائر البلد العضو في منظمة "أوبك" تعيش على وقع "أخطر أزمة اقتصادية" نتيجة جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط الذي يعد المورد الأساسي للخزينة الجزائرية، و الذي يمثل نحو 97 % من صادراتها. وأضاف عطار أنه من المقرر طرح عطاء عالمي لأعمال التنقيب أوائل 2021، آملا في استقطاب مستثمرين أجانب.  أقرت الجزائر قانونا للطاقة في نهاية 2019، لكن المستثمرين مازالوا ينتظرون نشر اللوائح التنفيذية للبت في العمل بالجزائر وتقول الحكومة إنها تدرس "خطة للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي" لتعزيز القطاعات الأخرى غير الطاقة والتي تحتاج إلى تطوير. 

ـ خطة الانتعاش:

الحكومة الجزائرية أعدّت خطة للانتعاش الاقتصادي، وقررت في بداية مايو 2020 خفض ميزانية البلاد إلى النصف. وفي قانون المالية التكميلي لسنة 2020 تم إقرار انخفاض إيرادات الميزانية إلى حوالي 38 مليار يورو، مقابل 44 مليار يورو كانت متوقعة في الميزانية الأصلية. وتنبّأ الاقتصادون أن  يتراجع احتياطي العملات الأجنبية الى 37.21 مليار يورو مقابل تقديرات أولية بنحو 43.44 مليار يورو . وبحسب الخبراء، فالحلول متوفرة لتفادي التراجع ، لكن أي حل سيتطلب إصلاحات جذرية،واقترح الاتي :

ـ تخفيض معدلات فائدة، مع استقطاب الأموال المتداولة في القطاع غير الرسمي.

ـ خفض الضرائب اعتمادا على عدد فرص العمل الجديدة التي يتم خلقها.

ـ إطلاق مشاريع كبرى مثل استخدام الصحراء لبناء مناطق صناعية زراعية مع بنية تحتية للتجهيز.

ـ   توسيع شبكة السكك الحديدية إلى الجنوب، وكل ذلك باستخدام القوى العاملة المحلية المؤهلة.

الا ان المحروقات ستبقى مصدر الإيرادات الرئيسي للسنوات الخمس أو العشر المقبلة،  و أن خطة الخروج من الأزمة الاقتصادية يجب أن تستند إلى حوكمة جديدة ولا مركزية. و التكافل بين الدولة والمواطنين يضم المسؤولين المنتخبين والشركات والبنوك والجامعات والمجتمع المدني من أجل محاربة البيروقراطية" التي تشل البلد

 

 


أخبار مرتبطة
 
15 مايو 2024 4:05 مختام فعاليات مؤتمر"الاستثمار .. الصناعة .. التصدير ـ المثلث الذهبي"14 مايو 2024 1:45 م"البدو الرقميون".. مفهوم جديد للعمل عن بعد14 مايو 2024 12:53 مسوق الذكاء الاصطناعي واقع المستقبل القادم بقيمة 420.4 مليار دولار بنهاية 202514 مايو 2024 12:21 ممصر: دفع التعاون مع منظمة اليونيدو ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الفرنسية للتنمية14 مايو 2024 11:17 صالأردن نموذجا .. الطاقة الحرارية الجوفية في طور التقييم والاستكشاف14 مايو 2024 10:45 صالصين في علاقتها الخارجية لم تستخدم مواردها كورقة ضغط على أي اقتصاد24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن

التعليقات