دراسات


كتب فاطيمة طيبى
2 يناير 2023 12:18 م
-
جدل حول توقعات الوضع الاقتصادي في 2023 أهمها قضية التجارة الدولية والظروف المالية الصعبة

جدل حول توقعات الوضع الاقتصادي في 2023 أهمها قضية التجارة الدولية  والظروف المالية الصعبة

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

توقعات استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية الى العام الجديد، تبقى ملامح    الاقتصاد والتجارة الدوليين، ولاسيما في القارة الأوروبية يغلفها الكثير من عدم اليقين. اضف اليه  عدم إعلان الصين بشكل قاطع تخليها بشكل كامل عن سياسة "صفر كوفيد" تقف عائقا لفتح الاقتصاد الصيني بالكامل، قد تؤدي إلى إغلاق مناطق إنتاج مهمة من حين إلى آخر. لهذا النتيجة الحتمية  ان الآثار السلبية في الاقتصاد الدولي ستظل قائمة.

ـ تباطؤ النمو والركود.

ومع تشديد السياسات المالية على المستوى العالمي وارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة فإن توقعات الخبراء تبدو أكثر ميلا الى فكرة أن عام 2023 سيتسم بتحديات اقتصادية حادة تراوح بين تباطؤ النمو والركود.  هنا ترجح بعض المؤسسات الدولية أن أكثر من 35 % من الاقتصاد العالمي سينزلق إلى الركود، وأن الاقتصاد الدولي سينمو بأبطأ وتيرة منذ الثمانينيات خلال العام الجديد.

مع هذا يرى آخرون وأبرزهم معهد التمويل الدولي، أن الأمر يميل إلى تباطؤ معدل النمو الاقتصادي أكثر منه ركودا شاملا، وأن نسبة النمو ستبلغ نحو 1.2 % في 2023، وهو مستوى مساو لنمو عام 2009، عندما كان العالم قد بدأ للتو في الخروج من الأزمة المالية.

و يقول البروفيسور إل. سي. سانتوس الاستشاري السابق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "نواجه توقعات اقتصادية صعبة للغاية، لكن السيناريو الأكثر احتمالا من وجهة نظري ليس ركودا عالميا، إنما سيكون النمو العالمي منخفضا لكن إيجابيا، والأمر الإيجابي أن التضخم المرتفع سيتراجع في عديد من الدول".

ويضيف "ستواصل الحكومات في 2023 إعطاء الأولوية لمساعدة الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا لمساندتها على التغلب على ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، لكن يجب تجنب زيادة الطلب الكلي لتتمكن الحكومات والبنوك المركزية من السيطرة على التضخم، وسنرى في 2023 ضبط السلوك المالي للسيطرة على الديون". تلك التحديات الاقتصادية لا تنفي من وجهة نظر البعض أن العام الجديد سيشهد نقاطا مضيئة في بعض المناطق.

دانيل كارتر الباحث الاقتصادي يشير إلى منطقة الخليج العربي وأمريكا اللاتينية والصين باعتبارها ستشهد تحسنا اقتصاديا ملحوظا في 2023. ويؤكد أن المؤسسات الدولية تحاول تصدير صورة كئيبة للاقتصاد الدولي في 2023، وربما يعود ذلك إلى أن أوروبا ستعاني بالفعل وسيراوح الوضع الاقتصادي الأوروبي بين مستويات نمو متدنية في ألمانيا وفرنسا و تراجع اقتصادي في المملكة المتحدة، أما الولايات المتحدة فإن الأمر يشبه المشهد الأوروبي بشقيه النمو المنخفض في بعض الأوقات وربما الركود في أوقات أخرى.

ويضيف "العكس تماما في منطقة الخليج وأمريكا اللاتينية والصين، فارتفاع أسعار الطاقة يعني تحقيق عوائد مالية ضخمة وميزانيات ذات فوائض مالية، ويعزز هذا الوضع القدرة الاستثمارية للحكومات الخليجية والمستثمرين المحليين على حد سواء، كما أن ارتفاع معدلات التضخم يصب إلى حد كبير في مصلحة عديد من دول أمريكا اللاتينية، حيث يتم تصدير المواد الخام، وحتى في الوقت الذي سيشهد فيه جزء كبير من العالم انكماشا اقتصاديا ستحقق أمريكا اللاتينية توسعا 1.2 % ، أما الصين فالأمر مرهون بمدى تمسكها بسياسة صفر كوفيد".

ـ القضية المركزية في العالم التصدي للتضخم:

مع هذا يعتقد أغلب الخبراء أن قضية التصدي للتضخم ستكون القضية المركزية على المستوى الدولي العام المقبل، فارتفاع الأسعار يؤثر سلبيا في مستويات المعيشة، ما يضر بالفئات ذات الدخل المنخفض والفئات الضعيفة أكثر من غيرها.

وتعتقد الدكتورة ريبكا إديسون أستاذة الاقتصاد الكلي في جامعة لندن أن الأدلة المتزايدة على حدوث تباطؤ في الاقتصاد العالمي في العام المقبل تعني استمرار سياسة التشدد المالي والنقدي في عديد من الدول لخفض التضخم ومعالجة مواطن الضعف المتعلقة بالديون، متوقعة مزيدا من التشديد في عديد من اقتصادات مجموعة العشرين في الأشهر المقبلة.

وتقول "إن عام 2023 سيشهد زيادة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، لكن بوتيرة أقل مما حدث 2022، وسيعمل محافظو البنوك المركزية على رفع تكلفة الاقتراض لترويض التضخم، هذا الوضع إذا تواصل فربما تكمن خطورته في أنه سيحول النمو البطيء إلى حالة من الركود، ويحتاج المستثمرون في 2023 إلى أساليب أكثر ديناميكية تتضمن نظرة أكثر تفصيلا إلى القطاعات والمناطق وفئات الأصول الفرعية، للتنقل بينها في فترات التقلب الاقتصادي".

إذن فالرياح المعاكسة العديدة التي واجهت معظم الاقتصادات في 2022 يتوقع أن تستمر في العام الجديد، مع احتمال أن يشهد الوضع انتعاشا في النصف الثاني من 2023، حيث ستخرج الولايات المتحدة ومنطقة اليورو من ركود اقتصادي ضحل نسبيا.

ومن وجهة نظر عدد من الخبراء، ستكون معظم البنوك المركزية على مستوى العالم قد أنهت دورات رفع أسعار الفائدة بحلول نهاية النصف الأول من 2023، فالتضخم على الرغم من أنه سيظل مشكلة المشكلات في الاقتصادات المتقدمة والناشئة، فإن البيانات تشير إلى أنه ربما بلغ ذروته، لكنه لم ينخفض بعد إلى المستويات المطلوبة.

ـ سوق العمل الدولية:

تلك الأوضاع الاقتصادية ستنعكس من وجهة نظر الدكتورة كارين دينان من كلية إدارة الأعمال في جامعة أكسفورد على سوق العمل الدولية. وتقول "لا تزال سوق العمل الدولية قوية بشكل ملحوظ بنهاية 2022، ومن المحتم أن تضعف خلال 2023، لكن سيكون الضعف بطيئا ومعتدلا".

كما سيرتبط وضع سوق العمل بالاقتصاد الكلي، فمع احتمال تراجع الاستهلاك في 2023، نتيجة الأسعار المرتفعة وأسعار الفائدة الأعلى، وانخفاض المدخرات، قد نواجه ركودا أطول يحركه المستهلك بدلا من مجرد انخفاضات كبيرة في الاستثمار، وما يرتبط بها من خسائر في التوظيف". ولتنهي الدكتورة كارين دينان من هذا التحليل إلى أن معدل البطالة العالمي سيبدو في أغلب الأحوال صحيا في العام الجديد وسيراوح بين 4 و5 %.

ـ قضية التجارة الدولية :

وسط هذا الجدل بشأن الوضع الاقتصادي المتوقع في 2023 تظل قضية التجارة الدولية أحد المرتكزات الأساسية في هذا النقاش، فالقيمة الإجمالية للتجارة الدولية في 2022 بلغت نحو 32 تريليون دولار، لكن من المتوقع أن يتفاقم التباطؤ الذي بدأ في حركة التجارة العالمية في النصف الثاني من العام الجاري في 2023 خاصة مع استمرار التوترات الجيوـ سياسية العالمية والظروف المالية الصعبة. ووفقا لتقديرات منظمة التجارة العالمية شهدت التجارة في السلع والخدمات نموا قويا في 2022، فنمت التجارة في السلع بنسبة 10 % مقارنة بـ2021، كما ارتفعت تجارة الخدمات بنسبة 15 % لتصل إلى سبعة تريليونات دولار.

يرى أدم لجن الباحث في مجال التجارة الدولية أن التشديد المستمر في الأوضاع المالية يزيد الضغط على الحكومات المثقلة بالديون، ويؤثر سلبا في الاستثمارات وتدفقات التجارة الدولية. لكنه يعتقد أنه ليس من الضروري أن تتأثر التجارة العالمية بذلك بشكل سلبي، إذ يتوقف الأمر على مرونة الطلب العالمي، ومدى قدرة شركات الشحن والموانئ على التكيف مع تحديات التجارة العالمية.

ويؤكد ان وجود مجموعة معقدة من العوامل يمكن أن تؤثر في أنماط التجارة الدولية في 2023، أبرزها:

ـ  تطور سلاسل التوريد العالمية والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.

ـ تفعيل اتفاقيات التجارة الجديدة مثل الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ومنطقة التجارة الحرة في القارة الإفريقية وتحسين الخدمات اللوجستية، يمكن أن تؤثر في أنماط التجارة العالمية ونموها في 2023.

على أي حال تظل التوقعات الدولية بشأن زيادة التجارة العالمية للعام 2023 تحوم حول نسبة 1 %، وذلك بانخفاض حاد عن تقديرات سابقة بلغت 3.4 %، لكن ما يمكن الجزم به في الوقت الراهن أن هناك درجة عالية من عدم اليقين في مسار التجارة الدولية بسبب تحول السياسة النقدية في الدول المتقدمة ومصير الحرب الروسية الأوكرانية ومتى تصمت المدافع.

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:08 منصف الدول العربية مدينة لصندوق النقد الدولي بـ 17 مليار دولار23 أبريل 2024 1:37 مسد النهضة.. وبدون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية إكذوبة أكبر سد بإفريقيا لتوفيرالكهرباء22 أبريل 2024 3:29 مالصين: 2.5% نمو سنوي بمبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر بيوليو202321 أبريل 2024 2:12 مغرفة التجارة الأمريكية: السعيد ..العمل على تعزيز النمو الاقتصادي بمعدل 8%17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة

التعليقات