تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
24 أبريل 2024 2:21 م
-
تبعات اقتصادية محتملة للتصعيد بين إسرائيل وإيران

تبعات اقتصادية محتملة للتصعيد بين إسرائيل وإيران

اعداد ـ فاطيمة طيبي

 تشكل منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للاقتصاد العالمي أهمية كبيرة ، وإن ما تموج به المنطقة من  اضطرابات متزايدة وما تشهده من عواصف مختلفة على العديد من الاصعدة ، الا ان  ثمة مخاوف أوسع بشأن  تاثير تلك التطورات على حركة التجارة العالمية واقتصاد العالم بشكل عام، غير أن تصاعد تلك الاضطرابات تأتي تزامنا مع تطورات جيوسياسية مختلفة يشهدها العالم، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا الممتدة منذ أكثر من عامين .

 كما تشهد المنطقة  ايضا تصاعدا دراماتيكيا في الأحداث المتتالية ، مع تصاعد الاضطرابات والتوترات الجيوسياسية في الفترة الأخيرة، وآخرها الهجوم الإيراني على إسرائيل، ردا على الغارة التي استهدفت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، وما يرتبط به من سيناريوهات قادمة بشأن مستقبل الصراع وأي تصعيد محتمل في هذا السياق .

ـ  مخاطر تعطل التجارة بسبب التوتر الجيوسياسي :

وكانت منظمة التجارة العالمية في أحدث تقاريرها، قد حذرت من ..

1 ـ  مخاطر تعطل التجارة بسبب التوتر الجيوسياسي .

2 ـ  تزايد الحمائية وتفاقم أزمة الشرق الأوسط .

3 ـ  الهجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر التي  أدت  إلى تغيير في مسار التجارة بين أوروبا وآسيا .

وتشير تقديرات المنظمة ايضا إلى أن تجارة السلع العالمية من المتوقع أن تتعافى هذا العام، لكن بشكل أبطأ مما كان متوقعا في السابق، في أعقاب تراجعها في 2023 للمرة الثالثة فقط في 30 عاما.

كما ان تراجع الضغوط التضخمية من شأنه أن يساعد على زيادة حجم تجارة البضائع 2.6 % في 2024 و3.3% في 2025 بعد انخفاض 1.2 % العام الماضي 2023 غير ان توقعات المنظمة في السابق زيادة 3.3 % في 2024.

ـ تبعات الهجوم :

من لندن، أكد الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة  ، أن التحول الاستراتيجي وانتقال الحرب مع إيران من حرب بالوكالة إلى استهداف مباشر قد يكون له تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط والاقتصاد الدولي الذي بدأ أخيرا بالتعافي.

كما ان أبرز الخسائر المحتملة التي من الممكن أن يتكبدها الاقتصاد العالمي، على أثر الهجوم الإيراني على إسرائيل، ومن بينها ما يرتبط بتأثر حركة الطيران المدني فوق سماء دول الشرق الأوسط، وما له تبعات وخسائر كبيرة،  لا سيما أن هذا الصراع المباشر يتم في بداية الموسم الصيفي، وأغلب الدول تنتظر موسما سياحيا مع عودة الزخم (..).

ومن بين التأثيرات المحتملة لتصاعد التوترات ما يرتبط بتأثر انسيابية التجارة في البحر الأحمر، لا سيما بعد اختطاف إيران ناقلة إسرائيلية واستمرار تهديدات الحوثيين والإيرانيين لخط التجارة الدولي، وهذا بدوره سيقلص التعافي الاقتصادي العالمي ويضيف أعباء جديدة تضاف لتبعات الحرب في أوكرانيا، وبالتالي  فمن المتوقع ايضا  أن تتضرر حركة التجارة في البحر المتوسط .

ـ  توقعات التصعيد المحتملة لاحقا :

 صدمة الاقتصاد الدولي ستكون كبيرة إذا استمرت هذه الحرب أو تمددت بشكل أكبر، وهذا أمر مشكوك فيه إلى حد ما بعد استبعاد الولايات المتحدة اتساع الحرب، إذ ستعمد الدول السبع الكبرى على تطويق أي تأثير اقتصادي معاكس لما جرى   وبعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن لهذه الدول بالاجتماع السريع لتطويق مخرجات الرد الإيراني وإمكانية الرد الإسرائيلي المدعوم من دول الغرب والدول السبع الكبرى.

وأطلقت إيران طائرات مسيرة متفجرة وصواريخ على إسرائيل في وقت متأخر من مساء السبت20 ابريل  في أول هجوم مباشر على إسرائيل، ردا على ضربة جوية يعتقد بأنها إسرائيلية على مجمع سفارتها في دمشق في الأول من أبريل وأدت إلى مقتل مسؤولين من الحرس الثوري.

ـ جميع االاحتمالات التحليلية  مفتوحة :

   جميع الاختمالات ممكنة  بعد الهجوم الإيراني الأخير، وفي جميع الأحوال تبعات ذلك ستؤثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد العالمي .

هذه الاحتمالات ترتبط اساسا  بطبيعة التصعيد ان كان سينتهي إلى ذلك الحد، أم   سترد إسرائيل، و ان ردت ما شكل وحجم هذا الرد؟ وإذا ما كانت ستشارك الولايات المتحدة وبريطانيا في الرد الإسرائيلي أم سيضغطان على إسرائيل للتوقف عن الرد.. .. للاشارة لابد ان نذكر  أن هذه الضربات غير مسبوقة؛  وضحت من خلالها رسالة واضحة في كيف ان ايران باستطاعتها ان تضرب مباشرة وتتبنى ضرباتها ، مما يفسر ان ايران باستطاعتها اختراق الاجواء الاسرائلية .

تداعيات الاحداث  بالشرق الأوسط    تؤثر بشكل كبير على حركة التجارة الدولية، خاصة وأن المنطقة تعد مصدرا مهما من الطاقة للعالم،    وارتفاع شكل التوترات وتزايدها سيؤدي بالتأكيد لـ "كارثة اقتصادية"، ستصيب أكبر ما تصيب الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على الصادرات من الشرق الأوسط وكذلك الولايات المتحدة الأميركية.

على رأس المتضررين اقتصاديا من التوترات إسرائيل وإيران نفسهما، إسرائيل اقتصادها متأثر بالفعل و خسائره في ازدياد منذ ستة أشهر، ورغم الدعم الأميركي والأوروبي القوي لها إلا أن اقتصادها تأثر بسبب الاضطرابات، اضف اليه الاقتصاد الإيراني والذي سيتأثر بشكل كبير.

وبارتفاع التوتر بشكل أوسع بين إسرائيل وإيران في الشرق الأوسط  يعني اندلاع توترات أخرى في مناطق مختلفة (..) إضافة إلى الحرب القائمة منذ أكثر من عامين بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما سيضع العالم على شفا حفرة من الهلاك والركود الاقتصادي .

من جهة ثانية الموقع الاستراتيجي لإيران في مضيق هرمز، وأهميته بالنسبة للتجارة العالمية، خاصة وان إيران دولة منتجة للنفط والطاقة، فإذا ما تم توجيه ضربة لها من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية فإن ذلك سيؤثر على إمدادات الطاقة العالمية، وبالتالي  ارتفاع كبير في أسعار النفط (..).

ـ تأثير سلبي ومباشر على الاقتصاد :

من بروكسل، قال خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، في تصريحات خاصة اوكالات اعلامية عربية :ان  تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير، وما سينجم عنه من ارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع الأسعار، كما حدث بسبب الحرب في أوكرانيا .

وفي حال استمرار استهداف السفن أو احتجازها تماما كما حدث خلال الأسبوع الماضي عندما استولت إيران على سفينة يمتلكها رجل أعمال إسرائيلي، وربما أيضا إغلاق مضيق باب المندب أمام حركة السفن، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل البحري والتأمين على السفن ونقل البضائع، وما سينجم عنه من أثر مباشر سلبي على الاقتصاد العالمي. اضف الى ذلك ما نتج عنه من خسائر مالية واقتصادية التي نتجت عن استهداف الحوثيين للسفن التجارية خلال الأسابيع الماضية  وبالتالي على الاقتصاد العالمي.

 ـ تداعيات تتفاقم وفي تزايد  :

شهد القطاع الجوي اضطرابات عديدة منذ قيام إيران بشن ضربات على إسرائيل ، والتي أدت إلى تعطيل وإلغاء العديد من الرحلات الجوية في المطارات الإسرائيلية، مما أثر على الحركة الجوية بشكل عام وتسبب في خسائر اقتصادية للقطاع نظرا للحاجة إلى تعزيز الأمن وإدارة المخاطر.

من جهة أخرى، تواجه القطاعات المتعلقة بالأمن والدفاع زيادة في النفقات الأمنية والدفاعية، يشمل الإنفاق المتزايد على التكنولوجيا الأمنية ومعدات الدفاع، الأمر الذي يؤدي إلى ضغوط مالية على الميزانية العامة ويمكن أن يؤثر سلبا على التخطيط الاقتصادي الشامل..

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يواصل الاستثمار الأجنبي في إسرائيل وفي المنطقة التراجع بنسب متفاوتة بسبب الوضع الأمني المتوتر وعدم الاستقرار الذي تسبب فيه النزاع، كما أن المستثمرون الأجانب يبدون ترددا في استثمار رؤوس أموال جديدة بسبب الخوف من استمرار الأزمة، مما يعرقل النمو الاقتصادي ويقلل من فرص العمل المتاحة في السوق.

ورغم ذلك، من المتوقع أن يكون تأثير هذه الأحداث على أسواق النفط محدودا، وذلك في حالة عدم رد إسرائيل على هذه الهجمات، فالاستقرار يمكن أن يعزى إلى توافر الإمدادات العالمية في الوقت الراهن التي تساعد في تلبية الطلب دون انقطاع، بالإضافة إلى ذلك، تظهر السوق مرونة في التعامل مع الأزمات بفضل التنوع في مصادر النفط والتحسن في سلاسل الإمداد على مستوى العالم، مما يخفف من أي تأثيرات سلبية محتملة قد تنجم عن الأزمات الإقليمية .

 

 

 

 



التعليقات