دراسات


كتب فاطيمة طيبى
4 يناير 2023 2:11 م
-
ارتفاع احتمالات عجز الاقتصادات الناشئة عن سداد ديونها تتحمل مسؤوليتها الاتحاد الأوروبي وأمريكا

ارتفاع احتمالات عجز الاقتصادات الناشئة عن سداد ديونها  تتحمل مسؤوليتها الاتحاد الأوروبي وأمريكا

   اعداد ـ فاطيمة طيبي             

وفقا لصندوق النقد الدولي هناك عددا كبيرا من الدول منخفضة الدخل معرضة حاليا لخطر أزمة الديون بتخلفها عن السداد سابقا لتجد نفسها امام نفس المعضلة في  2023.

 نسبة الدول التي قد تعجز عن سداد ديونها في قائمة الدول منخفضة الدخل تبلغ 60 %، وإذا ما حدث هذا وباتت تلك الدول عاجزة عن التعامل مع ديونها، فإن الأكثر خطورة أن صندوق النقد الدولي قد لا يستطيع امداد تلك الدول بالقروض لبقاء استمراريتها . من جانب آخر، حددت الأمم المتحدة 54 اقتصادا ناميا تعاني مشكلات ديون حادة، وعلى الرغم من أن تلك الاقتصادات مجتمعة تمثل ما يزيد قليلا على 3% من الاقتصاد الدولي، إلا أنها تمثل 18% من سكان العالم، وأكثر من 50 % من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع.

الا ان ما كشف عنه عام 2022 الذي سيكون أكثر وضوحا في عام 2023 أن مشكلة الديون لا تقتصر على الدول منخفضة الدخل، فقد أظهرت الأزمة السريلانكية وتخلفها عن سداد ديونها، أن عديدا من الدول ذات الدخل المتوسط تكافح أيضا لسداد فوائد الدين، علاوة على أصل القروض التي استدانتها عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة والتضخم أقل بكثير.

الدكتورة دورثي بنجامين أستاذة الاقتصاد الدولي والاستشارية في عدد من المنظمات الدولية ترى أن مشكلة الديون ستكون حاضرة بقوة في 2023، خاصة مع تزايد احتمالات عجز مجموعة من الاقتصادات الناشئة عن سداد ما عليها من ديون. لكنها تحمل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المسؤولية.

وتقول "هناك 25 % من الأسواق الناشئة إما في ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير نتيجة لتلك الديون ، ومنذ الأشهر الأولى من 2022، رفع الاحتياطي الفيدرالي ولاحقا البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بقوة لخفض التضخم، وزادت نتيجة ذلك قوة الدولار في أسواق العملات الدولية، ونظرا لأن 90 % من ديون الأسواق الناشئة مقومة بالدولار، فإن عملة الولايات المتحدة القوية تجعل السداد باهظ التكلفة، كما أن تكاليف الاقتراض بالنسبة للدول المثقلة بالديون في تزايد مستمر،اضف ان القدرة الاقتراضية للدول منخفضة ومتوسطة الدخل في تراجع، فثلثا تلك الدول لديها عائدات سندات تزيد على 10%، ولم يعد بمقدورها الاقتراض من القطاع الخاص، وإذا لم تتمكن تلك الدول من إعادة تمويل سنداتها فستواجه أزمة مديونية".

ـ عدم قدرة الاقتصادات الناشئة والنامية على سداد مديونيتها:

يرجح الخبراء أن تكون قضية الديون في مقدمة جدول الأعمال الدولي في 2023، وللتباطؤ المتوقع في معدلات نمو الاقتصاد العالمي، التي لن تتجاوز 2.7% في  هذا العام ، ستكون الاقتصادات الناشئة والنامية أقل قدرة على سداد مديونيتها، أو أن يكون البديل سداد مديونيتها على حساب تقليص الموارد المالية الموجه إلى الكهرباء والماء والتعليم والصحة والتغذية ومكافحة التغيير المناخي، ما يعني عمليا تراجع مستوى معيشة مواطنيه، وما يرافق ذلك غالبا من اضطرابات وعدم استقرار اجتماعي. ويقدر البنك الدولي أن 74 دولة فقيرة تبلغ القيمة الإجمالية لخدمة ديونها مجتمعة 64 مليار دولار في 2022 ارتفعت بنسبة 35 % عن 2021.

أزمة الديون، على الرغم من الثقل الذي تتركه على اقتصادات الأسواق الناشئة، مشكلة ذات بعد عالمي، فإجمالي الدين العالمي يبلغ نحو 290 تريليون دولار، أي ما يعادل 343 % من الناتج المحلي الإجمالي، وسط توقعات بأن يرتفع الدين العالمي في 2023 ، علما أن تكاليف خدمة الديون ارتفعت بشكل كبير في 2022 لتصل إلى 1.16 تريليون دولار. من جهته، يعتقد البروفيسور ديفيد هيرسون العضو السابق في اللجنة المالية لمجموعة نيت ويست المصرفية أن عدم استقرار الاقتصاد العالمي يجعل قضية الديون قضية غاية في الخطورة لجميع الاقتصادات، بصرف النظر عن درجة تطورها.

ويقول ديفيد هيرسون  :"  الأعوام الأخيرة شهدت تقلبات قوية في معدلات النمو، فمن 6 % في 2021 إلى توقع معدل نمو 2.7 % في عام 2023، وقد أسهم الركود الاقتصادي في بداية وباء كورونا في حدوث انخفاض واضح في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما انعكس في الارتفاع الحاد في نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي في 2020، لكن مع انتعاش الاقتصاد في 2021 انخفضت نسبة الديون للناتج المحلي الإجمالي، لتعاود الارتفاع في 2022 نظرا للاضطراب الاقتصادي الناجم عن الحرب الروسية - الأوكرانية وأزمة الطاقة ، فالتضخم المرتفع والمتقلب  له أثره أيضا على معدلات الديون، في حالة ما اذا استدانت  الحكومات لدعم احتياجات مواطنيها من السلع الغذائية، والتي ارتفعت بقوة مع الحرب الروسية - الأوكرانية وارتفاع أسعار المحروقات".

ـ أزمة المديونية ستطول الاقتصادات المتقدمة ايضا:

مع هذا فإن أزمة المديونية ستمتد أيضا إلى كثير من الاقتصادات المتقدمة، لكن وطأتها لن تكون بالثقل ذاته الذي ستعانيه الدول الفقيرة والنامية، كما أنها تختلف من دولة إلى أخرى. وفي هذا السياق، تعلق مايا ستانلي الباحثة في المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية قائلة، "الولايات المتحدة الأمريكية خلال 100 عام ارتفع إجمالي ديونها من 409 مليارات دولار عام 1922 إلى نحو 31 تريليون دولار في 2022 ، ورغم ما يمثله ذلك من ضغوط على الاقتصاد الأمريكي، إلا أنه من المستبعد أن تمثل تلك المديونية الضخمة عائقا أمام الاقتصاد الأمريكي للنمو، بينما نجد أن ارتفاع تكاليف الاقتراض لإيطاليا المثقلة بالديون والعضو في مجموعة السبع مقلق للغاية جدا".

وتضيف "كما أن ألمانيا لا تبدو أيضا بعيدة عن مشكلة الديون، فقد تعهدت بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى أكثر من 2 % من الناتج المحلي الإجمالي منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، إلى جانب تخصيص 110 مليارات دولار لصندوق خدماتها المسلحة، وارتفاع أسعار الطاقة أدى إلى ارتفاع كبير في فاتورة تمويل استهلاك الطاقة في ألمانيا، بالنسبة إلى المملكة المتحدة فإن إجمالي الديون يتجاوز حاليا تريليونين و770 مليار جنيه استرليني، بحيث بلغت ديون الحكومة البريطانية 5170 جنيها استرلينيا في الثانية الواحدة". وتشير إلى أنه رغم ذلك فإن الوضع الاقتصادي العام لا يزال أفضل في الاقتصادات المتقدمة عنه في الأسواق الناشئة، ما يمنحها مرونة أعلى في التعامل مع أزمة المديونية لديها.

إذن فمن المؤكد أن إدارة مستويات الديون المرتفعة ستكون صعبة على الجميع في 2023، خاصة إذا ما تباطأ نمو الاقتصاد العالمي أو أصيب بحالة من الركود، ما يعني أن الحكومات ستعمل على بناء استراتيجيات مالية تساعد على تقليل الضغط التضخمي ومخاطر الديون، عن طريق احتواء نمو الإنفاق، ومن شأن هذا أن يساعد البنوك المركزية ويسمح بزيادات أقل في أسعار الفائدة.

 

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:08 منصف الدول العربية مدينة لصندوق النقد الدولي بـ 17 مليار دولار23 أبريل 2024 1:37 مسد النهضة.. وبدون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية إكذوبة أكبر سد بإفريقيا لتوفيرالكهرباء22 أبريل 2024 3:29 مالصين: 2.5% نمو سنوي بمبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر بيوليو202321 أبريل 2024 2:12 مغرفة التجارة الأمريكية: السعيد ..العمل على تعزيز النمو الاقتصادي بمعدل 8%17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة

التعليقات