دراسات


كتب فاطيمة طيبى
1 فبراير 2023 2:10 م
-
العالم يبحث عن استثمارات خضراء في أفريقيا القارة البكر "كنز المستقبل"

العالم يبحث عن استثمارات خضراء في أفريقيا القارة البكر "كنز المستقبل"

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

الزيارة التي قامت بها وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين  خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير لهذه السنة ، لكل من جنوب أفريقيا والسنغال وجنوب أفريقيا، هي خطوة في خطة التعاون بين واشنطن وأفريقيا والتي ستبدأ بحملة كبيرة لإدارة بايدن لإعادة الارتباط بقارة يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة وتتمتع بوفرة من الإمكانات الاقتصادية.

لم تكن هذه الجولة  في  دول أفريقية، من نوعية الزيارات العادية، فهي تحمل ما هو أكبر، حيث تسعى واشنطن لاستعادة ما فقدته في القارة السمراء  ، تم وضع خطط إدارة بايدن إلى حد كبير في قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا في واشنطن في ديسمبر 2022، عندما قال نائب وزير التجارة الأمريكي دون جريفز، "لقد أبعدنا أعيننا عن أفريقيا، والآن على المستثمرون والشركات الأمريكية أن تلعب دورا أكبر".

يلين كانت واضحة في تصريحاتها عندما قالت إن "استراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفريقيا تتمحور حول إدراك بسيط بأن القارة السمراء ستشكل مستقبل الاقتصاد العالمي".وأضافت: نحن نعلم أن ازدهار أفريقيا هو في مصلحة الولايات المتحدة.. أفريقيا المزدهرة سوقا كبيرا لسلعنا وخدماتنا.. وهذا يعني المزيد من فرص الاستثمار لشركاتنا والذي يمكن أن يخلق فرص عمل في أفريقيا وعملاء للشركات الأمريكية".

تعد زيارة يلين، بداية لجهود إدارة بايدن لإعادة بناء العلاقات مع أفريقيا في ضوء الوجود الاقتصادي الصيني المتزايد بسرعة في ثاني أكبر قارة في العالم، وموطئ القدم الدبلوماسي لروسيا في أجزاء منها.

ـ مخاوف وقلق:

تتمتع جنوب أفريقيا، الاقتصاد الأكثر تطورا في القارة والمحورية في الخطة الأمريكية، بعلاقات عميقة مع كل من روسيا والصين، وأثارت القلق في البيت الأبيض عندما أعلن الأسبوع الثالث من يناير أنها ستستضيف سفنا حربية روسية وصينية الشهر المقبل وستشارك في البحرية المشتركة في تدريبات معهم قبالة الساحل الشرقي. وقام وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بزيارة رسمية إلى جنوب أفريقيا  ، قبل يوم من وصول يلين.

تجنبت يلين ذكر التدريبات البحرية خلال رحلتها، أو موقف جنوب أفريقيا المحايد من الحرب في أوكرانيا وقرارها عدم الانحياز إلى الغرب في إدانة روسيا.

أفريقيا هي أكبر منطقة تجارية منفردة في العالم من حيث عدد البلدان، سكانها من الشباب، وطبقة وسطى مزدهرة، ومن المتوقع أن تكون موطنا لربع سكان العالم بحلول عام 2050.

كما أن لديها عددا لا يحصى من المشاكل، لذا ركزت يلين على إحداها عندما أجرت محادثات مع وزير مالية جنوب أفريقيا إينوك جودونجوان، وقالت يلين إن المحادثات تناولت جزئيا تحويل جنوب أفريقيا من اعتمادها الشديد على الفحم إلى مصادر طاقة أكثر اخضرارا.

ـ الاعتماد على الفحم:

تعتمد جنوب أفريقيا على محطات تعمل بالفحم لتوليد حوالي 80% من طاقتها الكهربائية، بالإضافة إلى كونها ملوثا ضخما، أثبتت محطات الفحم أنها غير قادرة على تلبية احتياجات البلاد.

تعاني جنوب أفريقيا حاليا من أزمة كهرباء، مع انقطاع التيار الكهربائي المجدول الذي يضرب الشركات والأسر وسكانها البالغ عددهم 60 مليونا لمدة تصل إلى 10 ساعات يوميا بسبب نقص الديزل والأعطال في محطات الفحم المتقادمة التابعة لمزود الكهرباء المملوك للدولة.

تخطط جنوب أفريقيا لتقليل اعتمادها على الفحم إلى 59% من إنتاجها من الكهرباء بحلول عام 2030، وفقا لـ"أسوشيتد برس"، وتستهدف صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050، وقد التزمت الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى بالمساعدة، حيث تعهدت بتقديم قروض بقيمة 8.5 مليار دولار لتمويل انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا.

وقالت يلين: "جنوب أفريقيا الدولة الأولى التي لديها شراكة عادلة في التحول في مجال الطاقة والتي تفخر الولايات المتحدة بالالتزام بها كشريك.. تمثل هذه الشراكة الخطوة الأولى الجريئة لجنوب أفريقيا نحو توسيع الوصول إلى الكهرباء وموثوقيتها وخلق اقتصاد منخفض الكربون ومقاوم للمناخ".

تأتي مهمة يلين لتعزيز الاستثمار والعلاقات الأمريكية في مواجهة تفوق الصين على الولايات المتحدة في الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا، حيث قفزت التجارة بين أفريقيا والصين إلى 254 مليار دولار في عام 2021، بزيادة حوالي 35%.

ـ أفريقيا تحتضن استثمارات خضراء جيدة:

بدأت دول القارة الأفريقية تأخذ قضية التغير المناخي على محمل الجد خلال السنوات القليلة الماضية، وسط جهود لإقامة مشروعات خضراء تتضمن طاقة خضراء أو تخضير المدن.

ويمكن أن ينتج عن تخضير مدن القارة أرباحا اقتصادية ضخمة لأفريقيا على مدى العقود الثلاثة المقبلة، التي تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في 2022

ـ توقعات أزمة أفريقية مستقبلا :

حاليا تتعرض أفريقيا لضغوط هائلة لتطوير مدنها بطرق يمكن لشعوبها أن تزدهر وتلبي احتياجاتهم. إذ تتغير مدنها بسرعة من خلال الانتقال السكاني من الريف إلى الحضر بشكل أسرع من أي مكان آخر في العالم.

ومن المقرر أن يتضاعف عدد السكان في الأربعين سنة المقبلة داخل القارة الأفريقية، الأمر الذي يرسم تحديات في توفير الطاقة الرخيصة لمئات ملايين السكان.

تواجه المدن الأفريقية تهديدات كبيرة من تأثيرات تغير المناخ، مع تعرض العديد من المراكز الرئيسية في القارة وعواصمها لخطر الفيضانات والجفاف وموجات الحر؛ وكلا التحديين يضاعفه الآخر. اما اليوم، هناك 35 مدينة رئيسية في إثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا والمغرب ومصر، وجد التقرير أن تقديم تنمية أكثر إحكاما ونظافة ومتصلة، سيتطلب استثمارا إضافيا قدره 280 مليار دولار، ولكنه ينتج عائدا يزيد على أربعة أضعاف ذلك بإجمالي فوائد تبلغ 1.1 تريليون دولار بحلول عام 2050.

ـ خريطة استثمارات الطاقة الخضراء:

في شمال أفريقيا، يبلغ إجمالي الإنتاج الحالي من الطاقة المتجددة 24.84 جيجاواط، ونحو 10 ميجاواط قيد الإنشاء، بينما في أفريقيا الوسطى هناك 10.4 جيجاواط يتم إنتاجها فعليا من الطاقة المتجددة و15.2 جيجاواط قيد الإنشاء.

وفي غرب أفريقيا، يبلغ إجمالي الإنتاج الحالي من الطاقة المتجددة 13.1 جيجاواط، بينما هناك فقط 100 ميغاواط قيد الإنشاء.

بينما في شرق أفريقيا هناك 6.3 جيجاواط قيد الإنتاج، ونحو 5.5 جيجاواط، قيد الإنشاء، وفي جنوب أفريقيا هناك 4.3 جيجاواط يتم إنتاجها فعليا، ونحو 2.3 قيد الإنشاء.

وفي عام 2021   وهي أحدث بيانات متوفرة  جاء 10% من إجمالي الطاقة المولدة في أفريقيا من مصادر متجددة، مقارنة مع 9% في عام 2020 وفقا لتقرير Statista.

وتعتبر دول شمال أفريقيا الرائد الحالي في القارة من حيث قدرة الطاقة المتجددة؛ بينما يتخلف جنوب أفريقيا عن الركب، بسعة تزيد قليلا عن 4000 ميجاواط؛ وعندما يتم الانتهاء من جميع المشروعات قيد الإنشاء، من المقرر أن تتضاعف قدرة وسط أفريقيا.

ومن عام 2019 إلى 2021، زادت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بنسبة 15% و12% على التوالي، في حين ارتفعت الطاقة الكهرومائية بنسبة 27%، وفق تقرير صادر عن برايس ووتر هاوس. ومنذ عام 2013، نما إجمالي قدرة الطاقة المتجددة المركبة في أفريقيا بأكثر من 24 جيجاواط؛ وبالنظر إلى المستقبل، تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أنه حتى عام 2050 سترتفع القدرة بمقدار الضعفين.

وتقود مصر والجزائر وتونس والمغرب وإثيوبيا مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المستقبل القريب؛ وفي الواقع، كما يوضح تقرير لـ"STTISTA"، فإن منطقة  شمال أفريقيا هي الرائد الحالي في القارة من حيث قدرة الطاقة المتجددة.

ومن المرجح أن تظل في هذا الموقف عند أخذ السعة قيد الإنشاء حاليا في الاعتبار. وستشهد أفريقيا الوسطى أكبر زيادة عند اكتمال جميع المشروعات قيد الإنشاء، حيث من المقرر أن تزيد السعة عن الضعف. من ناحية أخرى، فإن منطقة غرب أفريقيا لديها القليل جدا من السعة الجديدة على الأبواب، مع 100 ميجاواط فقط قيد الإنشاء وقت النشر، مقارنة بـ15201 في وسط أفريقيا، على سبيل المثال.

 

 

  


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:08 منصف الدول العربية مدينة لصندوق النقد الدولي بـ 17 مليار دولار23 أبريل 2024 1:37 مسد النهضة.. وبدون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية إكذوبة أكبر سد بإفريقيا لتوفيرالكهرباء22 أبريل 2024 3:29 مالصين: 2.5% نمو سنوي بمبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر بيوليو202321 أبريل 2024 2:12 مغرفة التجارة الأمريكية: السعيد ..العمل على تعزيز النمو الاقتصادي بمعدل 8%17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة

التعليقات