دراسات


كتب فاطيمة طيبى
10 أكتوبر 2023 4:06 م
-
فكرة السندات الزرقاء تدخل ضمن الجهود الإفريقية لتوسيع الإمكانات بالاقتصاد الأزرق بالقارة السمراء

فكرة السندات الزرقاء تدخل ضمن الجهود الإفريقية لتوسيع الإمكانات بالاقتصاد الأزرق بالقارة السمراء

اعداد ـ فاطيمة طيبي

اقتصاد المحيطات او كما يطلق عليه الاقتصاد الأزرق أو الذهب الأزرق نوع من النشاط الذي يمارس في البحر اوالمحيط اذ يدعم 90 % من التجارة العالمية بتوفيره ملايين الوظائف، بقيمة اجمالية 24 تريليون دولار.

وتقدر مساهمة مصائد الأسماك والشعب المرجانية والأعشاب البحرية وأشجار المانجروف في الاقتصاد العالمي بنحو7 تريليونات دولار سنويا. أما التجارة والنقل البحري فتتجاوز خمسة 5 تريليونات دولار، أما إنتاجية السواحل وامتصاص الكربون فتبلغ 12 تريليون دولار تقريبا.هذه الأرقام تدفع بعض الدول الإفريقية  حتى الغنية بالنفط  إلى الاهتمام بهذا النشاط الاقتصادي.

يعكس قرار الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو في أغسطس 2023  بإضافة حقيبة وزارية جديدة لحكومته تتعلق بالاقتصاد البحري والأزرق، لتنامي الوعي الإفريقي بما يحمله الاقتصاد الأزرق من طفرة نوعية في نمو القارة. والاهتمام بالاقتصاد الأزرق لم يكن حكرا على نيجيريا فقط ، فأعداد متزايدة من البلدان الإفريقية تضع الآن استراتيجيات وطنية لاستغلال المحيطات والبحار   لتحفيز وتعزيز الجهود التنموية مستقبلا .و تضم  القارة 38 دولة ساحلية وجزرية، من إجمالي 54 دولة، وتغطيها المياه الإقليمية بـ 13 مليون كيلومتر مربع، و90 % من صادراتها ووارداتها تتم عن طريق البحر.

وفي الوقت الراهن تضخ الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالبحار والمحيطات ما يقدر بـ300 مليار دولار في النشاط الاقتصادي الإجمالي في القارة السمراء، ويدعم الاقتصاد الأزرق ما يقارب 50 مليون وظيفة في إفريقيا، وسط توقعات بأن تستمر تلك الأرقام  بالزيادة، بل إن كثيرا من الخبراء يرون في الاقتصاد الأزرق فرصة لمعالجة قضايا التغذية والأمن الغذائي لنحو 200 مليون إفريقي خاصة في البلدان التي تعاني نقص الغذاء أو البلدان منخفضة الدخل، فالأسماك على سبيل المثال توفر ما يقرب من 20 % من البروتينات الحيوانية التي يستهلكها سكان القارة، وترتفع نسبتها إلى 50 % بالبلدان الجزرية والساحلية.

من جهته، يرى البروفيسور مايكل كول أستاذ الدراسات البحرية في مركز الدراسات البحرية في المملكة المتحدة أن فرص الاقتصاد الأزرق في إفريقيا أعلى بكثير من "الاقتصاد الأخضر". ويقول: " مفهوم الاقتصاد الأخضر الذي   اطلق أول مرة في عام 1989 كان يستهدف في الأساس تحسين الوضع الاقتصادي، مع الحد من المخاطر البيئية ، في إطار التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.

من المنطقي اقتصاديا أن يكون كثير من الدول الإفريقية الجزرية الصغيرة النامية أكثر اهتماما بالفرص التي يمكن أن يوفرها الاقتصاد الأزرق للتخفيف من واحدة من أبرز العقبات الرئيسة المتعلقة بالتنمية المستدامة، الا وهي  الموارد الأرضية، كما أن تمتعها بمناطق اقتصادية خاصة كبيرة يجعل من الاقتصاد الأزرق مدخلا أكثر ملاءمة للتنمية المحلية مقارنة بالاقتصاد الأخضر.

واحدة من الجهود الإفريقية المستحدثة في مجال الاقتصاد الأزرق تقوم على فكرة مقايضة الديون الإفريقية بالبيئة البحرية، ويرى بعض دعاة الحفاظ على البيئة أن إفريقيا جاهزة لمثل هذه الصفقات، فهي مليئة بالبيئات البحرية، وتعد الجابون أول دولة إفريقية تلجا إلى ما يعرف بالسندات الزرقاء للتغلب على مشكلة المديونية.

ـ تعزيز الاقتصاد الأزرق بالجابون:

بدوره، يقول الدكتور ويل جيمس أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة لندن "أعادت الجابون تمويل 500 مليون دولار من ديونها وخصصت 163 مليون دولار من المدخرات للحفاظ على البيئة البحرية، والجابون   موطن أكبر عدد من بعض أنواع السلاحف البحرية في العالم، ومن خلال إعادة التمويل ستعزز اقتصادها الأزرق بتضييق الخناق على الصيد الجائر، كما ستمول صندوقا سيستثمر في تمويل مشاريع الحفاظ على البيئة البحرية، وعلى الرغم من أن مقايضة الديون بالطبيعة البحرية لا تزال صغيرة، فإن خطوة الجابون تعني أنها ستكون قادرة على الحفاظ على 30 %   من ثرواتها في المحيط بحلول عام 2030، خاصة أن مياهها الوطنية أرض خصبة لـ120 نوعا من الأنواع البحرية الأكثر عرضة للانقراض .

تدخل فكرة السندات الزرقاء ضمن الجهود الإفريقية لتوسيع الإمكانات الكامنة في الاقتصاد الأزرق في القارة، ومن الواضح أن القارة السمراء تجد في هذا الاقتصاد مدخلا ملائما للتخصص في التكنولوجيا البحرية وتربية الأحياء المائية ودعم الجهود المبذولة في مجال الطاقة المتجددة. فمن المتوقع أن تنمو سوق التكنولوجيا الحيوية البحرية العالمية بمقدار 2.5 مليار دولار وأكثر بحلول عام 2030، ولدى بعض الدول الإفريقية على الأقل مثل جنوب إفريقيا القدرة على أن تكون حاضنة للتكنولوجيا الحيوية البحرية.

ويعتقد ك. دي. أرثر المهندس في مجال التكنولوجيا البحرية من شركة "كينيتي كيو" أن السعي الإفريقي لزيادة قدرتها الابتكارية في مجال تكنولوجيا الاقتصاد الأزرق يعود إلى أن التخصص في التكنولوجيا الحيوية البحرية سيفتح أبوابا جديدة لاستكشاف ومضاعفة موارد المحيطات والبحيرات في إفريقيا، ما يمكن القطاع الصناعي من تصنيع منتجات في القطاعين البيولوجي والصيدلاني كما يمكن أن يساعد إفريقيا على حل مشكلات نقص الغذاء والفقر والبطالة.

لكن إفريقيا لا يمكنها تحقيق الفائدة من الاقتصاد الأزرق إلا من خلال زيادة الاستثمارات في هذا النشاط الاقتصادي، فالإمكانات المحلية محدودة ولا تسمح لها بامتلاك قاعدة وبنية تحتية تؤهلها لتعظيم الاستفادة من إمكاناتها في الاقتصاد الأزرق، ما يجعل من التعاون مع المجتمع الدولي ضرورة حتمية خاصة مع البلدان التي تمتلك مساحات بحرية مشتركة مع القارة السمراء أو أنظمة بيئية مرتبطة بها، ما يوفر مناطق استراتيجية استثمارية طبيعية بين الطرفين.

وإذا كان عديد من مشاريع الاقتصاد الأزرق الإفريقي قد تلقى دعما كبيرا من عديد من المنظمات والاتحادات الدولية، فإن التعاون بين إفريقيا وبلدان مجلس التعاون الخليجي في مجال الاقتصاد الأزرق خاصة مع تمتع الطرفين بنقاط قوة تكاملية يمكن أن يكون مفيدا للجانبين من وجهة نظر بعض الخبراء. والدكتورة إيمي ونستون أستاذة الاقتصاد الدولي في جامعة لندن تشير إلى وجود عوامل معززة لهذا التعاون أبرزها المصالح الاستراتيجية المشتركة والمعلنة لدى الجانبين في الحفاظ على موارد البحار والمحيطات. وتؤكد أن التعاون المتكافئ يعني إمكانية تقاسم الفوائد المحققة بشكل عادل ومنصف، وهو ما قد لا يتحقق في حال تعاون بلدان القارة مع قوى دولية أخرى.

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:08 منصف الدول العربية مدينة لصندوق النقد الدولي بـ 17 مليار دولار23 أبريل 2024 1:37 مسد النهضة.. وبدون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية إكذوبة أكبر سد بإفريقيا لتوفيرالكهرباء22 أبريل 2024 3:29 مالصين: 2.5% نمو سنوي بمبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر بيوليو202321 أبريل 2024 2:12 مغرفة التجارة الأمريكية: السعيد ..العمل على تعزيز النمو الاقتصادي بمعدل 8%17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة

التعليقات