دراسات


كتب فاطيمة طيبى
24 ديسمبر 2023 12:57 م
-
شركات الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول في إفريقيا

شركات الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول في إفريقيا

  اعداد ـ فاطيمة طيبي

 

يبلغ عدد مستخدمي الهواتف الذكية 6.92 مليار نسمة، بالعالم كله ما يعني أن 86 % من سكان الكوكب يمتلكون هواتف ذكية، ويشير البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي إلى أن هناك 650 مليون مستخدم للهاتف المحمول في إفريقيا وهو ما يتجاوز العدد الموجود في الولايات المتحدة أو أوروبا، ومع شيوع هذه الهواتف المحمولة الذكية فإن تحويل الأموال عبر الهاتف بالسرعة ذاتها التي تنتقل بها الرسائل النصية، جعل في مقدور كثير من الأشخاص وأصحاب الأعمال الصغيرة إرسال وتسلم الأموال لتيسير حياتهم الشخصية أو أنشطتهم التجارية، ليتغلبوا بذلك على بطء التحويلات البنكية وتكلفتها المرتفعة نسبيا، خاصة أن ملايين من سكان القارة السمراء لا تتوافر لديهم إمكانية الوصول إلى حسابات التوفير أو الائتمان أو التأمين.

هنا تقول الدكتورة دينيس لويس أستاذة الدراسات المالية في جامعة برمنجهام "إفريقيا ثاني أكبر قارات العالم والثانية من حيث عدد السكان، الا انها تظل متخلفة بأعوام عن بقية العالم في مجال الخدمات المالية، فنحو 57 % من الأفارقة ليس لديهم حساب مصرفي، نيجيريا  وحدها الدولة الأكثر سكانا في القارة  تصل نسبتها الى 60 %   الا ان الفضل يعود إلى كينيا في تحقيق نجاح ملحوظ في تقديم خدمة التحويل المالي عبر الهاتف المحمول في كثير من بلدان القارة، ومع هذا لا يزال النقد يسيطر على 90 % من المعاملات السائدة بين الأفارقة". كما ما زال الوقت مبكرا على وجود التكنولوجيا المالية في إفريقيا، لكن المؤشرات تعتبر جيدة، وهناك إقبال متزايد من الطبقة المتوسطة على تلك الخدمة،  خاصة أن هناك اتجاها واضحا من الشركات الصغيرة والمتوسطة على رقمنة أعمالها، وبذلك تسعى لتجاوز البنوك التقليدية للحصول على مصادر سريعة للتمويل".

ويرى عمالقة المدفوعات المالية التقليديون من أمثال "ماستر كارد" و"فيزا" وغيرهم، أن الآفاق واعدة في القارة السمراء، وفي الآونة الأخيرة تركز اهتمامهم على مشغلي خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول، في ضوء النمو الاستثنائي في التجارة الإلكترونية في إفريقيا، حيث يتوقع أن ينفق 435 مليون مواطن إفريقي أموالا عبر الإنترنت، وهو ما يقارب ضعف العدد قبل جائحة كورونا.

من جانبه، يلقي هولمز أدنجتون المحلل المالي، الضوء على هذا الاهتمام الدولي بهذا النوع من الخدمات المالية في إفريقيا، بالقول "في عام 2021 استثمرت (ماستر كارد) 100 مليون دولار في أعمال الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول لشركة (ايرتل إفريقيا) التي تقدر قيمة أعمالها بـ2.65 مليار دولار، وفي شهر أغسطس 2023 وافقت شركة ماستر كارد على الاستحواذ على حصة أقلية في أعمال التكنولوجيا المالية الخاصة بمزود الاتصالات الجنوب إفريقي مجموعة MTN Group MTNOY".

كما أنه وعلى الرغم من أن الشركة الإفريقية غير معروفة في الولايات المتحدة فإنها شركة كبيرة في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، والصفقة لم يتم الانتهاء منها بعد، لكن (ماستر كارد) قدرت أعمال الشركة الإفريقية في مجال التكنولوجيا المالية بنحو 5.2 مليار دولار، وسط توقعات بأن تبلغ حصة (ماستر كارد) 30% .

ايضا تلك الصفقة جاءت في أعقاب إعلان شركة فيزا المنافسة لـ(ماستر كارد) في أواخر 2022 أنها ستستثمر مليار دولار في إفريقيا على مدى العوام الخمسة المقبلة، لتوسيع أعمالها في القارة وعلى وجه الخصوص نطاق الدفع الرقمي .

وغالبا ما تكون شركات التكنولوجيا المالية الإفريقية المحلية أكثر قدرة على اكتشاف الفرص المتاحة في السوق، ويمكنها ذلك من التحرك بشكل أسرع لطرح منتجات جديدة في إطار فهمها لطبيعة التحديات التي تواجه السكان المحللين، ما يجعل التكنولوجيا المالية في القارة تتمتع بنكهة إفريقية تختلف نسبيا عما قد يوجد في المجتمعات الأكثر تقدما .

تكلفة الوصول إلى الإنترنت لا تزال مرتفعة في أغلب البلدان الإفريقية، وتشير البيانات الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن ما يقرب من 75 % من سكان منطقة جنوب الصحراء الكبرى لا يزالون غير قادرين على الوصول إلى الإنترنت أو استخدامه، تلك الوضعية تدفع بكثير من الشركات - في إطار سعيها للنجاح- إلى تنفيذ نماذج أعمال هجينة بعضها عبر الإنترنت والبعض الآخر خارجه، لتلبية احتياجات وقدرات العملاء.

من جانبه، ذكر المهندس ادم لويس رئيس قسم الاتصالات السابق في شركة كور بي للتحويلات المالية، أن شركات التكنولوجيا المالية في إفريقيا، ركزت على الخدمات المالية الأساسية وكان عليها بناء البنية التحتية الخاصة بها، لعدم وجودها .

وقال لإن المحافظ الرقمية التي تعمل مع أو بدون بيانات الهاتف المحمول والاتصال بالبنوك والشركات للسماح بتحويل الأموال، ودفع الفواتير بشكل سلس، وتصميم شبكة توزيع فعلية للبيع بالتجزئة، تعتمد على أصحاب المتاجر المحليين لمنح المستهلكين إمكانية الوصول إلى الخدمة المالية، كل هذا تم تصميمه من الصفر، حيث يعود الفضل إلى الشركات الإفريقية العاملة في مجال الخدمات المالية في بناء أسس الخدمات المالية الرقمية في القارة". .

ـ الحاجة الى دقة الاحصائيات:

لا يوجد إحصاء دقيق حول عدد شركات التكنولوجيا المالية العاملة في القارة السمراء، لكن أغلب التقديرات تشير إلى أنها تزيد على 2500 شركة، وقدر إجمالي إيراداتها في عام 2020 بما يراوح بين 4 و 6 مليارات دولار، كما أن هناك 621 مليون حساب للأموال عبر الهاتف المحمول في القارة، ونجح اقتصاد الهاتف المحمول في توفير أكثر من 300 ألف فرصة عمل بشكل مباشر و1.1 مليون فرصة أخرى بشكل غير مباشر في جميع البلدان الإفريقية.

ويرى كثير من الخبراء أن الأعوام المقبلة ستشهد مزيدا من النمو في هذا القطاع وسيزداد عدد الشركات المالية الإفريقية وستتزايد معه أنواع وجودة الخدمات المقدمة للمستهلكين والشركات الصغيرة والمتوسطة، كما ستشهد تلك الشركات اتجاها نحو التخصص، وهذا سيساعد على توفير مزيد من فرص العمل وتسريع النمو الاقتصادي.

مع هذا، يرى آخرون أن الطريق ليس ممهدا بهذه الدرجة من السلاسة، وعلى تلك الشركات خوض معركة صعبة مع القطاع المصرفي الذي يخشى أن تفلح شركات الخدمات المالية في التهام جزء كبير من حصته السوقية في هذا المجال، يضاف إلى ذلك أن كثيرا من الهيئات التنظيمية داخل القارة وخارجها لا تزال تنظر إلى هذا الأسلوب من التحويلات المالية بعين الريبة والشك.

وفي بعض البلدان تواجه شركات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول - خاصة الناشئة  منها والصغيرة - رفضا من الجهات التنظيمية لكونها لا تتمتع بتراخيص مصرفية، ولأن شبكاتها من تجارة التجزئة في المتاجر الصغيرة لا تستوفي المعايير المشددة لفروع البنوك الرسمية.

لكن الدكتور لوجن رادكليف أستاذ التنمية المالية في جامعة ليدز، يشير إلى أن الفترة الأخيرة مليئة بقصص نجاح لشركات الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول في إفريقيا، وبدأت فوائدها تحظى بالتقدير على نطاق واسع، وخفضت الجهات التنظيمية في القارة من طبيعة القيود التي تفرضها على عمل تلك الشركات.

كما  أن بعض البنوك خاصة الكبيرة بدأت تنظر إلى تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول باعتباره فرصة مالية لها وليس تهديدا لمصالحها وأرباحها، وهي تتعاون مع تلك الشركات لتحقيق الاستفادة من شبكات التجزئة الواسعة التابعة لها وللوصول إلى عملاء جدد، ومن ثم فإن هذا الترابط بين البنوك وتلك الشركات يوجد حالة من الطمأنينة للجهات التنظيمية ويجعلها أكثر مرونة في رؤيتها، لما تتضمنه شركات التحويل المالي عبر الهاتف المحمول من فرص اقتصادية وتنموية واعدة للبلدان الإفريقية .

    

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:08 منصف الدول العربية مدينة لصندوق النقد الدولي بـ 17 مليار دولار23 أبريل 2024 1:37 مسد النهضة.. وبدون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية إكذوبة أكبر سد بإفريقيا لتوفيرالكهرباء22 أبريل 2024 3:29 مالصين: 2.5% نمو سنوي بمبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر بيوليو202321 أبريل 2024 2:12 مغرفة التجارة الأمريكية: السعيد ..العمل على تعزيز النمو الاقتصادي بمعدل 8%17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة

التعليقات