دراسات


كتب فاطيمة طيبى
6 مارس 2024 3:15 م
-
وزيرالاقتصاد اللبناني: القتال اثرسلبا على الصادرات والزراعة بقيمة 2.5 مليار دولار

وزيرالاقتصاد اللبناني: القتال اثرسلبا على الصادرات والزراعة بقيمة 2.5 مليار دولار

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

قال وزيرالاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام، على هامش اجتماع منظمة التجارة العالمية  إن اقتصاد بلاده المضطرب منذ فترة طويلة يكتنفه الغموض بسبب الصراع الدائر على الحدود الجنوبية للبنان بين القوات الإسرائيلية وجماعة حزب الله. وأضاف سلام للصحافيين في أبوظبي أن لبنان لن يحقق توقعات بنمو سنوي يتراوح بين 2 و4% هذا العام بسبب الضربات عبر الحدود.

 

وذكر على هامش اجتماع منظمة التجارة العالمية "هناك أسئلة كثيرة تتعلق بالوضع في لبنان حاليا لكن بالتأكيد الأمور آخذة في التراجع بطريقة سلبية".كما أنه من غير الواضح ما إذا كان الزوار سواء من المغتربين اللبنانيين أو غيرهم من السائحين سيزورون البلاد هذا الموسم. وأوضح أنهم ضخوا ما بين 5 إلى 7 مليارات دولار في الاقتصاد الصيف الماضي. 

وقال إن موسم الشتاء الحالي شهد قدوم عدد أقل من الزوار الأجانب عما كان متوقعا بعد موسم صيف قوي قبل اندلاع الحرب. وتحث الولايات المتحدة والبرازيل وأستراليا، التي تضم عددا كبيرا من اللبنانيين، المواطنين على إعادة النظر في السفر إلى لبنان.

 

وتابع سلام قائلا "لا نعرف حقا ما إذا كان بإمكاننا أن نترقب في الأشهر القليلة المقبلة موسم صيف يضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد". مضيفا أن القتال على الحدود الجنوبية أثر سلبا على صادرات البلاد وتسبب في خسائر في الأراضي الزراعية والسلع بقيمة نحو 2.5 مليار دولار حتى الآن. 

وذكر أن الحكومة تسعى للحصول على مساعدة دولية لإعادة تأهيل الأراضي الزراعية التي تضررت بسبب القتال. وقال سلام "سيستغرق الأمر سنوات وسيتطلب الكثير من المال، لذلك سنسعى بالتأكيد إلى الحصول على مساعدة من المجتمع الدولي لإعادة تأهيل جميع المناطق". وبدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار عام 2019 بعد عقود من الإنفاق الحكومي المسرف والفساد.

 

ـ توقعات بانهيار العملة وخسائر بشرية واقتصادية كبيرة :

تشهد الشوارع اللبنانية تباينا في وجهات النظر بشأن التدخل الرسمي في الحرب، مع ظل معاناة لبنان من أزمة اقتصادية لا مثيل لها في تاريخ الدولة، تتمثل بشلل القطاع المصرفي وانهيار العملة المحلية.

 

تحمل التوترات في جنوب لبنان بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله تداعيات أولية واضحة مثل نزوح حوالي 29 ألف شخص في الجنوب اللبناني جراء التصعيد العسكري في المنطقة الحدودية، وفقًا لما أفادت به المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة اكتوبر 2023 

كما تحمل الحرب تداعيات على الصعيد الاقتصادي، على المدى القصير والطويل، حيث من المتوقع أن تشهد العملة انهيارا أكبر مما هي عليه الآن، بحسب خبراء اقتصاديين. 

ـ التداعيات الاقتصادية المحتملة على المدى القصير:

يعتقد الدكتور ومدير المعھـد اللبنانـي لدراسـات السوق باتريك مارديني، أن ما يحدث اليوم في الأراضي الجنوبية دليل على أن لبنان قد انخرط في الحرب، ولكنها لم تتطور لتشمل كامل الأراضي في البلاد، إذ إنها تقتصر حتى اللحظة على الحدود الجنوبية. ويشير إلى أن للوضع الحالي تداعيات اقتصادية سلبية، وتصبح الآثار أسوأ حال توسعت الحرب.

أما المتخصصة بالاقتصاد النقدي والأستاذة الجامعية ليال منصور، تقول: إنه لأي حرب، سواء كانت مع إسرائيل أو مع أي دولة أخرى، أثر اقتصادي واجتماعي سلبي، بالإضافة إلى التداعيات الإنسانية والخسائر البشرية.

ـ السياحة والقطاعات الأخرى:

يذكر مارديني، أن السياح في لبنان قد غادروا البلاد بعد موسم صيف كان "واعدا" حيث كانت الحركة السياحية خلال الأشهر الماضية جيدة. وهذا يعني أن لبنان لن يشهد تدفقا في السياح والمغتربين خلال الأعياد المرتقبة خلال نهاية العام. وبالتالي، من المتوقع تأثر جميع النشاطات الاقتصادية والتدفق الداخلي بالعملات الصعبة خلال الفترة القادمة. حتى لو لم تتوسع الحرب، فمن المتوقع أن يتأثر القطاع السياحي بشكل ملحوظ". 

وفي تصريحات تعتبر ليال منصور أن من تداعيات الحرب الاقتصادية هي تدمير المساكن والعقارات والتي قد تكلف إعادة إعمارها ملايين أو مليارات من الدولارات.

قالت الحكومة في مايو 2007 (بعد حرب 2006) إنها أنفقت 318 مليون دولار على إعادة البناء وحصلت على 707 ملايين دولار من أصل 1.3 مليار دولار تعهد بها مانحون معظمهم من العرب. وقد دفعت 181 مليون دولار للأشخاص الذين دمرت منازلهم أو تضررت. وقد أنفقت 54 مليون دولار على إصلاح البنية التحتية و42 مليون دولار على المدنيين النازحين. كما تتوقع ارتفاع البطالة بشكل ملحوظ وسط فقدان معظم النازحين وظائفهم مما له تأثير اقتصادي سلبي مباشر على نطاق صغير ثم على نطاق أوسع.

وتتوقع منصور أن التعافي لإعادة البناء والإعمار والتعديلات الوظيفية يستغرقان بعضا من الوقت. كما يعتبر مارديني أن التداعيات لا تقتصر على قطاع السياحي فقط، حيث إن الترقب الحالي للمستجدات من قبل المواطنين له تداعيات كبيرة على جميع القطاعات في البلاد، مع احتمالية انخفاض الاستهلاك وسط محاولة الناس ضبط نفقاتهم تحسبًا للسيناريو الأسوأ.

ـ هروب رؤوس الأموال :

تقول ليال منصور إن في حال عدم وجود تعاملات بالعملات الأجنبية في البلاد، فإن لبنان سيقع في "فخ طباعة النقود" مما قد يتسبب في المزيد والمزيد من انخفاض في قيمة العملة المحلية. ومع ذلك، "بما أن حوالي 90% من معاملات لبنان تتم بالدولار الأميركي، فإن التأثير المحتمل للمزيد من الانخفاض في قيمة العملة سيكون نوعا ما نسبيا"، مشيرة إلى أن الفئة الأكثر تضررا هي الأشخاص الذين ما زالوا يتقاضون بالليرة اللبنانية.

وفقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها منذ عام 2019 عندما تخلف لبنان عن سداد ديونه لأول مرة في تاريخه. حوالي 54% من اللبنانيين يتقاضون راتبهم بالعملة المحلية، فيما يتقاضى 46% رواتبهم بالدولار. ويقول مارديني، إنه بالإضافة إلى هروب السياح، سيشهد لبنان "هروب رأس المال" مع لجوء المستثمرين والناس للملاذات الأكثر أمانا. وبالتالي يعتبر أن نسبة المخاطر ارتفعت كثيرا، أي أن "علاوة المخاطرة" أصبحت مرتفعة للغاية، وهو أمر سيؤدي إلى خروج الدولارات من لبنان.

ـ سعر الصرف :

وفيما يتعلق بسعر الصرف، يتوقع مارديني ارتفاع الطلب على الدولار في ظل عدم الاستقرار الحالي وتجنب المواطنين استخدام الليرة المحلية.

وبحسب استطلاع فإن رواتب 50% من الشعب اللبناني هي عند حوالي 300 دولار شهريا أو ما يساويه بالليرة اللبنانية (في السوق الموازية)، فيما يعتبرون أن مصاريفهم الشهرية هي 600 دولار أميركي شهريا (أو ما يعادله بالليرة اللبنانية) وما فوق.

وأشار الاستطلاع، الذي شمل 150 لبنانيا أو مقيما من مختلف الطوائف والطبقات الاجتماعية، أن قرابة 55% ممن شملتهم الدراسة يدفعون مصاريفهم الشهرية بالدولار الأميركي، في علامة أخرى إلى توجه لبنان نحو سيناريو "الدولرة الشاملة".

هناك خروج للدولار من لبنان ولكن في نفس الوقت الطلب عليه من المتوقع أن يرتفع. وهذا الأمر سيضغط على سعر صرف الليرة حاليا. أتوقع أن المصرف المركزي حاليا يتكبد خسارة في الاحتياطي بالعملات الأجنبية بوتيرة سريعة بسبب الأزمة. حتى اللحظة لا نعلم مدى حجم الخسارة، إن كانت بالمليون أو بالمليار... ولكنني أتوقع أن التكلفة أصبحت مرتفعة". وتوقع انهيار مرتقب في سعر الصرف، وذلك في حال وصل المركزي إلى مرحلة أنه غير قادر على تكبد المزيد من الخسارات في الاحتياطي بالعملات الأجنبية.

 ويبلغ احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي حاليا 7 مليارات دولار، مقارنة بـ 30 مليار دولار في عام 2018.

تخطى معدل التضخم في لبنان مستويات 200% على أساس سنوي خلال الفترة الأخيرة، وسط تعثر الإصلاحات الاقتصادية والفراغ السياسي حول قيادة البلاد. ومن الناحية المالية، فإن الحروب المتكررة على لبنان منذ عام 1975، بحسب منصور، قد ألقت بظلالها على سمعة لبنان كدولة غير مستقرة وصورة مشابهة تماما لدولة الصومال. وهذا سيصنف لبنان كدولة ذات استثمارات عالية المخاطر، ليضاف عدم الاستقرار السياسي إلى الاقتصاد الداخلي الضعيف والفساد الإداري. (عادة ما يتم التعبير عن المخاطر العالية من خلال ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض في التدفقات الاستثمارية) .ـ

ـ تداعيات اقتصادية على المدى الطويل :

يقول مارديني إنه في حالة تطبيق سيناريو مشابه لعام 2006، والذي وصفه بـ"الدمار الشامل"، فإن تكلفة الإعمار ستكون عالية جدا، معبرا عن شكوكه حول مدى استعداد الدول العربية لمساعدة لبنان في الوقت الراهن.

وأوضح أن الوضع الاقتصادي الحالي مختلف عن الوضع في ذلك الوقت، حيث يعاني لبنان الآن من أزمة اقتصادية تتمثل في صعوبة تمكن الشركات من الوصول إلى أموالها المحتجزة في البنوك، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة.

وقال مارديني: "إذا كان هناك من يرغب في الاستثمار في لبنان، فقد يتغير هذا الأمر في حال تطورت الأوضاع السياسية". فالأمورالان تغيرت فعلا مقارنة بعام 2006، حيث لا تظهر أي دولة أجنبية استعدادا لمساعدة لبنان. وتعهد المانحون بتقديم 7.6 مليار دولار لإعادة الإعمار في مؤتمر باريس في 25 يناير 2007، لكن الجزء الأكبر من الأموال كان مرتبطا بالإصلاحات الاقتصادية التي فشلت الحكومة في تفعيلها.

وكان للخبيران تصريحات مماثلة، حيث قال كلاهما أن لبنان يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية خاصة. وعليه، فإن أي عقوبات على لبنان قد تؤدي إلى تقليص المساعدات السياسية، مما يضع لبنان في موقف حرج في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها.

كان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 5% إلى 6% في عام 2006، لكنه انكمش بنسبة 5%، مع تضرر قطاع السياحة بشدة. وتوقعت وكالة "فيتش"، في تقرير صدر في يونيو  ، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي للبنان من 3.5% في عام 2022 إلى 1.5% في عام 2023، ليظل أقل بنسبة 34.1% من مستواه في عام 2018.

ـ اللبنانيون"رهائن"العملة الصعبة :

وأعلن وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، في مارس 2023، عن بدء "الدولرة" (التسعير بالدولار) في السوبرماركت في لبنان وعزا الخطوة إلى أنها تصب في حماية المستهلك من جشع التجار وهوامش الربح غير المعقولة.

ويختلف مفهوم الدولرة ما بين الشعب اللبناني، 40% من المشاركين في الاستطلاع يعتبرون أن "الدولرة" هي عملية استخدام الدولار في تحديد الأسعار والرواتب بالسوق المحلية، ما يؤثر على القوة الشرائية والتضخم.

بينما يعتبر 42% أنها عملية استبدال للعملة المحلية بالدولار في المعاملات الداخلية بسبب فقدان الثقة بالعملة المحلية. أما باقي من أجاب على استبيان يعتبرون أن مفهوم الدولرة مرتبط بالقرارات الحكومية التي تسعى لاعتماد الدولار كعملة رسمية أو غير رسمية لتحسين الاستقرار الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية.

ويعود سبب بدء اعتماد التسعير بالدولار في لبنان إلى الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد منذ اندلاع الاحتجاجات في عام 2019 وفك ارتباط الليرة المحلية بالدولار في السوق الموازي ومن ثم في المصارف المحلية، ما أدى لتدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار بشكل ملحوظ وبالتالي زيادة العبء على المواطنين الذين لا يزالون (جزء كبير منهم وخاصة في القطاع الخاص) يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية وعلى سعر صرف لا يضاهي قيمة العملة الحالية في السوق السوداء.

وفي هذا الإطار، يعتبر 70% أن "لبنان مدولر بالكامل"، بينما يقول 28% أن "لبنان مدولر قليلا". فيما يعتبر 2% أن "لبنان ليس مدولرا". وقال 81 شخص ممن شملهم الاستطلاع (54%) إنهم يتقاضون راتبهم بالعملة المحلية، فيما يتقاضى 69 منهم (46%) رواتبهم بالدولار. وللمقارنة، يدفع 55% منهم مصاريفهم اليومية بالعملة الصعبة، بينما يدفع 43% منهم تكاليفهم اليومية بالعملة المحلية. فيما يدفع حوالي 2% مصاريفهم بعملة أخرى (غير الليرة والدولار).

وأكد 91% منهم أنهم قاموا باستخدام الدولار في معاملاتهم الشخصية في لبنان خلال العام الحالي، حيث يستخدم 66% ممن شملهم الاستطلاع الدولار "كثيرا" في معاملاتهم. وتتراوح استخدامات الدولار في لبنان بحسب الدراسة على النحو التالي: 39% على الوقود، و33% على المصاريف المنزلية، و12% على الطعام، و16% على الترفيه.

ويعتبر 52% أن السبب الرئيسي وراء زيادة استخدام الدولار في لبنان هي تقلبات سعر الصرف، بينما استشهد 37% بـ"عدم الثقة" في الوضع الحالي. فيما يعتبر الآخرون أنها بسبب قوة الدولار. ولا يثق غالبية الشعب اللبناني (88%) بالمصارف المحلية، ما يبين مدى تشاؤم الشعب اللبناني في الحالة في لبنان. ويتوقع 42% توجه لبنان لاستخدام "كامل" للعملة الأجنبية في البلاد بحلول 5 سنوات، فيما لا يؤيد أكثر من 56% اعتماد لبنان رسمياً للدولار الأميركي كعملة أساسية في البلاد.

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:08 منصف الدول العربية مدينة لصندوق النقد الدولي بـ 17 مليار دولار23 أبريل 2024 1:37 مسد النهضة.. وبدون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية إكذوبة أكبر سد بإفريقيا لتوفيرالكهرباء22 أبريل 2024 3:29 مالصين: 2.5% نمو سنوي بمبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر بيوليو202321 أبريل 2024 2:12 مغرفة التجارة الأمريكية: السعيد ..العمل على تعزيز النمو الاقتصادي بمعدل 8%17 أبريل 2024 10:59 صالتخطيط: 8 مليارات جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة القليوبية بخطة 2023 ـ 202416 أبريل 2024 12:37 مقفزة بصادرات مصر السلعية بالربع الأول وصلت 9.6 مليار دولار من 202415 أبريل 2024 3:13 متخصيص 495.6 مليار جنيه للصحة و 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل14 أبريل 2024 1:00 م13.2 مليار جنيه استثمارات لتنفيذ 242 مشروعا تنمويا بالوادي الجديد بخطة 2024/20237 أبريل 2024 12:26 م7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للشرقية و34.7 لمحافظة الإسكندرية بخطة 23/20242 أبريل 2024 11:24 صفاعلية تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد الإيطالي في الأعوام الأخيرة

التعليقات