تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
22 مارس 2021 2:24 م
-
إشارات مقلقة للاقتصاد التركي مع استمرارالتضخم وحكومة أردوغان تعترف بعجزها أمام الليرة المتقلبة

إشارات مقلقة للاقتصاد التركي مع استمرارالتضخم وحكومة أردوغان تعترف بعجزها أمام الليرة المتقلبة

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

    

الاقتصاد التركي الذي كان هشا  أساسا قبل أزمة الوباء، يعطي إشارات مقلقة مع استمرار التضخم وضعف قيمة الليرة التركية. ولم تجد الحكومة التركية سوى شماعة "السوق الحرة" لتعلق عليها فشلها في إيقاف الانهيار الحاد لليرة بعد إقالة محافظ البنك التركي. 

وبرر وزير المالية التركي لطفي علوان، في الثاني والعشرين من شهر مارس 2021   ، الانتكاسة التاريخية لليرة، قائلا: إن بلاده عازمة على الالتزام بقواعد السوق الحرة ونظام التداول الحر للعملة بعد عزل محافظ البنك المركزي، مما أدى إلى هبوط الليرة لتقترب من مستويات متدنية قياسية. وتراجعت الليرة التركية بأكثر من 17% مقابل الدولار، في سوق الصرف الأجنبي بعد قرار الرئيس رجب طيب أردوغان إقالة محافظ البنك المركزي. 

ـ السياسات المالية ستدعم السياسات النقدية:

كما جرى تداول العملة التركية عند 8.47 ليرة للدولار الواحد صباح الثاني والعشرين من مارس  في آسيا، مقابل 7.22 ليرة للدولار الواحد نهاية الأسبوع . 

وفي بيان، قال علوان إن السياسات المالية ستدعم السياسات النقدية من أجل تحقيق استقرار في الأسعار.. مضيفا أن إطار السياسة الكلية مستمر لحين حدوث انخفاض دائم لمعدل التضخم، الذي بلغ خانة العشرات معظم فترات السنوات الأربع الماضية. 

وعقب تصريحات وزير المالية التركي، تماسكت الليرة على نحو جزئي لتسجل 7.8 مقابل الدولار ، بعد أن نزلت 17% إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في التعاملات المبكرة عقب القرار الصادم للرئيس رجب طيب أردوغان بعزل محافظ البنك المركزي. 

ـ الفائدة.. رعب أردوغان:

أثار قرار عزل محافظ البنك المركزي مخاوف بشأن التراجع عن رفع أسعار الفائدة في الآونة الأخيرة وقوض مصداقية البنك.وبدت تركيا يوم العشرين من شهر مارس الحالي  على حافة موجة جديدة من الاضطرابات الاقتصادية بعدما أقال أردوغان محافظ البنك المركزي ناجي آقبال من منصبه وعيّن مكانه نائبا سابقا من الحزب الحاكم. 

وصدر المرسوم الرئاسي ولم يفسر السبب الذي دفع إردوغان لتعيين شهاب قافجي أوغلو في المنصب مكان آقبال. لكن القرار جاء بعد يوم على رفع البنك المركزي بشكل كبير معدل الفائدة الأساسي إلى 19% لمواجهة التضخم. وكان قافجي أوغلو كتب مقالات في صحيفة مؤيدة للحكومة انتقد فيها بشدة ميل آقبال لرفع معدلات الفائدة.

وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" فإن قرار الرئيس التركي بإقالة المحافظ بعد 3 أشهر فقط من تعيينه كان بمثابة "صدمة للمستثمرين". وتقول الصحيفة إن ناجي آقبال المحافظ المقال من البنك المركزي التركي، نال استحسان السوق بعدما انتصر للمنطق ورفع أسعار الفائدة على عكس رغبة أردوغان.

وقبلها  بأيام، رفع آقبال أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس دفعة واحدة، في محاولة لترويض التضخم ودعم العملة التركية التي تواجه انخفاضا كبيرا. ومنذ تعيينه في نوفمبر2020 ، رفع آقبال سعر الفائدة القياسي بمقدار 875 نقطة أساس إلى 19%، وهي خطوة ساعدت في توفير بعض الدعم لليرة المنهارة، بينما أرسلت إشارات للمستثمرين بأن ثمة سياسة نقدية عاقلة سيتم الاعتماد عليها. لكن هذا يتعارض مع وجهة نظر أردوغان "الحصرية" بأن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب التضخم بدلا من مكافحته.

ـ استقلالية "المركزي"

وقال تيموثي آش المحلل لدى BlueBay Asset Management إن قرار أردوغان كان "غبيا حقا"، وتوقع رد فعل عنيف من الأسواق في تعاملات الثاني والعشرين من مارس . ومن المرجح أن تقوض الهزة المتوقعة من آمال المستثمرين الذين كانوا يتمنون التأكيد على استقلالية البنك المركزي التركي عن قبضة أردوغان.

وأفاد محللون بأن رئيس البنك المركزي الجديد داعم لرؤية أردوغان حول أن رفع معدلات الفائدة يؤدي إلى التضخم. بقي إصرار أردوغان على تجنب معدلات الفائدة المرتفعة من الثوابت في سياسات تركيا. ووصف الأمر في إحدى المرات بأنه "أم وأب كل الشرور" وشدد مجددا في شهر  يناير 2021 على أنه "معارض تماما" لرفع معدلات الفائدة.

وأشار رئيس البنك المركزي الجديد قافجي أوغلو في مقال في فبراير2021    إلى أن معدلات الفائدة المرتفعة تقود "بشكل غير مباشر" إلى ارتفاع مستوى التضخم. وبات قافجي أوغلو رابع رئيس للبنك المركزي يعينه أردوغان منذ شهر  يوليو  2019. ويواجه حاليا مهمة تحقيق هدف أردوغان المتمثل بخفض معدل الفائدة السنوي إلى 5% بحلول موعد انتخابات تركيا المقبلة في 2023.

وقال جيسون توفي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، إن إقالة آقبال زادت من مخاطر حدوث أزمة عملة جديدة في تركيا.

ويكافح اقتصاد البلاد للخروج من الاضطرابات الناجمة عن صدمة العملة في عام 2018 عندما أخافت سياسات أردوغان الاقتصادية والأجنبية المستثمرين. وبحسب تقرير للبنك الدولي نشر في  شهر  أبريل  2020، فإن 13.9 %   من الأتراك يعيشون تحت عتبة الفقر الوطنية المحددة بـ4.3 دولار اي 3.59 يورو  في اليوم للشخص الواحد. وفيما تؤدي الصعوبات الاقتصادية إلى تراجع شعبيته الانتخابية، يفضل أردوغان أن يعطي في خطاباته صورة عن تركيا يحسدها الغرب وعلى وشك أن تصبح "أحد أكبر الاقتصادات في العالم".

يقول إرينج يلدان أستاذ الاقتصاد في جامعة قادر هاس في إسطنبول، إن السياسات النقدية السيئة التي شجعت النمو القائم على أساس المديونية وانعدام الثقة في الأسواق هي السبب وراء ارتفاع التضخم.

وأضاف "كان التضخم يبلغ رسميا 14.6 % في 2020  لكن هذا الرقم ليس سوى متوسط. هو أعلى بكثير ويبلغ نحو 22 %، للمنتجات الغذائية التي تشكل الجزء الأكبر من إنفاق السكان ذوي الدخل المتواضع .

ويقول الخبير الاقتصادي، إن الزيادة التراكمية في الأسعار منذ عام 2018 للمنتجات الغذائية بلغت 55 %. كما انه و في مواجهة الانتقادات، اتهم أردوغان التجار أو "جماعات الضغط" بالسعي إلى جني أرباح غير عادلة.

وقال يلدان، "نحن نوجد أعداء وهميين لمنع تحول النقمة إلى رد فعل ضد الحكومة". وأضاف يلدان، "تحاول تركيا أن تجد طريقها في الضباب لأن المؤسسات قد هدمت، لا نقوم إلا بإنقاذ الأثاث"  وخلص إلى القول "هناك مشكلة حوكمة حقيقية .

 



التعليقات