تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
7 يوليو 2021 2:52 م
-
المغرب.. مشروع غير مسبوق مع نيجيريا يربط غرب أفريقيا بالغاز

المغرب.. مشروع غير مسبوق مع نيجيريا يربط غرب أفريقيا بالغاز

 

 اعداد ـ فاطيمة طيبي

أنبوب عملاق يعبر 11 دولة بغرب إفريقيا، لنقل كميات ضخمة من الغاز من نيجيريا إلى المغرب. مشروع غير مسبوق بالقارة السمراء، سيرى النور بتعاون بين الرباط وأبوجا، وسيتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجيات المتزايدة للدول التي سيعبر منها وصولا إلى أوروبا خلال الـ 25 سنة القادمة.

هذا المشروع سيتم إطلاقه بموجب اتفاق بين العاهل المغربي محمد السادس والرئيس النيجيري محمد بخاري، في العاصمة أبوجا، في ديسمبر 2016.

ـ رحلة لاستكمال المشروع:

بعد مرور أربع سنوات او اكثر على الاتفاق، أعلن المدير العام لمؤسسة البترول الوطنية النيجيرية، يوسف عثمان، أن حكومة بلاده تستعد لمد خط أنابيب غاز بين نيجيريا والمغرب. جاء ذلك في حوار صحفي قال فيه أن "الحكومة النيجيرية استكملت خطط تجسيد هذا المشروع الكبير". وأضاف عثمان أن "المشروع الضخم سيمر عبر مسار خط أنابيب الغاز لغرب افريقيا القائم وستستفيد منه عدة دول في القارة، كما أن بعض الدول التي لديها حقول غاز "سيتم ضخ إنتاجها في خط الأنابيب الجديد، بينما ستستفيد منه الدول الأخرى غير المنتجة للغاز لأغراض تنموية".

ـ اندماج اقتصادي إقليمي:

من المخطط له أن يبلغ طول الخط 5660 كيلومترا، ويمر عبر عدة دول إفريقية، على أن يتم مده ليصل إلى أوروبا في مرحلة لاحقة. هذه  الدول هي .. بينين ،غانا ،توغو ، كوت ديفوار ،ليبيريا ،سيراليون ،غينيا ،غينيا بيساو ،غامبيا ،السنغال وموريتانيا ثم المغرب، لمد بلدان افريقية بمصدر الطاقة.

المشروع سيشجع حسب الأهداف المرسومة له، على اندماج بين منطقتي شمال وغرب افريقيا، فضلا عن تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة، وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع مد الكهرباء، كما سيمكن من خلق فرص شغل وتحقيق استقلال طاقي لمنطقة غرب إفريقيا.

ـ المشروع الطموح:

في هذا السياق شدد الخبير في الشؤون الإفريقية، الموساوي عجلاوي، على أهمية هذا المشروع، واصفا إياه بالطموح. وقال في تصريح لاحدى الوكالات العربية ان تشييد أنبوب الغاز العملاق له أبعاد مختلفة، على رأسها البعد الإفريقي، فهو تعبير عن مشروع الاندماج الاقتصادي لمنطقة ستسمى فيما بعد، في حال نجاح المشروع، منطقة شمال غرب إفريقيا.

وأضاف عجلاوي في معرض حديثه: "الإشكال الأساسي ليس هو إيصال الغاز إلى أوروبا فحسب، بل يطمح المغرب ونيجيريا إلى إيصال الكهرباء إلى عدد من الدول التي تعاني شحا في الطاقة. وتقوية خطوط الكهرباء سيؤدي حتما إلى تثمين الاقتصاد وتطويره. وكما تعلمون، شباب المنطقة في حاجة إلى ذلك، لأن منهم من يهاجر إلى أوروبا بسبب ضعف التنمية. أما فيما يتعلق بالجانب الجيوستراتيجي للمشروع، قال الخبير في الشؤون الإفريقية هناك دعم دولي لهذا المشروع، فهو سيعود بالنفع على نيجيريا لأنها ستمد عددا كبيرا من الدول من هذه المادة الحيوية. كما تم اكتشاف احتياطات مهمة من الغاز بمصب نهر السنغال، وهو في حاجة للتكرير والتصدير. فضلا عن اكتشاف عدد من حقول الغاز في المغرب، في المحيط الأطلسي. وهذا ما يعطي أهمية كبيرة لهذا المشروع

ـ انظار على المشروع :

عيون دول كبرى تراقب عن كتب تطور هذا المشروع الكبير؛ منها من يرغب في تقديم الدعم اللوجيستي للمشروع والخبرات اللازمة لتسريع وتيرة بناءه، ومنها من يرى فيه منافسا سيغير معالم القارة الإفريقية ويعطي زخما لدول غرب إفريقيا، لا سيما عبر تعزيز الاندماج الاقتصادي وظهور تكتل جديد، يدافع عن مصالحه الاستراتيجية، من موقع قوة.

في هذا الصدد قال الخبير في الشؤون الإفريقية، الموساوي عجلاوي: "الولايات المتحدة منزعجة من مشروع الغاز الروسي نورد ستريم 2، والذي عارضته إدارة ترامب، وتعارضه حاليا إدارة بايدن. وهو موضوع توتر بين روسيا وأوروبا والولايات المتحدة. والمشروع المغربي النيجيري سيشكل إذا تم بديلا ومنافسا للمشروع الروسي. وقد خصصت واشنطن ملايين الدولارات لدعم مشاريع في إفريقيا في إطار مشروع "پروسپر أفريكا"، ومن بين المستفيدين، مشروع الغاز المغربي النيجيري."

من جانبه قال مصطفى الطوسة، إعلامي ومحلل سياسي، أن هذا مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، اعتبر وقت التوقيع على ولادته والتخطيط لإطلاقه، اختراقا سياسيا واقتصاديا هاما بالنسبة للدبلوماسية المغربية التي استطاعت بقوة الاقناع العقلاني أن تجعل بلدا كبيرا ووازنا في إفريقيا مثل نيجيريا بالانخراط في هذا المشروع الحلم.  وأضاف الطوسة في حديث صحفي : "هذا المشروع المغربي سيساهم في هيكلة عميقة لاقتصادات البلدان التي ستشارك فيه وسيجعل من المغرب دولة فاعلة، تحمل مشاريع فرعونية لتحسين واقع ومستقبل المواطن الإفريقي عبر إطلاق مشروع مدة تشييده خمسة وعشرون عاما، بقيمة خمسة وعشرين مليار دولار."

وختم الصحفي والمحلل السياسي، مصطفى الطوسة تحليله قائلا: "لا شك أن هذا المشروع الفريد من نوعه يثير حنق بعض الدول المجاورة للمغرب، لأنه ستكون له إلى جانب القيمة المضافة الاقتصادية، مردود  جيوسياسية ستصب في آخر المطاف في مصالح المغرب الحيوية. كما سيزيد هذا المشروع من غضب وامتعاض الجارة إسبانيا، وخصوصا الأوساط التي تنظر بعين الغيرة للدور الإقليمي الجديد سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي الذي أصبح يلعبه المغرب على مثل هذه المشاريع."

 

 

 

 



التعليقات