تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
14 مايو 2022 2:07 م
-
مؤشرات التضخم الأمريكي المصحوب بركود اقتصادي بات خطرا حقيقيا

مؤشرات التضخم الأمريكي المصحوب بركود اقتصادي بات خطرا حقيقيا

اعداد ـ فاطيمة طيبي

  ارتفاع معدلات التضخم العالمي  حدث قبل اندلاع الحرب بين روسيا واوكرانيا ، وحتى وقتا هذا و بعد مرور شهرين، يرى بعض من الخبراء الاقتصاديين ان هذه الحرب  تعتبرالسبب  المباشر في ارتفاع المستوى التضخمي خاصة على مستوى المعيشة .  

كما زادت حدة الحديث عن التضخم خلال شهر ابريل وذلك من الانتقال من مرحلة التوقعات إلى مرحلة اليقين، حيث ارتقت االى الجمع بين التضخم والركود الاقتصادي،  ولنذكر على سيبل المثال .. الولايات المتحدة.

ـ مخاوف من حدوث ركود حاد:

المخاوف المتزايدة بإمكانية دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود في المستقبل   في فترة تتراوح بين عام إلى عامين.و   حقيقة تعرض الاقتصاد الأمريكي حاليا لموجة تضخمية الأعنف منذ عقود، يعود الى ضبابية المناخ العام بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة تتجه إلى ركود اقتصادي أم تضخم مصحوب بركود، 

من ناحية اخرى تقول التقارير الاخيرة والتي  صدرت في شهر ابريل الماضي ان   الأداء الاقتصادي الأمريكي يبدو  في العموم جيدا، والسبب ان الولايات المتحدة قد استعادت  أكثر من 90 % من الوظائف   كما انه و وفي مارس الماضي 2022  أضيف للاقتصاد 432 ألف وظيفة جديدة، كما تراجع معدل البطالة إلى 3.6 %، أي أعلى بقليل من مستوى ما قبل الجائحة، الذي كان في الحد ذاته أدنى مستوى له في 50 عاما.

وفي استطلاع حديث أجري في الأسبوع الأخير من مارس 2022 ، أشار الى ان  81 % ممن استطلعت آراؤهم عن الاقتصاد الأمريكي هناك اتفاق عام انه  من المرجح أن يشهد ركودا هذا العام، و الأكثر مدعاة للقلق والشكوك :

ـ بعض من المسؤولين السابقين في الفيدرالي الأمريكي.

ـ   عدم ثقة بعض كبار الأثرياء والمستثمرين في الولايات المتحدة بقدرة القيادة الحالية للفيدرالي الأمريكي على تهدئة الاقتصاد..

ـ  خفض التضخم، دون زيادة البطالة.

ـ  ارتفاع حالة الركود، مع ارتفاع  حالة عدم اليقين التي تهيمن على الاقتصاد الأمريكي والعالمي .

 ـ مخططات الفيدرالي الأمريكي :

 يقول الدكتور اليكس سمارتر أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة لندن، إن "المحذرين من ركود الاقتصاد الأمريكي، ومن بينهم وليام دادلي، يجادلون بأنه إذا بدأ الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في نهاية اجتماعه المقبل في الرابع من مايو 2022 ، فربما يكون قادرا على كبح جماح التضخم بالضغط على الاقتصاد، إلا أن تلك هي الزيادة الثانية في أسعار الفائدة من سبع مخطط لها، وإذا واصل الفيدرالي تلك السياسات، فإنه سيكون عدوانيا تجاه النمو بما يسبب الركود".

وخلال الأيام الماضية اي خلال شهر ابريل من 2022، اارتفعت حدة المخاوف من اتجاه الاقتصاد الأمريكي إلى الركود بعد أن كشفت الإحصاءات الرسمية عن انكماشه في الربع الأول من هذا العام 2022 ، فقد أعلنت وزارة التجارة الأمريكية أن التراجع في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 1.4 % كمعدل سنوي، ما يمثل انعكاسا حادا لمعدل النمو السنوي الذي بلغ في الربع الأخير من 2021 نحو 6.9 %.

وبذلك يكون الربع الأول من هذا العام  2022 الأضعف منذ 2020، عندما أدى وباء كورونا والإغلاق المرتبط به إلى ركود عميق في الاقتصاد الأمريكي حينها، لكنه كان ركودا لم يدم طويلا.

مع هذا يرى جوليان بورجر الخبير المصرفي، أنه من غير المرجح أن تغير تلك البيانات خطط الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة بسرعة هذا العام.

وذكر بورجر أن "الطلب الخاص نما في الربع الأول بمعدل سنوي 3.7 %، وتلك نسبة أعلى بكثير من معدل النمو البالغ 1.8 % الذي يتوقعه الاحتياطي الفيدرالي للاقتصاد الكلي على الأمد الطويل، كما أن الأسهم الأمريكية ارتفعت بحدة مع وجود أسهم شركات التكنولوجيا في المقدمة، خاصة بعدما حققت منصة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك أرباحا قوية على الرغم من ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ومن ثم فإن صانعي القرار في الفيدرالي الأمريكي يرون أن الاقتصاد الأمريكي يمكنه تحمل أسعار الفائدة المرتفعة، وأن السيناريو الأسوأ سيكون عودة النمو، ولكن بشكل متواضع في الربع الثاني من هذا العام 2022 ، ويرجع ذلك جزئيا إلى استمرار المستهلكين والشركات في الإنفاق".

ويواصل قائلا، " .. مع هذا، فإن القناعة السائدة لدى الفيدرالي الأمريكي أن التضخم المرتفع هو الخطر الاقتصادي الرئيس، فهو يقوض القدرة الشرائية وثقة المستهلكين، ويدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى مزيد من التشدد المالي، هذا التشدد المالي منبعه أن الأزمة الأوكرانية ستؤدي إلى زيادة أخرى في التضخم على المدى القريب، كما أن دوامة الأجور والأسعار بدأت بالفعل تشكل تهديدا دائما لاستقرار الأسعار".

تلك الدوامة تحديدا هي التي تدفع الخبراء إلى توقع حدوث انكماش في الاقتصاد الأمريكي، وتبلغ توقعات حدوث ركود في اقتصاد الولايات المتحدة هذا العام 15 %، و50 % من الآن حتى نهاية العام المقبل 2023 ، فالعمال يحصلون الآن على أجور أعلى لمواكبة ارتفاع الأسعار، وتدفع تلك الأجور الأعلى الشركات إلى رفع الأسعار أكثر، ومن ثم فإن البنك المركزي سيرفع أسعار الفائدة بما يكفي لإيجاد حالة من الركود لكسر ديناميكية التضخم.

ـ  الهبوط الناعم :

يروج المسؤولون في الفيدرالي الأمريكي حاليا لمصطلح "الهبوط الناعم" بحيث يكون لديهم القدرة على كبح جماح التضخم دون التسبب في ركود، فالاقتصاد من وجهة نظرهم في وضع جيد يمكنه تحمل التشدد المالي في ضوء معدلات البطالة التي تقترب من أدنى مستوياتها القياسية، كما أن الدخول تتزايد باطراد.

لكن روبيني ماتيوس الباحث في الاقتصاد الأمريكي، يرى أن الفيدرالي الأمريكي يسير الآن على حبل مشدود، وكل أسبوع يمر يزداد شد هذا الحبل والاهتزازات الناجمة عن السير عليه، فخطر التضخم المصحوب بركود اقتصادي بات من وجهة نظره خطرا حقيقيا.

وقال لـ إن "مشكلة التضخم الذي يواجه الاحتياطي الفيدرالي، مشكلة كبيرة، ومن غير المرجح أن يتم حلها دون تباطؤ اقتصادي ملحوظ، وعموما فإن التوليفة الناجمة عن ارتفاع الأجور وتأخر رفع معدلات الفائدة، والصدمات الناتجة عن العرض ومشكلات سلاسل التوريد، تعني أن الركود في العامين المقبلين سيكون مؤكدا وأكثر ترجيحا".

لكن هل يمكن أن يؤثر الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، على الاقتصاد العالمي؟

 تستبعد الدكتورة جانا هويسر أستاذة الاقتصاد الدولي في جامعة بلفاست، أن يؤثر الركود أو الركود التضخمي في الولايات المتحدة على الاقتصاد الدولي بشكل حاد، وإن كانت لا تنفي أنه سيكون له تداعياته.

حيث أوضحت أن  الآليات الخاصة بتأثير الركود الأمريكي في الاقتصاد الدولي من زاوية الاقتصاد الحقيقي، أي إنتاج السلع والخدمات أقل مما كان عليه الوضع في عقود وأعوام سابقة، فالاقتصاد الصيني والدور الذي يلعبه في الإنتاج الصناعي العالمي، وكذلك نمو القدرات التصنيعية في عديد من الاقتصادات الناشئة، تضعف من إمكانية تأثر الاقتصاد الدولي بالحالة الإنتاجية في الولايات المتحدة".

مضيفة ان مع هذا يمكن أن تؤثر السياسة المالية الأمريكية عبر تحريك أسعار الفائدة صعودا وهبوطا، وكذلك التقلبات في أسعار الأسهم والسندات الأمريكية في الاقتصاد الدولي عبر نظرية الدومينو، بحيث تنتقل الأوضاع السائدة في الولايات المتحدة، سواء كانت ركودا أم تضخما أم ركودا تضخميا إلى الاقتصادات الأخرى .

 



التعليقات