تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
5 فبراير 2020 12:42 م
-
12 مليار يورو عجز "بريكست" في الميزانية الأوروبية

12 مليار يورو عجز "بريكست" في الميزانية الأوروبية

  اعداد ـ فغاطيمة طيبي

  تتوقف عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، التي استمرت 47 عاما رسميا منتصف في الواحد والثلاثين من يناير 2020، بعد ثلاثة أعوام ونصف من تصويت البريطانيين بأغلبية ضئيلة لمصلحة الخروج في استفتاء 2016  وقال المجلس في بيان: من تلك اللحظة فصاعدا لن تعود المملكة المتحدة عضوا في الاتحاد الأوروبي ستعد دولة ثالثة .

هذا وبحسب "الفرنسية"، وضعت المفوضية الأوروبية تحت إشراف جان كلود يونكر مقترحا منذ  مايو  2018 بهدف حل مشكلة الإطار المالي متعدد الأعوام (2021-2027)، قبل أن تسلم المسؤولية للفريق الجديد برئاسة أورسولا فون دير لايين. كما تهدد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي بفجوة مالية هائلة تبلغ 12 مليار يورو، انطلاقا من 2021، ليزداد تعقيد المفاوضات بين الدول الـ27 المتبقية حول الميزانية طويلة الأمد المقبلة للاتحاد الأوروبي.

ـ اجتماع القمة:

وصار الملف بين يدي شارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، الذي دعا إلى قمة استثنائية لمحاولة التوفيق بين الدول الـ27، و"سينطلق" اجتماع القمة الخميس 20 فبراير، ومن المنتظر أن يؤجل حسم الموضوع. وتمثل بريطانيا مساهما صافيا في الميزانية الأوروبية، أي أنها تعطي أكثر مما تتلقى، ووفق حسابات المفوضية الأوروبية، سترتفع الخسارة من 12 مليار يورو 2021 إلى 84 مليار يورو على امتداد سبعة أعوام.

والحل الذي دعا إليه مفوض الميزانية جونتر أوتينجر هو زيادة مساهمة الدول الأعضاء من جهة، ومن جهة أخرى، تقليص الإنفاق على السياسات التقليدية للاتحاد (التماسك، والزراعة) للوصول إلى ميزانية "عصرية" تركز على أولويات جديدة (البيئة، الأمن، الهجرة، والدفاع). وحتى الآن، لا يزال النقاش متعطلا رغم الاتصالات العديدة، التي أجراها ميشال مع عواصم دول الاتحاد، ويأمل نيكولا جان بريون المختص في الميزانية الأوروبية بـ"مؤسسة شومان"، أن يحدث "بريكست" صدمة إيجابية، لكنه لا يظن أنه سيتم إعادة إنتاج الماضي.

ـ بداية النقاشات الاولية :

تركز النقاشات الأولى على حجم مساهمة الدول الأعضاء في الإطار المالي متعدد الأعوام، وتشكل نادي "الواحد في المائة"، الذي تتزعمه ألمانيا والنمسا وهولندا والدول الاسكندينافية، بهدف إبقاء الميزانية في حدود 1 %   من إجمالي ناتج الاتحاد الأوروبي. ويشير بريون إلى أن هذا الرقم "يمثل عتبة رمزية، وهو أيضا عتبة سياسية طالبت بها ألمانيا وبريطانيا ، ويذكر بأن البلدين كانا  أول من طالب بوضع حدود قصوى أكثر صرامة  في الميزانية، ويرى الخبير المختص في الميزانية الأوروبية، أن "بريكست" حرم ألمانيا من حليف في المفاوضات.

واقترحت المفوضية عتبة بنحو 1.114 % (ما يعني ميزانية بقيمة 1134 مليار يورو بالأسعار الثابتة لعام 2018، أو1279 مليار يورو بالأسعار الحالية) وحذرت من تقليصها إلى 1 %. وتمثل الميزانية حاليا، مع الوضع في الحسبان مغادرة بريطانيا 1.16 %   من إجمالي ناتج الاتحاد، ويدافع البرلمان الأوروبي عن زيادتها إلى 1.3 % 

من ناحية أخرى، تسعى المفوضية الأوروبية للاستفادة من "بريكست" لحظر "التخفيضات"، التي بدأ تطبيقها مع بريطانيا 1984 (حين قالت مارجريت تاتشر  أريد استعادة أموالي ) وتستفيد منها خمس دول من بين الأكثر ثراء في الاتحاد (ألمانيا، الدنمارك، هولندا، النمسا، والسويد). وتأسف المفوضية أن الدول  الأكثر ثراء تسهم بنسب أدنى من إجمالي دخلها ، وتقترح التخلي تدريجيا عن التخفيضات خلال خمسة أعوام.

وترى 18 دولة أخرى على الأقل أن "بريكست" "فرصة فريدة لإصلاح وتحديث" موارد الإطار المالي متعدد الأعوام، وتؤكد هذه المجموعة التي توجد فيها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا ودول البلطيق وبلغاريا ورومانيا والمجر، أنه "لا توجد أي دولة تعاني ثقلا ضريبيا إلى درجة تسمح لها  بطلب تخفيض. ويرى بريون أن "التخفيضات لم تكن الغاية منها تحقيق التوازن بين المساهمات، بل جعلها مقبولة ، وتجادل ألمانيا أنها ستدفع مساهمة أكبر بكثير  بعد "بريكست" حتى وإن كانت 1 %، وفق ما قال الوزير ميخائيل روث خلال اجتماع حديث للاتحاد في بروكسل. وأحيا احتمال تبني إجراءات لتقليص المصاريف النقاش حول ضرورة البحث عن موارد خاصة بالاتحاد تضاف إلى مساهمات الدول. ومن بين الخيارات المقترحة لتوفير موارد فرض ضريبة على المنتجات الأجنبية عالية الكربون وضريبة على البلاستيك أو على المداخيل المتأتية من سوق الكربون الأوروبية.

وأعطت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي موافقتها الرسمية النهائية على مغادرة بريطانية الوشيكة للتكتل في الثلاثين من يناير 2020، ووافقت الـ27 دولة المتبقية في الاتحاد الأوروبي على اتفاق انسحاب بريطانيا في إجراءات كتابية، حسبما أعلن المجلس الأوروبي، ما يمهد الطريق أمام دولة عضو لمغادرة التكتل للمرة الأولى على الإطلاق.

 وسيتغير القليل عمليا، خلال مرحلة انتقالية تستمر 11 شهرا، سيسعى الجانبان فيها إلى التفاوض على علاقة مستقبلية تراوح من التجارة والأمن إلى التعاون السياسي، وحذر المسؤولون في بروكسل من أن الإطار الزمني طموح للغاية. وأتمت بريطانيا المصادقة على اتفاقية الانسحاب الأسبوع الاخير من يناير  عندما أعطت الملكة إليزابيث الثانية موافقتها الملكية بعدما مررها البرلمان البريطاني.

ووافق البرلمان الأوروبي بدوره   على الاتفاق، ويضمن اتفاق الانسحاب وهو وثيقة قانونية من أكثر من 500 صفحة، عملية "بريكست" سلسة بإبقاء قوانين الاتحاد الأوروبي في البداية من أجل بريطانيا والتأجيل حتى استبدال هذه القوانين بأخرى جديدة. ويشمل الاتفاق شروطا رئيسة بشأن حقوق المواطنين والترتيبات للحفاظ على السلام في جزيرة إيرلندا المنقسمة والالتزامات المالية البريطانية المتبقية.

 

 

 



التعليقات