تحليلات


كتب إدارة التحرير
7 أبريل 2020 4:24 م
-
هل تكفي اجراءات مصر الاقتصادية المعلنة مؤخرا للحد من آثار فيروس كورونا؟

هل تكفي اجراءات مصر الاقتصادية المعلنة مؤخرا للحد من آثار فيروس كورونا؟

 أفادت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في 3 مارس 2020، أن النمو الاقتصادي العالمي قد ينخفض إلىالنصف في حال استمرار انتشار فيروس كورونا، ما قديدفع الاقتصاد العالمي إلى أسوأ حالاته منذ الأزمة الماليةالعالمية، وتوقعت المنظمة ان ينمو إجمالي الناتج المحليالعالمي بنسبة 1.5% فقط في العام 2020، وذلك في حال انتشر فيروس كورونا على نطاق أوسع في جميعأنحاء آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، أي ما يقرب حوالينصف معدل النمو البالغ 2.9% الذي كانت قد توقعتهالمجموعة لعام 2020 قبل اندلاع الفيروس، الأمر الذي قديدفع باليابان وأوروبا إلى ركود.

 

ويؤكد كبير الاقتصاديين في المنظمة، لورنس بون، انفيروس كورونا يشكل خطراً على الاقتصاد العالمي الذيأضعفته التوترات التجارية والسياسية، ويتعين علىالحكومات أن تعمل فوراً لاحتواء الوباء، ودعم نظام الرعايةالصحية، وحماية الناس، ودعم الطلب وتوفير حبل إنقاذمالي للأسر والشركات الأكثر تضرراً. 

وأشارت المنظمة إلى أهمية تحرك صانعي السياسات فيجميع أنحاء العالم للحيلولة دون تفاقم الازمة، والحد من تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، داعية إلىاستجابة عالمية منسقة لاحتواء تفشي المرض، وتمنت من الحكومات زيادة إنفاقها، ومن البنوك المركزية فرضسياسات للمساعدة في التخفيف من وطأة الفيروس. 

ومنذ بداية انتشار فيروس كورونا، تسعى الحكومة المصرية للحد من تداعيات هذا الفيروس على الاقتصاد المصري، وقد استعرض تقرير حديث صادر عن شركة سي آيكابيتال، التأثيرات الاقتصادية المرتقبة لفيروس كورونا علىالاقتصاد المصري، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لمحاولة التقليل من آثاره 

تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري:


ذكر التقرير الصادر عن شركة سي آي كابيتال، بتاريخ 25 مارس 2020، أن مصر ستستفيد على مستوى تكلفةالدين المحلي من انخفاض معدلات سعر الفائدة الرئيسيةالناجمة عن انتشار فيروس كورونا، إذ يؤدي كل انخفاضبنسبة 0.5% إلى توفير 5 مليار جنيه على مستوىالموازنة، ومن المرجح أن يؤدي هذا الانخفاض إلى إعادةتوزيع جزئي للسيولة لدى البنوك المحلية من ودائع مرتبطةبسعر الكوريدور، والذي يبلغ رصيده حاليا 592 مليارجنيه، نحو سوق أدوات الدين المحلية. 

 يأتي ذلك في الوقت الذي حددت فيه وزارة المالية ميزانيةالسنة المالية 2019/2020 على أساس متوسط ​​عائد يبلغ15.5%، مع توقع استمرار العائدات الحالية في نطاق13.5% الى 14%، ويمكن للحكومة أن توفر ما يصل إلى20 مليار جنيه، وبالرغم من استمرار ازمة كورونا، لا تزالمصر تقدم عائدا يعد من الأعلى بين الأسواق الناشئة،وحتى الان لا نرى أن عائدات السندات لم تعكس بشكلكامل الخفض الأخير لأسعار الفائدة.

وتوقع التقرير انخفاض عائدات السياحة بمقدار يتراوح بين2.5 إلى 3 مليارات دولار في الربع الثاني من عام2020، إلى جانب خروج المزيد من استثمارات المحافظالأجنبية، لتسجل حوالي 8 – 10 مليار دولار، معانخفاض محتمل في الاستيراد، وبالتالي تراجع منحنىالتكلفة، وقد تؤدي أحجام العملات الأجنبية في مصر،والتي تبلغ 30 مليار دولار، إلى تقليص الضغوط علىالجنيه المصري في المدى القصير.

وبالنسبة للقطاع النفطي، أشار التقرير إلى تسجيلالميزان الخارجي للقطاع النفطي في مصر تعادلاً فيالنصف الأول من العام المالي 2019/2020، مما جعلالدولة المصرية في مأمن من انخفاض أسعار النفط الذيكان له تأثير إيجابي غير مباشر على الميزان التجاريالبترولي في العام الماضي، وقد بلغت صادرات النفط11.6 مليار دولار، بينما بلغت الواردات 11.5 مليار دولارعلى أساس سنوي للعام 2019/2020.

وتجدر الاشارة الي أن جميع المنتجات البترولية تقريبًاتباع بسعر يعادل نسبة 100% من التكلفة، وهذا الدعمقد ينخفض ​​إلى 37 مليار جنيه، إذ كانت تقديرات الحكومةعلى أساس سعر للنفط يبلغ 65 دولارًا أمريكيًا / برميل،بينما يبلغ المتوسط ​​السنوي 54 دولارًا أمريكيًا / برميل،والذي يمكن أن ينخفض بشكل أكبر في الفترة المقبلة.

ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار النفط يسمح للحكومةبتخفيض أسعار الطاقة المحلية بنسبة تصل إلى 10%،وذلك في المراجعة القادمة لأسعار البنزين نهاية مارس، طبقا لآلية التسعير التلقائي، وهذا من شأنه أن يساعد فياحتواء جزئياً الضغوط التضخمية الأخرى التي قد تنشأفي الفترة المقبلة، ونتيجة لذلك، فانه من المحتمل ان تتراجع ​​مستويات التضخم لأقل من المتوقع البالغ 7-8٪ لعام 2020.

اجراءات الحكومة المصرية للحد من تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري:


اتخذت الحكومة المصرية بعض الاجراءات للحد من تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، ففي 17 مارس 2020، أعلنت الحكومة المصرية، عن حزمةقرارات لدعم قطاع الصناعة في البلاد، والتعامل معالتداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا، وأكد رئيسالوزراء المصري، مصطفي مدبولي، أن هذه القراراتعكست حرص الدولة المصرية على سُرعة التعامل لدعمقطاع الصناعة، وكذلك لمواجهة التداعيات الاقتصادية الراهنة، الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، والحد منآثارها السلبية المتوقعة بقدر الإمكان.

وتضمنت القرارات خفض سعر الغاز الطبيعي للصناعةعند 4.5$ لكل مليون وحدة حرارية، إضافة الي خفضأسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالي والمتوسطبقيمة 10 قروش، وتثبيت أسعار الكهرباء لباقيالاستخدامات الصناعية لمدة تتراوح ما بين 3 – 5 سنواتمقبلة.

كما قامت الحكومة بتوفير مليار جنيه للمصدرين خلالشهري مارس وإبريل 2020، لسداد جزء منمستحقاتهم، وفقاً للآليات المتفق عليها، مع سداد دفعةإضافية بقيمة 10% نقداً للمصدرين في يونيو المقبل، وتقرر تأجيل الضريبة العقارية المستحق سدادها علىالمصانع والمنشآت السياحية لمدة 3 أشهر، إضافة لرفعالحجوزات الإدارية على كافة الممولين الذين لديهم ضريبةواجبة السداد مقابل سداد 10% من الضريبة المستحقةعليهم، وإعادة تسوية ملفات هؤلاء الممولين من خلال لجانفض المنازعات.

وحرصا من الحكومة المصرية على تنشيط البورصة، قامت بخفض ضريبة الدمغة على غير المقيمين لتصبح 1.25 في الألف، وخفض ضريبة الدمغة على المقيمين لتصبح0.5 في الألف بدلاً من 1.5 في الألف، مع خفض سعرضريبة توزيع الأرباح الرأسمالية للشركات المقيدةبالبورصة بنسبة 50% لتصبح 5%، بالإضافة للإعفاءالكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغةلتنشيط حجم التعامل.

وقد ذكر التقرير الصادر عن شركة سي آي كابيتال، أنالبنوك التجارية ستخفض معدلات الإقراض المتغيرة علىالتسهيلات المستحقة بعد خفض سعر الفائدة بنسبة 3%،ومع ذلك، نعتقد أن البنوك يمكنها زيادة تكلفة المخاطربشكل فردي على قروض جديدة، أي فروق الأسعار، وقدقفزت عقود مبادلة الائتمان لمدة خمس سنوات بنسبة 95% منذ 20 فبراير إلى 521 نقطة أساس، وعائد سنداتاليورو بنسبة 3.2%، مع الأخذ في الاعتبار أن الحفاظعلى عائدات عقود مبادلة الائتمان يعد المفتاح لاستقرارالعملة على المدى القصير، مدعومًا أيضًا بأسعار الطاقةالمنخفضة.

وبالنسبة للبنوك الحكومية، فإنها تحافظ على أسعار عقودمبادلة الائتمان، وتقدم ودائع لمدة عام واحد بفائدة تبلغ15%، مما يحد من الضغط على الجنيه، وسط الانخفاضالمتوقع في عائدات السياحة وخروج تدفقات أخرى من قبلالأجانب من سوق أدوات الدين المحلي، حيث أن مستوىالاحتياطيات الدولية في وضع جيد يسمح لها بالتغلب علىهذه التدفقات الخارجة على المدى القصير إلى المتوسط،وسيقابل ذلك جزئيًا انخفاض الطلب المتوقع على الوارداتفي الفترة القادمة، كما ستعمل كأداة قوية يمكن أن تخففمن تقلبات العملة ليصبح التأثير ضئيلا على سعرالصرف.

مدى قدرة هذه الاجراءات على الحد من تداعيات فيروس كورونا:


بالرغم من الاجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية للحد من تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، إلا أنه لابد للحكومة المصرية من اتخاذ اجراءات اضافية، منها البدء فى وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التيتتعرض لها الشركات، بدءا من مرحلة التأسيس، وحتىمرحلة التشغيل، وذلك بصورة تعكس عنصر المنافسة علىمستوى قطاعات الاستثمار بأنواعها، إلى جانب زيادةالدور الذى تلعبه السياسات الحكومية فى عملية تشجيعالاستثمار.

 

وعلى البنك المركزي المصري القيام بتقديم تمويل منخفضالتكلفة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية، مع توسيع قاعدةالبرنامج ليشمل تطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحاليةوتطويرها، ومن الضروري إعادة النظر فى القيود المفروضةعلى مساهمة البنوك فى رءوس الشركات الجديدة، فى ظلالمتغيرات الحالية، وهو ما يحد من تنويع العملية التمويلية.

وفي ظل انتشار فيروس كورونا، لابد للحكومة المصرية من صياغة وتطبيق استراتيجية لتصنيع السلع الوسيطة محليا،وبالتالي الاعتماد على استيراد الخامات فحسبوتصنيعها محليا، والخامات بالطبع أقل تكلفة، ومن شأننجاح مثل هذه الاستراتيجية فى السنوات العشر القادمةتنمية قطاع الصناعة، وخلق فرص عمل، وإتاحة فرصللنمو لدى القاعدة العريضة من المنشآت الصغيرةوالمتوسطة التي يمكن أن تعمل فى مجال تغذية الصناعاتالنهائية، وفى الوقت نفسه تقلل من حجم الاعتماد علىالواردات.

وفي الختام، لابد من التشديد على ضرورة قيام الحكومة المصرية بمراجعة بعض النقاط الجوهرية، المتعلقة بالموقفالاقتصادي المصري، مثل اتباع سياسات تحفيزية لعددمن القطاعات الاقتصادية، والسعي لوضع استراتيجيةتوسعية لتنمية الصادرات والحد من تنامى الواردات، معالسعي لزيادة معدلات اجتذاب الاستثمارات، والاستمرارفى تنشيط السياحة، مع إجراء تعديل جوهري فىسياسات الاقراض المصرفي، ووضع آلية لإنهاء التعثرخاصة فى المصانع ذات الأصول الإنتاجية.



التعليقات