تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
1 مارس 2022 3:36 م
-
تبعات العقوبات الاقتصادية على روسيا

تبعات العقوبات الاقتصادية على روسيا

 اعداد ـ فاطيمة طيبي  

تهدد سلسلة العقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا ردا على هجومها العسكري على أوكرانيا، بتقويض اقتصادها على المدى القريب والمتوسط رغم جهودها للحد من تبعيتها المالية للدول الغربية. وقد تتعداها الى دول عالمية اخرى  

ـ ملامح العقوبات الاقتصادية الاولية على روسيا :

مع هبوط الروبل إلى أدنى مستوياته التاريخية وإغلاق بورصة موسكو والزيادة الحادة لمعدلات الفائدة، بدأ تاثير العقوبات يظهر في روسيا منذ نهاية شهر فبراير 2022 تفسر تفسيرا قطعيا ان     العواقب بدأت في الضهور داخل روسيا بالفعل.  احد هذه الاسباب المباشرة لهذا التدهور وبصورة خاصة  إحدى التدابير الأخيرة المتخذة والقاضية بتجميد قسم من احتياطات البنك المركزي الروسي من العملات الصعبة في الخارج. ويلجأ البنك المركزي بصورة عامة إلى هذه الاحتياطات عندما يريد دعم العملة الوطنية، وهو ما سيصبح في غاية الصعوبة في ظل العقوبات الجديدة.

وأوضح نيكلاس بواتييه الباحث في معهد بروجل البلجيكي أن "حجم احتياطات الروسية   يحدد مصداقية الدولة  في الدفاع عن سعر العملة الخاصة بها" هذا ما معناهان الناس فقدت الثقة في نظامهم المالي" ما يبرر هبوط الروبل والسحوبات الكبيرة من المصارف. وسعيا لوقف هذا النزيف حظرت موسكو   على المواطنين تحويل أموال إلى الخارج وأرغمت المصدرين على تحويل قسم كبير من عائداتهم إلى الروبل.

وتشمل العقوبات الاقتصادية تجميد أصول مصارف وافراد وإقصاء بعض المصارف من نظام سويفت العالمي للحوالات بين المصارف، وفرض قيود على الصادرات إلى روسيا. وقال أوليفييه دورجان المحامي المتخصص في العقوبات في مكتب آشهورست إن بعض هذه العقوبات سيكون لها اثار على المدى القريب، مثل تجميد أصول شخصيات قريبة من النظام، فيما ستظهر نتائج عقوبات أخرى على مدى أبعد، مثل القيود على تصدير مكونات إلكترونية.

وقد تكون وطأة العقوبات شديدة على الاقتصاد، ما حمل صندوق النقد الدولي على التحذير الخميس من "مخاطر اقتصادية كبرى" في المنطقة، بعدما كان يتوقع في يناير قبل غزو أوكرانيا نموا بنسبة 2.8% في روسيا هذه السنة. ومن الممكن أن تكلف العقوبات نمو الاقتصاد الروسي نقطة إلى نقطتين من إجمالي الناتج المحلي، بحسب ما توقعت شركة كابيتال أيكونوميكس  ، وذلك حتى قبل قرار تجميد أصول البنك المركزي الروسي أو تدابير الإقصاء من نظام سويفت التي تصبح نافذة قريبا. كما أنها قد تزيد من حدة التضخم بحوالى 3 نقاط، بحسب شركة الدراسات، بعدما سجل التضخم 8.7% في يناير. 2022 وعمد البنك المركزي الروسي بشكل طارئ إلى رفع معدل فائدته الرئيسية إلى 20% سعيا لوقف نزيف الرساميل، ما قد يتسبب بإبطاء النمو أكثر.

ـ  رد فعل الدول الغربية من تشديد العقوبات أكثر  :

ما زال هناك هامش تحرك أمام الدول الغربية.وبعدما أعلنت إقصاء عدد من المصارف الروسية من نظام سويفت بدون التوافق حتى الآن على تحديد هذه المصارف، قد تعمد إلى تعميم الإقصاء على جميع المصارف الروسية. غير أن هذا الخيار غير مرجح كثيرا وقال مسؤولون أوروبيون كبار لوكالة فرانس برس "إذا مضينا أبعد مما ينبغي، سيكون هذا مضراً لنا" مضيفين "هذا مضر للمستقبل أيضا لأنه سينعكس سلبا على سويفت كبنية تحتية" وسيدفع الروس أكثر نحو الصين.

كما أنه قد يتم استثناء عدة مصارف من هذا الإجراء للحفاظ على إمدادات الطاقة لأوروبا. إلا أن النائب الأوروبي والخبير الاقتصادي لويس جاريكانو رأى أن "العقوبات لا قيمة لها إذا لم نستهدف الطاقة" التي تمثل جزءا كبيرا من إجمالي الناتج المحلي الروسي. ولفت    استاذ في جامعة كاليفورنيا جابريال زوكمان إلى إمكانية استهداف أموال كبار الأثرياء الروس القريبين من السلطة من خلال تجميد أصولهم في الخارج بشكل أوسع. وأشار إلى أن نصف ثروات 0.01% من الروس الأكثر ثراء مودع في الخارج. من جهته دعا الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي إلى فرض ضرائب على هذه الثروات الكبرى بنسبة 10 أو 20%.

ـ هل ثمة مخاطر على الاقتصاد العالمي:

 تكمن الاستراتيجية المتبعة على صعيد العقوبات منذ بدء النزاع في تركيز الجهود إلى أقصى حد ممكن على الاقتصاد الروسي والحد من العواقب على باقي العالم.إلا أن النزاع يتسبب بزيادة أسعار المواد الأولية، ما ينعكس على سلاسل الإنتاج الدولية التي تعاني بالأساس بلبلة جراء الانتعاش الاقتصادي ما بعد أزمة وباء كوفيد-19. فالصناعيون على سبيل المثال يعانون من ارتفاع كلفة الكهرباء، وشركات الطيران من ارتفاع أسعار الوقود.

وعمد صندوق النقد الدولي في نهاية يناير 2022  إلى تخفيض توقعاته للنمو العالمي عام 2022 إلى 4.4% ولا سيما بسبب آفاق التضخم المتزايد، وإلى 3.9% في الدول المتطورة. وتطرح مسألة التضخم المتزايد بإلحاح على حكام المصارف المركزية الذين كانوا يستعدون قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا لتشديد سياساتهم النقدية تدريجيا، في إجراء بات الآن يهدد بكبح الانتعاش الاقتصادي. وقال كلاوديو بوريو رئيس قسم الاقتصاد في "بنك التسويات الدولية"   إنه مع اندلاع النزاع "ازدادت الضغوط التضخمية فيما تراجعت احتمالات النمو".

 

 



التعليقات