تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
6 يونيو 2022 2:27 م
-
أكبر اقتصاد في أوروبا يواجه مجموعة كارثية من المخاطر.

أكبر اقتصاد في أوروبا يواجه مجموعة كارثية من المخاطر.

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

تقول الكاتبة جانا راندو في تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء "إن اعتماد ألمانيا الكثيف على التصنيع يجعلها أكثر عرضة من نظرائها الأوروبيين للتأثر بالاضطرابات المتعلقة بالحرب في إمدادات الطاقة الروسية والاختناقات في قطاع التجارة". وتتمثل نتيجة ذلك في خطر التعرض للتراجع وربما ارتفاع الأسعار، ما يزيد من الضغط على المعاناة الفعلية للمستهلكين .هذا ما قالته الكاتبة جانا راندو في تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء . 

وكانت الاين شولينج، احد كبار الاقتصاديين في بنك "إيه بي ان امرو" الهولندي أن "ألمانيا في وضع اقتصادي كارثي.. وهناك ما يبرر تماما المخاوف بشأن مستقبلها". وهي تتوقع تراجع ناتج ألمانيا في الربع الثاني. وعلى الرغم من أن الاقتصاديين في بنك أمريكا ميريل لينش وبانكو سانتاندر من بين من يشاركونها هذا الرأي ما زال إجماع الاقتصاديين في "بلومبيرج" يؤكد أنه سيكون هناك نمو 0.4 %. 

وتتوقع المفوضية الأوروبية أن إستونيا فقط هي التي ستسجل نموا أبطأ من المانيا هذا العام، بينما من المتوقع أن يكون التضخم في الدولتين أقوى من معدل منطقة اليورو التي تضم 19 دولة. وترى راندو أن الضغط أصبح واضحا في جوهر الاقتصاد الألماني. فنحو 77 %   من شركات التصنيع تشكو من أن نقص المواد والمعدات يؤثر سلبا في أعمالها، أكثر من أي مكان آخر في أوروبا. وخفضت شركات تصنيع الآلات من توقعاتها لنمو الإنتاج من 4 % إلى 1 % فقط . ويبرزعلى قمة المتاعب الاقتصادية، احتمال أن يستنفد السفر إلى الخارج في الصيف قدرا كبيرا من الأموال حيث ينفق المستهلكون الألمان المال في دول البحر المتوسط المشمسة بعد عامين من الجائحة. وربما بدأ تجار التجزئة يشعرون بالمعاناة بالفعل حيث انخفضت المبيعات في  أبريل  أكثر من أي وقت آخر في العام.

 

وقال زيجفريد روسفورم رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، في الاول من يونيو "إن حرب روسيا ضد أوكرانيا وتأثير سياسة صفر- كوفيد التي تتبعها الصين ستجعلان 2022 صعبا للغاية".

وقال بعد محادثات مع روبرت هابيك وزير الاقتصاد وممثلي النقابات "إن تداعيات الاضطرابات تفرض اتخاذ إجراء سريع.. إن الوقت يمر بسرعة".

ـ تجاهل:

وذكرت راندو أن متاعب ألمانيا نابعة من تجاهل المخاطر الجيوسياسية التي تفرض تدعيم قاعدة التصنيع فيها، التي ساعدت إلى جانب الإصلاحات العمالية الكبيرة على إنقاذ البلاد من التدهور في مطلع القرن الحالي. فقد قامت أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا السابقة وسلفها جيرهارد شرودر بتكثيف اعتماد البلاد على الطاقة الرخيصة من روسيا، مع تشجيع الشركات على إجراء معاملات تجارية مع الصين.

وقال جورج سوروس المستثمر الملياردير في منتدى دافوس الاقتصادي "إن ذلك جعل ألمانيا أفضل اقتصاد أداء في أوروبا، لكن الآن هناك ثمن باهظ ينبغي دفعه". ويبدو أن المستشار أولاف شولتس اعترف بالمخاوف حيث قال "بعض الأشخاص كانوا أقل اهتماما في الماضي". وأوضح في منتدى دافوس في سويسرا أن ألمانيا تحتاج الآن إلى سرعة تنويع سلاسل الإمداد وأسواق التصدير.

وقال شولتس "يتعين على كثير من الشركات مواجهة ذلك. فقد انتهكت في الغالب ما تعلمته في بداية دروس النشاط التجاري، وهو أنه يتعين على المرء عدم وضع كل ما لديه من بيض في سلة واحدة". ومنذ تولى شولتس منصبه كانت أول رحلة إلى آسيا إلى اليابان، بينما استضاف أيضا نيريندرا مودي رئيس وزراء الهند في برلين. ولم يزر الصين حتى الآن. وهناك بعض الدلائل المبشرة، إذ من الممكن أن يساعد تخفيف الإغلاقات بسبب الجائحة في بكين وشنغهاي على زيادة الطلب على السلع الألمانية وإنهاء بعض اختناقات سلاسل الإمداد التي تعرقل عمل شركات التصنيع في البلاد.

ـ شركات السيارات:

وتتوقع شركات تصنيع السيارات بما في ذلك شركة دايملر للشاحنات، أكبر شركة تصنيع للسيارات التجارية في العالم أن تخف مشكلة نقص الرقائق الإلكترونية هذا الربع وأن يتحقق تحسن كبير في النصف الثاني. ويرى يواكيم ناجل محافظ البنك المركزي الألماني "البوندسبانك" أن الاقتصاد الألماني متماسك، وأنه من الممكن أن يزيد الناتج 2 % هذا العام.

وقال شولتس في مجلس النواب الألماني "إن حكومته تتخذ خطوة غير معتادة، تتمثل في إجراء مباحثات مع أصحاب الأعمال والنقابات خارج مفاوضات الأجور المنتظمة، كجزء من جهود الدولة لمواجهة التضخم". ونريد عملا منسقا ضد ضغط الأسعار".

يأتي ذلك في وقت تراجعت فيه الطلبات الجديدة على الآلات الألمانية وأعمال هندسة المصانع في  أبريل  الماضي 7 % بالقيمة الحقيقية على أساس سنوي، حسبما أعلن الاتحاد الألماني لشركات تصنيع الآلات في مقره في مدينة فرانكفورت وبلغ الانخفاض في الطلبات المحلية 17 %، بينما بلغ الانخفاض في الطلبات من منطقة اليورو 1 % فقط. وبلغ التراجع من خارج منطقة اليورو 3 %. وارجع الاتحاد التراجع إلى "الحرب الروسية في أوكرانيا، إلى جانب استمرار مشكلات حادة في سلاسل التوريد".

وقال رالف فيشرز كبير الخبراء الاقتصاديين في الاتحاد، "إن عدة عوامل كانت وراء الانخفاضات"، خاصة في الأعمال المحلية، كان الارتفاع في العام السابق أيضا من أسباب إظهار الانخفاض الآن على نحو ملحوظ. بوجه عام عانت الطلبات تباطؤ الاقتصاد في الصين، وعديدا من عوائق الإنتاج، إلى جانب عواقب مباشرة وغير مباشرة للحرب في أوكرانيا".

وبحسب البيانات، تراجعت الطلبات بالقيمة الحقيقية خلال الأشهر الثلاثة الأقل تقلبا في الفترة من فبراير حتى أبريل 1% مقارنة بالفترة الزمنية نفسها العام السابق. إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجري لمصلحة شبكة "أيه أر دي" العامة الألمانية أن نحو نصف كل الألمان لم يعد بإمكانهم تحمل النفقات المعيشية، حيث إن التضخم يرتفع من معدل قياسي إلى آخر.

وبحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن الاستطلاع، أشار نحو 47 % إلى أنهم يقللون بقوة أو بقوة للغاية الإنفاق. وفي الأسر منخفضة الدخل ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من ثلاثة أرباع. وشمل الاستطلاع 1337 ألمانيا بين 30 مايو  والأول من يونيو 2022.

ووصل التضخم في أكبر اقتصاد في أوروبا إلى 8.7 % في  مايو  2022، مدفوعا بتكاليف الطاقة والغذاء التي من المرجح أن ترتفع أكثر بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا.

ـ تدابير إغاثية:

وبحسب "الألمانية"، طبقت حكومة المستشار أولاف شولتس تدابير إغاثية تشمل إعانات وتذاكر وسائل نقل عام رخيصة وخفض مؤقت لضرائب الوقود. لكن تلك الإجراءات لم تزد الثقة بالحكومة حتى الآن.وتراجعت مبيعات التجزئة إلى أدنى مستوى خلال عام في أبريل، ويرى المستهلكون أن كبح التضخم مهمة أكثر إلحاحا من مكافحة التغير المناخي وعدم المساواة الاجتماعية. وأظهر الاستطلاع أن الصراع في أوكرانيا فقط يعد تحديا أكبر.

بينما أظهر استطلاع أجراه معهد "إيفو" الألماني للبحوث الاقتصادية تحسنا ملحوظا في التوقعات التجارية لمصنعي السيارات الألمان. وأعلن المعهد في ميونيخ في الثالث من يونيو أن مؤشره لمناخ أعمال قطاع السيارات ارتفع من سالب 20.5 نقطة في  أبريل إلى 38 نقطة في  مايو  2022.

وقال البروفيسور أوليفر فالك، مدير مركز الاقتصاد الصناعي في "إيفو"،  "يمكن لشركات صناعة السيارات الاستمرار في فرض أسعار بيع مرتفعة، كما أنها لا تتوقع سوى قيود قليلة إضافية بسبب الوضع في أوكرانيا". وقيمت الشركات وضع الطلبات لديها بأنه جيد للغاية، وتوقعات الإنتاج بالجيدة. وقال فالك "على الرغم من نقص المنتجات الأولية، يعتزم المصنعون إنتاج المزيد".

كما تحدث موردو قطع غيار السيارات عن وضع تجاري أفضل إلى حد ما، إلا أن توقعاتهم بالنسبة إلى الأعمال المستقبلية لا تزال سلبية "سالب 17.9 نقطة"، لكنها تحسنت أيضا. وقال فالك "يواجه الموردون زيادة في أسعار الشراء ويأملون في إضافتها إلى أسعار بيعهم"، مضيفا أن "توقعاتهم بشأن الأسعار ظلت مرتفعة عند 62.7 نقطة".

ـ المنطقة الصناعية :

إلى ذلك، تعتزم الحكومة الألمانية دعم إنشاء منطقة صناعية لشركة "إنتل" الأمريكية لإنتاج أشباه الموصلات في مدنية ماجدبورج الألمانية بمبالغ تصل إلى مليارات اليوروهات.

وقال مارتن كروبر النائب البرلماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، "إنه مسرور للغاية لأن الحكومة الاتحادية ستدعم إقامة المنطقة بإجمالي 6.8 مليار يورو حتى 2024"، مشيرا إلى أن الحكومة تخصص 2.7 مليار يورو منها في موازنة 2022 وحدها، وقال "المنطقة الصناعية ستكون دفعة لولاية سكسونيا- أنهالت بالكامل".

وأعلن كارستن شنايدر مفوض الحكومة الألمانية لشؤون شرق ألمانيا أن الحكومة تعتزم دعم صناعة الإلكترونيات الدقيقة في ألمانيا بمليارات، موضحا أنه في الأعوام المقبلة يمكن أن يتدفق أكثر من 12 مليار يورو في مشاريع استثمارية. وأشار شنايدر إلى أنه إلى جانب "إنتل"، تجري الحكومة مناقشات مع مستثمرين آخرين من أجل تعزيز قطاع الإلكترونيات الدقيقة.

 

 

 



التعليقات