تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
17 سبتمبر 2023 12:19 م
-
الأمم المتحدة: قمة "الطموح المناخي" في عالم منقسم وسلسلة من الأزمات

الأمم المتحدة: قمة "الطموح المناخي"  في عالم منقسم وسلسلة من الأزمات

اعداد ـ  فاطيمة طيبي

"سنجتمع في لحظة تواجه فيها الإنسانية تحديات هائلة، من تفاقم حالة الطوارئ المناخية إلى تصاعد النزاعات، مرورا بالأزمة العالمية لتكلفة المعيشة ومزيد من انعدام المساواة والمستجدات التكنولوجية ". كما ان الناس ينتظرون حلا للخروج من هذه الحفرة"، مبديا أسفه مجددا لعالم "منقسم يقلص قدرتنا على التعامل" مع هذه الأزمات. هذا ما  قاله أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للمنظمة الدولية  خلال الملتقى السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.

للاشارة ينتظر أن يشارك أكثر من 140 من قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن شأن إعلان حضور الرئيس الأوكراني هذه المناسبة السنوية إظهار صورة عالم منقسم يواجه سلسلة متنامية من الأزمات.

ـ الحرب  بداية النقاش الوقت حان للدبلوماسية:

ولا ريب أن هذه الحرب بكل تداعياتها، خصوصا على الأمن الغذائي العالمي، ستهيمن على هذا الأسبوع الدبلوماسي الحافل على حساب الأزمات الأخرى  حيث الأولوية الرسمية المعطاة للتنمية.

وللمرة الأولى، سيعتلي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منبر الجمعية العامة، على أن يشارك الأربعاء الموافق ل20 من سبتمبر الحالي  في جلسة رفيعة المستوى لمجلس الأمن مخصصة للحرب في بلاده.لكن المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ريتشارد جوان ينصح زيلينسكي بـ"توخي الحذر".

صحيح أن أغلبية ساحقة من الدول تبنت قرارات عدة تدعم أوكرانيا ووحدة أراضيها أو تطالب بالانسحاب الروسي، إلا أن جوان يوضح أن دول الجنوب اليوم، خصوصا البرازيل، "تقول بوضوح إن الوقت حان للدبلوماسية".

ويتابع إنه إذا "تبنى زيلينسكي موقفا متشددا"، مكررا دعوة حلفائه إلى تزويده مزيدا من الأسلحة، فإنه "يخاطر بتحويل هذه الفرصة إلى أزمة دبلوماسية" تنتج تباعدا مع الدول النامية.

من جهته، يلاحظ دبلوماسي أوروبي أن "هناك هوة متعاظمة بين العالم النامي والعالم المتطور"، مشددا على وجوب "التأكد من عدم اتساع هذه الهوة"، مع إقراره بأن الحرب في أوكرانيا "تسرق الاهتمام السياسي والاقتصادي من مشكلات عالمية ملحة من مثل الأمن الغذائي والكوارث المناخية وانعدام المساواة والوصول إلى مصادر التمويل".

في هذا السياق، أكد أنطونيو جوتيريش أنه سيحاول مجددا إقناع روسيا بالعودة إلى اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، الذي يرتدي أهمية حيوية بالنسبة إلى الغذاء العالمي.

كذلك، تشدد الأمم المتحدة والدبلوماسيون الغربيون على أهمية قمة التنمية، التي تعقد الإثنين بالنسبة إلى دول الجنوب، في ظل حضور عدد كبير من قادتها.

والمطلوب في هذا الإطار أن تتعهد الحكومات "التحرك بسرعة" لإنقاذ "الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة" لعام 2030.

والغاية من هذه الأهداف "المعرضة للخطر" تحسين مصير أكثر من ثمانية مليارات إنسان في موازاة حماية الكوكب. وأبرزها القضاء على الفقر المدقع والجوع، ومكافحة التبدل المناخي وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية والمياه والتعليم والطاقة.

ـ لا جدوى من تحقيق اقتصاد مزدهر:

من جانبه، قال هاشم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة للتنمية إن "اقتصادا مزدهرا في القرن الـ21 لم يعد تحقيقه ممكنا على حساب الطبيعة أو الناس الذين يعانون الإهمال  واللافت أن هذا الإهمال بات يطوول "أكثر من نصف العالم" بحسب التقرير التقييمي للأمم المتحدة الصادر في يوليو ".

ويطالب هذا التقرير الحكومات بأن تتعهد في افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة "التحرك بشكل عاجل" في محاولة لإنقاذ هذه الأهداف. وحذرت الأمم المتحدة من تقدم بطيء جدا على صعيد تحقيق أغلب أهداف التنمية المستدامة، ما يقلص الأمل بإحراز نجاح عام 2030. والأسوأ أن بعض هذه الأهداف سجلت تراجعا، مقارنة بعام 2015 وصولا حتى إلى اختفائها من جدول الأولويات.

وجائحة كوفيد - 19 عطلت التوجه نحو خفض الفقر المدقع (أقل من 2.15 دولار في اليوم). وفي حال استمرت الوتيرة الراهنة، فإن 575 مليون شخص سيظلون يعيشون في ظروف مماثلة عام 2030، معظمهم في إفريقيا جنوب الصحراء.

كذلك، عاد العالم إلى مستويات من الجوع سادت في شكل أكبر منذ 2005، إذ يعيش 1.1 مليار نسمة وسط ظروف تليق بمدن الصفيح، وأكثر من ملياري نسمة لا يزالون محرومين من مياه الشفة، و38 طفلا من كل ألف يموتون قبل بلوغ عامهم الخامس، مع ازدياد العواقب المدمرة للتبدل المناخي. ويضاف إلى الأزمات المتعددة، من كوفيد - 19 إلى الحرب في أوكرانيا، أن دولا عدة ترزح تحت وطأة الديون ولا تجد وسيلة لتبديل هذا المسار. .. ويقول هاشم شتاينر إن "الدول ليست قادرة اليوم على مواصلة التنمية التي تأمل بها".

ـ على هامش الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة :

ـ الإرادة العالمية الجماعية

اعتبرت الأمم المتحدة قمة "الطموح المناخي" التي تعقد يوم 20 سبتمبر  الجاري، تجمعا فريدا على صعيد تسريع الجهود الدولية الرامية لمواجهة أزمة المناخ العالمية.

والقمة التي تستمر يوما واحدا تعقد على هامش الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية بنيويورك.

وقالت الأمم المتحدة في تقرير لها إن الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 193 دولة ستلتقي في هذه القمة من أجل إظهار الإرادة العالمية الجماعية لجعل العالم أكثر عدالة واخضرارا ونظافة للجميع.

وأشار التقرير إلى أن أزمة المناخ تؤثر على جميع الناس والدول، حيث يعيش نصف سكان العالم بالفعل في مناطق خطرة، ويعتبرون أكثر عرضة بمعدل 15 مرة للوفاة بسبب التأثيرات ذات الصلة منوها إلى أن الإحصاءات سجلت نسبة 70% من الوفيات في 46 دولة من أقل البلدان نموا في العالم بسبب الكوارث الناجمة عن المناخ في السنوات الخمسين الماضية.

وأوضحت الأمم المتحدة أن هناك عددا متزايدا من الدول والمؤثرين والقادة الذين يكثفون جهودهم في مجالات العمل المناخي منوهة إلى أنه منذ عام 2015، زاد عدد البلدان التي لديها استراتيجيات وطنية للحد من مخاطر الكوارث أكثر من الضعف وانضم العديد منها إلى مبادرات مثل أجندة تسريع العمل المناخي، حيث حددت أجندة المناخ التي تم إطلاقها في وقت سابق من هذا العام، المهام المطلوبة في عام 2023 من قادة الحكومات وقطاع الأعمال والمالية لمنع تجاوز العتبات المناخية الخطيرة، وتحقيق العدالة لمن هم على الخطوط الأمامية في مواجهة أزمة المناخ.

وذكر التقرير أنه خلال القمة، ينتظر من قادة الشركات والمدن والمناطق والمؤسسات المالية تقديم خطط انتقالية تتماشى مع معايير المصداقية المدعومة من الأمم المتحدة على النحو الوارد في تقرير فريق الخبراء رفيع المستوى "النزاهة مهمة" الصادر عن الأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن تشهد القمة افتتاح "صندوق الخسائر والأضرار الجديد" الذي يعد الإجراء الأول من نوعه لتمويل المساعدات المقدمة للدول المتضررة من المناخ . جدير بالذكر أن فكرة هذا الصندوق تم اعتمادها أثناء الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) .



التعليقات