تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
26 نوفمبر 2023 1:09 م
-
"إياتا": توقعات بارتفاع ارباح قطاع الطيران الى 4.7 مليار دولار نهاية 2023

"إياتا": توقعات بارتفاع ارباح قطاع الطيران الى 4.7 مليار دولار نهاية 2023

اعداد ـ فاطيمة طيبي

رفع الاتحاد الدولي للنقل الجوي توقعاته بشأن أرباح قطاع الطيران حيث توقعت "إياتا" في ديسمبر 2022 ان لا تتجاوز أرباح شركات الطيران 4.7 ، مليار دولار في 2023  لكن مع زيادة الطلب رفعت توقعاتها في شهر يونيو الماضي لتصل إلى إجمالي أرباح يقدر بـ9.8 مليار دولار، على الرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي.

 هذا ووفقا لتقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" فان الحركة الجوية التجارية تعافت تقريبا من الاضطراب غير المسبوق الذي سببته جائحة كوفيد - 19، اذ وصلت حركة الركاب العالمية الآن إلى 88% عن مستويات ما قبل الوباء، ووفقا لتقديرات الاتحاد أيضا، فإن مارس الماضي شهد طلبا قويا على السفر الجوي، ما عزز عوامل "الحمولة الدولية"، وهو مقياس لمدى  كمال عدد حجوزات طائرات الركاب.

اكتمال نمو قطاع الطيران لا يمكن ان يتطور بدون بنية أساسية عالية الجودة ونقصد هنا المطارات، باعتبارها شريان اقتصادي حيوي

ـ صعوبة الحصول على تمويل لتعزيز البنية التحتية للمطارات:

وفقا لبعض التقديرات الدولية العالم يحتاج مستقبلا إلى استثمار نحو 2.5 تريليون دولار حتى 2040 لتعزيز البنية التحتية للمطارات، وسيشمل ذلك..

ـ تحديث المرافق الحالية .

ـ بناء محطات ومدارج جديدة.

ـ التوسع بمجموعة جديدة من المطارات لتلبية الطلب في المستقبل.

الدكتورة لوسي كينسبرج أستاذة التنمية الاقتصادية في مدرسة لندن للتجارة تعلق قائلة : "سيكون من الصعب للغاية على الحكومات في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة توفير تلك التريليونات من الدولارات لتعزيز البنية التحتية للمطارات الحالية، وبناء مزيد منها، فالأوضاع الاقتصادية الدولية تجعل هذا التحدي شديد الصعوبة، ولا يوجد بديل عملي غير تعزيز دور القطاع الخاص في إدارة وتشييد المطارات".

يشير تاريخ تطور المطارات عبر العالم إلى أنها كانت دائما مملوكة وتدار من قبل الدولة أو ما يعرف بالقطاع العام، لكن منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما أصبح السفر الجوي ميسورا لعديد من الأشخاص، زادت الحاجة إلى ضخ مزيد من الاستثمارات لتطوير المطارات لتكون أكثر قدرة على استيعاب الأعداد المتزايدة للمسافرين، لكن ذلك اصطدم في معظم الأحيان بمحدودية الموارد العامة.

كانت التجربة الأولى لإدخال القطاع الخاص للاستثمار في المطارات في عهد مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة من 1979 إلى 1990، وقبل تخليها عن منصبها بنحو ثلاثة أعوام قررت بيع هيئة المطارات البريطانية، وكان هذا القرار الهدف منه لتغير هيكلي كبير للطيران حول العالم.

وتم بيع المطارات  وكل ما له من علاقة بالبنية التحتية أو تأجيرها للقطاع الخاص بعقد طويل المدى، وتشير الإحصاءات الدولية أنه في 2020 كان ما يقرب من خمس مطارات  حول العالم مشاركة القطاع الخاص، وصلت الى  أكثر من 50 %.

فالقدرة على المنافسة في السياق الدولي الراهن تجعل البعض يرى أن مشاركة القطاع الخاص في عالم المطارات باتت حتمية اقتصادية،   لتمتعه أعلى درجات  المرونة وأقل من البيروقراطية مقارنة بالقطاع العام، وتمكنه تلك المزايا  ـ حتى إن كانت قدراته المالية أقل من الحكومات- من أن يمثل إضافة حقيقية في عالم صناعة المطارات.

في هذا السياق يقول شون كريس الخبير الدولي في مجال الطيران "بالنسبة إلى المسافر فإن المطارات تشكل الانطباع الأول للمدينة، وتعد مصدر فخر للمدن، وكشركات الطيران حيث يقوم المسافرون غالبا بمقارنة شركات الطيران ببعضها بعضا فانهم يفعلون الشيء نفسه للمطارات، الآن لم تعد المنافسة بين المطارات حكرا على مجموعة من المطارات في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، فالمنافسة الدائرة حاليا على ما نطلق عليه المطارات التاريخية مثل مطار هيثرو والمطارات التي أضحت منافسا حقيقيا سواء في منطقة جنوب شرق آسيا والصين أو منطقة الخليج العربي".

ايضا  نجد ان القطاع الخاص  لمرونة وسرعة اتخاذ القرار أقدر على المشاركة في تلك المنافسة، وبفضل المنافسة شهدت المطارات العالمية طفرة في إعادة البناء وأعطت المسافرين شكلا جديدا للسفر، وقدمت مزيدا من الخدمات للمسافرين، وجميعها خدمات ضرورية مع النمو المستمر للسفر الجوي، ومع زيادة عدد المسافرين كان على المطارات في جميع أنحاء العالم إضافة مدارج وبوابات جديدة وتطوير ذاتها لاستيعاب أعداد أكبر من الطائرات الأضخم حجما".

ويواصل قائلا "إدخال درجة من قوى السوق في إدارة المطارات يحفز المنافسة بين المطارات سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، ويرفع من الكفاءة التشغيلية ويتيح اختيارات أوسع للركاب".

ـ ارتفاع عدد المسافرين بالجو مع  زيادة حجم الإيرادات :

تتباين تقديرات المؤسسات الدولية حول عدد المسافرين جوا حول العالم، اذ تشير تقديرات البنك الدولي إلى نقل 4.5 مليار مسافر عبر شركات الطيران على مستوى العالم في  2019، بارتفاع  من 1.7 مليار في 2000، بزيادة قدرها 267 في المائة، وتوقعات الاتحاد الدولي للنقل الجوي بان يصل إجمالي عدد المسافرين إلى أربعة مليارات مسافر 2024 وهو ما يتجاوز  وفقا لتقديرات الاتحاد  مستويات ما قبل فيروس كورونا الذي سجل 103 % من إجمالي عدد المسافرين 2019.

وعلى الرغم من اختلاف التقديرين، إلا أنهما يشيران إلى زيادة ضخمة في أعداد المسافرين تجعل من تشييد المطارات مشاريع استثمارية مربحة إذا أحسنت إداراتها، إذ تحقق المطارات إيرادات من خلال مجموعة من المصادر الجوية وأخرى غير المتعلقة بالطيران، وتأتي الإيرادات من الرسوم المفروضة على شركات الطيران وعمليات الطائرات بما في ذلك رسوم الهبوط ورسوم مواقف الطائرات ورسوم الركاب ومبيعات الوقود إضافة إلى الإيرادات غير المتعلقة بالطيران من الأسواق الحرة والمطاعم والمتاجر، حيث يلاحظ أن المطارات تحولت في كثير من الأحيان إلى مراكز تسوق ضخمة، أضف إلى ذلك مواقف السيارات وغيرها من الخدمات الأخرى.

وتعد قضية زيادة الإيرادات تحديا رئيسا بالنسبة إلى الأغلبية العظمى من المطارات حول العالم، كما ساد لدى  بعض الخبراء بأن الاستثمارات التي تضخ في المطارات سواء لتطويرها أو إنشاء مطارات جديدة  تعد استثمارات منخفضة المخاطر، الا ان  منع السفر خلال جائحة كورونا أسفر عن خسائر ضخمة لكل شركات الطيران والمطارات .

كما  يعلق الدكتور باتريك لوكاس أستاذ الإدارة في جامعة لندن قائلا "المطارات شركات كثيفة الأصول وتتطلب استثمارات كبيرة، ويجب أن تحقق كتلة حرجة قبل أن تتمكن من البدء في استرداد قيمة هذه الاستثمارات الضخمة التي ضخت في البنية الأساسية وتكاليف التشغيل لتحقق أرباحا في مرحلة لاحقة، وأغلبية المطارات في العالم صغيرة، وفي أوقات ما قبل الوباء كانت 90 % من مطارات العالم يعبرها أقل من 5 ملايين مسافر.

كما نجد ان نسبة كبيرة من المطارات الصغيرة خسرت في 2019 حيث ان 97 % منها سافر من خلالها   مليون مسافر فقط ، ويعتمد سبب بقاء المطارات الصغيرة قيد التشغيل لدورها في مساهمة  التنمية المحلية والاجتماعية .

ويشير تقرير صادر عن المجلس الدولي للمطارات إلى أن ارتفاع عدد الركاب بنسبة 1 % ادى  إلى نمو الإيرادات غير المتعلقة بالطيران ما بين 0.7 و1 % ، بينما زيادة المساحة التجارية بنسبة 1  % تؤدي إلى نمو صافي الأصول الثابتة بـ0.2 %، وزيادة رضا الركاب عن خدمات المطارات بنسبة 1 % تؤدي إلى نمو الإيرادات غير المتعلقة بالطيران بنسبة 1.5 %.

لا شك أن صناعة المطارات لديها قدرات كبيرة لأن تتبنى مزيدا من التدابير للاستفادة من إمكاناتها الحالية ومن الازدهار المتوقع للسفر الجوي في الأعوام المقبلة، وعلى الرغم من أن أحد الدروس المستفادة من جائحة كورونا هو أن زمن الاستثمارات منخفضة المخاطر قد ولى، بما في ذلك الاعتقاد السابق بأن المطارات خالية تماما من المخاطر الاستثمارية لمجرد أن لها أصولا كثيفة رأس المال، فإن المؤكد أن البحث عن وسائل جديدة وأكثر جاذبية لزيادة إيرادات المطارات سيجعلها صناعة أكثر جاذبية للقطاع الخاص، بما يسمح بمشاركته وضخ رؤوس أموال ضخمة في هذا القطاع الاستراتيجي.

 

 

 



التعليقات