تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
6 مارس 2024 12:55 م
-
المتشككون: بنك الاحتياطي الفيدرالي لم يعد يعتقد بسلامة ومرونة النظام المصرفي الأميركي

المتشككون: بنك الاحتياطي الفيدرالي لم يعد يعتقد بسلامة ومرونة النظام المصرفي الأميركي

اعداد ـ فاطيمة طيبي

ذكرت صحيفة اكسبريس تريبيون، أن تداعيات جائحة كورونا لا تزال تطارد قطاع العقارات الأميركي وبالتبعية المصارف الأكثر تعرضا للقطاع، إذ لا تزال مباني المكاتب الكبيرة، التي تم إخلاؤها مباشرة بعد تفشي الفيروس القاتل، فارغة مع اعتماد نموذج العمل عن بعد، ما تسبب في خسائر فادحة لأصحاب المباني الشاهقة وجعل من الصعوبة بمكان عليهم سداد التمويل المصرفي.

وأضافت الصحيفة أن اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022 أدى أيضا لأزمة أخرى بارتفاع التضخم في جميع أنحاء العالم، ما أجبر عديدا من البنوك المركزية، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، على رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، وأدى هذا إلى تعميق الأزمة العقارية والمصرفية في أكبر اقتصاد في العالم، والذي ظل لفترة طويلة بطلا للرأسمالية.

هذا وقد مرت سنة كاملة على أزمة المصارف الإقليمية في الولايات المتحدة الأميركية منذ  مارس 2023، في وقت يطارد فيه القطاع المصرفي عددا من المشكلات والمخاوف التي تجعله مهددا بشبح أزمات متجددة تطفو على السطح .

كما قالت الصحيفة ايضا إن: الاضطراب المالي الناجم عن القطاع العقاري يؤثر على عدد من البنوك الإقليمية والصغيرة في أميركا، كما يهز بشدة المؤسسات المالية الكبيرة.. ولكن يعتقد بأنها نجت من الأزمة. لكن الاضطرابات الأخيرة التي شهدها مصرف نيويورك كوميونيتي وبنك أوزورا الياباني، أثارت مخاوف كبيرة من أن بعض البنوك ربما بدأت تشعر بتداعيات تراجع قطاع العقارات التجارية.

وأعلن مصرف نيويورك كوميونيتي، بشكل غير متوقع في نهاية يناير الماضي 2024 عن خسارة للربع الرابع من عام 2023 وخفض الأرباح بأكثر من الثلثي حيث انخفض سعر السهم بنسبة 38% تقريبا في ذلك اليوم، وهو أكبر انخفاض منذ 30 عاما منذ إدراجها، وصل السهم إلى أدنى مستوى له منذ 23 عاما.

ـ القروض العقارية التجارية :

كما ذكرت مجلة الأعمال العالمية فورتشن ومقرها الولايات المتحدة، أن بعض القروض العقارية التجارية تم الحصول عليها من البنوك الكبرى مثل جيه بي مورجان، وبنك أوف أميركا، وويلز فارجو وسيتي، بينما تثار مخاوف من أن تضرب الأزمة المجال المصرفي الإقليمي بشدة.

وكان رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، قد ألقى المزيد من الأخبار السيئة لصناعة العقارات التجارية في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)، في وقت  أنه حذر  فيه من أن خفض سعر الفائدة في شهر مارس قد لا يحدث، إلا أن بنك الاحتياطي الفيدرالي أزال الجملة التالية من بيان السياسة: (النظام المصرفي الأمريكي سليم ومرن) .

بينما يقول المتشككون إن بنك الاحتياطي الفيدرالي لم يعد يعتقد بأن "النظام المصرفي الأميركي سليم ومرن"، ما أثار التساؤلات هل هذه علامة على الاضطرابات الاقتصادية الأخيرة، أم أنها كانت مجرد كذبة من قبل، والآن بدأت قطع الدومينو المصرفية تتساقط مرة أخرى.

ـ علامات استفهام حول التخفيض الأول لسعر الفائدة :

نقلت الصحيفة اراء عن المحلل المالي المستقل عدنان أجار، قوله: إن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد أخر على ما يبدو التخفيض الأول في سعر الفائدة القياسي حتى مايو 2024، مقارنة بالجدول الزمني المتوقع سابقا في مارس 2024، مما أثر بشدة على الشركات والأسر لأنها تعتمد بشكل كبير بشأن التمويل البنكي.

إن فرص العمل الجديدة في الولايات المتحدة ظلت أعلى من المتوقع، مع عدم وجود تأثير كبير من سيناريو المعدل المرتفع، وقد أجبر هذا الوضع البنك المركزي على الاستمرار في تأجيل خفض سعر الفائدة لفترة طويلة.

إن أسعار الفائدة المرتفعة تلحق ضررا بالغا بالأسر، حيث يتخلفون عن سداد القروض بما في ذلك تمويل الرهن العقاري، فيعمل عدد كبير من الموظفين في الولايات المتحدة بأجور يومية أو أسبوعية، والبنوك الخاسر النهائي في هذا السيناريو.

ـ أزمة القطاع العقاري تهدد البنوك:

من جانبه، أوضح الرئيس التنفيذي بشركة VI Markets ، أحمد معطي، في تصريحات خاصة لوسائل اعلامية  عربية ، أن القطاع المصرفي في أزمة خلال الفترة الحالية بسبب ارتفاع أسعار الاقتراض في القطاع العقاري، في ظل ارتفاع الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية ووصولها إلى 5.25 %، الأمر الذي يمثل تهديدا للقطاع العقاري وبالتالي أزمة بالقطاع المصرفي.

وأشار إلى أن ما يحدث الآن أعاد للأذهان أزمة الرهن العقاري في العام 2008، والتي كانت بسبب نفس المشكلات، لجهة إعطاء تسهيلات للمضاربين بشكل مبالغ فيه دون ضمانات، واندلعت شرارتها بإفلاس بنك "ليمان براذرز" الأميركي، لافتا إلى انهيار بنك "سيلكون فالي" في 2023 وحل أزمته من خلال الفيدرالي الأميركي الذي كان يولي اهتماما بالبنوك الكبرى على حساب الصغرى لكنه تعلم الدرس من أزمة 2008.

وذكر الرئيس التنفيذي لشركة  VI Markets، أن ما يحدث الآن يسبب تهديدا للبنوك، لكن من المستبعد أن يسبب حالات إفلاس للبنوك الكبرى، متوقعا أن يكون سببا في تعثرها وليس إفلاس البنوك الصغرى . وقال إن الكروت الائتمانية ارتفعت لأعلى مستوياتها في أميركا، وأن التخلف عن سدادها من قبل الأسر بالأخص تسبب في أزمة كبيرة، منوها إلى أنها تعد شبحا يطارد البنوك لكن لن ترقى إلى حدوث إفلاسات كبرى على غرار أزمة عام 2008.

ـ فقاعة تتزامن مع الانتخابات الرئاسية :

لكن على الجانب الآخر، أشار خبراء مصرفيون ،في تصريحاتهم لوسائل اعلامية عربية ، إلى أن القطاع المصرفي في الولايات المتحدة الأميركية اعتاد على تصعيد تلك الأزمات، في إشارة للتقليل من مدى خطورتها.

وسبب ظهور تلك الأزمة وتصدرها المشهد في هذا التوقيت باقتراب موعد عقد الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقرر إجراؤها في نوفمبر القادم من 2024  والتي تمثل بالفعل ضغطا سياسيا خلال تلك الفترة تدخل فيها التوجهات السياسية، لذلك ان هذه الفقاعة لم  تظهر  الا في أميركا ولكنها تمر في كل مرة  دون أي تأثير.

أميركا تواجه مخاطر عادية يتعرض لها أي قطاع مصرفي في العالم، ولا ترقى إلى مخاطر استراتيجية، وأن الخطر الوحيد الذي تواجهه أميركا في الوقت الحالي ويجعل اقتصادها غير مستقر .. اقتراب الانتخابات الرئاسية، الا ان  البنوك الأميركية لم تشهد أي مخاطر في الوقت الحالي .

مع وضع مستقر، للاسباب التالية :

1 ـ استقرار التوجهات بالنسبة لسعر الفائدة، مستبعدا أن يعاود مجلس الاحتياطي الفيدرالي لرفعها من جديد.

2 ـ تحجيم التضخم بشكل معقول .

3 ـ وجود معدلات تشغيل جيدة .

4 ـ الوضع الجيد للدولار مع سلة العملات الرئيسية .

كما أن ارتفاع الأسعار الناتج عن مستويات التضخم الكبيرة وارتفاع أسعار الفائدة، أصاب القطاع العقاري القائم على الدفع من خلال الكريديت كارد وليس الدفع النقدي، خاصة في مجال التجزئة والتمويل العقاري، فحينما ترتفع الفائدة تزداد نسب التعثر. وبالتالي يستبعد حدوث انهيار للقطاع العقاري في أميركا، وتكرار أزمة عام 2008، التي بدأت في أميركا عقارية وانتهت مالية في العالم كله، لانه حينما تظهر بوادر لمثل تلك المشكلة تتحرك الإدارة الأميركية كاملة (..) فهي حريصة كل الحرص أن لا تتكرر أزمة مالية في أي قطاع سواء كان عقاري أو تكنولوجي .

ـ مخاطر تواجه البنوك الأميركية :

في هذا الصدد تشير اراء الخبراء المصرفيين ، إلى أن أزمة المصارف الأميركية في مارس 2023 جاءت على أثر إفلاس بعض البنوك لتنتشر عدوى الأزمة المالية بين البنوك وبعضها، هذا ما يفسر أنها مازالت ممتدة حتى الآن.

كما أن هناك تداعيات سلبية على الاقتصاد الأميركي وقطاع المصارف بشكل خاص، ما يؤدي إلى انخفاض كفاءتها وتصنيفها، لمخاطر يواجهها القطاع المصرفي الأميركي منها  :

1ـ  ارتفاع سعر الفائدة الذي يؤدي إلى زيادة كلفة الاقتراض.

2ـ  أزمة ارتفاع الدين التي بدأت تطفو على السطح من جديد (..) بما لها من انعكاسات واسعة   (..)  .

3 ـ استمرار الفيدرالي الأميركي في طباعة الدولار، وهو ما يؤدي إلى ضعف العملة الأميركية.

بحسب وزارة الخزانة الأميركية، فإن إجمالي الدين العام للحكومة الفيدرالية الأميركية ارتفع إلى 34.001 تريليون دولار كما أن استقرار المصارف الأميركية مرتبطا بسعر الفائدة، لأن الفائدة المرتفعة تقلل من قيمة العملة، فحينما كانت الفائدة منخفضة في الولايات المتحدة الأميركية كان الاقتصاد يسير بشكل أفضل.  هذا ما يفسر بالنظر إلى تعثر الكثيرين في سداد قروضهم العقارية، وكذلك مع تعذر الحصول على تمويلات جديدة في ظل ارتفاع معدلات الفائدة.



التعليقات