بورتريه


كتب بسمة رحال
18 يونيو 2019 11:31 ص
-
"مؤلفة هاري بوتر" جوان رولينج : من معلمة بائسة إلي أنجح امراة في بريطانيا والعالم

"مؤلفة هاري بوتر" جوان رولينج : من معلمة بائسة  إلي أنجح امراة في بريطانيا والعالم

كتبت/بسمة سامي رحال.

من يرى النجاح الكاسح لروايات هاري بوتر، والأفلام المستوحاة منها، ويعلم أن قيمة العلامة التجارية لهاري بوتر تزيد عن 15 مليار دولار، سيعتقد أن النجاح سهل وبأن مؤلفة السلسلة، ج. ك. رولينج، إمرأة محظوظة توفرت لها كل سبل النجاح. هذا ما نعتقده دوما حين نسمع بقصص النجاح، دون أن نبحث عن البدايات الحقيقية، البدايات التي غالبا ما تكون سلسلة من الإخفاقات والفشل. 

جوان كاتلين رولينج لم تكن استثناء. هي قصة نجاح بعد فشل، هي تمثيل بارز للنهوض من الفشل والتحليق في عالم النجاح، وريادة الأعمال، بعد المعاناة لسنوات .

كانت هوايتها المفضلة هي التأليف، وقد كتبت قصتها الأولى وهي طفلة في السادسة من عمرها. لكنها نزولا عند رغبة والديها، أجلت حلم احتراف الكتابة وبدأت تتعلم الفرنسية لتزيد من فرص حصولها على وظيفة سكرتيرة. وذلك ما تم لها بعد إكمالها الدراسة إذ اشتغلت كباحثة وسكرتيرة لدى منظمة العفو الدولية. غير أن الكتابة بقيت هوايتها التي تمارسها بشكل يومي، ولم تكن الوظيفة إلا شرا لا بد منه.

بدايات جوان كاتلين  رولينغ

جاء ميلادها في 31 يوليو من عام 1965 في مدينة جلوسيسترشير الانجليزية (جنوب غرب إنجلترا)، وكانت الأخت الكبرى لصغيرة جاءت بعدها بعامين. منذ صغرها والجميع ينادونها ’جو‘ اختصارا، وحين يغضب أحدهم منها، كان يناديها جوان! لطالما سردت ’جو‘ لأختها ديان القصص الخيالية، كما كانت تحب الأرانب بشدة، حتى أنها وعمرها ست سنوات عمدت لتأليف قصة من وحي خيالها أسمتها ’أرنب‘ لكي تقنع والديها بالسماح لهما بتربية أرنب في منزلهما. لم تحصل جوان على أرنبها، لكنها عرفت وقتها أنها تريد الاستمرار في تأليف وكتابة القصص.

ملل الدراسة دفعها للقصص الخيالية

بعدها انتقل والدا جوان للعيش في الريف الانجليزي في بيت أوسع، ولم تكن المدارس هناك بالتي تروق لجوان، لكنها اكتسبت أصدقاء كثر من خلال قصصها الخيالية التي كانت ترويها في أوقات الغداء، وحين بلغت مرحلة الدراسة الجامعية، كانت الكتابة والتأليف مجرد هواية جانبية لها، وعملا بنصيحة والديها لها، درست اللغة الفرنسية في جامعة اكستر حتى تخرجت، أملا في أن يساعدها ذلك بعد التخرج في العمل في وظيفة سكرتيرة، إذ أن إتقان لغتين كان من العوامل المساعدة في نجاح من يمتهن هذه الوظيفة، على أن التخصص في اللغة الفرنسية منحها عاما دراسيا في العاصمة الفرنسية باريس ضمن نطاق دراستها الجامعية.

                                         هجران بلاد الأحزان                          

للأسف، لم تكن جوان تجيد أو تحب التنظيم وإدارة الوقت، لكنها تخرجت وعملت باحثة وسكرتيرة في العاصمة لندن من أجل غرض واحد، إذ أن عملها وفر لها حاسوبا تعمل عليه، وقد استغلته أثناء أوقات فراغها في كتابة قصصها، ولم تمض فترة طويلة حتى كان تأليف قصصها قد استولى على كل تفكيرها وشغل كل وقتها. وعمرها 26 ربيعا، أدركت جوان أنها نالت كفايتها من هذه الوظيفة، وبعد مصيبتها في وفاة أمها عن عمر 45 سنة فقط، آثرت أن تترك كل شيء ورائها وترحل إلى مدينة بورتو في البرتغال لتعمل في تدريس اللغة الانجليزية، ورغم أنها وظيفة بعيدة كل البعد عما كانت تحبه وتريده وتحلم به، لكنها كذلك سمحت لها بأوقات فراغ أطول، أملت أن تقربها من هدفها وهو إنهاء الجزء الأول من قصة هاري بوتر. 

أول الغيث دائماً قطرة

انتقلت رولينغ إلى البرتغال في عام 1990 لتعلّم اللغة الإنجليزية، وقابلت هناك الصحفي البرتغالي خورخي آرانتس. تزوّجت منه وأنجبت جيسكا في عام 1993. انتهى زواجهما بالطلاق، وانتقلت رولينغ مع ابنتها إلى إدنبره لتعيش بالقرب من أختها الأصغر، دايان. وبينما كانت تكافح لتؤمن حياتها وحياة ابنتها، عملت رولينغ على كتابٍ لمعت فكرته في ذهنها بينما كانت على متن قطارٍ من مانشستر إلى لندن عام 1990.

تمكّنت من بيع الكتاب المسمّى "Harry Potter and the Philospher’s Stone" بعد أن تلقّت الكثير من الرفض بمقابل 4,000$. (تم تغيير كلمة "Philosopher" إلى "Sorcerer" لنشره في الولايات المتحدة).

روى هذا الكتاب مع السلسلة اللاحقة به أحداث حياة ساحرٍ صغير يدعى هاري بوتر، مع أصدقائه في مدرسة Hogwarts School of Witchcraft and Wizardry.

أصبحت الأم العزباء رولينغ رمزًا عالميًا للأدب في عام 1999، عندما حصلت أول ثلاثة أجزاء من كتب Harry Potter على المراتب الثلاث الأولى في قائمة مجلة New York Times لأفضل الكتب مبيعًا، بعد أن حصلت على نجاحٍ مماثلٍ لذلك في المملكة المتّحدة أيضًا.

حين يأتي النجاح مثل الطوفان

لكن لم يبلغ الحماس الهائل لكتب رولينغ ذروته إلّا في يوليو من عام 2000، عندما أصبح الكتاب الرابع من السلسلة "Harry Potter and the Goblet of Fire" أسرع كتابٍ بيع في التاريخ.

وصلت عائدات أول ثلاث كتب من سلسلة Harry Potter بحلول صيف عام 2000 إلى 480 مليون دولار خلال ثلاث سنوات، حيث طُبع منها أكثر من 35 مليون نسخة بأكثر من 35 لغة مختلفة. أما الكتاب الرابع من السلسلة فقد كانت الكمية الأولية للطباعة منه 5.3 مليون نسخة ومع ذلك لم تكفِ، فطُبع منه أكثر من 1.8 مليون نسخةً أخرى.

ثم صدر الكتاب الخامس من السلسلة " Harry Potter and the Order of the Phoenix" إلى المكتبات في يونيو عام 2003 بعد تأخيرٍ عن موعد نشره المقرر. تلى ذلك الجزء السادس من السلسلة " Harry Potter and the Half-Blood Prince" والذي تجاوزت مبيعاته 6.9 مليون نسخة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال أول 24 ساعة فقط، وكان ذلك أكبر افتتاحية لكتابٍ في التاريخ.

من معلمة بائسة إلي أنجح إمرأة في بريطانيا

وفي عام 2004 سمّت مجلة Forbes الكاتبة الإنجليزية رولينغ على أنّها أول شخص يحصل على ثروة ويصبح مليونيرًا عن طريق كتابة الكتب. واحتلت المرتبة 1062 في قائمتها لأثرياء العالم.

كان الكتاب السابع والأخير " Harry Potter and the Deathly Hallows" أكثر الكتب التي حصلت على طلبات الشراء المسبق (Pre-order) من مختلف المواقع مثل Barnes & Noble وAmazon.

لم يقتصر نجاحها على محبي القراءة والأدب بل تجاوزت عبر رواياتها كل الأفق لتصل إلى دور السينما، حيث صدر في نوفمبر من عام 2001 فيلمًا للجزء الأول من كتابها قام بإخراجه كريس كولومبوس. عُرض في أسبوعه الأول في أمريكا في أكثر من 8200 صالة سينما، كما حطّم الرقم القياسي القديم في عائدات الأرباح حيث حصل على 93.5 مليون دولار أمريكي (أي أكثر بـ 20 مليون من حامل اللقب السابق " The Lost World: Jurassic Park").

وحُوّلت بقية الكتب في السلسلة إلى أفلامٍ حصدت مثل الفيلم الأول أرقامًا هائلة فيما يتعلق بالعائدات، وأُنتج فيلمين من آخر كتاب في عامي 2010 و2011 على التوالي.

ومع حلول فبراير من عام 2013، صُنفت في المرتبة 13 لقائمة النساء الأقوى في المملكة المتحدة حسب راديو BBC 4.

قامت رولينغ بالعمل على كتبٍ أخرى بعد انتهاء سلسلة Harry Potter، حيث أصدرت كتابًا يحوي على خمس قصصٍ أسطورية في نوفمبر من عام 2008 كانت قد ذُكر في سلسلة كتب Harry Potter. تبرّعت عندها رولينغ بكل عائدات هذا الكتاب إلى جمعية " Children's High Level Group" الخيرية.

أصدرت رولينغ في سبتمبر من عام 2012 أول كتابٍ موجّه للكبار " The Casual Vacancy". كانت هذه الرواية من نمط الكوميديا السوداء، لكنّها لم تلقَ ذلك النجاح الباهر الذي لاقته سلسلة Harry Potter.

كما نشرت بعده رواية تندرج تحت الجريمة كان عنوانها " Cuckoo Calling" ونشرتها باسمً أخر هو آخر هو روبرت غالبريث في عام 2013، تلقّى هذا الكتاب تقييمًا متواضعًا وحصل على مراجعاتٍ إيجابية. لكن تزايدت مبيعاته بشكلٍ هائل عندما أُفصح عن هوية الكاتبة الحقيقية، حيث رغبت في الكتابة تحت اسمٍ مستعار لتحصل على ردود فعلٍ وآراء صادقة.

أعلنت لاحقًا في العام نفسه عن سلسلة أفلامٍ جديدة مع شركة Warner Bros، صدر أول جزءٍ من هذه السلسلة في نوفمبر عام 2016. حيث قامت بنفسها بكتابة النص والسيناريو وكان الفيلم بعنوان " Fantastic Beasts and Where to Find Them".

الجوائز التي حصدتها

نالت عددًا كبيرًا من الجوائز والدرجات الفخرية، منها جائزة الكتاب البريطانية وجائزة إدنبره وسُميت بين أيقونات الثقافة البريطانية، وغير ذلك الكثير.

أشهر أقوال ج. ك. رولينغ

لن تحصل على نتيجة إذا أسهبت في الأحلام ونسيت أن تعيش.

الحقيقة: هي شيءٌ جميل ومرعب، لذلك يجب عليك أن تتعامل معه بحذرٍ كبير.

ما سيأتي سيأتي، ويجب علينا أن نقابله عندما يأتي.

إنّها خياراتنا التي تُظهر حقيقتنا أكثر بكثيرٍ من قدراتنا.

يتطلب الوقوف في وجه أعدائنا الكثير من الشجاعة، وكذلك الأمر بالنسبة للوقوف في وجه أصدقائنا.

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 2:55 مسامح الترجمان: مصر تمتلك جميع المقومات لتصبح لاعب رئيسي بسوق الذهب الإفريقي16 أبريل 2024 1:08 ممصر: شركة "العاصمة الإدارية" تستهدف 30 مليار جنيه أرباح بنهاية 20242 أبريل 2024 12:41 مأحمد السويدي: مع تنفيذ مبادرة 15% طفرة متوقعة في أداء القطاعات الإنتاجية6 مارس 2024 4:01 مالجزائر: الأموال والعقارات الموقوفة لخدمة الخير ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية28 فبراير 2024 2:21 ممخاوف جيمي ديمون ويكشف لا يوجد مشاكل هيكلية بالنظام ولكن تسعير السوق مبالغ فيه25 فبراير 2024 3:08 مجهاد أزعور: استثمار الإمارات في مصر مهم ولا يرتبط بمباحثاتنا18 فبراير 2024 1:03 ممحطات رئيسية شكلت ثروة ناصف ساويرس أغنى رجل في مصر5 فبراير 2024 1:39 معائدات مصر الضخمة من الاستثمارات الاماراتية في تنمية راس الحكمة31 يناير 2024 2:32 مزياد حايك: العالم على موعد مع ذكاء اصطناعي يفوق تفكير البشر قبل 203028 يناير 2024 10:59 صالبطل الذي أنقذ البشرية.. حدث ذلك ليلة 26 سبتمبرعام 1983

التعليقات