أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
31 مارس 2024 1:04 م
-
أزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

أزمة أدوية تضرب العالم..  26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

كشف تحقيق صحافي مطول نشرته جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن نقص الأدوية بلغ ذروته أواخر العام الماضي 2023، ووصل مؤخرا إلى مستويات قياسية في جميع أنحاء البلدان في أوروبا، أما في الولايات فقد وصل العام الماضي إلى ذروته وسجل أسوأ وضع خلال 10 سنوات. 

وقال التحقيق إن هيئات الصيدلة الوطنية في 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية المختلفة خلال العام الماضي 2023 . والسبب في ذالك معاناة العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، من أزمة في إمدادات الدواء بدأت في العام 2022 وتفاقمت في أواخر العام الماضي 2023 ، فيما تتصاعد وتيرة التساؤلات عن أسباب الأزمة ودور شركات الأدوية العالمية في ذلك، وما إذا كانت متورطة في عمليات احتكار لبعض الأدوية من أجل التلاعب في أسعارها. 

ـ بيع بهوامش ربح عالية :

وفي حين تركز شركات الأدوية الكبرى على تطوير أدوية مبتكرة يمكنها بيعها بموجب براءات اختراع وبهوامش ربح عالية، واسترداد تكاليف البحث والتطوير، فإن الأدوية التي لا تتمتع ببراءات اختراع تشكل العمود الفقري للرعاية الصيدلانية، حيث إن 91% من الأدوية الموصوفة في الولايات المتحدة و70% في أوروبا هي أدوية شائعة وليست محمية ببراءات الاختراع، ومع ذلك تعاني بعض هذه الأنواع من النقص في الأسواق. 

وعلى الرغم من دورها الأساسي في الرعاية الصحية العالمية، فقد اجتمعت مشكلات التصنيع وسلاسل التوريد الضعيفة وانخفاض الأسعار لإنشاء "سوق مكسورة" لهذه الأدوية مما يجعلها غير جذابة للإنتاج وعرضة لصدمات العرض والطلب، بحسب ما نقلت "فايننشال تايمز" عن خبراء في سوق الأدوية. 

ويقول روب موس، مستشار الصيدلة في مستشفى في أوتريخت بهولندا: "يعتمد النظام برمته على مبدأ الحصول على الدواء في الوقت المناسب وأي خلل فيه يؤدي إلى نقص".

وفي بريطانيا كان هناك نقص في 99 دواء في يناير الماضي 2024 ، أي ضعف العدد الذي تم إحصاؤه قبل عامين، وفقا لجمعية مصنعي الأدوية العامة البريطانية، وهي هيئة تجارية. وقد أثر ذلك على إمدادات الأدوية مثل العلاجات البديلة للهرمونات وأدوية اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ويرجع ذلك جزئيا إلى الارتفاع الكبير في الطلب.

وتقول كلوديا مارتينيز، رئيسة قسم الأبحاث في مؤسسة "الوصول إلى الطب"، وهي منظمة أوروبية غير حكومية: "عندما تكون هناك ندرة في المعروض من المنتج، فإن العرض الشحيح تقريبا، بدون استثناء، سيذهب إلى من يدفع أعلى سعر". وبالنسبة للمرضى، فإن النقص في الأدوية يترجم في نهاية المطاف إلى علاج أقل فعالية. حيث أفاد الأطباء في دراسة باكستانية أجريت عام 2021 أن النقص أدى إلى تأخير العلاج ومضاعفات المرض وحتى خطر الوفاة.

وقالت ثلاثة أرباع مجموعات الصيدلة الوطنية الأوروبية التي شملتها دراسة أجريت في العام الماضي 2023  إن النقص في الأدوية أدى إلى علاج أسوأ، وقالت 15 %   منها إنها أدت إلى أحداث سلبية مثل المزيد من الآثار الجانبية على المريض.

ويقول داريو تراباني، الطبيب في المعهد الأوروبي لعلم الأورام في ميلانو، إنه عندما سمع أن دواء يسمى باكليتاكسيل، وهو "العمود الفقري لعلاج النساء المصابات بسرطان الثدي"، كان ينفد في إيطاليا، شعر بالخوف، لأن لديه عدد قليل من البدائل الجيدة للدواء.

ويقول تراباني، الذي يرأس أيضا لجنة أدوية السرطان التابعة للجمعية الأوروبية لطب الأورام، إن أعضاء أبلغوا في الأشهر الستة الماضية عن نقص في "الأدوية الرخيصة للغاية" من النوع الذي "يستخدمونه كل يوم" في جميع أنحاء القارة.

ـ الاعتماد على الصين في جلب المكونات الصيدلانية الفعالة  :

وتقول "فايننشال تايمز" إن الاعتماد على المصانع الصينية للحصول على المكونات الصيدلانية الفعالة ساهم في النقص المستمر في المضادات الحيوية في أوروبا في عام 2022، ويرجع ذلك جزئياً إلى القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا في الصين.

الى ذلك، أدى انخفاض أسعار بعض الأدوية إلى إبعاد المنافسة ومنع الوافدين الجدد من دخول السوق. ويقول ريتشارد ساينور، الرئيس التنفيذي لشركة ساندوز، وهي شركة مصنعة للأدوية انبثقت عن شركة نوفارتس في العام الماضي 2023 : "نظرا لأن الأسعار كانت مروعة للغاية، لم يهتم أحد باستثمار رأس المال لدخول هذا المجال لأنه لم يكن سوقا جذابا . " .

وقد أدى النقص أيضا إلى التدقيق في كيفية شراء أنظمة الرعاية الصحية للأدوية، حيث أطلقت لجنة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة  في شهرفبراير 2024  تحقيقا في الدور الذي لعبته في النقص ما يسمى بمنظمات الشراء الجماعي، التي تشتري الأدوية للمستشفيات الأميركية ومقدمي الرعاية الصحية الآخرين. وسوف تقوم لجنة التجارة الفيدرالية بتقييم ما إذا كان هؤلاء "وسطاء الأدوية غير الشفافين"، على حد تعبير رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان، يثبطون موردي الأدوية.

 ـ أزمة في توفير الأدوية في ألمانيا والنمسا ما بين 2022 ـ 2023  :

السعال وسيلان الأنف والتهاب الحلق والإنفلونزا والكورونا أو غيرها تنتشر في ألمانيا كما تسجل شركات التأمين الصحي عددا أعلى من المتوسط للإجازات المرضية، وتدفع موجة التهابات الجهاز التنفسي لدى الأطفال المستشفيات وأطباء الأطفال إلى الحد الأقصى، لكن أيضا الأدوية المهمة غير متوفرة.

وما يزيد الأمر صعوبة الأمر أن أدوية للأطفال على وجه الخصوص، مثل أدوية خفض الحرارة أو أدوية السعال والمضادات الحيوية، نادرا ما تتوفر في الصيدليات. وعلى وجه التجديد، تعاني ألمانيا  خاصة   شح كبير في أدوية حفض الحرارة ومسكنات الألم والمضادات الحيوية والعقاقير المضادة للسرطان أو حتى الأدوية الخافضة للضغط والسكري.

ويحصي المعهد الفيدرالي للأدوية والأجهزة الطبية حاليا 313 دواء غير موجودة في الأسواق، ونظرا لأن إبلاغ المعهد عن اختناقات الإمداد أمر طوعي، فإن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.

أما في النمسا، تكافح الصيدليات حاليا مع اختناقات في عملية استيراد الأدوية، بينما تجتاح موجة نزلات البرد والفيروسات التنفسية البلاد.

ـ الأزمة في طريقها الى التفاقم :

وفقا لرئيس غرفة الصيادلة النمساوية، أولريكه مورش- إدلماير، لم يتم الوصول إلى ذروة الأزمة بعد، ويتوقع أن يتزايد شح الأدوية في الفترة المقبلة، لافتا إلى أن 500 دواء رئيسي غير موجود في السوق في الوقت الحالي.

و قال إدلمايرأيضا في تصريحات   "يوجد حاليا نقص في بعض المضادات الحيوية ومسكنات الألم، ومن الصعب العثور على هذه الأدوية رغم محاولة الصيدليات وتجار التجزئة مساعدة بعضهم البعض".

ووفق ما نقلته صحيفة هويته النمساوية عن الطبيبة المقيمة في فيينا، ناغمي كاماليان، فإن "العاصمة الأدوية تتضرر بشكل خاص من نقص الأدوية في ظل تزايد مرضى الالتهاب الرئوي بمعدلات أكثر من أي وقت مضى".

ولفتت الطبيبة أنها تفحص ما يصل إلى 400 مريض في مركزها الطبي كل يوم، كما وصفت الطبيبة، وهي نائب رئيس قسم الأطباء المقيمين في نقابة الأطباء في فيينا، نقص الأدوية الحالي بأنه "كارثة".وأتصل بالصيدليات لساعات كل يوم لأعرف ما هي الأنواع المتواجدة من الأدوية، حتى يتمكن مرضاي من الحصول على أفضل رعاية ممكنة."

ـ اسباب اخرى لقنص الدواء :

فيما كشف استطلاع أجرته صحيفة دير ستاندرد النمساوية لآراء خبراء، أن النقص الحالي للأدوية يعود، من ضمن أسباب أخرى، إلى الطلب المرتفع للغاية والناتج عن الوضع الصحي في البلاد، خاصة مع تفشي ثلاث موجات من المرض: الأنفلونزا، والفيروس المخلوي التنفسي، وكورونا.

أما السبب الآخر، فيتعلق بمشاكل في سلاسل الإمداد، إذ يتم تصنيع الأدوية المهمة، والتي انتهت مدة حماية براءة الاختراع الخاصة بها، بشكل حصري تقريبا في آسيا، وخاصة في الهند أو الصين، بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج.

وبالنسبة للعديد من الأدوية الأخرى التي تعاني شحا، تأتي المكونات النشطة للأدوية من آسيا،  ثم تحدث الخطوة الأخيرة، وهي إنتاج الدواء على شكل أقراص أو شراب، في مصانع أوروبية، كما توضح سيلفيا هوفينجر، المديرة الإدارية لجمعية الصناعات الكيميائية في غرفة التجارة النمساوية، وهي مسؤول أيضًا عن صناعة الأدوية.

وعلى سبيل المثال، تصدرت حقيقة وجود مصنع بنسلين واحد فقط في الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد في كوندل في تيرول بالنمسا، عناوين الصحف خلال جائحة كورونا، ولم يتغير هذا الوضع منذ ذلك الحين. كما أن سلاسل توريد الأدوية من آسيا بطيئة في العادة، وازداد هذا البطئ في السنوات الأخيرة بسبب قيود كورونا في الصين، وفرض الهند حظرا على تصدير بعض الأدوية بسبب الجائحة.

ـ محاولات لحل الأزمة :

ويحاول الاتحاد الأوروبي التحرك لحل أزمة الأدوية في الكثير من بلدانه، لكن هذه التحركات لن تؤتي ثمارها قريبا، إذ من المقرر افتتاح مصنع آخر للمضادات الحيوية في كوندل بالنمسا في عام 2024.

وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل في الاتحاد الأوروبي لتحسين تبادل المعلومات بين البلدان في مجال صناعة الأدوية، كما يتم التخطيط لمواقع تخزين للأدوية في دول الاتحاد الأوروبي.

وفي ألمانيا، يريد وزير الصحة، كارل لوترباخ الآن ضمان تجاوز أزمة شح الأدوية المهمة، ويقوم بتغيير قواعد التسعير. ووفق القواعد التي ينوي لوترباخ تنفيذها، ستدفع شركات التأمين الصحي مبالغ أكبر بكثير على أدوية الأطفال من ذي قبل. يجب أن ينطبق هذا على كل من الأدوية المعلبة وتلك التي تخلطها الصيدليات.

وقال وزير الصحة في السادس والعشرين من شهر ديسمبر من 2022 للصحفيين في برلين "سنزيل هذه الأدوية من قائمة الأسعار الثابتة حتى يمكن بيعها بتكلفة أعلى"، وأبلغنا شركات التأمين الصحي بذلك بالفعل.

لوتارباخ قال إن الأسعار ستزيد بمقدار مرة ونص عن الأسعار السابقة، إذ أنه يرجع"مشكلة الإمداد الحادة" في ألمانيا إلى حقيقة أن الأدوية "غالبا ما تباع بسعر أرخص في الأراضي الألمانية منها في الخارج".

ووفق تقرير أوجسبورجر ألغماينه الألمانية، فإن هناك وجه آخر للأزمة الحالية، هو اعتماد ألمانيا على مورد واحد فقط في الهند أو الصين لبعض الأدوية. لذلك، تتضمن استراتيجية وزير الصحة الألمانية تنويع مصادر الأدوية على المدى الطويل، بحيث تتضمن المناقصات الخاصة بأدوية السرطان أو المضادات الحيوية المهمة، على سبيل المثال، عمليات شراء جزئية من أوروبا. كما يتم التخطيط لنظام إنذار مبكر للأدوية التي تنفذ.

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد25 مارس 2024 12:20 معقود مشروعات لإزالة المخلفات بتكلفة 565 مليون جنيه

التعليقات