أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
9 مايو 2021 2:23 م
-
عالميا : تعافي سوق العمل تدريجيا يتوقف على انتعاش الاقتصاد بعد الحائحة

عالميا : تعافي سوق العمل تدريجيا يتوقف على انتعاش الاقتصاد بعد الحائحة

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

بعض المؤشرات المهمة تبدو إيجابية ومبشرة، حيث إن سوق العمل العالمية تستعيد عافيتها تدريجيا، مع انحسار الفيروس في كثير من الاقتصادات المتقدمة نتيجة عمليات التطعيم، ورفع تدريجي لسياسات الإغلاق.

كمايتضح جليا انه من الصعب في الوقت الحالي التنبؤ بمصير سوق العمل الدولية بعد عام من الأضرار الفادحة التي مني بها جراء جائحة كورونا.

ـ  تراجع مؤشر البطالة مع ضبابية في المستقبل  :

 في شهر  مارس  2020 بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية 15 %، الآن يقف عند حدود 6 %. كما ان الاقتصاد البريطاني يسير أيضا على نفس النهج ، إذ إنه وفقا لأحدث البيانات الرسمية، فإن عدد الوظائف الشاغرة أقل بكثير من مستوى ما قبل الوباء، وانخفض معدل البطالة إلى 5 %. 


لا يعني هذا بأي حال من الأحوال أن السحابة السوداء التي غطت سوق العمل الدولية في عام الكورونا وأدت إلى اختفاء الوظائف وندرتها قد انقشعت تماما، أو أن الأوضاع عادت إلى ما كانت عليه قبل انتشار الوباء، أو أن الصورة العامة باتت وردية وبلا شوائب، وإنما يمكن القول إن هناك تحسنا يتمثل في انتعاش التصورات الخاصة بسوق العمل ومستقبلها، وإن إمكانية الحصول على وظيفة أو استعادة وظيفتك المفقودة بات مرجحا.

وحتى في أوروبا التي تواجه بعض بلدانها موجة ثالثة من الإصابات، فإن وضع سوق العمل يفوق التوقعات الإيجابية، حيث أفلح كثير من تلك الاقتصادات في التكيف مع إجراءات احتواء الوباء

بالطبع في بلدان مثل الهند والبرازيل وتركيا تبدو الصورة مختلفة وقاتمة، إذ يضرب الفيروس بشدة وتفشل الإجراءات المتخذة حتى الآن في احتوائه، ما يدفع بالحكومات إلى اتخاذ إجراءات تنعكس سلبا على مستويات التوظيف، إذ تبنت تركيا مثلا سياسة إغلاق شامل، والمؤكد أن هذا سيرفع معدلات البطالة في تلك البلدان.

ـ القوة الدافعة للنمو الاقتصادي:

الدكتور تشارلي أوليفر الاستشاري في منظمة العمل الدولية يعلق قائلا: "الصورة الراهنة تتسم بخليط من الأخبار الإيجابية والسلبية لسوق العمل في آن واحد ، فبينما يتحسن الوضع في بعض المناطق فإنه يزداد سواء في مناطق أخرى، لكن أغلب التقديرات تشير إلى أنه سيشهد تحسنا ملحوظا خلال فصل الصيف المقبل ، نتيجة استكمال عمليات التطعيم في أغلب البلدان المتقدمة، واستعادة بعض القطاعات الاقتصادية مثل قطاع السياحة لجزء كبير من بريقه المفقود، كما أن قطاع الخدمات سيزيد الطلب على منتجاته مع تخلي الحكومات عن سياسة الإغلاق".

ويضيف "هذا سينعكس إيجابيا على معدلات الوظائف المتاحة لدى الشباب والنساء لأن تلك القطاعات خاصة قطاع السياحة مثل القوة الدافعة للنمو الاقتصادي عامة وتحسن معدلات التوظيف خاصة بين الشباب والنساء لطبيعة العمل في تلك القطاعات، ما يوفر درجة من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

وفي الواقع، فإن منظمة العمل الدولية تشير إلى أن عديدا من القطاعات المرتبطة بقطاع السياحة، التي أصيبت بالضرر وضعت نحو 300 مليون وظيفة على المستوى العالمي في خطر، كما تشير المنظمة إلى أن الوباء دمر 255 مليون وظيفة بدوام كامل العام الماضي" 2020 .

لكن هذا التحسن المتوقع لا يجب من وجهة نظر الدكتورة مادلين رالف أستاذة اقتصادات العمالة في جامعة كامبريدج أن "يجعلنا نتجاهل عددا من المظاهر التي ستتصف بها سوق العمل الدولية في مرحلة التعافي الاقتصادي من تداعيات الوباء. فالتعافي العالمي فيما يتعلق بساعات العمل والدخول سيكون بطيئا وغير منتظم وأحيانا غير مؤكد".

و إن "تقارير منظمة العمل الدولية تتوقع أن تؤدي مصاعب عودة الانتعاش الاقتصادي السريع إلى خفض ساعات العمل بنسبة 3 % أي ما يعادل 90 مليون وظيفة بدوام كامل، وأن يؤدي تأخر التطعيم إلى خفض ساعات العمل 4.6 % أي ما يعادل 130 مليون وظيفة بدوام كامل، وأفضل السيناريوهات المتفائلة تتوقع انخفاضا 1.3 % إذا تمت السيطرة على الوباء واستمرت ثقة المستهلك والأعمال بالتحسن".

وتؤكد أنه لا يمكن لأي دولة أو مجموعة من الدول التعافي بمفردها، حيث إن طبيعة الترابط في الاقتصاد العالمي نتيجة العولمة لا تسمح بذلك، وحتى إذا حدث تحسن في سوق العمل في دولة أو مجموعة من الدول فسيكون هشا وغير مؤكد.

ـ  علامة استفهام حول وظائف المستقبل :

ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أنه بغض النظر عن سرعة تعافي الاقتصاد العالمي، فإن معدل إيجاد الوظائف في المستقبل قد يصبح محل تساؤل في العقود المقبلة، نظرا للأتمتة ودخول الروبوتات والذكاء الصناعي أسواق العمل بقوة.

ووفقا لدراسة لصندوق النقد الدولي، فإن الأوبئة تؤدي إلى ظهور الروبوتات وتسرع من انتشارها ، وبتحليل مدى اعتماد الروبوتات في الصناعة بعد أربعة أوبئة سابقة بما في ذلك "السارس" في 2003 و"إيبولا" في 2014، وجد أن وجود الروبوت اصبح اكثر انتشارا في الأعوام التي تلت ذلك، ومن ثم فإن سوق العمل وأيا كان شكل التعافي الاقتصادي ونطاقة يتجه إلى تغييرات جذرية، بحيث سنشهد سوق عمل تتسم بمجموعة من التناقضات في آن واحد، فبينما سيتحسن الطلب على العمالة الماهرة والمتخصصة، ستتقلص سوق العمل بالنسبة للعمالة ذات المهارات المنخفضة.

كما يقول ايضا  الدكتور ماثيو تيد رئيس وحدة تخطيط الموارد البشرية في المعهد الدولي للأبحاث، ان  "الأتمتة لا تعني بالضرورة عددا أقل من الوظائف بشكل عام، لكن بعض الوظائف ستكون معرضة لخطر فقدانها بالتأكيد، وإذا كنا نلاحظ الآن استعادة سوق العمل لبعض من عافيتها المفقودة العام الماضي 2020 ، فإن التعافي لا يعني أننا لن نشهد فقدان وظائف هائلة في قطاعات البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية، حيث إن الأتمتة في تلك القطاعات كانت ضرورية خلال الجائحة، وليس من المتوقع أن يتخلى عنها أصحاب الأعمال بعد السيطرة على الوباء".

ـ توقعات مستقبلية:

  أغلب التوقعات الإجمالية تشير إلى أن إيجاد فرص عمل في الأعوام الخمسة المقبلة أعلى من توقعات فقدان الوظائف، وستظهر وظائف جديدة بسبب تغير أنماط الطلب واستخدام التقنيات الجديدة في قطاعات مثل الاقتصاد الأخضر واقتصاد الرعاية الصحية وقطاع التعليم، فضلا عن الأدوار الجديدة للذكاء الاصطناعي في جميع الصناعات والقطاعات .

وتشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 50 % من العاملين حاليا سيحتاجون إلى إعادة صقل مهاراتهم بحلول 2025 لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة، وسيتطلب هذا توسعا كبيرا في إعادة تشكيل المهارات ورفعها في منتصف الحياة المهنية.

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات