أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
6 سبتمبر 2021 12:32 م
-
بريطانيا : سبب فقدان الاقتصاد لتوازنه توقف التعافي ،ونقص العمال مع اضطراب سلاسل التوريد

بريطانيا : سبب فقدان الاقتصاد لتوازنه توقف التعافي ،ونقص العمال مع اضطراب سلاسل التوريد

 اعداد ـ فاطيمة طيبي

إذا كانت الرفوف الفارغة ونقص المواد الغذائية ليست من علامات الاقتصادات المتقدمة، الا ان بريطانيا العظمى وخامس أكبر اقتصاد في العالم تعاني "النقص في المواد الغذائية".

ـ ارتفاع الاسعار نتيجة حتمية لنقص المعروض :

هذا الأمر دفع اتحاد التجزئة البريطاني، إلى الإعلان أن فترة رأس العام الميلادي ستكون صعبة للغاية في بعض المناطق، والسبب باختصار نقص الموظفين وسائقي الشاحنات الثقيلة، إضافة إلى تراجع التصنيع وتجهيز الأغذية، إلى جانب "أن السكان الأصليين لا يريدون القيام بهذه الأدوار"، وفقا لاتحاد التجزئة.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية كان النتيجة الطبيعية لنقص المتاح من السلع في الأسواق، فالشركات، التي تحملت زيادة الأسعار لبعض الوقت، لم تعد قادرة الآن على ذلك، ما دفعها إلى تمرير ارتفاع الأسعار للمستهلكين.

هذا الأمر يعكس من وجهة نظر كثير من الخبراء توقف التعافي الاقتصادي بسبب نقص العمال واضطراب سلاسل التوريد نتيجة الضربة المزدوجة، التي تلقاها الاقتصاد البريطاني من الخروج من الاتحاد الأوروبي وانتشار وباء كورونا.

وتكشف أرقام بنك إنجلترا حقيقة الأمر بشكل أكثر وضوحا، ففي الأسابيع الأخيرة انخفض الإنفاق باستخدام بطاقات الائتمان إلى 94 % من مستواه قبل تفشي الوباء، ما يشير إلى أن الانتعاش الأولي، الذي حدث نتيجة رفع قيود الإغلاق وفتح المتاجر والمطاعم، قد تراجع، وأن الإقبال على الأسواق أقل من مستويات ما قبل كورونا، مع تراجع مبيعات التجزئة.

ـ تأثير الإنفاق بسبب الإغلاق:

من جانبه، يفسر  المصرفي دانيال هايمور؛ من بنك نيت ويست، هذا الوضع بالقول، "من الواضح أن العزلة الذاتية، التي عاناها الناس خلال 2020 وجزء كبير من 2021 كان لها تأثير كبير في الإنفاق، من جانب آخر اضطرابات سلاسل التوريد كان لها تأثير في عملية التصنيع".


ويضيف "الاقتصاد البريطاني لم يتوازن بعد من صدمة الخروج من الاتحاد الأوروبي أو إجراءات مكافحة كورونا، فلدينا حاليا نقص يقدر بنحو 100 ألف سائق شاحنة بسبب نزوح المواطنين الأوروبيين نتيجة قواعد الهجرة الجديدة، وعودتهم إلى بلدانهم أثناء وباء كورونا، حيث كانت المملكة المتحدة مغلقة، ولا يوجد فيها عمل، كما أن أغلب الصناعات لم تعد بعد إلى قوتها الكاملة، ما يعني أنها لم تصل بعد إلى الحد الأقصى من التوظيف لديها".

وبالفعل فقد كشفت دراسات مستقلة عن منظمة "اللوجستيات للمملكة المتحدة" أن 14 ألف سائق من الاتحاد الأوروبي غادروا المملكة المتحدة خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2020، ولم يعد منهم غير 600 سائق فقط.

هل سيتفاقم هذا النقص في السلع، خاصة الغذائية منها، في المملكة المتحدة خلال الفترة المقبلة أم أنه ستتم السيطرة على الموقف؟

أغلب التقديرات تظهر أن أزمة السائقين في المملكة المتحدة ستتفاقم في الفترة المقبلة، بسبب الاعتماد في السابق على سائقي الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية تخطط لتجنيد أفراد القوات المسلحة المؤهلين ليكونوا سائقي شاحنات، فإن معظم قادة الصناعات البريطانية يعدون أن تلك الخطوة لن تكون كافية، ما دفع بعضهم إلى دعوة الحكومة للسماح للسائقين الأوروبيين بالعودة إلى المملكة المتحدة ولو بتأشيرات قصيرة الأمد.

مع هذا ترى إميلي جاسون؛ أستاذة الاقتصاد الأوروبي في جامعة لندن، أن قضية نقص السائقين ليست إلا نموذجا على فشل عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأن المملكة المتحدة وخلال العقد المقبل ستواجه عديدا من الأزمات المماثلة نتيجة الترابط، الذي حدث بين الاقتصادين البريطاني والأوروبي خلال العقود الأربعة الماضية نتيجة عضوية بريطانيا في الاتحاد.

 وتضيف إن "سوق العمل، والقيمة الإجمالية للتبادل التجاري، والتداخل واعتماد الطرفين على المنتجات الصناعية لبعضهما بعضا، تعني أن هذا النوع من الاضطرابات الاقتصادية قابل للتكرار، وتلك الأزمات لا تقف عند حدود نقص في منتج أو سلعة أو حتى عدد من السلع والمنتجات، وإنما ستكون لها تبعات على معدلات التضخم في المملكة المتحدة. فنسبة التضخم عادت بالفعل إلى ما قبل أزمة وباء كورونا، والتضخم سيواصل الارتفاع، ووفقا لتقديرات بنك إنجلترا فيمكن أن يصل إلى 4 % مع نهاية عام 2021 ، مما سينعكس هذا على الأجور في المملكة المتحدة، وعليه سترتفع الأجور في جميع القطاعات، وبذاك تزيد التكلفة الإنتاجية في المملكة المتحدة، وتفقد قدرتها التنافسية مع أوروبا، بل ستزداد وارداتها من الأسواق الأوروبية واعتمادها عليها، ما يعني أن بريطانيا لم تأخذ من الخروج من الاتحاد الأوروبي غير الاسم وأسوأ ما في الخروج من نتائج".

في الواقع، فإنه في عصر العولمة والتجارة الإلكترونية يصعب على الشركات تمرير الزيادة في أجور العاملين للعملاء عبر رفع الأسعار، وعليه سيقوم العميل باختصار بالبحث عن منتج بديل أو أرخص، ويعني هذا أن الاحتمال الأكبر في حال رفع الأجور أن تتحمل الشركات التكلفة، ما يعني هوامش ربح أقل، ومن ثم افتقاد رجال الأعمال حافز توسيع عملياتهم الإنتاجية.

ـ تراجع رمعدل نمو الإنتاج:  

تظهر الدراسات الاستقصائية لنشاط القطاع الخاص أن نمو الإنتاج انخفض بمعدل أكثر حدة في المملكة المتحدة، مقارنة بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو، وتحديدا في شهر  أغسطس 2021، ويرجع ذلك في الأساس إلى تفاقم النقص الحاد في الإمدادات منذ عقود، وانخفاض مخزون تجارة التجزئة في المملكة المتحدة إلى أسوأ مستوى منذ بدء تسجيل المخزون 1983.

لكن كولمن بلنت؛ نائب رئيس اتحاد العمال في بريطانيا، يعد أن الأزمة الراهنة وعلى الرغم مما تمثله من ضغط على الاقتصاد البريطاني، وما تحمله من علامات مقلقة، خاصة مع اقتراب رأس العام الميلادي، حيث يزداد الطلب الاستهلاكي في المملكة المتحدة بشكل كبير، إلا أنها تعد أزمة مؤقتة سيتم تجاوزها.

وقال كولمن ان عدد الوظائف الشاغرة في المملكة المتحدة حاليا تجاوز مليون وظيفة لأول مرة على الإطلاق، ما يعكس صعوبة لدى أرباب العمل لتوظيف العمال بمستويات الأجور الراهنة، وعلى الشركات تقديم مكافآت مميزة لجذب موظفين جدد حيث ستبدأ برفع الرواتب .

هذا المنطق، الذي يؤمن بأن أزمة النقص الحالي في عديد من المنتجات، خاصة الغذائية في المملكة المتحدة، أزمة مؤقتة، يحظى بقبول لدى قطاع لا بأس به من رجال الأعمال البريطانيين، الذين لا ينكرون الطابع الحاد والضغط الشعبي الناجم عن الأزمة الراهنة، لكنهم يشيرون إلى أن ذلك لم يؤثر في شعور عام بالثقة لدى قطاع الأعمال البريطاني، وفقا لمقياس أعمال بنك لويدز، على الرغم من الحذر الحالي بين الشركات بشأن التضخم ونقص الموظفين.

ـ التحول الإيجابي في الثقة لدى رجال الأعمال:

 هذا و من جهته، يقول أريك أرسل؛ الباحث في بنك لويدز، "الاستطلاع الشهري الذي شمل 1200 شركة، والذي أجري  في شهر اغسطس 2021  كشف مدى التحول الإيجابي في الثقة لدى رجال الأعمال وارتفع المقياس إلى 36 %، مدفوعا بتوقعات نمو أعلى في العام2022 ، مسجلا أكبر مستوى في الثقة لدى قطاع الأعمال في الأعوام الأربعة الماضية، وربما يعود السبب في ذلك أيضا إلى النجاح المستمر في طرح اللقاحات المضادة لوباء كورونا وإزالة الحكومة لقيود الإغلاق".

ويؤكد أن تراجع الاقتراض الحكومي مع انتهاء الدعم المقدم للقطاع الخاص بسبب الإغلاق، وارتفاع إيرادات الضرائب، صنع قناعة وشعورا متزايدا بالثقة لدى القطاع الخاص بأن المستقبل الاقتصادي يحمل لبريطانيا آفاقا واعدة رغم الصعوبات الحالية.

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات