أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
10 أبريل 2022 12:59 م
-
السباق إلى "الإليزيه" .. الاقتصاد أبرز الأوراق التي يطرحها ماكرون في وجه منافسيه

السباق إلى "الإليزيه" .. الاقتصاد أبرز الأوراق التي يطرحها ماكرون  في وجه منافسيه

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

من سينجح في حسم السباق الرئاسي لدخول قصر الاليزيه .. ماكرون ام شخصية جديدة تجد منفذا لحل الازمة الاقتصادية الفرنسية هذه الورقة الاقتصادية  واحدة من أبرز الأوراق التي يطرحها ماكرون  في وجه منافسيه، على أمل إقناع الناخبين بمنحه خمسة أعوام رئاسية أخرى لإكمال برنامجه الاقتصادي.

من ناحية اخرى تعلو الأصوات في فرنسا وتزداد الشكوى من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، الا ان ماكرون وأنصاره يذكرون الناخبين بأن فرنسا   ليست حالة استثنائية، بل على العكس، ان أوضاعها   أفضل بكثير من جيرانها .

ـ درع التعريفة:

بينما تعاني المملكة المتحدة والولايات المتحدة وجزء كبير من دول الاتحاد الأوروبي أزمة غلاء المعيشة التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، فإن الوضع يبدو مختلفا في فرنسا، بفضل ما يعرف بـ"درع التعريفة"، الذي نجح بمقتضاه الرئيس الفرنسي في السيطرة على التضخم.

في فبراير الماضي 2022  بلغ التضخم في فرنسا 3.6 %، ومع حلول مارس الماضي ارتفع إلى 4.5 %، مع هذا لا يزال معدل ارتفاع الأسعار في فرنسا واحدا من أدنى معدلات ارتفاع الأسعار في الاقتصادات الغربية وأقل بكثير من 6.2 %   في المملكة المتحدة و7.3 % في ألمانيا، و9.8 % في إسبانيا و11.9 % في هولندا.

ـ استثمار الأموال العامة بذكاء:

  يعلق إل.بي فيلب الباحث الاقتصادي في شؤون الاتحاد الأوروبي قائلا "جزء من هذا النجاح يعود إلى أن ماكرون استثمر الأموال العامة بذكاء، وجعل بيئة الأعمال أكثر جاذبية سواء للمستثمرين والمؤسسات العاملة في السوق أو للمستثمرين والمؤسسات الجديدة خاصة العاملة في مجال التكنولوجيا، يضاف   أنه في العام الماضي 2021  أصدرت الحكومة الفرنسية قرارا تم بمقتضاه الحد من المبلغ الذي يمكن أن ترفع به شركات الطاقة الفرنسية المملوكة للدولة الأسعار على المستهلكين. هذا القرار أسهم في إزالة الضغوط التضخمية على المستهلك وعلى الصناعات التي تعتمد على الغاز والكهرباء، ما أتاح توفير عديد من السلع بأسعار مقبولة نسبيا للمستهلكين". ويضيف "لكن هذا لا ينفي وجود جوانب قصور نتيجة الارتفاع الكبير والسريع في أسعار الديزل، الذي يعتمد عليه فقراء الريف الفرنسي".

لكن كبح جماح التضخم لا يعد النجاح الوحيد أو الأبرز الذي يشير ماكرون إلى تحقيقه في أعوامه الرئاسية، فبحلول الربع الأخير من العام الماضي 2021  عاد معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ما كان عليه قبل ظهور وباء كورونا، ما يعني أن الاقتصاد الفرنسي ينمو بشكل جيد.

وتشير الأرقام الرسمية التي أعلنت في يناير الماضي 2022 ، إلى نمو الاقتصاد الفرنسي في 2021 بمعدل سنوي بلغ 7 %، ولا يعد هذا الرقم مرتفعا فحسب، إنما يعد معدل نمو تاريخي لم تشهده فرنسا من 52 عاما، وعلى الرغم من أن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي بـ3.5 % فقط هذا العام، فإن ذلك لا ينفي قناعة الخبراء بأن فرنسا تعد واحدة من أكثر الاقتصادات ديناميكية في أوروبا.

كما تقول الدكتورة كريسيدا لويس أستاذة الاقتصاد الكلي في مدرسة لندن للأعمال والتجارة، ان "فرنسا دولة رائدة في تصدير عدد من المنتجات الرئيسة مثل الأدوية والمعدات العسكرية والسيارات، لكن يلاحظ أن صادرات فرنسا لا تزال أقل من مستواها قبل جائحة كورونا، ويحتمل أن تتراجع الصادرات الفرنسية نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا، نظرا إلى أن موسكو تشتري نحو 1 % من إجمالي الصادرات الفرنسية".

 كما تعتقد الدكتورة كريسيدا لويس أن فرنسا ستعوض تلك الخسائر من خلال زيادة مبيعات الشركات الفرنسية في الداخل، وهذا سيكون إيجابيا للميزان التجاري الفرنسي، حيث اتسع العجز التجاري أخيرا نتيجة زيادة الواردات عن الصادرات.

وتقول "لكن إذا قمنا بتحليل الاقتصاد الفرنسي فسنجد أداءه استثنائيا في سوق العمل، فحاليا يعمل عدد أكبر من الأشخاص في فرنسا مقارنة بالوضع قبل الوباء".

ـ الورقة الرابحة:

 في الواقع، فإن الأداء الجيد في سوق العمل الفرنسية يعد من وجهة نظر البعض الورقة الرابحة التي سيلقي بها ماكرون في وجه خصومه خلال السباق الرئاسي، خاصة عند المقارنة بالوضع في المملكة المتحدة، حيث ترك نحو نصف مليون شخص - معظمهم فوق سن الخمسين - سوق العمل، ما جعل نقص الأيدي العاملة في المملكة المتحدة أكثر حدة منه في فرنسا.

كما تراجع معدل البطالة الفرنسي إلى 7.4 % في الربع الأخير من العام الماضي 2021 ، وهو مستوى لم تشهد له فرنسا مثيلا منذ 2008، ما يعطي مؤشرا على أن إصلاحات ماكرون التي جوبهت حينها برفض شعبي عبر مسيرات ومظاهرات عنيفة في قلب العاصمة باريس وعديد من المدن الأخرى قد آتت أكلها.

ومن أبرز تلك الإصلاحات خفض ضريبة الشركات من 33.3 % إلى 25 %  فقط، وتغيير قوانين العمل بحيث يحق للشركات التخلص من فائض العمالة، وعلى الرغم من أن ذلك كانت له تكلفة اجتماعية ملحوظة، إلا أنه أضفى حيوية على سوق العمل، وخلال العام الماضي 2021  تم إنشاء ما يقرب من مليون شركة في فرنسا.

ـ شركات التكنولوجيا:

من جهته، يؤكد   جوزيف بنيت الخبير الاستثماري، أنه ربما يبدو للوهلة الأولى رقم مليون شركة مؤثرا في سوق العمل، لكن أغلب تلك الشركات مشاريع صغيرة يعمل فيها موظف واحد فقط أو عدد محدود من الموظفين، لكنها تكشف عن حيوية اقتصادية، حيث إنها تعكس الرغبة في ممارسة أنشطة تجارية.

ويقول :"وتتجلى تلك الحيوية في شركات التكنولوجيا الفرنسية التي جمعت العام الماضي 2021  رقما قياسيا قدر بـ11.6 مليار يورو بزيادة 115 % مقارنة بـ2020، كما أن الحيوية الاقتصادية تتضح من توليد الاقتصاد الفرنسي 1.2 مليون وظيفة بين 2017 و2021، وقد زادت نسبة الوظائف طويلة الأمد".

ـ عملية التجديد القائمة حاليا للاقتصاد الفرنسي:

مع هذا لا يبدو سجل ماكرون الانتخابي ناصع البياض، فخلال أعوامه الخمسة ان للإليزيه، أنفق 2.4 مليار يورو على الاستشاريين، وهي ثغرة يهاجمه منها خصومه بشراسة، ويعملون على اعتبارها دليلا على الإسفاف في الإنفاق، خاصة مع زيادة الدين الوطني الفرنسي من أقل 100 % إلى 115 %خلال عامين فقط، وهذه واحدة من السمات السلبية لفترة حكم ماكرون، وربما يجد المنافسون في تحذيرات محافظ البنك المركزي بأنه "لا يمكن السماح بمزيد من التدهور المالي للاقتصاد الوطني"، شهادة من داخل أروقة الحكم بأن الأوضاع المالية في فرنسا لا تسر.

لورينز جيركي الباحث المالي في بنك إنجلترا لا ينفي ارتفاع مستويات الاقتراض في فرنسا، ويوافق على أنها تضغط على الأداء الاقتصادي عامة. لكنه يشيرإلى أن أغلب الأموال المقترضة استخدمت لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وتحرير الشركات من الضرائب المرتفعة تاريخيا، وزيادة الاستثمار، وتوفير فرص عمل، وجميعها ستؤتي ثمارها إذا نجح ماكرون أو من سيخلفه في مواصلة

ـ عملية التجديد للاقتصاد الفرنسي:

وفي سياق عملية التجديد الراهن لآليات عمل الاقتصاد الفرنسي، فإن بعض الخبراء يعتقدون أن الإنجاز الأكبر للرئيس الفرنسي سواء فاز في السباق الرئاسي أو لم يفز، يكمن في نجاحه في إيجاد وعي كبير في الشارع الفرنسي بأن تراجع القدرة التصنيعية لفرنسا في العقود الأربعة الماضية، كان أكبر نقاط الضعف التي عاناها الاقتصاد الوطني، لكنه لم يفلح في ترجمة تلك القناعات إلى واقع ملموس.

وقد حان الأوان لعكس هذا الاتجاه، فحصة الصناعة التحويلية في الاقتصاد الفرنسي تتسم بالضعف وتبلغ نحو 10 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي، ومع انخفاضها بات لدى الخبراء مؤشر على أن القطاع الصناعي الفرنسي لم يظهر سوى قليل من علامات التحسن خلال الأعوام الخمسة التي قضاها ماكرون سيدا للإليزيه، وذلك على الرغم من التخفيضات والإصلاحات الضريبية التي فرضها.

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات