أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
4 سبتمبر 2023 3:42 م
-
تراجع الطلب على صناعة الصلب الأوروبية للعام الرابع وصلت الى 3%

تراجع الطلب على صناعة الصلب الأوروبية  للعام الرابع وصلت الى 3%

 

 اعداد ـ فاطيمة طيبي 

لا تبدو الأوضاع جيدة بالنسبة لمنتجي الصلب الأوروبيين حاليا، فالصناعة التي كانت فيما مضى عنوانا للصناعة الثقلية والتي تفوقت بها على كثير من منافسيها الاخرين بما قامت به من تحديات  وفق سياسة تصنيعية واضحة المنهج والاهداف  منذ أعوام طويلة .

ـ تراجع الميزان الاستهلاكي للصلب :

أشارت الرابطة الأوروبية للصلب سابقا إلى توقعاتها بتراجع استهلاك الصلب في دول اوروبا خاصة هذا العام وقد تصل  لنسبة 1 %، الا ان رجعت عن وعدلت من  هذه التوقعات، وأعلنت أن نسبة انخفاض الطلب على الصلب في الاتحاد الأوروبي ستكون 3 %، عام 2023 وسط استمرار ارتفاع أسعار الطاقة وتباطؤ الطلب، ليشهد القطاع بذلك تراجعا واضحا في الطلب للعام الرابع خلال الأعوام الخمسة الماضية.

تشير التقديرات المتاحة إلى أن قطاع الصلب في دول الاتحاد الأوروبي ينتج نحو 152 مليون طن متري من الفولاذ سنويا من نحو 500 موقع إنتاج بحجم مبيعات يقدر بنحو 144 مليار دولار، ونظرا لضخامة المبيعات وأهمية الصناعة فإن تعرضها للتراجع أو عجزها عن التصدي لما تواجه من تحديات يثير كثيرا من القلق والتوتر، ليس فقط للمنتجين، بل لصانعي القرار الاقتصادي في القارة.

ويقول المهندس دي. دبليو. ستيفن المشرف على قسم إدارة المشاريع في شركة وليام هاري لإنتاج الصلب: "لم تحرز صناعة الصلب الأوروبية تقدما يذكر في جهودها للتعافي منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 ـ 2009، فخلال الفترة من 2011 ـ 2019 انخفض الطلب الهيكلي على الفولاذ بنحو 19% أقل من متوسط الطلب خلال الفترة من 2004 إلى 2008، جزء من هذا التراجع يعود إلى التطور الكبير في صناعة السيارات والآلات، ما أدى إلى تراجع كمية الفولاذ المستخدمة في إنتاج السيارات الحديثة مقارنة بالسيارات التقليدية، علاوة على ذلك أدت الاضطرابات التجارية الدولية في الأعوام الأربعة لتولي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب السلطة، والسياسات الحمائية للولايات المتحدة إلى انخفاض صادرات الصلب الأوروبية.

يضاف إلى ذلك أن فترة وباء كوفيد شهدت تراجعا ملحوظا على الطلب،  ويذكر انه قد لا يتعافى الطلب على الصلب الأوروبي  حتى يعود إلى مستوى ما قبل الجائحة حتى عام 2030، وإذا استمر هذا الوضع فمن المرجح أن تكون الخسارة الهيكلية للصناعة ما بين  5 إلى 10 % أقل من متوسط مستوى الطلب من عام 2011 إلى 2019.

ـ تراجع الطلب على السيارات الأوروبية:

في الواقع فإن جزءا من معاناة صناعة الصلب الأوروبية يعود في الاساس  إلى انخفاض الطلب على السيارات الأوروبية، فقد تراجعت صادرات السيارات بسبب قيام عديد من الاقتصادات الناشئة بعملية توطين للصناعة، وتكرر ذات المشهد في صناعة الآلات، خاصة مع قيام الصين وبلدان شرق وجنوب شرق آسيا بتوطين كثير من صناعة الآلات الهندسية والتوقف عن الاستيراد خاصة من ألمانيا، إضافة إلى ذلك فإن برامج التحديث أو التوسع في البنية التحتية في كثير من دول العالم تراجعت نتيجة الوضع الاقتصادي الراهن، وارتفاع الأسعار، ومع تقلص تلك المشاريع تراجع الطلب الدولي على الصلب الأوروبي، لذلك لم تتمكن قدرة الفولاذ الخام في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من الوصول إلى مستوى استخدام أكثرمن 80 %.

مع هذا فإن بعض الخبراء يشيرون إلى أن التوقع الدقيق بمستوى الطلب على الصلب الأوروبي في الأعوام المقبلة يعتمد على العوامل المتعلقة بالظرف الاقتصادي الدولي واتجاهات سلوك المستهلكين والتدخلات الحكومية.

ـ توقعات افضل رغم حالة عدم اليقين :

الدكتورة ميسون جيمس أستاذة الاقتصاد الأوروبي في جامعة ليدز ترجح أن يشهد العام المقبل تطورات أكثر ملائمة للتوقعات الصناعية في القارة الأوروبية، وسينعكس ذلك على صناعة الصلب بزيادة الطلب، لكنها في الوقت ذاته تشير إلى ضرورة الأخذ في الحسبان حالة عدم اليقين التي تهيمن على الاقتصاد العالمي والأوروبي حتى الآن.

وتقول: إن "الحرب الروسية الأوكرانية   تأثيرها مهم  مستقبلا على صناعة الصلب الأوروبية، إذ اعتادت أوكرانيا أن تكون موردا رئيسا للصفائح الفولاذية إلى الاتحاد الأوروبي، وشكلت شحنات هذه المواد من أوكرانيا نحو نصف إجمالي واردات الألواح إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، وفي عام 2021 كانت أوكرانيا تزود أوروبا بـ43 % من واردات الألواح الفولاذية".

وتضيف: "روسيا كانت  تمثل ثاني أكبر مورد للألواح الفولاذية إلى الاتحاد الأوروبي الذي حظر شحنات الصلب من روسيا في مارس العام الماضي 2022 ، بسبب الحرب في أوكرانيا، وزيادة عمليات الاستيراد من آسيا لسد الفجوة في العرض لا تكفي، وذلك رغم أن دول مثل إندونيسيا ضاعفت حجم شحناتها لأوروبا، كما زادت اليابان والهند وتركيا صادراتها إلى البلدان الأوروبية ايضا الا انه ، رغم ذلك هناك نقص في العرض".

وتؤكد أن ارتفاع الأسعار سيدفع بمصنعي الصلب الأوروبيين إلى إعادة توزيع الموارد وضخ استثمارات جديدة وتحديث تكنولوجيتهما لتلائم الاحتياجات الجديدة في السوق، هذا يعني أن صناعة الصلب الأوروبية لديها فرصة مستقبلية أفضل، أضف لذلك أنه في اللحظة التي ستتوقف فيها الحرب وتبدأ عملية إعادة الإعمار في أوكرانيا سيرتفع بشدة الطلب على المنتجات الأوروبية من الصلب.

ـ الواقع المتأزم لا يبشر بحلول جذرية:

لكن وجهة النظر تلك لا تبدو للبعض أنها تحمل حلولا جذرية للمشكلات التي تواجهها صناعة الصلب الأوروبية، فحتى في حالة حدوث انتعاش جزئي في الطلب، فإن الطاقة الزائدة في الصناعة التي لن يتم الاستفادة منها ستمثل إهدارا لجزء كبير من الاستثمارات الراهنة.

يضاف لذلك أن الإجراءات والقوانين الحكومية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون توجد مزيدا من الضغط على وضع تكلفة الإنتاج في صناعة الصلب الأوروبية، كل تلك العوامل تترك مجالا صغيرا للمناورة بالنسبة لمنتجي الصلب الأوروبي في ظل عدم تمتع السوق بأوضاع إيجابية.

ـ إنقاذ صناعة الصلب الأوروبية من خلال أنشطة الاندماج والاستحواذ:

الخبير الاستثماري روبين ايثن يرى أن إنقاذ صناعة الصلب الأوروبية من مواجهة مزيد من التدهور يتطلب استراتيجية جديدة قابلة للتعامل مع التغيرات المحلية والدولية خاصة على الأمد الطويل.

ويقول : "يجب أن تبنى الاستراتيجية الكلية للصناعة على مفهوم الاندماج والاستحواذ، وهذا يتضمن الدمج الأفقي لتقليل التكاليف الإجمالية للمصنعين على نطاق واسع من خلال الجمع بين أحجام الإنتاج وتحسين شبكة التعاون المشترك، وهذا يتطلب قرارات صعبة من بينها إغلاق المواقع الإنتاجية كثيفة التكلفة، وتخفيض الأيدي العاملة وإحلالها بالتكنولوجيا الرقمية".

ويضيف: "أنشطة الاندماج والاستحواذ لن تقتصر على الشركات الأوروبية فحسب، فاستخدام الشراكات الاستراتيجية أو عمليات الاستحواذ الدولية لتوسيع البصمة العالمية لشركات الصلب الأوروبية خيار ضروري للتعامل مع المتطلبات الجديدة في الأسواق، ومن خلال الاندماج والاستحواذ مع شركات أخرى غير أوروبية يمكن للمنتجين في القارة ضمان التنوع في أسواق جديدة واعدة خارج أوروبا، ويضمن لشركاتنا الوصول إلى أسواق إقليمية جديدة، وإضافة صبغة عالمية عليها عبر الاندماج أو الشراكة مع شركات دولية من خارج القارة، وهذا يضمن لشركات الصلب الأوروبية حالة من الاستقرار عندما تضطرب سلاسل التوريد العالمية".

ورغم تأييد عدد من الخبراء لوجهة النظر الداعية إلى مزيد من الاندماج والاستحواذ في صناعة الصلب الأوروبية، لمنحها مزيدا من القوة لمواجهة التحديات التي تواجهها منذ أعوام، إلا أن الفكرة التي تحظى بدعم أكبر بين قادة الصناعة بوصفها طوق النجاة الحقيقي من مصير غير محبذ لواحدة من أهم الصناعات الأوروبية، فيتعلق بضرورة العمل على زيادة الطلب على الصلب سواء عبر تعزيز مزيد من عمليات تشييد المباني بكافة أنواعها، نظرا لأن البناء يمثل 35 % من الاستهلاك الظاهري للصلب في الاتحاد الأوروبي، والعمل كذلك على النهوض بصناعة السيارات لكونها أيضا واحدة من كبار المستهلكين للصلب، وحتى يحدث ذلك فإن صناعة الصلب الأوروبي ستظل تعاني أوضاعا لا تصب في مصالحها وليست قادرة على تغييرها.

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات