أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
15 أكتوبر 2023 5:24 م
-
مازق الشركات الإسرائيلية .. نقص بالأيدي العاملة وتراجع القدرة الإنتاجية بالقطاعات الاقتصادية الحيوية

مازق الشركات الإسرائيلية .. نقص بالأيدي العاملة  وتراجع القدرة الإنتاجية بالقطاعات الاقتصادية الحيوية

اعداد ـ فاطيمة طيبي

يوجود هناك ما يشبه الإجماع بين الخبراء أن الحرب بصرف النظر عن نتائجها السياسية والعسكرية سيكون لها اثار سلبية على  للاقتصاد الإسرائيلي والذي يصفه البعض في إسرائيل بـ"الكارثة".

ففي الأشهر الماضية وبصورة متتالية انخفضت قيمة العملة الإسرائيلية "الشيكل" ومنذ بداية العام وحتى انطلاق عملية طوفان الأقصى خسر الشيكل 10 % من قيمته نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده إسرائيل جراء الاحتجاجات المتواصلة ضد مخطط الحكومة لإصلاح القضاء، في وقت حذر فيه البنك المركزي الإسرائيلي من أن الاقتصاد الوطني معرض لخسارة 14 مليار دولار أمريكي بسبب الأزمة.

وحين طلب التعبئة العسكرية الضخمة الإجراء الحاسم للأمن القومي الإسرائيلي من وجهة نظر حكومة نتنياهو، فإنها ووفقا لمحللين إسرائيليين كانت صدمة لقطاع الأعمال في إسرائيل. فجزء كبير من القوى التي استدعيت للقتال سيترك وظائفه  لزمن غير معلوم  لفترة ترجح المؤشرات كافة أنها فترة طويلة.

ـ فجوات وعجز في الايدي العاملة:

سيترك استدعاء هذا العدد الضخم من الأيدي العاملة وإخراجه من العملية الإنتاجية، على اعتبار أن قوات الاحتياطي الإسرائيلي تتكون من فئات عمرية شابة ذات إنتاجية مرتفعة، والتي  لن يظهرتأثير المباشر في ارتباك الحياة اليومية للمجتمع الإسرائيلي فحسب،  بل سيمثل ايضا   نقصا بالأيدي العاملة اللازمة لإدارة البنية التحتية للبلاد.

 ـ شركة في مهب المخاطر :

لهذا فإن أوضاع كثير من الشركات الإسرائيلية وجدت نفسها محفوفة بالخطر و بمأزق حرج نتيجة فراغ نقص الأيدي العاملة، و ومن نتائجه تراجع القدرة الإنتاجية لكثير من القطاعات الاقتصادية الحيوية الإسرائيلية، يضاف لذلك إدراك قادة الجيش الإسرائيلي أن هذا العدد الضخم من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم للقتال في حملة عسكرية طويلة الأمد وخطيرة سيكون أمرا مكلفا ماليا ومجتمعيا لأعوام مقبلة، فعلى الحكومة والمجتمع إعادة تأهيل كثير من الجنود الذين سيعودون معاقين من غزة ورعاية أسر الجنود الذين سيلقون مصرعهم هناك.

وتشير أغلب التقديرات إلى توقع حدوث تأخير في كثير من المشاريع نتيجة لغياب موظفين رئيسين تم استدعاؤهم للجيش، كما أن العبء الملقى على عاتق الموظفين المتبقين الذين يواصلون العمل في ظروف صعبة سيؤدي حتما إلى زيادة أعباء العمل والتوتر المجتمعي والذي يؤثر في الكفاءة العامة، وسيكون على الاقتصاد الإسرائيلي حينها  البحث عن التوازن بين الضرورات المعقدة للأمن القومي  والجدوى الاقتصادية، وهو ما سيتجاوز تأثيره بالتأكيد قضية الاستقرار والصمود في الحرب الجارية .

ـ احتمالية الدخول في ركود اقتصادي :

يقول الباحث الاقتصادي إس. دي. ليام إن الاقتصاد الإسرائيلي قبل اندلاع الحرب كان يتوقع له أن ينمو بنسبة 3 % هذا العام مقارنة بـ6.5 % العام الماضي  2022 وذلك وفقا للبيانات الصادرة من بنك إسرائيل،  كما توقعت وكالة إس آند بي للتصنيف العالمي ألا يتجاوز الاقتصاد الإسرائيلي معدل نمو 1.5 %، وعلى الرغم من أن إسرائيل دخلت تلك الحرب ولديها اقتصاد قوي وفقا لكثير من المعايير، إلا أنه اقتصادها يسير في مسار تنازلي، ومن المرجح أن تسرع تلك الحرب أيا كانت نتائجها من هذا المسار، خاصة وأن محرك نموها الرئيسي  يتمثل في قطاع التكنولوجيا الفائقة والذي يواجه صعوبات كثيرة، كما تعمل ايضا أسعار الفائدة المرتفعة على إعاقة الإنفاق الاستهلاكي.

ستعمق تلك الحرب مجموعة من المخاوف التي كانت سائدة في إسرائيل في الفترة الماضية، ويحتمل أن تؤدي إلى ركود اقتصادي هذا العام، فالاحتجاجات التي كانت تشهدها إسرائيل نتيجة معارضة قطاعات كبيرة من المجتمع لخطة الإصلاح الحكومي للقضاء أدت إلى انخفاض كبير في الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والذي يعد محورا أساسيا للاقتصاد الإسرائيلي، حيث إن 40 % من النمو الاقتصادي يأتي من هذا القطاع.

كما انخفضت الاستثمارات في شركات التكنولوجيا للنصف الأول من هذا العام 2023 بنسبة 68 % وتراجعت إلى 3.7 مليار دولار وهو أدنى معدل منذ 2018، كما تراجع أيضا قطاع التكنولوجيا المالية في إسرائيل وكذلك تكنولوجيا المعلومات وسجل أكبر انحدار اذ انخفض بأكثر من 80 %، ولا شك أن تلك الحرب خاصة مع القصف ستهاجر رؤوس الأموال الأجنبية وتلغي فكرة الاستثمار في إسرائيل حتى بالمستقبل.مع هذا يرى بعض الخبراء أنه يصعب الجزم بحجم خسائر الاقتصاد الإسرائيلي من تلك الحرب في الوقت الراهن.

ـ  صعوبة يقينية النتائج المستقبلية :

من جهتها، تقول الدكتورة رابيكا جوش أستاذة الاقتصاد الدولي سابقا في جامعة أدنبرة " في الوقت الحاضر من الصعب جدا معرفة كيف ستتطور الحرب، وبعض تقديرات البنوك الإسرائيلية أشارت إلى أن تكلفة الحرب مع حماس ستبلغ 27 مليار شيكل أي ما يعادل سبعة مليارات دولار أمريكي، لكن أعتقد أن هذا التقدير متواضع للغاية، وستراوح التكلفة الاقتصادية ما بين 10- 14 مليار دولار، أما إذا اتسع نطاق الحرب فإنه يصعب حاليا حساب تكلفتها أو الخسائر التي يتعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي".

وتضيف "بعض الخبراء الإسرائيليين يستندون في تقديراتهم إلى تكاليف الحروب السابقة التي خاضتها إسرائيل لحساب تقديرات الحرب الراهنة، ويرجحون أن تكاليف الحرب ستبلغ 1.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، ويمكن أن تؤدي إلى خسائر ضخمة إذا اتسع نطاق الحرب وتسبب في إغلاق اقتصادي واسع النطاق

ـ لعبة التفاؤل:

تسعى وزارة المالية الإسرائيلية إلى بث روح من التفاؤل في قطاع الأعمال بأن كل شيء سيسير على ما يرام، وأن الاقتصاد الإسرائيلي قادر على مواجهة تكلفة الحرب وخسائرها، لكن بعض المراقبين يشككون في هذا التفاؤل وواقعيته. فحتى قبل الحرب كان عجز الميزانية الإسرائيلية ينمو بسرعة، ويرجع ذلك إلى زيادة الإنفاق الحكومي، وعلى الرغم من أن الديون الإسرائيلية تراجعت من نحو 71%   من الناتج المحلي الإجمالي 2020 إلى 61 % العام الماضي 2022  وسط توقعات بأن يتراجع في 2023  إلى 58.1 %، فإن الأمر سيختلف الآن تماما، فعلى إسرائيل أن تضخ مليارات عدة من الدولارات لتمويل الحرب، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الاقتراض في وقت تشهد فيه أسعار الفائدة المحلية والدولية  وايضا الضرائب ارتفاعا ملحوظا، وهو ما سيؤثر على الاقتصاد و معه مستوى المعيشة.

ـ مؤشرات الأسهم الرئيسة :

منذ عملية "طوفان الأقصى" تعرضت سوق الأسهم والسندات المحلية في إسرائيل إلى هزة شديدة، وأعلن البنك المركزي الإسرائيلي أنه سيبيع ما يصل إلى 30 مليار دولار من العملات الأجنبية لدعم الشيكل ومنع انهياره، وتعد تلك المرة الأولى التي يتبنى فيها البنك المركزي الإسرائيلي هذا الإجراء في تاريخ الحروب الإسرائيلية في قطاع غزة، وعلى الرغم من هذا الإعلان فإن العملة المحلية واصلت تراجعها بشكل ملحوظ، حيث انخفض الشيكل الإسرائيلي بنحو 3.1 % ليصل إلى أدنى مستوى له في مواجهة الدولار منذ 2016.

ويرى بعض المحللين الماليين أن انخفاض مؤشرات الأسهم الرئيسة في إسرائيل بنحو 6 %، وتراجع مؤشر تي أيه وأسهم البناء والتشييد والتأمين بشكل أكثر حدة، ما يثبت تاثير الحرب الكبير على الاقتصاد الإسرائيلي  اكثر من الحروب السابقة.  

ويقول المحلل المالي جيمس جرينفيلد :"تقليديا كانت ردود فعل أسواق الأسهم الإسرائيلية في الحروب السابقة مع قطاع غزة محدودة، تستمر لمدة يوم أو يومين على الأكثر، هذه المرة الأمر يمكن أن يكون مختلفا تماما، ومن المرجح أن تجد الأسواق المحلية صعوبة في التعافي السريع، وسيكون طريق التعافي وعرا".

مع هذا يشير جيمس جرينفيلد إلى أن استمرار الحرب يمكن أن يؤدي إلى انتعاش الإقبال على أسهم السندات الحكومية الخالية من المخاطر، وأن يزداد الإقبال على كل من أسهم شركات التصنيع العسكري والقطاعات الصناعية التي يزداد عليها الطلب نتيجة القتال مثل القطاع الصحي والدوائي، كما سيشهد الاقتصاد الإسرائيلي تنافسا واضحا بين تلك النوعية من الأسهم من جانب والدولار الأمريكي من جانب آخر باعتبارهما ملاذات آمنة.

ـ تاثر السياحة :

رغم حروب  إسرائيل بحروبها الخاطفة مع جيرانها، خاصة حرب لبنان الثانية عام 2006 الا انه لم يوقف وقفا كاملا للاقتصاد الإسرائيلي، والمتاثر الاكبر  قطاع السياحة، فقد أدى القصف الصاروخي من قبل حماس لمطار بن جوريون المطار الرئيس في إسرائيل إلى إغلاقه لبعض الوقت، كما أن تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل ستخوض حربا طويلة وصعبة ترك بصمات سلبية للغاية على التدفق السياحي لإسرائيلي.

يقول جورج مايسون الخبير في المجال السياحي "بينما لا يزال مطار بن جوريون في تل أبيب مفتوحا، قامت عديد من شركات الطيران بقطع رحلاتها إلى إسرائيل، وتم إغلاق عديد من الفنادق أو تحويلها لجهود الإغاثة، وأغلقت المواقع التاريخية، والمتنزهات الوطنية والمحميات الطبيعية، وألغت خطوط الرحلات البحرية رحلاتها".

كما انه قبل اندلاع القتال كان هناك تفاؤل كبير بشأن أداء القطاع السياحي هذا العام، وذلك على الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن أعداد السياح لا تزال أقل من أعلى مستوياتها قبل الوباء، إذ لم تفتح إسرائيل أبوابها للسياحة حتى يناير من العام الماضي، فالسياحة تشكل 2.6 % من إجمالي الربح المحلي لإسرائيل و3.8 %   من العمالة، فإننا ندرك بذلك الأهمية القصوى للسياحة في إسرائيل".

ويشير جورج مايسون إلى اعتقاد بعض الخبراء بأن القطاع السياحي الإسرائيلي قد يستعيد جزءا كبيرا من عافيته سريعا مع انتهاء الحرب، وذلك لكون السياحة الدينية من قبل اليهود وبعض الطوائف المسيحية جزءا مهما من مجمل التدفق السياحي في إسرائيل، لكنه يعتقد أن الصدمة التي أحدثتها عملية طوفان الأقصى وفشل كل من الاستخبارات والجيش الإسرائيلي في الكشف عن العملية مسبقا أو التصدي السريع والفعال لها، أوجد حالة من الصدمة في إسرائيل وبين مؤيديها، وأنه حتى بعد أن تهدأ العاصفة فإن استعادة الثقة في قدرة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية والجيش الإسرائيلي في التصدي لأي عمليات من هذا النوع مستقبلا سيجعل من الصعب على القطاع السياحي استعادة بريقه المفقود.

     


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات